– أديس أبابا عاصمة إثيوبيا بتشهد لحظة مهمة بحرب بين جبهة تحرير تيغراي المعارضة وبين حكومة أبي أحمد، واللي أعلنت الطوارئ ودعت لرفع السلاح وبسببها معظم السفارات الأجنبية بتطلب من رعاياها في إثيوبيا الاستعداد للمغادرة.
-الاتحاد الإفريقي والولايات المتحدة بيقولوا بشكل واضح إنه لا توجد فرصة كبيرة لإنهاء القتال في إثيوبيا، في حين حذرت الأمم المتحدة من أن خطر انزلاق إثيوبيا في حرب أهلية واسعة النطاق “حقيقي للغاية”.
– إيه طبيعة اللي بيحصل في إثيوبيا دلوقتي؟ وإزاي ده ممكن يأثر على مصر؟ ده اللي هنتكلم عنه في البوست الحالي.
******

إيه اللي بيحصل في إثيوبيا دلوقتي؟

– من أيام أعلنت جبهة تحرير الأورومو “أونق شني”، حليفة حركة تحرير تيغراي بشمال إثيوبيا، اللي بتصفهم الحكومة الإثيوبية بالإرهابيين، تقدمهم العسكري ناحية العاصمة أديس أبابا وإن سيطرتهم عليها هي مسألة أسابيع قليلة.
– ويوم الأحد، قال جال مورو، قائد جيش تحرير أورومو (جماعة مسلحة من إثنية أورومو”، لوكالة الصحافة الفرنسية في مقابلة عبر الهاتف إن المقاتلين الموالين للحكومة بدأوا الانشقاق وإن “المتمردين أصبحوا قريبين للغاية من النصر”.
– وقال كمان “نحن نتحضر من أجل انطلاق آخر وهجوم آخر. الحكومة تحاول فقط كسب الوقت ويحاولون إثارة حرب أهلية في البلد ولهذا يدعون الشعب إلى القتال”.
– في نفس الوقت حكومة أبي أحمد بتنفي أي تقدّم للمتمردين أو تهديد للعاصمة، إلا أنها أعلنت حالة الطوارئ وطلبت من السكان تنظيم أنفسهم للدفاع عن المدينة.
– ويوم الجمعة وقعت قوات تيغراي على تحالف مع 8 جماعات مسلحة ومعارضة أخرى.
– التطورات دي حصلت في الأيام الأخيرة بعد ما قدرت الحركات المتمردة من السيطرة على الشمال، وعلى مدينة ديسي بوسط أثيوبيا، واللي بتربط أديس أبابا بالشمال وبالتالي تمنع أي إمدادات من الجيش الفيدرالي الأثيوبي للشمال، وكمان أهميتها إنها في وسط إقليم “الأمهرة” اللي هو أهم معاقل أبي أحمد.
– انضمام مسلحين من نفس عرقية الأورومو اللي بينتمي ليها أبي أحمد، كان نتيجة إجراءات قمعية قام بيها رئيس الوزراء الأثيوبي باعتقال زعامات سياسية عديدة منهم محمد جوهر اللي بينتمي هو كمان للأورومو، وده اللي خلق تحالف بين متمردي الأورومو ومتمردي التيغراي.
– وبالرغم من إنه حرب التيغراي اللي بدأها الجيش الإثيوبي من حوالي سنة، واللي أعلن أكتر من مرة سيطرته الكاملة على الإقليم، لكن الواقع بيثبت عكس ذلك، وإنه مقاتلي التيغراي قدروا يسيطروا مرة تانية وينطلقوا باتجاه العاصمة.
– بيزيد كمان من صعوبة وضع الجيش الإثيوبي انشقاق العديد من الوحدات والظباط فيه اللي بينتمو لعرقية التيغراي، بسبب المذابح اللي عملها الجيش في أبناء العرقية دي واللي كتير منها يرتقي لمستوى جرايم الحرب.
– الصراع دا تسبب في تشريد مئات الآلاف، وفرار أكثر من 60 ألفا إلى السودان، وفق مراقبين، لكن السودان بتقول إن عددهم وصل إلى أكتر من 70 ألف.
– على خلفية الحرب دي الأمم المتحدة بتقول إن فيه 7 ملايين شخص بحاجة للمساعدة الإنسانية في شمال إثيوبيا و5 ملايين آخرين بحاجة إلى الطعام و400 ألف شخص يعيشون في ظروف تشبه المجاعة.
– كمان الأمم المتحدة بتقول إن مفيش أي شاحنة مساعدات وصلت إلى ميكيلي (عاصمة تيغراي) من 18 أكتوبر اللي فات، والبعثة الأممية مش قادرة تنقل أي وقود إلى تيغراي من أغسطس اللي فات، وآخر شاحنة أدوية وصلت إلى الإقليم كانت من 4 شهور.
– اللي بيحصل دا كله بين أطراف النزاع بيروح ضحيته الناس العادية من جميع الاتجاهات، ودا اللي اتكلم عنه تقرير مشترك للجنة حقوق الإنسان الإثيوبية ومكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وقال “هناك أسباب معقولة للاعتقاد بأن جميع أطراف النزاع في إقليم تيغراي ارتكبت، بدرجات متفاوتة، انتهاكات ضد حقوق الإنسان الدولية والقانون الإنساني وقانون اللاجئين، قد يرقى بعضها إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية
******
– وعشان الناس تكون فاهمة التركيبة الإثيوبية، فهي بلد متعدد العرقيات الدينية والإثنية من زمن طويل وبيوصل تعداد العرقيات فيها لأكتر من 80 عرقية بحجم سكان متفاوت، منهم إثنية ” التيغراي” واللي سيطرت على الحكم في أثيوبيا من سنة 1991 بعد إطاحتهم بالديكتاتور الشيوعي منجستو.
– حكمت الجبهة الديمقراطية الشعبية الإثيوبية من سنة 91 لحد 2018، وكانت السيطرة في الحكومة لإقليم التيغراي اللي تعدادهم حوالي 7 مليون فقط في تعداد سكاني إثيوبي يقدر بـ 110 مليون شخص، وبرغم نجاحهم في تهدئة الوضع الداخلي بعد الانتصار على الديكتاتور منجستو، وعمل شكل من التنمية وخفض أعداد الفقراء والجوعى في إثيوبيا، وبالرغم من الحكم الذاتي لكل إقليم بحسب الدستور الفيدرالي الإثيوبي، لكن كان في حالة من القمع السياسي للمعارضة.
– استلم أبي أحمد السلطة بانتخابات ديمقراطية، وبعد احتجاج لسنوات من أبناء عرقية “الأورومو” – تالت أكبر عرقية في البلد بعد التيغراي والأمهرة – على تهميشهم وعدم مشاركتهم في السلطة واعتقال العديد من رموزهم، ورغبة أجيال صاعدة من الشباب في المشاركة بالحكم.
– وبعد سيطرة أبي أحمد عالسلطة وقدرته على إدارة الأمور في الجيش بشكل جيد وإفشال أكتر من محاولة انقلاب عليه، وظهوره كشخص قادر يخلق توازن بين العرقيات لأن والده من الأورومو ووالدته من الأمهرة، بالإضافة لقدرة أفضل على تجييش الشعب في قضية سد النهضة، اندلعت الأزمة مرة تانية في منتصف عام 2020 لما قرر تأجيل الانتخابات بسبب الكورونا، واللي اعتبرته التيغراي مجرد حجة لتأجيل الانتخابات البرلمانية.
– وبدأت تتصاعد حركة قومية في تيغراي بتدعو للانفصال عن إثيوبيا بسبب اضطهاد أبي أحمد والأورومو، وبدأت الحركة القومية دي تعمل أفعال استفزازية زي قتل مغني شعبي من إقليم الأورومو كان بيعتبر رمز ليهم وصوتهم ضد التهميش، وأقامت الحركات الانفصالية في تيغراي انتخابات داخلية بعد قرار أبي أحمد بتأجيل الانتخابات، واللي طبعًا اعتبره أبي أحمد تهديد للوحدة الوطنية.
– وبسبب الأحداث المتلاحقة دي اندلعت الحرب في تيغراي، وقامت حكومة أبي أحمد بانتهاكات كبيرة لحقوق الإنسان وجرائم حرب ضد سكان الإقليم من قتل جماعي، واغتصاب للسيدات، والتسبب في مجاعة لأكتر من نص مليون شخص، وهجرة عشرات الآلاف خارج أثيوبيا هروبًا من الحرب، وده خلى الأمم المتحدة وأمريكا ينتقدوا ممارسات أبي أحمد في أكتر من مناسبة والتأكيد على إن جميع أطراف الحرب في إثيوبيا بترتكب جرائم ضد الإنسانية، وحصل وقف لمساعدات ومنح كانت بتاخدها إثيوبيا من أمريكا في إطار دعم النمو في إفريقيا.
– ويوم الجمعة دعا مجلس الأمن الدولي الأطراف في إثيوبيا إلى وقف القتال والتفاوض على وقف دائم لإطلاق النار وتهيئة الظروف لبدء حوار وطني شامل.
– ومن ناحية تانية فيه 16 دولة دعت لمساءلة جادة للمسؤولين عن ارتكاب “انتهاكات حقوق الإنسان” في إثيوبيا والتحقيق فيها.
*********
– بشكل عام احنا في مصر منحبش إنه بلد يكون حاصل فيها حروب أهلية وأهلها الفقراء يعانوا من جرائم زي قطع الكهرباء والأغذية واغتصاب السيدات وتهجير الناس من البيوت وغيره، ده شيء طبعًا غير مقبول إنسانيًا.
– وطبعًا عاوزين نقول إنه مصر ملهاش علاقة بإثارة الحرب الأهلية في إثيوبيا لأن الوضع هناك مضطرب بشكل مستمر من سنين، ولا نتمنى في أي يوم من الأيام إننا نشارك في أي شيء متعلق بهذه الحرب، اللهم إلا دور الوساطة أو أي دور إيجابي بشكل عام، لأن وفي ناس مؤيدين ومعارضين بقوا بيعتقدوا إن مصر ضالعة في الحرب الأهلية في إثيوبيا وغيرها وبيسوقوا للفكرة دي بشكل بعيد عن المنطق.
– وبرضه بالتأكيد لو سقط أبي أحمد وجاءت حكومة من التيغراي أو المعارضة ده مش معناه إنه ملف السد هيتحل، لأنه ملف السد كبر واتعمل تحت قيادة التيغراي للحكومة هناك، وبيعتبروه مشروع قومي، فأزمتنا مش في أبي أحمد بشكل شخصي.
– صحيح الحرب دي ممكن تتسبب في تعطل ملف السد والاستثمارات فيه، وده في الوقت القصير ممكن يكون كويس للملف عشان يدي فرصة لمفاوضات جادة.
– طبعًا وجود اضطرابات بالشكل ده مش معروف هتخلص إزاي وإمتى، لكن مع المدى الطويل، فهنكون في مصر محتاجين حكومة قادرين نتفاوض ونتفق معاها بأي شكل، ده هيكون أفضل من بلد فيها حرب أهلية وفيها برضه مشروع خطير علينا زي مشروع سد النهضة، واللي يهمنا بالتأكيد نضمن إنه المشروع ده ميتسببش في أزمة جوع وعطش لينا في مصر، مع الحق الكامل لإثيوبيا في التنمية بدون الإضرار بجيرانها.
– نتمنى إن الشعب الإثيوبي يوقف نزيف دمائه لأنه هو اللي بيدفع التمن في مغامرات الحرب دي، ويا ريت الجهود الأممية تنجح في وقف إطلاق النار، تكون في تحقيقات جادة لمحاسبة كل أطراف النزاع على الجرائم اللي ارتكبوها.
*******



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *