قبل أيام تمت اقالة عميد بحري بريطاني عقيد بحري بريطاني من منصبه كقائد أكبر حاملة طائرات في البحرية البريطانية، بسبب أنه استخدم سيارة الشغل لأغراض تنقله الشخصية رغم انه كان دافع تمن الوقود!
– طبعا عندنا مفهوم ان المسؤولين الكبار خاصة بالمواقع “السيادية” ليهم حصانة، وحتى لو تعرضوا لمحاسبة بتكون سرية ومحدش يعرف عنها حاجة، ده غير ان تحديدا مواضيع سيارات المسئولين دا في مصر مفيهوش أي نوع من المراقبة.
ده خلانا نفكر نشوف الناس بالدول الديمقراطية بتتعامل ازاي في القصص دي.
***
ايه اللي حصل بالظبط؟ ليه أقالوه؟
– حاملة الطائرات “كوين إليثابيث” دخلت الخدمة في 2017، وتكلفة انشاءها تخطت 3 مليار دولار .
– في أكتوبر اللي فات تم تعيين الكابتن نيك كوك برست وهو عميد بحري مشهود ليه بالكفاءة بحسب جنوده.
– من أسبوعين بدأ التحقيق في اتهام الكابتن كوك بأنه استخدم العربية الفورد جالاكسي الخاصة بالشغل في أجازاته الشخصية، ورغم عدم ثبوت التهمة دي، إلا أنه لجنة التحقيقات اكتشفت عدم تطابق بين سجلات الرحلات الرسمية، وبين عداد الكيلومترات في العربية .
– ورغم أنه الكابتن كوك هو اللي دفع تكلفة البنزين الزيادة عن الرحلات الرسمية بحسب التحقيقات، إلا أنه استخدام السيارة في رحلات غير رسمية هو انتهاك للقانون أيضا وعشان كدا تمت اقالته بتهمه “خطأ في التقدير ” .
– بحسب التليجراف البريطانية، العميد قال إنه مكنش علي دراية بقواعد استخدام السيارات الحكومية لأنه لم يتم تحذيره منها، وكمان مصادر من الظباط والبحارين اللي شغالين معاه قالو لبعض الصحف انهم يعتقدوا ان قرار الإقالة غير مبرر بحق الرجل الكفؤ، ومع ذلك تم اقالته لأنه الأهم مش الشخص بل المبدأ اللي يخلي الجميع يلتزم بيه.
***
ايه الوضع عندنا في مصر؟
– بشكل عام احنا عارفين مدى صعوبة تهم فساد لمسؤول مهم، وخاصة لو بجهة “سيادية”، وبيتم اعتبار ان ده خط أحمر وإهانة لسمعة مصر ولمعنويات الشعب، مع إن بالعكس ده لصالح الثقة بالمؤسسة.
– وبالتأكيد لا الصحافة ولا البرلمان بتتعامل بشكل علني وشفاف في الحالات دي.
– فيما يخص سيارات المسئولين حصلت عندنا قضايا أكبر بكتير، اخرها مثلا سيارات رئيس البرلمان علي عبدالعال ووكلاء المجلس واللي من المفترض أنهم اشتروا سيارات جديدة ب 18 مليون جنية من الميزانية العامة في 2016 واللي طالب النائب أنور السادات بتوضيحه قبل ما يتم فصله.
– سيارات مجلس النواب القديمة المفروض انها اتكهنت بمعرفة مجدي العجاتي وزير شئون مجلس النواب السابق بدون ما نعرف هي اتكهنت أو اتباعت بكام؟ وفلوسها راحت فين؟ هل دخلت في ثمن السيارات الجديدة وموزانة مجلس النواب ولا لآ؟
– حتي النائب الوحيد اللي طلب توضيح لدا وهو أنور السادات محصلش علي التوضيح، رغم أنه جزء أصيل من عمله هو الرقابة علي الأموال العامة وخاصة لو متعلقة بمجلس النواب اللي كل شغلتة المفروض الرقابة والمحاسبة للمسئولين في الدولة.
– لاحقا طبعا أنور السادات أسقطت عضويته بسبب خلافاته المتكررة مع البرلمان وعلي عبد العال، ومحدش جاب سيرة موضوع السيارات ده تاني، وموزانة مجلس النواب زادت أكثر من مرة، ومرتبات النواب والوزراء زادت من 2015.
– كل دا حصل في الوقت اللي الحكومة كانت بتدعو الشعب فيه للتقشف، واللي جزء كبير من التقشف هو حصر سيارات المسئولين دي، وعدم استخدامها لأغراض شخصية أو علي الأقل نعرف لما يشتروا سيارات جديدة ايه السبب وراء ده؟ وفين القديمة.
– مراقبة ده أيضا هي مسئولية الأجهزة الرقابية زي الجهاز المركزي للمحاسبات اللي رئيسه السابق المستشار هشام جنينه اتشال بسبب كلامة عن حجم الفساد في الدولة واتحبس كمان.
**
ايه اللي ممكن نشوفه في القصة اللي حصلت ببريطانيا؟
– المستوي ده من الرقابة والمحاسبة في كيان المفروض أنه حساس جدا زي البحرية، وضد قائد كبير كفؤ بدليل قيادته لأكبر حاملة طائرات ومفيش شبهات فساد سابق حوله، وبقصة تبدو صغيرة جدا زي دي، كلها تفهمنا قد ايه مهم مفاهيم زي “سيادة القانون” و “أموال دافعي الضرائب”، وده اللي بيخلي البلاد فعلا تتقدم بجد، والشعوب يكون عندها ثقة في مؤسسات الدولة أيا كان اللي بيحكم.
– نشوف أيضا أهمية الصحافة الحرة وقوانين حرية تبادل المعلومات والمناخ الديمقراطي أنه ممكن يخضع أي شخص مهما كان للمحاسبة مهما كان منصبه.
– لما نقول اننا عايزين نبني بلدنا، لازم يكون واضح ان ده مش بمجرد ان كل واحد يشتغل كفرد وخلاص، لكن بنائها بجد انها تكون بلد ديمقراطية حقيقة قادرة علي انها تحارب الفساد وتتعقب الفاسدين من أول الفساد الكبير أبو مليارات لحد شوية الفلوس الصغيرة بتاعة بنزين عربيات المسئولين.
*****