– قبل أيام النائب عبدالرحيم علي نشر فيديو عشان يرد على “شائعات هروبه” فقال إنه فعلا في فرنسا، لكنه مش هربان ولا حاجة، وإن غرض سفره إنه ينضم مؤتمرات ولقاءات “للدفاع عن بلدي وديني”.
– عبدالرحيم علي استدل على صحة كلامة بإنه مخرجش هربان ولا حاجة بإنه خرج باشراف كامل من وزارة الداخلية، “أنا خرجت من بيتي معايا حراسة من وزارة الداخلية للجوازات، ومنها إلى المطار”، ووعد انه قريبا هيتم تقديم متهم بفبركة مكالمته للنيابة.
– الوضع اللي قدامنا دلوقتي انه بعد حوالي أسبوعين من نشر تسريب لمكالمة طرف فيها وزير الإعلام الحالي أسامة هيكل، اتذاعت على التلفزيون الحكومي للدولة مع المذيع وائل الإبراشي، ومكالمة تانية بعدها طرفها عبدالرحيم علي، محصلش أي تحقيق أو محاسبة قانونية أو سياسية لأي حد سواء اللي سجل، أو اللي سرب، أو اللي ذاع، أو لمحتوى كلام عبدالرحيم علي بالتسجيل اللي بينفي صحته.
– هنتعرف في السطور الجاية على الوقائع الأخيرة، وهنتكلم عن مسؤولية الدولة عن الممارسة دي.
*****
ايه اللي حصل؟
– الأول خلينا نفتكر مين هو عبدالرحيم علي. هو صحفي ورئيس تحرير جريدة البوابة نيوز، معروف بعلاقته القوية مع أجهزة الأمن.
– سنة 2014، عبدالرحيم علي كان عنده برنامج تلفزيوني اسمه الصندوق الأسود، وكان متخصص في نشر تسريبات هاتفية للمعارضين السياسيين وشباب ثورة يناير، والوضع العجيب ده استمر شهور بدون أي محاسبة لحد النهاردة. وسنة 2015 فاز بعضوية البرلمان.
– لكن سنة 2017 شفنا علامات توتر في العلاقة بين عبدالرحيم علي والأجهزة الأمنية، بسبب موقفه الرافض لاتفاقية تيران وصنافير وتأكيدها انها جزر مصرية، وكمان تمت مصادرة عددين من الجريدة بسبب تقرير عن هروب وزير الداخلية السابق حبيب العادلي من مقر إقامته الجبرية، قبل القبض عليه وتقديمه للمحاكمة على ذمة أحد القضايا.
– بالتزامن مع انتخابات البرلمان اللي بتجري حاليا، اتسربت مكالمة لعبدالرحيم علي مع زوجه بنته السابق المستشار ماجد منجد، كان يتضمن تفاخر إن هوا فوق القانون، وشتايم بذيئة، وبيقول إن “عبدالفتاح السيسي نفسه ميقدرش يوديني النيابة”.
– بعدها كرد واضح انتشر فيديو للمستشار ماجد منجد وهو بيرقص هو وشخص آخر في أحد الأفراح، على إنه ممارسة لفعل فاضح.
– عبدالرحيم علي خسر الانتخابات خسارة فادحة ومن وقتها هوا في فرنسا، اللي بيرأس فيها “مركز دراسات الشرق الأوسط”.
*****
– التسريب التاني الخاص بمكالمة السيد البدوي رئيس حزب الوفد وقتها، ووزير الإعلام هيكل، وضعه كارثي أكتر لإنه اتذاع على تلفزيون الدولة نفسه.
– وائل الابراشي نشر التسريب كدليل علي أنه أسامة هيكل كان بياخد تعليمات من رئيس حزب لما كان وزير إعلام بعد الثورة، مع إن المكالمة واضح إنها حصلت لما كان أسامة هيكل رئيس تحرير جورنال الوفد، وفي اطار تنسيق عادي جدا للدعاية الحزبية اللي هيا الهدف الشرعي المعلن لوجود الجريدة.
– السبب المعلن للأزمة بين الوزير وبعض الإعلاميين هوا مجرد تصريحه إن فئة الشباب الأقل من 35 سنة، مش بيشوفوا التلفزيون ولا بيقروا الصحف، ولازم ندرس طريقة تفكيرهم، لكن السبب الخفي هوا بالطبع خلافات ومنافسات بين أجهزة بتستخدم الأذرع الإعلامية دي.
*****
– اللافت للنظر ان أسلوب التسريبات اللي كان بيستخدم بشكل أساسي مع المعارضين، وشفنا موجة كبيرة منها وقت التعديلات الدستورية بداية 2019، أصبح بيسخدم كمان مع ناس محسوبين على النظام.
– ده مش جديد طبعا، وعندنا أمثلة تاريخية على التنصت على موظفين كبار في الدولة بداية من عهد جمال عبدالناصر، لما صلاح نصر كان بيتجسس على الكل، بما فيهم أعضاء مجلس قيادة الثورة. (اتكلمنا عنها بشكل أكثر تفصيلا في بوست سابق هتلاقوا اللينك بتاعه في المصادر)
– أيضا من المعروف إن ما تسمى بثورة التصحيح في بداية عهد السادات، حصلت بعد ما ظابط في المخابرات راح للسادات وقاله إن مسؤولين في النظام بيتجسسو على بعضهم وعليه شخصيا.
– فيه واقعة أخرى مشهورة حصلت سنة 1987، لما وزير الداخلية وقتها زكي بدر كان بيستجوب في البرلمان على خلفية اتهامات بالتعذيب، لكن بدأ يتكلم عن تسجيلات مكالمات خاصة لأعضاء البرلمان المعارضين بما فيهم رئيس حزب الوفد فؤاد سراج الدين، وبيقول أشياء منها بتحصل جوا بيوتهم ومقراتهم واتسببت في فوضى وخناقة وشتايم جوة البرلمان.
– كمان كان بيتجسس على قيادات الحزب الوطني بما فيهم يوسف والي أمين عام الحزب الوطني أيامها.
– حبيب العادلي وزير داخلية مبارك قال في 2005 “أيوه بنراقب واللي يخاف ميتكلمش”، وفي جلسة محاكمته بعد الثورة قال “اه إحنا كنا بنتصنت .. دا مفيش واحد إلا وكنا مسجلين له”، واعترف انه لما كانو يجدو تسجيلات خاصة كانو بيستخدموها لتجنيد أصحابها.
*****
– واضح إن البلد كلها بتسجل لبعضها، وإن تسجيل المكالمات وأسرار الحياة الشخصية، وتهديد أشخاص بيها، أو تسريبها بقى وسيلة معتادة لأطراف بالأجهزة الرسمية، مهما كانت درجة قربه أو بعده من النظام.
– الدستور بينص في المادة 57 بشكل واضح جدا علي أن “للحياة الخاصة حرمة، وهى مصونة لا تمس، وللمراسلات البريدية، والبرقية، والإلكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها أو الإطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائى مسبب، ولمدة محددة، وفى الأحوال التى يبينها القانون””.
– لو كنا في دولة قانون ودستور، كانت الأحداث اللي حصلت دي أدت لمحاكمات لكل المتورطين، ومحاسبة سياسية في البرلمان، لكن للأسف محدش اتحاسب أو هيتحاسب.
– مش صحيح إن الموضوع أخد حبة تريند واتنسى، كل دي أحداث بتخلي المواطنين يزيد عندهم أكتر الشعور بغياب دولة القانون، وبغياب العدالة، وده بينقص مصداقية جهود مكافحة الفساد وهيبة مؤسسات الدولة، والتزام المواطنين أنفسهم بالقوانين مادام اللي فوقهم مش ملتزم بها.
*****
بوست سابق:
**  **
*****



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *