– امبارح استقال رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري في اليوم الـ 13 من المظاهرات.
– قبل أيام الحريري كان طرح إصلاحات تشمل الغاء ضرائب وخفض رواتب مسؤولين، لكن بسبب رفض المتظاهرين، وبعدها هجوم من موالين لحزب الله وحركة أمل على اعتصام بيروت اللي فضوه بالقوة، أدى لاستقالته فورا.
– هنواصل في البوست ده متابعتنا للي بيحصل في لبنان، وليه ده مهم لينا ولكل العالم العربي.
******
ايه اللي حصل بالأيام اللي فاتت؟
– يوم الجمعة اللي فات بعض أنصار حزب الله وحركة أمل اعتدوا على المتظاهرين، والأمن اتدخل للفصل بينهم في أكتر من مكان في بيروت ومدن تانية، أهمها مدينة النبطية في الجنوب واللي هي مدينة فيها أغلبية شيعية، ومن أماكن نفوذ حزب الله في لبنان، لكن فيها مظاهرات كبيرة زي أغلب المناطق اللبنانية.
– يومي السبت توافد آلاف المتظاهرين على ساحة الاعتصام في قلب العاصمة بيروت، وبعضهم جاب فرش بيته، والمتظاهرين قطعوا الطرق الواصلة بين مناطق بيروت، والطرق الرئيسية اللي بتوصل من بيروت للمحافظات في الشمال والجنوب.
– عدد كبير من المدارس والجامعات بما فيها الجامعة الأمريكية مقفولة، وكمان بنوك وشركات اتقفلت، بسبب الدعوة للاضرابات والاعتصامات، كمان شفنا دعم للمظاهرات من أساتذة الجامعات والقضاة والاقتصاديين، وبعض النقابات إنضمت للمظاهرات.
– يوم الأحد عشرات الآلاف من المواطنين وقفوا على الطرق الرئيسية ومسكوا إيد بعض، وعملوا سلسلة بشرية بطول لبنان كلها، من مدينة صور جنوبا إلى طرابلس شمالا، بطول 170 كيلو، وشارك فيها متظاهرين من كل الطوائف في تقديرات إنهم 170ألف مواطن شارك في السلسلة دي.
– امبارح الثلاثاء تعرض اعتصام رياض الصلح لاعتداء من أنصار حزب الله وحركة أمل، ضربوا الناس وكسروا الخيام، لكن بعدها توافدت مظاهرات كبيرة على الميدان وقوات الجيش والأمن اتدخلت وتمت اعادة الاعتصام وبعدها فورا استقال الحريري.
****
إيه موقف الحكومة والسياسين؟
– بشكل عام كل خطابات السياسيين “زعماء الطوائف” في لبنان أقل بكتير من مطالب الناس، ومش مستوعبة المطالب الاقتصادية والسياسية للمشاركين خارج الخريطة الطائفية المعتادة، وناخد أمثلة:
– رئيس الحكومة سعد الحريري طرح ورقة إصلاحات يوم الاتنين، من ضمن بنودها تخفيض رواتب النواب والوزراء الحاليين والسابقين بنسب تصل إلى النصف، وتمويل العجز من البنوك، وخصخصة قطاع الاتصالات، وإقتراح قانون لاستعادة الأموال المنهوبة، وإقرار الموازنة الجديدة بدون أي ضرايب جديدة على المواطنين، وفرض ضرايب 25% على المصارف وشركات التأمين.
– وكان إيجابي انه أتكلم باحترام شديد للمتظاهرين ووجه لهم الشكر انهم سبب صدور القرارات دي، وانه عارف انها اقل بكتير من مطالبهم، لكنه لم يعلن أي نية لتعديل قانون الانتخابات، ولا انتخابات مبكرة، ولا حتى تعديل وزاري.
– التيار الوطني الحر برئاسة جبران باسيل، اللي كان له نصيب واسع من شتايم المتظاهرين ضده، قال إنه هيرفع السرية المصرفية عن حسابات وزرائه ونوابه، وقال في بيانه إن ده جاي في إطار تقديم نوابه بتقديم اقتراحات بقوانين لرفع السرية المصرفية، وقانون رفع الحصانة عن النواب والوزراء وموظفي القطاع العام، واستعادة الأموال العامة المنهوبة من الدولة.
– الرئيس اللبناني ميشال عون كمان اتكلم لأول مرة من وقت الاحتجاجات، وأيد خطة الحريري ورفض إسقاط الحكومة بالمظاهرات، وقال شعارات عامة مفيهاش جديد زي الالتزام بمكافحة الفساد وتطبيق القانون.
– حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، قال إن حزبه ضد إسقاط الحكومة وضد إجراء انتخابات برلمانية مبكرة، وقال إن ده هيعمل فراغ سياسي، وممكن يؤدي لفوضى. قال أيضا إن حزبه هيدفع في اتجاه إقرار البرلمان لقانون استعادة الأموال المنهوبة.
– كمان اتهم سفارات دول أجنبية بتمويل المظاهرات بمبالغ طائلة، وقال إن فيه جهات سياسية بتحاول تقفز على الحراك، وإن حزبه بيحمي البلد من الفراغ اللي هيخلي البلد تنهار.
– وبشكل عام كان الخطاب مستفز جداً لقطاع واسع من اللبنانيين، اللي قارنوا بإن حزب الله نفسه سبب حالة فراغ في البلد لمدة سنتين عاشتهم لبنان بدون رئيس لحد ما جه رئيس الحزب يرضى عنه، وكمان كان معطل البرلمان لأن تلته كان معاه ورئيس المجلس “نبيه بري” منتمي لحركة أمل الشيعية الحليفة .. وطبعا موضوع التمويل والسفارات للمتظاهرين غريب جدا انه يتقال من حزب الله اللي تمويله المباشر من إيران، ويملك إمكانات مالية ضخمة جدا.
*****
– المتظاهرين مش مرتاحين لوعود الإصلاح أو دعوات الحوار، وده منطقي لأن النخب الحاكمة في لبنان واللي هم مجموعة عائلات بيتزعمو الطوائف بالوراثة من سنوات طويلة بيحكمو البلد ومع ذلك فشلو في إقامة نظام دولة حقيقي، بالعكس كانو دايماً بيغذو الخطاب والأداء الطائفي باعتبار إن زعيم الطائفة هو اللي بيحميك وبيقدملك الخدمات، وده بالظبط اللي ثار عليه اللبنانيين من 17 أكتوبر اللي فات.
– كمان في أسئلة تانية زي الكلام الفضفاض اللي قاله السياسيين والمسؤولين زي محاربة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة، إزاي ده هيتحقق بنفس نظام المحاصصة الطائفية؟ وإزاي الأشخاص اللي متهمين بالفساد هم اللي هيتولو المهمة دي؟ وإذا كانت الحكومة عملت حلول “إصلاحية عاجلة” شملت الغاء الضرايب الجديدة وتخفيضات رواتب المسؤولين ليه معملتش الحلول دي من الأول؟ كل دي عوامل لنقص الثقة بأي وعود.
– الميزة المهمة المستمرة من وقت ما بدأت المظاهرات دي إنها بتتعمد تجنب التقسيم الطائفي، رفعوا شعار #كلن_يعني_كلن، يعني مطلوب اسقاط كل الزعماء من كل الطوايف.
اللي بحصل ان الناس بتتظاهر بالمناطق اللي فيها نفوذ لنفس أبناء طائفتهم. يعني مثلا، بنشوف مسلمين سنة في شمال لبنان بيقطعوا صور سعد الحريري، رئيس الوزراء السني، ومسيحيين حرقوا صور ميشيل عون الرئيس المسيحي الماروني هو ووزير الخارجية صاحب التصريحات العنصرية جبران باسيل، وشفنا شيعة بيتظاهروا ضد حزب الله، وبيغنوا أغاني ضد حركة أمل الشيعية، اللي منتمي لها رئيس البرلمان نبيه بري. وده منظر جديد جدا على لبنان.
– ده غير مشاهد تانية شديدة الإيجابية زي النسبة الضخمة من المواطنين العاديين المشاركين بدون أي انتماءات، وان الحراك سلمي لأقصى درجة، الاعتداءات نادرة، وكمان الستات بتشارك بكل قوة في التظاهر، ودي مناسبة نقول فيها إنه السخرية والتنمر وبعض الكلام السخيف اللي فيه بذاءة أو تحرش بيتقال على متظاهرات لبنان هو شيء مرفوض تماما .. يحسب للمجتمع اللبناني إنه السيدات بتقدر تشارك في الحياة العامة بدون خوف من التحرش أو المضايقات، ويحسب للبنات شجاعتهم في المخاطرة وشفنا تعرضهم للضرب والاصابات زي الرجال في فض الاعتصام .. العار الحقيقي هوا على المجتمعات اللي متحسش فيها الستات وكل المواطنين بالأمان.
– مشكلة الحراك الحالي في لبنان في الخطوة القادمة هيا غياب قيادة واضحة، وده بقدر ما يمثل في البداية نقطة قوة وسبب وحدة للبنانيين حوالين الحركة بعيد عن أشخاص منطقي يحصل خلاف عليهم، لكن مع الوقت خاصة بعد استقالة الحكومة بتبقى أزمة إنه مفيش تنظيم يطرح مطالب بنقاط محددة ويتفاوض عليها، أو يضغط لأجلها، أو يترشح في الانتخابات ويحكم باسمها. لكن مبدئياً فيه مطلب عام بتعديل قانون الانتخابات الطائفي، وبدأت بالفعل بدايات تنسيق بين مجموعات سياسية للوصول لصيغة مناسبة لحل الإشكالية دي.
– اللي بيحصل في لبنان والعراق بالذات له أهمية كبيرة في اننا نشوف جيل جديد من شباب العالم العربي بيطلب الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ومتجاوزين الطائفية في بلدين خاضوا حروب داخلية رهيبة بسببها.
– كل الدعم لأشقائنا في لبنان، ونتمنى ليهم النجاح في تحقيق كل مطالبهم العادلة وانتصارهم على الطائفية والخوف والفساد.
*******