– خلال الفترة اللي فاتت تم توقيع أكثر من اتفاقية لقروض صينية. الرئيس وافق على قرض في مايو اللي فات لاقتراض 1.2 مليار دولار علشان قطار العاصمة الإدارية – السلام – العاشر من رمضان، وهو قطار كهربائي سريع هتنفذه شركة افيك الصينية.
– وفي نهاية إبريل كان في قرض ب 3 مليار دولار لإنشاء منطقة الأعمال المركزية في العاصمة الإدارية الجديدة، واللي هتنفذ شركة (cscec) الصينية الجزء الأكبر منه.
– الاتفاقات دي جزء من أزمة تضخم الدين العام الكبير بالأساس، واللي وصل في ديسمبر ٢٠١٨ إلى ٤.١ تريليون جنيه تشمل ديون خارجية ٩٦.٦ مليار دولار.
– رغم ان الاقتراض الصيني مازال محدود حاليا، لكن تسارع الخطوات يخلينا نقلق للمستقبل ونسأل أسئلة بديهية زي ليه الصين؟ وليه الشركات الصينية مش بتضخ استثمارات مباشرة في المشروعات وبتعمد على اقراض الجانب المصري؟ وايه خطورة الاقتراض من الصين؟ ولا هي مجرد قروض زي القروض الكتير اللي بناخدها.

*******

ايه علاقة الصين بمشروع العاصمة الإدارية؟
– علاقة الصين موجودة من بداية المشروع، كان المفترض أنه الصين تقدم قروض واستثمارات للمشروع بقيمة 20 مليار دولار، تقريبا حوالي نصف الاستثمار الكلي المطلوب.
– لكن المشروع تعثر لأنه الحكومة المصرية رفضت شروط الصين واللي كانت بتتضمن تخفيض حصة الحكومة من أرباح المشروع، وتقليل سعر الأراضي.
– استمرت الصين في تمويل المشروع، لكن المرة دي من خلال قروض مش استثمارات مباشرة، الفكرة ببساطة أن الحكومة المصرية تقترض من بنوك صينية، وتدفع لها معدلات فائدة، في حين أنه البنوك بتشترط أن الشركات المنفذة تكون شركات صينية، بالتالي الصين كسبانة من الناحتين.
– النموذج دا هو المعتمد في الإقراض الصيني في العالم كله وتحديدا للدول النامية اللي زينا، في الفترة من 2014 ل 2017 بس اقرضت الصين حوالي 394 مليار دولار للدول النامية.
******

اشمعنى الصين ؟
– في الغالب معظم القروض اللي بتقدمها الصين بتكون بفوائد سنوية أقل حتى من القروض اللي بتقدمها مؤسسات التمويل، وشروط الحصول عليها أسهل لأنه الصين بتسعي أساسا أنها تزود نفوذها الاقتصادي والسياسي في العالم عن طريق القروض دي.
– مثلا قرض القطار السريع بتاع مصر ده ب 1.8 ٪؜ فائدة سنوية، في حين أنه متوسطات فوائد القروض من الدول الأخرى بتكون من 5- 7 %، ولو من الصندوق أو البنك الدولي هتكون من 2- 3 % سنويا.
– طيب يعني هي الصين بتخسر ؟ الحقيقة لا، لأنه الشركات الصينية هي اللي بتنفذ معظم المشروعات دي والفلوس دي بترجع أرباح كبيرة جدا للصين نفسها والشركات العاملة فيها.
– ده متماشي جدا مع توسع الصين عالميا بمشاريع ضخمة زي مبادرة الحزام والطريق اللي من المفترض أنها تضخ أكتر من تريليون دولار استثمارات في البنية التحتية في دول كثير في العالم.
– طيب مهو ده كويس، قروض رخيصة، قلقانين ليه؟ الحقيقة انه الموضوع مش بالبساطة دي، وده اللي هنشرحه احنا ليه متخوفين من القروض الصينية.

*****

ليه لازم نخاف من القروض الصينية ؟
– الموضوع مش مجرد قروض بس، في دول كتير حوالين العالم الديون دي كانت مصيدة للسيطرة على مشروعات حيوية في فيها.
– في 2010 اقرضت الصين سريلانكا 1.5 مليار دولار لبناء أكبر ميناء هناك، طبعا اللي نفذ المشروع شركات صينية، لكن في 2017 وبعد انتهاء المشروع وعدم قدرته علي منافسة الموانئ الإقليمية الأخرى مقدرتش الحكومة السريلانكية تسد القرض، وبقا للصين حق انتفاع بالميناء نفسها لمدة 99 سنة.
– في باكستان، واللي مدينة للصين بحوالي 6 مليار دولار، استولت الصين على 40 % من واحد من أهم الموانئ في المنطقة ” ميناء جوادر ” وضمتها لمبادرة طريق الحرير.
– دول تانية في افريقيا برضة وقعت في نفس الفخ بتاع الديون الصينية، زي الكونغو اللي اقترضت من الصين حوالي 7 مليار دولار لانشاء مشروعات بنية تحتية منها عاصمة اقتصادية جديدة، واللي بناها برضه شركات صينية في دولة دينها الخارجي بقا 117 % من الناتج المحلي بحسب صندوق النقد.
– أنجولا كمىن هي أكبر مدين للصين في أفريقيا، ب 25 مليار دولار، معظمهم برضة في مشروعات بنية تحتية ودلوقتي أنجولا بتسدد الديون دي عن طريق صادرات بترول للصين، دا يعني انه الصين هي المتحكم في الجزء الأكبر من ثروة أنجولا النفطية.

– دول زي نيجيريا والجزائر والسودان وغيرها من الدول الإفريقية، بقت مديونة للصين وده سمح للصين بالسيطرة على الموارد النفطية والمعدنية اللي في الدول دي.

*******

– الصين بتقرض الدول لتوسيع نفوذها الاقتصادي والسياسي في العالم بما أنها قوة صاعدة، الخوف مش في أنه الصين تعمل معانا زي الدول السابقة، إحنا ما زلنا دولة مهمة في المنطقة وحجم قروضنا من الصين لحد دلوقتي مش كبير لدرجة تخوف، لكن التسارع في الاقتراض هو اللي يخوف.

– الصين بتشترط إن شركاتها تشتغل في المشاريع دي، وبالتالي هي بتكسب من الناحيتين، توفير التمويل – اللي هو عبء على أي دولة – وشركاتها بتكسب. ليه مثلا في منطقة الأعمال دي ليه متمش إسناد الإنشاءات بالكامل لشركات مقاولات مصرية، نفهم أنه ده يحصل في القطر بما أننا معندناش شركات تصنيع قطارات سريعة والخبرات الصينية في المجال ده أفضل، لكن ليه في الإنشاءات كمان ؟
– جزء تاني مهم، أنه اللي فات دا كله بيوضح كذب الكلام اللي بيتقال انه المشروع برة الموازنة العامة، لأنه بأنهي منطق المشروع ده خارج الموازنة وملكوش دعوة بيه، لكن القروض بتاعته بيمضيها وزير الاسكان وبضمان وزارة المالية!
– الحكومة محتاجة تدور على بدائل للاقتراض بشكل عام، زي نظام الشراكة بين القطاع العام والخاص private public partnership ، ده بديل أفضل عشان القطاع الخاص يشيل أزمة التمويل ويدور المشاريع بنسب أرباح جيدة للحكومة.
– اه لحد دلوقتي أرقام الاقتراض من الصين مش ضخمة، لكن هي مرشحة جداً للزيادة بسبب قلة الفوائد عليها ولأنه أبواب الاقتراض الرئيسية في مصر زي الخليج وأذون الخزانة مش هتستمر علطول، وبالتالي ممكن الاقتراض من الصين يبقى عمل موسع في الفترات الجاية.
– القروض الصينية مفيهاش نفس الشفافية اللي موجودة في قروض صندوق النقد مثلاً، ومش مرتبطة بإجراءات إصلاح اقتصادي وبالتالي هي أسهل ومدعاة أكثر للفساد في عقود الدولة مع الصين في حال تعرض مصر لمشاكل في السداد.
– في النهاية بنؤكد على أننا لازم نبحث عن بدائل نمول بيها المشاريع دي بدون الاقتراض، الدين العام المصري بقا في مستويات خطيرة جدا وده بيهدد الاقتصاد المصري على المدى القصير والطويل.
– الاقتراض والاستثمارات مش بس أمور تجارية واقتصادية بحتة، لأ هي في الأساس شراكات واستثمارات سياسية مبنية على التحالفات والتخطيط السياسي، الإقراض والاستثمار إما بيتعملو مع دول حليفة أو دول عاوزة تبني معاهم تحالف أو تسيطر عليها. تدفق مليارات الخليج لمصر بعد يونيو 2013 هو تحالف سياسي في الأساس أكتر منها استثمارات أو قروض باسم دعم الشعوب الصديقة مثلاً، وده مش عيب لكن المشكلة إنه ميبقاش في توازن في التحالفات وسياسات القروض ومعدلات الاستثمار عشان متتحولش لأدوات ضغط في مراحل لاحقة، وده تحذير مهم الالتفات ليه.




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *