– خلال الأيام اللي فاتت انتشر جدل كبير حوالين مشروع “عجلة عين القاهرة”، لاقامة أول عجلة ترفيهية عملاقة في مصر.
– الجدل تركز حوالين الأثر البيئي والعمراني لتنفيذ المشروع في مدخل الزمالك، وده اللي أدى لاعتراض كتير من السكان، خاصة بسبب ان حاجة بالضخامة دي نسمع عنها فجأة والمشروع يروح لشركة مش مشهورة شعبيا.
– النهاردة هنشوف معاكم إيه قصة المشروع؟ ومدى واقعية الجدوى اللي تم الإعلان عنها؟ وإيه خطورته؟
*****
إيه اللي نعرفه عن مشروع “عجلة عين القاهرة”؟
– زي ما قولنا هو مشروع استثماري بغرض إنشاء عجلة ترفيهية في منطقة الزمالك بالقاهرة، تحديدا في حديقة المسلة اللي جنب حديقة الأندلس في شارع الجزيرة بالزمالك.
– العجلة من المفترض إنه يكون ارتفاعها 120 متر عشان تكون أطول عجلة ترفيهية في إفريقيا، وخامس أكبر عجلة حول العالم بعد لندن ودبي ولاس فيجاس وسنغافورة، بحسب المنشور في الإعلام عنها، رغم إننا بحثنا ولاقينا إنها معلومة مش دقيقة أوي، لأنها ضمن أطول عشر عجلات فعلا لكن مش رقم 5 زي ما بيتم الترويج لها.
– العجلة هيتم تنفيذها على مساحة 20 ألف متر وإجمالي استثمارات حوالي 500 مليون جنيه.
– الشركة المنفذة اسمها شركة هاواي للاستثمارات السياحية، ليها تاريخ في منشآت سياحية عادية زي الفنادق، لكن مفيش في تاريخها أي مشروع عملاق شبه ده.
– الهدف من العجلة بحسب رئيس الشركة أحمد متولي هو جذب 2.5 مليون سائح سنويا، وبعيدا عن التقدير الكبير ده واللي هنجيله بعدين فيه مشكلة حقيقة في أنك تقول تقدير زي ده في وقت العالم كله بيقول إنه في تراجع وهيستمر في أعداد السائحين بسبب أزمة كورونا.
– المشروع تم وضع حجر الأساس له بحضور محافظ القاهرة خالد عبد العال، واللواء أمير سيد أحمد مستشار رئيس الجمهورية للتخطيط العمراني.
– الشركة خدت حديقة المسلة التاريخية في منطقة الزمالك حق انتفاع لمدة 25 سنة عشان إنشاء العجلة دي، لكن بدون أي تفاصيل عن إيرادات ده للدولة ممثلة في محافظة القاهرة قد إيه!
*****
إيه المشكلة في المشروع؟
خلينا نقسم المشاكل اللي شايفينها للمشروع لنوعين عشان نقدر نفهم بصورة أبسط:
أولا: مشاكل اقتصادية واجتماعية
– زي إنه المشروع صعب جدا يحقق المستهدف بتاعه إنه يجيب 2.5 مليون سائح سنويا، وبعيدا عن التقدير الكبير ده لازم نكون عارفين معدلات السياحة عندنا شكلها إيه، هنلاقي أعداد السياح في مصر في المتوسط بتكون 11 مليون سائح فتقدير إن 2.5 مليون منهم هيجوا علشان عجلة القاهرة منعرفش اتقال بناء على إيه ولا أي دراسة، كمان صعب جدا ليه؟ لأن العجلة لو اشتغلت 360 يوم في السنة بدون أي مشاكل فهي محتاجة يوميا حوالي 7000 زائر. (ودا شيء شبه مستحيل لأنها هتتوقف للصيانة على الأقل)
– من ناحية سعة العجلة نفسها 48 كابينة، وكل كابينة فيها من 6-8 كراسي، بالتالي لو العجلة full في المتوسط مش هتاخد أكثر من 336 شخص في اللفة الواحدة، وده يعني إنه العجلة مع حساب وقت الركوب والنزول منها على إنه ساعة تقديرا بس لكل لفة فتقريبا محتاجة 20 ساعة عمل في اليوم عشان تقدر تركب 7000 ألاف زائر.
– حديقة المسلة نفسها مساحتها 12600 متر بحسب موقع المحافظة الرسمي، فإزاي الشركة خدت المشروع حق انتفاع وقالت أنه على مساحة 20 ألف متر؟ ده سؤال ملوش إجابة لحد دلوقتي من الكلام اللي منشور عن المشروع.
– بحسب مخطط المشروع فالمنطقة مس بس هيبقى فيها العجلة، وإنما فيه مجمع ترفيهي في الحديقة دي، حاجة شبه المول يعني فيها كافيهات وغيره وده يعني مزيد من الزحام في منطقة زحمة أساسا.
– سعر الدخول للحديقة دي وهي أحد الأماكن القليلة اللي علي النيل اللي كان متاح الدخول ليها لحد وقت قريب كانت 10 جنيه التذكرة، طبعا دلوقتي ومع توقعات إنه تذكرة العجلة دي تكون حوالي 200 جنيه بحسب الشركة، فده يعني إنه نسبة كبيرة من سكان القاهرة مش هيقدروا يروحوا المكان، بالأسعار الجديدة، ويبقى حرمنا الناس من متنفس رخيص نسبيا.
ثانيا: مشكلات بيئية وعمرانية في المكان
– سكان الزمالك والمنطقة دي عندهم مبررات منطقية لرفض العجلة، بعيدا حتي عن كونها هتؤدي فعليا لنهاية حديقة تاريخية زي حديقة المسلة واللي يبدو إنه الحكومة كانت بتدرس المشروع من فترة أو استغلال المكان عموما لغرض آخر، بدليل إنها نقلت المسلة الأثرية اللي بترجع لرمسيس التاني من الحديقة، وكذلك فيه قطع أثرية أخري اتنقلت من الحديقة في أغسطس 2019 للعاصمة الإدارية والعلمين الجديدة.
– وجود الكافيهات والحدائق يعني نهاية المساحات الخضراء القليلة اللي باقية على النيل في مناطق زي الزمالك والعجوزة، يمكن شوفنا اللي حصل مع الأشجار التاريخية في شارع النيل في العجوزة من فترة قريبة جدا، والمرشح أنه يتكرر في الحديقة دي اللي موجودة من سنة 1962 لو الحكومة لم تراقب تعهد الشركة بالمحافظة على كافة الأشجار والنخيل اللي في الحديقة.
– كمان الشركة بتقول إنه تم تصميم المشروع مع مراعاة كافة الاعتبارات البيئية والحفاظ على هوية وكيان منطقة الزمالك، برضه محدش طلع قال للرأي العام إزاي دا هيحصل، وكمان الشركة اكتفت إنها تقول إن المشروع وضع دراسة مرورية دقيقة لضمان السيولة المرورية في المنطقة، بدون تفاصيل كافية أو عرض للدراسة دي عشان الناس تطمن.
– بالإضافة لكل ده عمليا التجربة اللي بتقدمها العجلة الدوارة دي لا تختلف أوي عن برج القاهرة، واللي هو حرفيا جنبها وأعلي منها في الارتفاع ( 187 متر) يعني اللي فوق البرج ممكن يشوف القاهرة أفضل.
– كمان وجود العجلة دي في مكان مزدحم زي ده هيؤدي لزيادة التكدس بالتالي رفع تكلفة الازدحام المروي في منطقة مزدحمة بالأساس زي شارع الجزيرة.
*****
إيه البديل؟
– من المفترض أنه تنفيذ مشاريع زي دي في مناطق مكتظة بالسكان يكون في قدر كبير من المشاركة المجتمعية وإشراك أصحاب المصلحة ودارسة كل الأبعاد الخاصة بالمشروع، ومش هنزهق من تكرار إن ده من أهم آثار غياب انتخابات محليات نزيهة ودي أهم آلية سكان كل منطقة يحدووا مدى استفادتهم أو تضررهم من المشاريع المؤثرة عليهم.
– طبعا وجب التنويه إن ده مش مشروع حكومي، ولكن الحكومة هي المسؤولة على إجبار الشركات على استيفاء كل الشروط البيئة ومراعاة الظرف العمراني في منطقة حساسة زي دي في قلب القاهرة.
– بالتالي إحنا قدام مشروع جيد، وممكن يبقي كويس في أماكن تانية بعيدا عن الزحمة زي العاصمة الإدارية أو غيرها، حتي في مناطق على أطراف مصر الجديدة، لكن صعب جدا على المستوى العملي إنه يكون في مكان مزدحم زي الزمالك، لأنه هيصدر للحكومة نفسها مشاكل تانية أقلها التكدس المروري في المنطقة اللي بتعاني منه أساسا من غير العجلة.
– لازم الدولة تعرف إنه نهاية المساحات الخضراء في القاهرة القديمة مشكلة كبيرة، ومشاريع تحويل القاهرة القديمة لمدن على طراز حديث فيها مشكلة لأنه القاهرة مدينة متنوعة عندها تراث معماري متنوع لازم نحافظ عليه.
– لازم وإحنا بندور علي تنشيط السياحة ندور على التكاليف الأخرى المرتبطة بمشاريع زي دي، وندرس الجدوى بتاعتها من أكثر من جانب لأنه دائما في خبراء ومتخصصين عندهم آراء مختلفة، ممكن تنجح المشروع وتوفر على الدولة والناس تكاليف كتيرة فيما بعد.
– الحكومة من دورها إنها تراقب تعهدات الشركات بخصوص الالتزامات بالشروط البيئية والعمرانية بشكل عام مش بس المشروع دا، لأن مش معنى إنه المشروع استثماري يبقى يجي على حساب البيئة أو سكان المنطقة محل المشروع، أو على حساب المرور في المدينة.
– من حق المصريين يعرفوا بشكل عام تفاصيل عقود مشروع حق الانتفاع وتخضع لرقابة رسمية وشعبية عشان تزيل أي حالة لغط بتصاحب المشروعات اللي من النوع دا.
– واللي بنقوله دا اتقال بشكل مباشر لوزيرة البيئة في مجلس النواب من لجنة الشؤون الصحية في مجلس النواب اللي شافت على لسان رئيسها الدكتور أشرف حاتم إن المشروع جيد لكن من حيث التنفيذ “مخالف لقانون البيئة”، وطالبوا بوقفه لحين عمل دراسة بيئية قبل البدء في تنفيذ المشروع، وكذلك عمل جلسات استماع للمجتمع المدني، والاستماع للمواطنين، ودي روشتة كافية جدا قبل تنفيذ المشروع دا أو أي مشروع الحقيقة، وتحية للجنة على طرحها قدام الوزيرة.



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *