– من أيام صرح المتحدث باسم وزارة الزراعة حامد عبدالدايم عن إطلاق حملة كبيرة لإزالة التعديات على الأراضي الزراعية في كل محافظات مصر على مدار 10 أيام، وبدأت الحملة في أول يوم ليها بإزالة أكتر من 3440 حالة تعدي، منهم عشرات من ملاعب الكرة الخماسي أغلبهم في محافظات الشرقية وقنا وأسيوط.

– بالتأكيد مهم جدا الحفاظ على الأراضي الزراعية ونؤيد اجراءات حماياتها، لكن هل منطقي ملاعب الكرة تدخل ضمن الاستهداف ده؟ ده اللي هنتكلم عنه في البوست.
*****

إيه حجم ممارسة النشاط الرياضي في مصر؟

– حسب وزارة الشباب والرياضة مصر فيها 4394 مركز شباب، منهم 399 في المدن و3795 في القرى، وحسب التقسيم المحلي لمصر، فاحنا عندنا رسمياً أكثر من 4740 قرية – غير 30 ألف قرى وعزب ونجوع تابعة ليهم-، وبمقارنة الأرقام ببعضها ولو قسنا كمان تغطية كل مركز لنطاق جغرافي حواليه، هيتضح لينا الفرق الكبير مابين الاحتياجات وما بين الملاعب المتاحة فعلياً.

– كمان مش كل المراكز فيها ملاعب مهيئة للعب كرة آمن (أرضية مناسبة سواء نجيلة طبيعي أو صناعي أو غيرها + إضاءة) فحسب تصريحات وزير الشباب والرياضة السابق خالد عبدالعزيز فعندنا لحد يناير 2017 عدد 2500 ملعب جاهز، وطبعاً الرقم هزيل جداً إذا قورن بحجم الشباب اللي هما 58% تحت سنة 29 سنة في بلد تعدادها 100 مليون نسمة!

– جدير بالذكر كمان إنه خطة وزارة الشباب كانت بتستهدف إنشاء 4500 ملعب، لكن تم التوقف عن الخطة ده بسبب عدم اعتماد ميزانية كافية للمشروع، علماً بإنه تكلفة ملعب النجيلة بتوصل ل 300 ألف جنيه، والمعدل الطبيعي لتطوير مراكز الشباب من الحكومة بتتخطى المليون جنيه حسب المكان والمحافظة طبعاً، والكلام موثق في المصادر.
يعني الملاعب الأهلية دي بتسد جزء من عجز الخطة الحكومية اللي لم يتم تنفيذها.
*****

طيب إيه المشكلة إنه وزارة الزراعة تحافظ على الأراضي؟

– مصر فيها تآكل في الرقعة الزراعية ومع الزيادة السكانية اللي بتحصل وأزمات قلة المحاصيل المتكررة شيء مهم إنه يتم منع البناء على الأراضي الزراعية واسترداد الأراضي المسروقة، خصوصاً إنه حسب تقديرات وزارة الزراعة في أكتر من 850 ألف فدان تم التعدي عليهم. لكن هل الملاعب هي اللي مسببة الأزمة ده؟؟

– في مايو 2017 اتكلم الرئيس السيسي في أحد المؤتمرات بانفعال وطلب إزالة كل التعديات على أراضي الدولة خلال شهر، وبالفعل اشتغلت الحملة في كل المحافظات، لكن الملاحظ إنه التعديات أغلبها لصالح شركات، مكانش من ضمنها ملاعب كرة حسب البيانات المنشورة من وقتها، واتقال في الاحتفالية اللي عملها الرئيس انه الحملة استعادت مليون و 900 ألف فدان.
– حجم الملاعب اللي هيتم إزالتها في الحملة الحالية هي 2400 ملعب خماسي، بإجمالي مساحة 800 فدان على مستوى الجمهورية! وجدير بالذكر إنه المساحة ده هي مساحة تعدي شركتين فقط على أراضي محافظة “بني سويف”، وده رقم ميتذكرش خالص بالنسبة للإجمالي، يعني مش الرقم اللي يخلي الحكومة تعتبرها تهديد للأراضي الزراعية بالمرة!

– المتحدث باسم وزارة الزراعة رجع وصرح مرة تانية إنه متعاطف مع “أهالي القرى” بسبب قلة الملاعب لكن مفيش قانون بيفرق بين الملاعب وبين باقي الأراضي، الغريب والمستفز هو تعليق المتحدث باسم وزارة الشباب “محمد فوزي” واللي قال إنهم كوزارة ملهمش علاقة بأمر إزالة الملاعب لأنها مخالفة قانونية وإنه اللي عاوز يلعب ييجي في ملاعب الوزارة الرسمية!

– بعض نواب البرلمان أبدوا استياءهم من القرار وطلبوا تقنين أوضاع الملاعب ده خصوصاً إنه مفيش ميزانيات كفاية لبناء الملاعب وإنه ممارسة الشباب للرياضة شيء إيجابي لازم الدولة تدعمهم فيه، لكن مفيش أي استجابة لنداءات البرلمانيين لحد اللحظة ده.
– والعجيب إنه القرار ده تم اتخاذه بعد 3 أسابيع فقط من تصريحات الرئيس السيسي في منتدى شباب العالم عن استياؤه من زيادة أوزان شباب الجامعات الملحوظة، ورغم إنه في أسباب سوء تغذية لده ومش بس الموضوع مرتبط بممارسة الرياضة، لكن الحكومة نفسها حتى مفيش اهتمام يعملو الحركات بتاعة “توجيهات الرئيس” لكن قررت تكافح النشاط الرياضي بدل ما تدعمه!
*****

طيب العالم بيعمل إيه لتشجيع الشباب على الرياضة؟

– اتكلمنا سابقاً عن تجربة أيسلندا، وازاي كانت في أواخر التسعينات من أكتر الدول غير الآمنة، وشوارعها صعب تمشي فيها بالليل من كتر المراهقين والقُصر اللي بيتعاطوا مخدرات وبيشربوا كحوليات، اتعملت احصاءات على المراهقين والقصر من سن 14-16 سنة كانت نتايجها انه حوالي 40% منهم بيشربوا كحوليات، و 17% بيتعاطوا مخدرات، وانه 1 من كل 4 من الشباب مدخن.
– بعد عمل الإحصائيات ده تم عمل استبيانات بحثية من المركز الآيسلندي للبحث والتحليل الاجتماعي، وبناء على نتايج الاستبيانات تم إعتماد برنامج “آيسلندا بلا مخدرات” وبعدين اتسمى “شباب آيسلندا” اللي شمل تشديدات صارمة على بيع الخمور والسجائرة للقُصر، وفي نفس الوقت اجراءات لتفريغ الطاقة دي في اتجاه ايجابي هوا الموسيقى والرياضة.
– بناء على استبيانات اتعملت بقى الطلاب بعد إنتهاء المدارس الباصات بتوديهم على ملاعب الكرة أو مراكز تعليم الموسيقى، يومياً لمدة 4 ساعات وطلبت الحكومة تواجد الأهالي لتحفيز أولادهم وتشجيعهم.
– وفي سنة 2000 قررت الحكومة إنشاء مشروع “هاتريك”، المشروع ده بعدين خد دعم من الاتحاد الاوروبي سنة 2003 وكان الغرض الرئيسي شراء الأراضي حوالين المدارس لتحويلها لملاعب كرة مقفولة، وتحويل الأراضي العشبية لملاعب كرة قدم، في بلد مكانش عندها إلا ملعب عشبي واحد فقط.
– كمان الحكومة قررت تصرف منحة شهرية للأسر اللي عندها طفل/ة بيمارسوا نشاط رياضي من سن 6 سنين لحد 16 سنة، وبقت كل قرى آيسلندا فيها ملاعب جاهزة لكرة القدم بالإضافة لمدربين كرة معتمدين من الاتحاد الاوروبي لكرة القدم موجودين في كل القرى والأحياء وبياخدو دعم حكومي، للدرجة اللي لقبتهم باسم جنة كرة القدم، وبقا عندهم كمان منظومة كرة قدم ممتازة قدمت منتخب مصنف رقم 22 على العالم وقدم عروض كويسة جدا في أمم أوروبا وكاس العالم الأخيرة.
– المزيد من التفاصيل عن التجربة الآيسلندية في كرة القدم:
https://bit.ly/2SnRydz
*****

– حسب بيانات صندوق مكافحة الإدمان المصري ووزارة التضامن الاجتماعي عندنا 10% من الشباب من 15 – 16 سنة بيتعاطوا المخدرات – وده ضعف المعدلات العالمية -، وكمان 12.8 من طلاب مدارس الثانوي مدخنين، و7.7% متعاطين للمخدرات، و8.3% بيشربو كحوليات، وده من خلال مسح في أكتر من 130 مدرسة.

– الأرقام المخيفة ده بالإضافة للأزمات الاقتصادية والبطالة كلها أسباب تخلي الحكومات المفروض تستثمر وتطور في البنية الأساسية لممارسة الرياضة، وإنها حتى لو مش قادرة تبني ملاعب ومراكز شباب فعلى الأقل تتيح الأراضي لده وتسيب مبادرات المواطنين لإنشاء الملاعب الخاصة.

– كمان بعد ما يطلع عندنا لاعب تاريخي زي محمد صلاح مفروض لو عاوزين نبني منظومة رياضية كبيرة في بلد فيها 100 مليون نسمة، الدولة تتبنى زيادة المساحات الخضراء والملاعب وبالتالي هتزيد قاعدة ممارسة الكورة وتقدر الأندية ومراكز الشباب تلاقي موهوبين أكتر، البرازيل في كل حارة في مساحة للعب الكورة!
*****

إيه البديل؟
– الحقيقة ان الدولة هيا اللي ملزمة توفر بديل أو مجموعة من البدائل المتوازية .. لو قرى من اللي حصل فيها كده كان ليها ظهير صحرواي يبقى مفروض بنفس الهمة اللي اتعمل بيها قرار الإزالة يتعمل فوراً بنفس التوقيت وقبله كمان ملاعب بديلة في الظهير الصحراوي ده، أو تتوصل المرافق لأراضي منها والناس تعمل فيها الملاعب.
– لو بعض القرى والمدن دي ملهاش ظهير صحراوي، يبقى كان ممكن مراعاة محدودية المساحات وتقنين أوضاعها بمقابل معقول وتحصيل الضرايب القانونية على مرفق بيؤدي دور عام يتيح للشباب الترفيه الصحي بدل من القعدة على القهاوي، والأهم من ده كله الاستثمار في طاقات الشباب .. خاصة ان نفس الدولة بتلجأ للتقنين مع مخالفات المباني المسكونة!
أو جايز يبقى الحل هو توفير وسائل مواصلات يومية من القرى اللي مفيهاش ملاعب أو ظهير صحراوي لأقرب ملاعب متاحة مع مراعاة انها تكفي الناس.
أو جايز أي حل ممكن غير اننا نهدم ونسيب الناس بلا حلول.
– صفحة الموقف المصري بتطلب وقف الحملة دي، وبتدعو كل المسؤولين والنواب للقيام بواجبهم ضدها، وبندعو كمان متابعينا وجمهورنا للنشر على صفحاتهم والضغط على كل المسؤولين لإنقاذ ما تبقى من الملاعب أو توفير بدائل لها.
*****




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *