– يوم 11 أكتوبر الحالي أصدرت الحكومة في نيجيريا قرار بحل وحدة من الشرطة الخاصة في البلد اسمها ” سارس ” وهو اختصار لاسم الفرقة الفيدرالية الخاصة لمكافحة السرقة.
– القرار جه بعد احتجاجات بقالها حوالي 10 أيام في نيجيريا بسبب عنف الشرطة وأولها طبعا فرقة سارس ذات السمعة السيئة، والمظاهرات اللي استمرت لفترة طويلة مات فيها حوالي 10 محتجين بسبب الشرطة بحسب منظمة العفو الدولية.
– النهاردة حنشوف ايه القصة؟ ليه تم حل فرقة سارس؟ وايه اللي ممكن نشوفه في القصة دي وقصص مشابهة عن إصلاح الشرطة في العالم؟
*****
ايه القصة؟
– سارس هي وحدة خاصة في الشرطة النيجيرية، اتأسست سنة 1992 بهدف محاربة السرقة والسطو المسلح.
– النظام في نيجريا فيدرالي، يعني فيه حكومات منتخبة بالولايات وليها شرطة محلية، لكن “سارس” هي وحدة فيدرالية يعني تابعة للحكومة المركزية.
– مع الوقت تحولت الوحدة الشرطية دي لكيان داخل جهاز الشرطة، صلاحيات واسعة بدون أي رقابة تذكر من القانون، بقت بتعمل كماين على الطرق وتستهدف المواطنين من خلال الاشتباه فيهم وخاصة الشباب.
– انتشرت فيديوهات كثيرة عن عنف الفرقة دي، بتوضح عنف وإهانات لفظية في حالة القبض على الناس، وفي بداية العام الحالي منظمة العفو الدولية قالت إنها وثقت 82 حالة تعذيب وسوء معاملة وإعدام خارج القضاء في الفترة بين يناير 2017 إلى مايو 2020.
– في بداية أكتوبر اتنشر فيديو يظهر فيه أعضاء من شرطة سارس بتسحل اتنين مواطنين خارج فندق في لاجوس العاصمة قبل إطلاق النار على واحد منهم.
– الفيديو اطلق حملة كبيرة على وسائل التواصل للمطالبة بحل فرقة سارس، وتحولت لاحتجاجات سلمية ضخمة قابلتها الشرطة بقمع أسفر عن موت 10 متظاهرين وإصابة العشرات.
– الاحتجاجات دي كمان لقت صدى عالمي من النيجريين خارج البلد، ده غير ممثلين ومطربين جوة وبرة نيجيريا ومن نجوم مشهورين زي الأمريكي كاني ويست اللي كتب في دعم المظاهرات، وانتشر هاشتاج #EndSars أو “أنهو وجود فرقة السارس”.
– في النهاية الحكومة تراجعت وصدر قرار بحل فرقة الشرطة دي تماما، وتوزيع أعضائها على بقية فروع الشرطة.
– كمان الحكومة تعهدت في فتح تحقيق في وقائع القتل والتعذيب والفساد اللي ارتكبتها سارس من بداية تأسيسها لحد دلوقتي.
– بشكل عام مفيش ثقة من جانب الناس أنه الحكومة فعلا هتفتح تحقيق وتحاسب أعضاء سارس، بسبب أنه أكثر من مرة الحكومة تقترح خطة لإصلاح الشرطة بشكل عام، ومبيتمش تنفيذها، آخرها في 2018 اللي اقترحها نائب الرئيس هناك ييمي أوسينياغ واللي بناءا عليها تشكلت لجنة لإصلاح الشرطة.
– اللجنة أوصت بحل سارس في 2018 ومحاسبة الضباط اللي أساءوا استخدام القانون منها، ولكن مفيش تغيير كبير حصل في الموضوع من ساعتها.
– كتير من وقائع انتهاكات أفراد من الشرطة في البلدان الفقيرة اللي زي نيجيريا أو مصر او غيرها بتكون موجهة بالأساس للطبقات الشعبية والفقيرة، دا واضح في جدا في حالة سارس، وفي حالات تانية كثير شوفناها في مصر أقربها اسلام الأسترالي وعويس الرواي.
– عادة العنف ده بيكون مقدمة لانعدام استقرار اجتماعي مستمر في البلد، في نيجريا واللي هي بلد علي الجبهة الأمامية بالفعل لمحاربة الإرهاب في أفريقيا بسبب جماعة بوكو حرام، ده كان سبب مباشر في الصدامات المتكررة بين الشرطة والشعب خاصة في الأحياء الفقيرة.
*****
نشوف إيه من كل ده؟
– وقائع عنف الشرطة بتحصل في كل العالم، كتبنا قبل كده عن مقتل جورج فلويد في أمريكا والاحتجاجات اللي تسبب فيها
– والنهاردة بنشوف مثال أخر في نيجريا، لكن الرابط بين أمريكا ونيجيريا أنه حصل استجابة ما للمظاهرات والاحتجاجات الشعبية، في حالة أمريكا تم وضع خطة لإصلاح شرطة مينابولس من قبل الولاية، وتم القبض على الضابط ودلوقتي هو قدام المحاكمة.
– ده حصل لان الدول اللي عندها قدر من الديمقراطية مهما كان فيها أخطاء كبيرة، وأوضاع غير مثالية، لكن بيفضل موجود مساحة للاستجابة للناس ولأدوات تغيير الوضع، وده رغم إن الديمقراطية في نيجريا مش كاملة وبطيئة ومليانة مشاكل، لكنها شهدت تداول سلمي للسلطة في 2015، الرئيس غودلاك جوناثان خسر الانتخابات قدام خصمة محمد بخاري الرئيس الحالي، اللي هوا ظابط جيش سابق، وكان من أهم عناصر دعايته هي قدرته على إعادة الأمن والانتصار على الإرهاب.
– زي ما كتبنا قبل كدة في قصص كثير عن انتهاكات حصلت من الشرطة في مصر من مجدي مكين لعفروتو لإسلام الأسترالي وعويس الرواي وغيرها من عشرات أنه جهاز الشرطة في مصر محتاج إصلاح حقيقي.
– الإصلاح ده في مصر زي نيجيريا لازم يكون من خلال القانون والإجراءات وتفعيل القوانين اللي بتراقب علي أداء الشرطة، وبنعيد التذكير ان ده لازم يبدأ بخطوات عملية منها على سبيل المثال:
1- تعديل قانون التعذيب الحالي، والنص علي تغليظ العقوبة فيه ولا تشمل فقط اللي عذب ولكن مأمور القسم اللي أخل بواجبات وظيفته في الاشراف والرقابة، والنص علي تعويض كبير للأسر، والنص علي استحداث إدارة لمكافحة التعذيب في وزارة الداخلية تكون تابعة للنيابة العامة وغيرها من التعديلات اللي كتبناها قبل كدة في البوست ده ممكن تشوفوه من هنا :
2- تعديل قانون المجلس القومي لحقوق الإنسان لتحويله لمفوضية كاملة الاستقلال والصلاحيات، ويتم منحه سلطات التفتيش والإخطار (ضبطية قضائية)، وذلك بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني
3- عمل منظومة كاملة من الكاميرات في الأقسام، وعلى سيارات الشرطة، وبملابس رجال الشرطة، وكلها خارجة عن قدرة رجال الشرطة بالتحكم فيها، كما هو معمول في دول تانية كتير.. ده مش بس حماية للمواطنين من الرشوة والتعذيب، ده كمان حماية للشرطي اللي ممكن حد يفتري عليه ويتهمه بحاجة مارتكبهاش.
– والأهم من ده كله إنه يكون في إرادة فعلاً لإنفاذ القانون والعدالة، لأن لو عندنا أفضل قانون وأفضل دستور لكن محدش بيطبقه من شرطة ولا نيابة ولا قضاء هيبقى القانون ولا ليه أي قيمة واللي في السلطة هيفضل أقوى من إن أي حد يسأله أو يحاسبه.
– في النهاية لازم كل المصريين يعرفوا أنه قضايا زي إصلاح الشرطة دي قضايا مش الهدف منها الحفاظ علي النشطاء السياسيين ولكن الحفاظ علي المجتمع كله، كثير من المصريين ملهومش أي علاقة بالسياسة تعرضوا للإهانة في أقسام الشرطة، وكثير من المصريين بيشتكوا من كفاءة جهاز الشرطة، الموضوع ملوش علاقة بالتوجه السياسي لكن له علاقة واضحة بالالتزام بالقانون ومساواة المواطنين أمامه، يعني باختصار إننا نكون دولة قانون زي ما بنحلم لبلدنا.
*****



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *