– الأسبوع اللي فات هيئة الرقابة الإدارية ألقت القبض على أمين المجلس الأعلى للإعلام أحمد سليم، وده على خلفية اتهامه بتلقي رشوة.
لكن الغريب إننا شفنا بعدها مكرم محمد أحمد، رئيس المجلس، بيقول إنه عرف قبل شهرين، والرقابة الإدارية استئذنته في القبض عليه! . وده اللي دفع الرقابة الإدارية تصدر بيان ينفي!
وده ياخدنا لأسئلة كتير عن آلية التعامل مع أمثال القضايا دي.

******

ايه اللي حصل؟

– ضباط الرقابة الإدارية قبضوا على سليم من مكتبه في مبنى ماسبيرو، وتمت إحالته لنيابة أمن الدولة العليا اللي أمرت بحبسه 4 أيام على ذمة التحقيق، وبعدها تم تجديد الحبس لمدة 15 يوم.

– مفيش تفاصيل رسمية معلنة عن واقعة الرشوة. لكن مصادر في المجلس قالوا للصحف إن الموضوع متعلق بتلقيه رشوة عشان يسهل إصدار ترخيص لقناة فضائية، وأيضا مصادر قضائية قالت لجريدة الوطن إن القضية تتضمن تسجيلات للرشوة دي وتم القبض على شخصين آخرين اشتركوا معاه.

– مكرم محمد أحمد رئيس المجلس قال إن كان على علم باللي بيحصل، وعشان كده تم تقليص صلاحيات أحمد سليم، وقال نصا:
“الحقيقة كان فيه شبهات عليه من فترة، وعارف بالموضوع من شهرين، وكلموني الناس في الرقابة، قالولي ممكن نأخذ إجراءاتنا ضد الأمين العام للمجلس، ووافقت فورا!”.

– الرقابة الإدارية أصدرت بيان رسمي بيقول إنها لا تقوم باستئذان أي جهة قبل ما تنفذ صلاحياتها، القانونية، ودعت المواطنين “لعدم نشر أخبار غير صحيحة تؤثر على الرأي العام وتعطي انطباعات مغلوطة لدى المواطنين عن الأجهزة الوطنية واستقلاليتها وحرصها على سرية إجراءات ضبط القضايا وأطرافها”.

– بعد الواقعة، حصل إعادة هيكلة للجنة التراخيص، وتم نقل الموظفين القدامى لإدارات تانية.

*****

أسئلة مهمة بخصوص الواقعة
– طبعا شيء إيجابي إن يكون فيه مواجهة للرشوة والفساد. لكن محتاجين نعرف حاجات كتير متعلقة باختيار أحمد سليم أصلا عشان يكون أمين المجلس الأعلى للإعلام بالأساس، وازاي التحريات بمنصب بالحساسية دي مأظهرتش حاجة، وهل كان فيه مرشحين آخرين مثلا أو نشر متطلبات محددة للوظيفة وهو كان الأكفا؟ ولا الاختيار بيتم ازاي؟ هل وارد نشوف إجراء وتحقيق مع المسئولين عن تعيينه؟ طيب واللي اتعين مكانه دلوقتي تم اختياره ازاي؟

– الأمر التاني والمهم جدا، هوا تصريحات مكرم محمد أحمد.
الموضوع مفيش فيه إلا احتمال من اتنين:
الاحتمال الأول:
التصريحات صحيحة، وبالتالي كارثة تفقد الثقة بمنظومة الرقابة والعدالة بالكامل، لو فغلا قبل ما تقبض على فاسد بتستئذن المسؤول السياسي، ولو ده حصل مع مكرم يبقى بيحصل مع المسؤولين الأهم منه.
الاحتمال الثاني:
التصريحات كاذبة، وبالتالي دي جريمة بث أخبار كاذبة في شأن بالحساسية دي، وشفنا صحفيين اتسجنوا لأمور أقل بكتير جدا، الاستاذ عادل صبري اتسجن بسبب موضوع مترجم مش أكتر، وشفنا ناس اتسجوا بسبب بوست على فيس بوك .. يعني كده الأستاذ مكرم مفروض يتطبق عليه القانون زي ما اتطبق على غيره!

***

– وبالتأكيد يجي تعقيبا على حادثة زي دي سؤال: هل عندنا سياسة وإرادة حقيقة في مكافحة الفساد ولا ده بيحصل بشكل انتقائي؟

– لإن قريب عرفنا عن وقائع التحقيق مع السفير بدر عبدالعاطي، المتحدث باسم وزارة الخارجية السابق، والسفير المصري في برلين حاليا، واللي الرقابة الإدارية سافرت برلين عشان تحقق في فقد مقتنيات تقدر بربع مليون يورو. خاصة بعد اتهام عبد العاطي بشراء سيارة مرسيدس للسفارة سجلها باسمه، واتهامه بإهدار سجادة تراثية ولوحة زيتية تراثية.

– وبعد التحقيق اعترف بدر عبد العاطي بالمخالفات المالية والإدارية. ووافق على رد المبالغ اللي التحقيقات اتهمته فيها، لكن وزير الخارجية بذل مجهود كبير لتأجيل إعادة السفير للقاهرة. وفعلا فضل في منصبه لحد دلوقتي، وماسمعناش عن قضايا اتحركت ضده. وده يدينا مؤشر إن بداية التحقيقات مرتبط بالإرادة السياسية.

– من 3 شهور اتكلمنا عن تضارب مصالح يصل لدرجة الفساد، في استغلال داليا خورشيد وزيرة الاستثمار السابقة، لمنصب زوجها طارق عامر، محافظ البنك المركزي، للتربح عبر ممارسة شركتها لضغوط على البنوك. لكن من ساعة النائب محمد فؤاد ما قدم طلب إحاطة للتحقيق في الاتهامات دي محصلش أي حاجة (https://bit.ly/2ztRzoF ).
– مثال شبيه حصل مع النائب المعين في البرلمان أشرف العربي اللي كان متهم بالحصول على 5 مليون و257 ألف جنيه أيام ما كان رئيس مصلحة الضرائب، في صورة مكافئات حضور في لجان وهمية. النائب العام طلب من البرلمان رفع الحصانة، لكن غاب الإرداة السياسية خلت البرلمان رفض الطلب، وزيه كل طلبات رفع الحصانة عن مرتضى منصور بتترفض.

*****

– الحقيقة موضوع القبض على سليم بيضيف بعد كبير ومهم لعبثية تكوين المجلس الأعلى للإعلام واختصاصاته وقراراته وتحكمه وتدخله في المشهد الإعلامي بانحيازات واضحة لصالح النظام. ومننساش لما رئيس المجلس نفسه مكرم أحمد (81 سنة) استخدم لفظ مسيء في مؤتمر صحفي، بدون ما يحاسبه أحد.
– لسه قريب متكلمين عن إنه لأول مرة المجلس يغرم صحفيين بسبب كتابتهم بوستات على صفحاتهم الشخصية على الفيسبوك، وقراراته قبل كده بحجب مواقع. وكتير من القرارات اللي بيصدرها بيتم فيها تصدير المبرر الأخلاقي وحماية المجتمع لاتخاذها. مع إننا أهو شايفين المسؤول الأول بالمجلس متهم ببث اخبار كاذبة، والتاني بالرشوة.

– وعشان كده مهم نأكد إن مفيش محاربة فساد وفاسدين بجد ممكن تحصل بدون شفافية وحرية واستقلال حقيقي للإعلام، وحماية ليه من الرقابة والضغوط وسلطة الحجب اللي بيتعرضلها بأشكال مختلفة من جهات كتير بتمثل النظام، منهم المجلس الأعلي للإعلام.

***********




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *