– خلال الأسبوعين اللي فاتوا في مظاهرات واسعة ضد الرئيس الحالي لدولة بيلاروسيا (روسيا البيضاء) ألكسندر لوكاشينكو اللي بيحكم البلد من سنة 1994.
لوكاشينكو وصف المعارضين له بالصراصير، لذلك المعارضين سموا مظاهراتهم ثورة ضد الصراصير.
– لوكاشينكو هو أخر دكتاتور شيوعي في أوروبا، وبيحكم البلد بقبضة من حديد طول ال26 سنة اللي فاتت من خلال القمع وتزوير الانتخابات والحفاظ علي قاعدة اجتماعية كبيرة في وسط العمال في شركات الدولة.
– هنحكي لكم إيه الي بيحصل هناك دلوقتي؟ وايه اللي ممكن نشوفه من اللي بيحصل في حالتنا المصرية؟
*****
إيه بيحصل في بيلاروسيا؟
– لوكاشينكو بيحكم البلد من 26 سنة، وفي 9 أغسطس اللي فات بدأت الانتخابات لتمديد فترة سادسة ليه، كل الانتخابات اللي فاتت تقريبا كان في مشاكل فيها واتهامات بالتزوير.
– بالإضافة للقبضة الحديدة اللي بيفرضها لوكاشينكو علي البلد، حتي أنه محتفظ لحد دلوقتي باسم الجهاز الأمني السوفيتي الأشهر ( الكي جي بي )، النموذج الاقتصادي والسياسي لبيلاروسيا ما زال بشكل كبير أقرب لدكتاتورية الاتحاد السوفيتي السابق.
– في الفترة الأخيرة حصلت صعوبات اقتصادية علي مستوي النمو الاقتصادي وارتفاع التضخم، النمو سجل أقل من 0.1 % السنة اللي فاتت مع معدل تضخم حوالي 5 % سنويا.
– ده بالإضافة لأزمة كورونا واللي الحكومة تعاملت معاها بقدر كبير من الاستهتار حتي أن لوكاشينكو اقترح مكافحة كورونا من خلال الفودكا وحمامات الساونا !
الأسباب دي هيا الدافع الرئيسي للغضب عند الناس ومعادش مفيد انه عمال يقولهم كعادته إن أي مشكلة هيا مؤامرة من الاتحاد الأوروبي ضده لأنه حليف روسيا.
– الغضب ده كان فرصه للمعارضة لمحاولة منافسة لوكاشينكو من خلال الانتخابات والطرق السلمية خاصة أنه أحد استطلاعات الرأي من جهة مدعومة من الدولة قالت أنه حوالي 70 % من المواطنين البيلاروس غير راضيين عن أداء الرئيس.
– بالتالي في ثلاث مرشحين من المعارضة قرروا نزول الانتخابات في 9 أغسطس لكن اتقبض علي اتنين منهم، والثالث هرب بره البلد بصعوبة.
– زوجة أحد المرشحين المعتقلين قررت تكمل الانتخابات مكان زوجها، وهي سفتلانا تيخانوفسكايا كانت بتشتغل مدرسة للغة الإنجليزية وناشطة سياسية حاليا وربه منزل.
– قررت الترشح في وسط أمال أنها تفوز لكن الانتخابات تم تزويرها ضدها عشان تطلع النتيجة النهائية أنه 80% من الأصوات راحت للرئيس و 10 % راحت لمرشحة المعارضة.
– ده خلي في مظاهرات تبدأ في العاصمة مينسك بدأت ب عشرة ألاف في أهم ميادين مينسك من بعد اعلان نتيجة الانتخابات، والشرطة تعاملت بوحشية مع المظاهرات واعتقلت ناس من المتظاهرين، ودا أجج مشاعر الغضب في الشارع.
– زاد أعداد المتظاهرين اللي دلوقتي يقدروا بمئات الالاف بيتظاهروا يوميا في العاصمة مينسك في دولة عدد سكانها حوالي 10 مليون.
– التطور المهم أيضا من بدء المظاهرات هو أنه لوكاشينكوا راح يخطب في حشد من العمال في أحد شركات الدولة والعمال بدأوا يهتفوا ضده ” أرحل “، ده مؤشر مهم في دولة زي بيلاروسيا لأنه معظم مؤيديه بين العمال دول، لأنه بيعملوا في مصانع كبيرة بأجور جيدة نسبيا.
– بعدها بدأت إضرابات متعددة في أكثر من مصنع من مصانع الدولة، واضطر لوكاشينكو أنه يقدم ما يعتبر تنازل بأنه يعمل تعديلات دستورية.
*****
هل ممكن المظاهرات دي تتحول لثورة ناجحة؟
– بيلاروسيا هي دولة عندها إمكانات نمو اقتصادي جيدة جدا، لأنه عندها قطاع صناعي كبير وجيد، عدد سكان قليل ومواطنون متعلمين كويس وبالتالي عمال مهرة خاصة في قطاع الصناعات الثقيلة زي الجرارات الزراعية.
– ومع ذلك مستوي المعيشة في بيلاروسيا مش مرتفع بالمقارنة بالدول المحيطة بيها، الناتج المحلي للبلد هو حوالي 60 مليار دولار سنويا وبحسب أخر الأرقام نصيب الفرد من الناتج المحلي حوالي 6200 دولار سنويا، ومعدلات الفقر منخفضة نسبيا حوالي 5 % بس من السكان ودا لأنه الدولة لسه بشكل ما بتدعم خدمات كتيرة زي الصحة والتعليم والخدمات العامة علي تنوعها.
– لكن بلد زي دي بيحكمها رئيس واحد من 26 سنة ودي وصفة مثالية للفساد دائما بتكون عرضة للمشاكل الاقتصادية الناتجة عن سوء الإدارة والفساد،بالتالي بيحصل تراجع في معدلات النمو وزيادة لتكاليف المعيشة بفعل التضخم ودا يخلي في مشاكل اقتصادية بتكبر دائما.
– المشاكل الاقتصادية دي، مع القمع السياسي بيؤدي بالتبعية لتفجر الوضع وخروج المظاهرات والمطالبة بالتغيير، لكن نجاح الثورة برتبط بعوامل كثيرة جدا غير العوامل الداخلية منها الوضع الإقليمي.
– مثلا بيلاروسيا هي حليف قوي لروسيا، وبوتين في الفترة الأخيرة كان عايز يعمق من التحالف ده ويضم بيلاروسيا للاتحاد الروسي ودا رفضه لوكاشينكو واستخدمه كخطاب سياسي عشان يكسب به عند الناس اللي مش عايزه تنضم لروسيا.
– بالتالي الوضع المعقد ده بيخلي نجاح الثورة دي مرتبط بقدرة المتظاهرين وممثليهم في المعارضة علي التفاوض والوصول لطريقة سلمية لانتقال السلطة، اللي بتطرحه المعارضة هو إعادة الانتخابات وبتحاول تضغط من الشارع في الاتجاه ده، لكن لوكاشينكو رافض ده بشكل كلي، والروس بيحاولوا يجهزوا حد قريب منهم لخلافه لوكاشينكو والاتحاد الأوربي فرض عقوبات علي سياسيين من هناك علي علاقة بالقمع الأخير.
– كل ده بيعقد من الوضع، لكن في النهاية انتصار الثورة هيكون رهين استمرار الناس في الشارع والضغط الأكبر علي الحكومة من خلال الإضرابات وبرضه بعد انتصار الثورة وازاحة لوكاشينكو حتفضل قدام المعارضة مشاكل كثير في البلد لازم تشتغل عليها لتقديم بديل يحسن أوضاع البلد.
*****
نشوف ايه من كل ده؟
– اللي بيحصل في بيلا روسيا هو دليل واضح علي أهمية الديمقراطية مش بس في أنها تنتج حريه تعبير وحريات سياسية وتحمي الناس من قمع وحشي من الشرطة والحكومة لكن كمان في أنها تضمن اليات مؤسسية لمكافحة الفساد وبالتالي تخلي نتائج النمو الاقتصادي تتوزع بشكل عادل علي الناس.
– في بلد زي بيلاروسيا، بلد عدد سكانه صغير، عنده إمكانات اقتصادية كبيرة كانت الدكتاتورية هي الوصفة الازمة لسوء الإدارة الاقتصادية واللي أدت لتخلف البلد عن جيرانها الديمقراطيين من دول البلطيق الأخرى زي استونيا – لاتفيا وغيرها واللي خدوا مسار ديمقراطي مبكر وانضموا للاتحاد الأوربي ومواطنيهم عاشوا رخاء اقتصادي أحسن بكتير من مواطني بيلاروسيا.
– في مصر حتي لو قلنا أنه بتحصل إنجازات اقتصادية على مستوى الأرقام، فغياب الديمقراطية والأليات اللي بتنتجها زي المسائلة والمحاسبة وأليات محاربة الفساد وتمثيل الفئات الاجتماعية المختلفة في مؤسسات الدولة وغيرها من العاومل دي بتؤدي أنه نتائج النمو الاقتصادي دي متوصلش لكل الناس.
– بالتالي فسؤال الديمقراطية والانتخابات مش مجرد سؤال سياسي بل سؤال يمس كل فرد ويؤثر علي كل مناحي حياة كل مواطن في مصر، بمعني أبسط لو عندنا مثلا ديمقراطية وبتنتج مجالس محلية منتخبة قادرة علي تمثيل مصالح حي ما أو قربة ما فهي هتكون أدري باحتياجات الحي والقرية دول، بالتالي لما الناس تكون عايزة محطة مياة شرب هيتعملها محطة مياة شرب، ولما يكونوا عايزين مدرسة حيتعمل مدرسة مش هنعمل كوبري وطريق بديل عنهم وخلاص.
– في النهاية كل التضامن لكل اللي عايزين حرية وديمقراطية في كل العالم، من بيلاروسيا لتايلاند لكل العالم العربي، ونتمني عن قريب نشوف بلدنا بلد ديمقراطي فيه حريات سياسية وحريات شخصية ونشوف نمو اقتصادي بتتوزع أرباحه وأعباءة بالتساوي علي الناس، ونتمنى ده يحصل بمبادرات إصلاحية من داخل النظام ده بيكون دايما الطريق الأكثر أمانا والأقل كلفة لكل الأطراف لصالح أي بلد.
*****



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *