– يوم الخميس اللي فات، في دار مزادات “كريستينز” في لندن، اتباع تمثال راس توت عنخ آمون بمبلغ 4.7 مليون جنيه استرليني. التمثال اتباع ضمن 32 قطعة أثرية مصرية في المزاد اللي بدأ يوم الأربعاء، وده مش أول أثر مصري تبيعه نفس دار المزادات.

– مصر كانت قدمت طلب رسمي لبريطانيا بمنع خروج تمثال توت عنخ آمون من البلاد بعد ما اتباع، لكن بريطانيا اللي تعتبر تاني أكبر سوق للآثار والأعمال الفنية في العالم، مش هتدخل لتعطيل أي معاملات تجارية وفق القانون.

– فإيه أهمية القطعة دي؟ وإزاي خرجت من مصر؟ وإيه الجهود اللي اتعملت عشان ترجع؟ وليه آثارنا بتتباع بره من غير ما نقدر نرجعها؟
*****

إيه مواصفات القطعة دي؟

– عبارة عن رأس من حجر الكوارتز، طولها 28.5 سنتيمتر، وبحالة جيدة ومفيهاش خدش إلا في الأنف والأذنين. فيه اعتقاد إنها لتوت عنخ آمون، لكنها مش من ضمن ال 5398 قطعة اللي تم اكتشافهم في مقبرته في وادي الملوك سنة 1922، لإن اللي لقوه وقتها مكنش فيه تماثيل حجارة.

– تصريحات بعض المسؤولين والمختصين. منهم الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار مصطفى وزيري، بتقول إن القطعة اللي عمرها 3 آلاف سنة للإله آمون، وإن الناس كانت بتصنع التماثيل على هيئة الملوك والآلهة.
*****

إزاي القطعة خرجت من مصر؟

– دار مزادات كريستيز بتقول إن التمثال اشتراه هاينز هيرنز، اللي كان شغال في تجارة الآثار في ألمانيا سنة 1985، من جوزيف ميسينا، سمسار نمساوي في السبعينات، وإنه كان موجود قبلها ضمن مجموعة الأمير الألماني فيلهلم فون ثور أوند تاكسي في حقبة الستينات.

– لكن ابن الأمير الألماني اللي الدار بتقول إنه أول مالك معروف للقطعة، قال لصحيفة التايمز البريطانية إنه مش فاكر وجود راس التمثال في مقتنيات والده، ومش محتمل يكون والده امتلكها ونسي يقول لحد، خصوصا إنها لا تقدر بثمن، وإنه مكنش راجل غني. ده بيدى وزن لكلام مصر، ودليل على إن الرأس خرجت بطريقة غير قانونية.

– وفعلا عالم الآثار زاهي حواس، عضو لجنة استعادة الآثار المهربة بيقول إن القطعة طلعت من مصر في السبعينات، وإن تماثيل تانية شبهه اتسرقت من معبد الكرنك في نفس الوقت.

– دار كريستيز أصدرت بيان اعترفت فيه بإن فيه جدل حوالين موطن الرأس، وإنها قامت بالتدقيق عشان تتأكد من مصدر القطعة ووضعها القانوني، ووصلت لإنها مش موضع تحقيق قانوني، وإن محصلش تحقيق بشأنها سابقا، مع إنها اتعرضت قبل كده، ووجودها معروف على نطاق واسع.

– المتحدثة باسم الدار قالت إن تتبع ملكية القطعة عبر آلاف السنين غير ممكن، ويكفى إنهم أتاكدوا من الملكية الحديثة للقطعة. وإنهم ملتزمين بسوق شفافة مشروعة تلتزم بأعلى المعايير.

– طبعا الشفافية اللي بيتكلموا عنها مش موجودة، والقطعة اتباعت في مزاد شارك فيه أشخاص مش معروفين، واتباعت في النهاية لشخص مجهول. كون نظام المزاد بيسمح بحضور أشخاص المزاد عن طريق التليفون، وفيه 22 شخص شاركوا بالطريقة دي.
*****

دي أول مرة آثار تتباع في مزادات بالشكل ده؟

– الإجابة لأ، وشوفنا في يوليو 2014، دار كريستيز بتبيع تمثال “سخم كا” اللي خرج من مصر سنة 1849، رغم الجهود المصرية اللي اتعملت لإثبات إن التمثال خرج بطريقة غير شرعية. وفي النهاية المزاد اتعمل، واتباع بـ15.8 مليون جنيه استرليني لمشتري مجهول.

– في 2017، الدار نفسها عملت مزاد على رأس تمثال المعبودة سخمت (من عهد الملك أمنحتب الثالث)، ولوحة جنائزية من لوحات “وجوه الفيوم”. كمان اتعرضت قطع وتمائم برونزية من العصور المتأخرة والبطلمية.

– قبلها بسنة في 2016 دار مزادات اسمها بونهامز، عرضت 50 قطعة أثرية مصرية، أهمها كان لوحة من الحجر الجيري للملك أخناتون. وفي 2018 نفس الدار عرضت 60 قطعة أثرية، منهم جدارية مصرية قديمة عن الإغاثة.
*****

مصر عملت إيه عشان راس توت عنخ آمون ترجع؟

– مصر في البداية طعنت شفهيا على طريقة خروج رأس توت عنخ آمون من بلدنا. واتقال إن كريستيز ما عرضتش أي أوراق ملكية أو وثائق حديثة تؤكد خروج التمثال من مصر بطريقة مشروعة أو بعلم السلطة. وإن الأثر مسروق ولازم يرجع.

– بعدها وزارة الخارجية، من خلال طارق عادل، سفير مصر في لندن، طلبت من الدار تأجيل المزاد، لحد ما يتم التأكد إن القطعة خرجت بشكل شرعي، وبعتنا للخارجية البريطانية واليونيسكو عشان يتدخلوا. لكن الداخلية والخارجية البريطانية أكدوا إن ملهمش سلطة على الدار عشان هي قطاع خاص.

– كمان وزارة الآثار المصرية قدمت بلاغ للنائب العام، اللي بعت وفد لنظيره البريطاني، لكن الأمور ما حصلش فيها تطور يخدم القضية لنفس السبب اللي قالته الوزارتين البريطانيتين.

– بعد بيع التمثال مصر طلبت رسميا من بريطانيا عدم خروجه من الأراضي البريطانية بعدم إصدار ترخيص تصدير، لحد ما يتحسم النزاع على ملكية القطعة، وطريقة خروجها من مصر.

– وطلبت اللجنة العليا للآثارالمصرية المستردة من الإنتربول إصدار نشرة تعقب للقطعة الأثرية. وانتقدت اللجنة السلطة البريطانية لعدم توفير الدعم في وقف مزاد كريستيز.
*****

إيه القانون والمرجعية الفيصل في القضايا اللي زي دي؟

– سنة 1983 صدر قانون مصري بيشير لإن أي أثر مصري بره البلد، ومالكه معندوش ترخيص تصدير، هو ملكية مصرية مسروقة، والحق في المطالبة باسترداده لا يسقط بالتقادم.

– قانون 83 كان طفرة وإنجاز في وقف بيع الآثار، وكان قبلها للأسف مسموح بتصدير الآثار والتجارة فيها بعد الحصول على تصريحات معينة. بل كان فيه صالة لبيع الآثار في المتحف المصري. وكانت الآثار المكتشفة على إيد البعثات الأجنبية بيتم تقسيمها بين مصر والبعثة. لذلك لو ثبت إن أي قطعة خرجت من مصر قبل صدور هذا القانون بيكون صعب إرجاعها، على عكس القطع المهربة بعد صدور القانون.

– قبلها كان عندنا قانون 1951 اللي كان بيحظر تهريب الآثار برضو لكنه ساب ثغرة كارثية ممكن تسمح بخروج متحف من مصر مش مجرد أثر. الثغرة كانت في نص أحد مواده: السماح بتبادل الآثار المكررة مع المتاحف أو الأشخاص أو بيعها أو التنازل عنها للهيئات أو الأفراد المصرح لهم بالتنقيب. وعشان كده قانون 83 يعتبر البداية الحقيقية للتعامل باحترام مع آثارنا.

– وفعلا الخطوة اللي الجهات المصرية الرسمية ماشية فيها، هي اللجوء للقضاء البريطاني، وإثبات إن القطعة خرجت من مصر بدون علم السلطات وبطريقة غير شرعية. وده ساعتها يبقى توجيه جيد للمجهود أهم وأفضل من الخطابات داخل البرلمان عن المؤامرة البريطانية اللي رددها نواب البرلمان المصري سعيد حساسين ومصطفى بكري.
****

إيه مهم يتعمل عشان مانشوفش آثارنا بتتباع بالشكل ده؟

– الحقيقة فيه جهود مصرية متواضعة، لكنها نجحت في إعادة عدد من الآثار، وبتسعى لتتبع واستعادة آثار خرجت بداية من الحملة الفرنسية، وبعدها الاحتلال البريطاني لمصر. مهم طبعا نشجع ونشكر هذه الجهود ونتمنى التوفيق ليهم في التوسع في استعادة أهم الآثار المصرية في الخارج.

– في السنوات الأخيرة مصر استعادت عدد من القطع الأثرية من دول مختلفة، زي تابوت نجم عنخ اللي رجع من أمريكا بقرار قضائي بعد 48 سنة من سرقته، وخروجه من مصر بتصريح مزور، وبيعه لمتحف المتروبوليتان.

– عدد الآثار المفقودة من مخازن وزارة الآثار أخر 50 سنة، أكتر من 32 ألف قطعة، ده غير اللي بيتم نهبه من المقابر الأثرية على أيد لصوص الآثار.

– للأسف، وزي أغلب الأمور في مصر، مفيش منهجية أو استراتيجية واضحة لاستعادة الآثار. النائب أسامة هيكل قال إن القطع الأثرية اللي خرجت في الثمانينيات وما قبلها، لازم يتم حصرها والتفاوض على إعادتها لمصر.

– أهم خطوة اتأخرت كتير هو الحصر ووجود قاعدة بيانات بتشمل كل الآثار المصرية، وتسجيل لكل أثر في القاعدة دي. لكن لحد دلوقتي مفيش أي خطوات بتتاخد في خطوة زي دي سواء بخصوص الآثار اللي بره مصر، أو حتى الموجودة في المتاحف والمخازن. وكل شوية نسمع عن أطلس بيضم كل الآثار المصرية الموجودة، لكن كل ما يقرب معاد إطلاقه بيتم التأجيل.

– النقطة دي هتكون مهمة في التفاوض في المرحلة الجاية. وهي من أساليب الضغط اللي بتخلي بلاد كتير بتساعدنا في استعادة آثارنا، وهي التهديد بوقف البعثات الآثرية من الدولة اللي بينا وبينها نزاع.

– وبالتأكيد فيه مجهود تاني أهم وأولى، غير استعادة الآثار اللي برة، هو منع تهريب الآثار اللي جوه البلد. واللي للأسف هي عمليات مستمرة، وبيشارك فيها أصحاب نفوذ بجانب عصابات تهريب الآثار.

– الآثار المصرية هي أهم معبر عن تاريخ مصر وحضارتها. وحرصنا على الاحتفاظ بيها واستعادتها مش رفاهية، ده تاريخنا وحقنا اللي مش مفروض نفرط فيه. ولو القيمة التاريخية والمعرفية هتبقى محركنا الأول، فمفيش معنى لإن حد يشتري أثر من قاعة مزادات ويحتفظ بيها في حجرة نومه، ويمنع أي حد غيره يشوف الأثر ويعرف تاريخه.

– ولو القيمة الاقتصادية، فالآثار والمتاحف دخل قومي لبلدنا، وإحنا أولى بزيارة السياح لمتاحفنا عشان يشوفوا آثارنا من متاحف ودول بتتكسب من ورانا.




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *