– من حوالي أسبوع، وزير التعليم العالي رفض اعتماد نتيجة انتخابات مجمع اللغة العربية للمرة التانية خلال هذا العام، بعد اختيار الدكتور حسن الشافعي رئيسا له لفترة ثالثة، وعين الدكتور صلاح فضل قائما بأعمال رئيس المجمع، ” لحين الانتهاء من الإجراءات القانونية الصحيحة لتعيين رئيس جديد للمجمع”.
– القرار ده واحد من ضمن سلسلة قرارات خدتها السلطة في السنوات الأخيرة، أهدرت فيها حق الانتخابات لمجرد إن الفائز مش على هواها، وده اللي هنتكلم عنه أكتر في السطور الجاية.
*****
إيه هو مجمع اللغة العربية؟
– هو أحد أهم المؤسسات العلمية المستقلة بالعالم العربي، ومختص بشؤون اللغة العربية، أنشيء سنة 1932، ويتكون حاليا من 32 عضو من كبار علماء اللغة المصريين، وينضم لعضويته أعضاء من غير المصريين في بعض المناسبات، بالإضافة لباحثين وفنيين وإداريين.
– بيطلق عليه اسم “مجمع الخالدين”، تولى رئاسة المجمع أسماء كبيرة زي الأستاذ محمد توفيق رفعت، والأستاذ أحمد لطفي السيد، والدكتور طه حسين.
– آخر من تولاه هو الدكتور حسن الشافعي (عمره 90 سنة) اللي يتولى المنصب ده من سنة 2012.
– رئيس المجمع يجمع بين سلطتين تنفيذيتين، الأولى بدرجة وزير فيما يتعلق بالعاملين الإداريين، والثانية بدرجة رئيس جامعة فيما يتعلق بالعاملين الإداريين، وكمان يتولى رئاسة اتحاد المجامع اللغوية والعلمية العربية، اللي أنشأه طه حسين.
*****
إيه اللي حصل في الفترة الأخيرة؟
– في شهر فبراير اللي فات، المجمع عمل انتخابات لإعادة انتخاب رئيسه، وترشح لها الشافعي فقط، وحصل على ثقة بـ27 عضو من ال32 الأعضاء.
– لكن وزير التعليم العالي رفض رفع نتيجة الانتخابات لرئيس الجمهورية لاعتمادها كما ينص قانون المجمع، وطلب إعادة الانتخابات لإن إسم أحد الأعضاء اللي صوتوا، سقط من كشف التوقيعات، رغم إن الخطأ ده ماكنش مؤثر على العملية ككل، ورغم إن وزير التعليم العالي مالوش سلطة يرفض نتيجة الانتخابات.
– الوزير أصر على إعاد الانتخابات بحضور ممثلين من الوزارة لضمان نزاهتها، وهو ما رفضه المكتب التنفيذي للمجمع، المسؤول عن تنظيم الانتخابات.
– أعيدت الانتخابات مرة تانية في شهر أكتوبر، والدكتور صلاح فضل عضو المجمع ترشح أمام الدكتور حسن الشافعي، ومرة أخرى فاز بيها حسن الشافعي بأغلبية 17 صوت، مقابل 9 أصوات لفضل.
– الغريب إن وزارة التعليم العالي لم تعلق على انتخابات الأمين العام للمجمع، أو اختيار عضوين جديدين للمجمع.
*****
ليه الجهات الرسمية قررت تبعد الدكتور حسن الشافعي؟
– يبدو إن مواقف الشافعي من بعض الأحداث زي موقفه الرافض لفض اعتصام رابعة بالقوة سنة 2013، خلا وجوده في أي منصب غير مرحب به من ناحية النظام الحالي.
– أيضا هو عضو في هيئة كبار العلماء في الأزهر، وكان مندوب الأزهر في لجنة وضع الدستور سنة 2012، ومقرب من شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، ومعروف إن فيه خلافات بين الرئاسة والأزهر، وتحديدا هيئة كبار العلماء بسبب بعض المواقف والفتاوى اللي اختلفت فيها المؤسسة مع الرئيس السيسي.
*****
ازاي السلطة في مصر بتهدر حق الانتخاب لو الفائز مش عاجبها؟
– دي مش أول مرة تلغى فيها نتائج انتخابات بقرارات تنفيذية بالسنوات الأخيرة. سنة 2016، وزارة التعليم العالي ألغت نتائج رئيس ونائب انتخابات اتحاد طلاب مصر، بعد ما فشلت كل محالات التضييق على طلاب مستقلين، وانتهت بفوز مستقلين وخسارة القوائم الانتخابية المحسوبة على الأجهزة الأمنية.
– وقتها اللجنة المشرفة على الانتخابات قالت إن فيه خطأ إجرائي وإن فيه شخص صوت بدون ما يكون له حق التصويت، رغم إن اللجنة نفسها استلمت ما يفيد بحقه في الانتخاب وسمحت له يصوت.
– أيضا انتخابات اتحاد عمال مصر دايما بيشهد مهازل، وآخر انتخابات سنة 2018 شهدت تدخل وتلاعب حكومي، وتم منع كثير من المرشحين لأسباب أمنية، عشان محدش يفوز أو يعرف يترشح أصلاً إلا الادارة الحالية الثابتة من 2006.
– السنة اللي فاتت، نظام انتخاب رؤساء الهيئات القضائية اتغير بموجب قانون، وأصبح الرئيس هو اللي بيختار اللي هيتولى المنصب من بين 3 مرشحين ترشحهم الجهات القضائية، بعد ما كان دور الرئيس لا يتعدى التوقيع على اختيارات الجهات القضائية اللي كانت بتختار قيادتها بنفسها، بناء على نظام الأقدمية.
– ده حصل بعد شهور من إبطال القضاء الإداري اتفاقية تسليم تيران وصنافير للسعودية، والبعض بيربط بين إصدار القانون، ومنع المستشار يحي دكروري اللي أصدر الحكم من إنه يكون رئيس محكمة القضاء الإداري.
– وطبعاً الأوضح من كل الوقائع السابقة، هوا اللي شايفينه حالياً في انتخابات مجلس النواب وقبلها الشيوخ من إهدار حق الناخبين في اختيار مرشحيهم بشكل حر، وبنشوف تحكم الأجهزة الأمنية من الأصل عن طريق تفصيل قانون انتخابات القوائم المغلقة المطلقة واختيار مرشحيها، وتوزيع الدوائر بطريقة تخدم بس أحزاب الدولة، والسماح بالرشاوى الانتخابية، وبعد كل ده ممكن يحصل تدخل مباشر لتغيير النتائج في اللجان العامة بعكس نتايج الفرز زي ما شفنا في أكتر من دايرة بعضها حصل على أحكام قضائية تثبت ده، ومع كده محصلش أي حساب لأي قاضي أو مسؤول.
واللي حصل ده متكرر من وقت قضية د.عمرو الشوبكي ضد ابن مرتضى منصور، اللي البرلمان منفذش فيها أحكام نهائية باتة!
– ده حصل أيضا في انتخابات الرئاسة الأخيرة سنة 2018، واللي شفنا فيها ازاي كل المنافسين تم التضييق عليهم أو سجنهم لحد مابقاش حد بينافس الرئيس السيسي وبعدين نزل بآخر لحظة موسى مصطفى موسى الي هوا أصلا من مؤيديه!
– اتكلمنا أكتر من مرة سابقا عن الخطورة الكبير للوضع ده، غلق كل طرق التغيير السلمي في كل المجالات، بما فيها مجالات غير سياسية على الإطلاق زي مجمع اللغة العربية، وشعور الناس دايما ان كل أدوات التعبير عن رأيهم واختياراتهم غير مؤثرة، بيؤدي لفقد المواطنين خاصة الجيل الشباب الثقة في جدوى المشاركة، وممكن بعضهم يحبط ويبقى سلبي أو يسيب البلد، أو متطرفين يلاقوا فيه فرصة للتوجهات الإرهابية، وغيرها من السيناريوهات اللي هيا فعلا التهديد الحقيقي لمستقبل البلد.
*****