– في 22 يوليو أعلنت مفوضية الاتحاد الإفريقي حصول إسرائيل على صفة مراقب بالاتحاد، بعد جهود دبلوماسية مستمرة من سنة 2002 لما كانت عضو مراقب في منظمة الوحدة الإفريقية قبل حل المنظمة، وتم تقديم أوراق سفير إسرائيلي عشان يكون عضو مراقب بالاتحاد الإفريقي.
– بعد أيام من القرار بدأت حملة مضادة من عدة دول عربية وإفريقية بتطالب بإلغاء القرار، ويقود الحراك دا مصر والجزائر وجزر القمر وتونس وجيبوتي وموريتانيا وليبيا في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا (مقر الاتحاد).
– الدول دي تقدمت بـ”مذكرة رفض شفهية لرئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقي”، واعتبروا اللي حصل “تجاوزًا إجرائيًا وسياسيًا غير مقبول من جانب رئيس المفوضية لسلطته التنفيذية”، وقالوا إن دا مخالفة “لمعايير منح صفة مراقب ونظام الاعتماد لدى الاتحاد الإفريقي”.
– وفي زيارة وزير خارجية الجزائر لمصر، القاهرة أكدت دعمها تحرك دبلوماسي تقوم به الجزائر، بالتنسيق مع عدد من الدول الإفريقية، عربية وغير عربية، لتعليق قرار الاتحاد الإفريقي بمنح إسرائيل صفة العضو المراقب، بعد تشاور تم مع الرئيس السيسي ووزير الخارجية سامح شكري.
– إيه أسباب وحيثيات القرار ده؟ والحملة المضادة هتوصل لفين؟ ده اللي هنتكلم عنه في البوست الحالي.
*******
إيه اللي حصل بالظبط؟
– التشادي موسى فقي رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي في أديس أبابا بأثيوبيا، أعلن بشكل مفاجئ انضمام إسرائيل للاتحاد بصفة عضو مراقب، وده بيتيح لإسرائيل العمل بشكل دبلوماسي رسمي ومباشر داخل المنظمة الإفريقية.
– إسرائيل احتفلت بالخبر، وقالت إنه يوم للعلاقات الإسرائيلية-الإفريقية، وتصحيح لوضع شاذ بغيابها عن الاتحاد من 20 سنة، على الرغم من تمتعها بعلاقات مباشرة ومتطورة اقتصاديًا وتجاريًا مع 46 دولة إفريقية، وإنه القرار ده هيسمح لإسرائيل بمساعدة الدول الإفريقية في أهم ملفاتها ونزاعاتها.
– مهم نعرف إن طلب إسرائيل الانضمام إلى المنظمة اترفض تلات مرات قبل كده، سنة 2013، و2015، و2016.
– الخبر رغم إنه مفاجئ لكنه انعكاس لأمر واقع من التغول الإسرائيلي في إفريقيا، وتاريخها قديم جدا حتى في أسوأ حالاتها في فترة الصراع المباشر بين مصر وإسرائيل كان في علاقات سرية وأنشطة استخباراتية وعسكرية بيقوم بيها الموساد داخل القارة الإفريقية.
– وللأسف الشديد التوغل الإسرائيلي ده توازى معاه تراجع وغياب مصري كامل عن إفريقيا، ساهم في إنه إسرائيل تكون شريك تجاري كبير لكتير من الدول الإفريقية، بتقدملهم إسرائيل تكنولوجيا متطورة في الزراعة والري وغيرها من أدوات النفوذ والمساعدات.
– الوضع المصري دا بدأ يتغير مؤخراً مع أزمة سد النهضة وبدأنا نشوف إن الانسحاب من المحيط الإفريقي مكنش قرار سليم، وبدأنا نشوف عودة تدريجية لعمقنا الإفريقي، نتمنى إنها تستمر وتزيد لأن دا أحد محددات أمن مصر القومي فعلا.
*******
إيه ردود الفعل على القرار ده؟
– بدأت جنوب إفريقيا بالاعتراض على قرار رئيس المفوضية، واللي وصفت القرار بأنه “غير مبرر وغير عادل”، وقالت كمان إنه “إلى جانب الاعتبارات السياسية الواضحة التي دفعت في الماضي إلى رفض طلب دولة إسرائيل الانضمام إلى الاتحاد الإفريقي بصفتها مراقبًا، هناك اعتبارات قانونية تضع بموجبها السلوك الإسرائيلي في تعارض مع القيم المكرسة في ميثاق الاتحاد الإفريقي”، وإنه جنوب إفريقيا تعتقد اعتقادًا راسخًا أنه ما دامت إسرائيل غير مستعدة للتفاوض على خطة سلام غير مشروطة، فلا ينبغي أن يكون لها وضع مراقب في الاتحاد الإفريقي”.
– وانتقدت كمان جنوب إفريقيا التصرف المنفرد من رئيس مفوضية الاتحاد، بالتحديد لأن الطلب الإسرائيلي لم يُبحث مع الدول الأعضاء في الدورة 34 لمؤتمر الاتحاد الإفريقي اللي انعقد في 6-7 فبراير 2021.
– بعد الاعتراض الجنوب إفريقي، بدأت الجزائر في تشكيل حملة من الدول الإفريقية لإلغاء قرار رئيس المفوضية، وأعلنت الجزائر بيان سمت فيه إسرائيل بـ”المراقب الجديد” بدون ما تقول اسمها، وقالت إن قبول هذا المراقب بالاتحاد لا يحمل أي صفة أو قدرة لإضفاء الشرعية على ممارساته اللي تتعارض مع قيم ومبادئ وأهداف القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي.
– وأصدرت بعد كده وزارة العلاقات والتعاون الدولي في ناميبيا بيان، قالت فيه إنها ” تنأى بنفسها” عن قيام الاتحاد الإفريقي بمنح إسرائيل صفة مراقب في التجمع الإفريقي، ووصفها البيان بالخطوة التي لا تتفق مع المبادئ المؤسسة لعمل الاتحاد، وتخالف التزام قادة دول الاتحاد الإفريقي في دعم القضية الفلسطينية.
– وزير الخارجية الجزائري قام بزيارة للقاهرة، ورغم إنه مصر مأصدرتش بيان رسمي من الخارجية، لكن زي ما ذكرنا اتحركت سفارات مصر والجزائر وجزر القمر وتونس وجيبوتي وموريتانيا وليبيا في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا (مقر الاتحاد)، وأفادت المذكرة بـ”الاعتراض على قرار قبول إسرائيل عضوا مراقبا بالاتحاد” و “رفض تلك الخطوة في ظل دعم الاتحاد للقضية الفلسطينية”.
– ومن المقرر يتعمل اجتماع للمجلس التنفيذي لوزراء خارجية دول الاتحاد الإفريقي في أكتوبر المقبل، وفي الأغلب هيتم مناقشة مذكرة الاعتراض والرفض في الاجتماع ده، لكن نجاح الاعتراض من عدمه يفضل مرهون بقدرة الدول المعترضة إنها تجذب أصوات باقي دول الاتحاد.
– وحتى الآن بحسب مصادر حكومية مصرية لم تنجح المشاورات الجزائرية مع دول الاتحاد في حشد دعم نصف الأعضاء، وهو النصاب اللازم لطرح قرار رئيس المفوضية للتصويت، وفي المقابل إسرائيل بتحارب لإيقاف المبادرة الجزائرية، معتمدة على العلاقات المميزة التي تربطها بمعظم الدول الإفريقية.
– وكان موقع مدى مصر نقل عن مصادر دبلوماسية عربية في الجامعة العربية إن فيه مشاورات لإصدار بيان عن الأمر، لكن فيه نقاش حول لغة البيان لسه، وقالوا كمان إن فيه بعض العواصم العربية ترى أن لغة البيان يجب أن تتجه نحو مطالبة إسرائيل بالتحرك نحو التفاوض من أجل السلام بالتوازي مع هذا الانفتاح، وفيه بعض الدول العربية التانية شايفة ضرورة إدانة القرار، وإن فيه دول تالتة شايفة إنه مفيش داعي يصدر بيان عربي جماعي، لأن فيه دول عربية غير إفريقية ولها علاقات مع إسرائيل ولا تبدو معنية بالتعليق على الأمر.
*******
ليه الموضوع ده لازم مصر تهتم بيه؟
– قبل أي شيء ومع الموقف المصري الأخير في القضية الفلسطينية، فمن الطبيعي إن مصر تكون في مقدمة الرافضين لأنه الاجراء دا بيهدر مواقف الاتحاد الجيدة من القضية الفلسطينية، حتى وإن كانت درجات الرفض مختلفة ومحكومة بمحددات مختلفة من دولة لأخرى، ولكنها في النهاية بتتكلم عن رفض السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين.
وأيضا أصوات كانت دايما مضمونة جنب المجموعة العربية في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
– ودا اللي وضحه مصدر مصري في حديثه لموقع مدى مصر لما قال إن القاهرة هتدعم التحرك الجزائري، “لكنها لا تشارك في العمل من أجل تعليق منح صفة المراقب لإسرائيل”، وإنما تسعى مع عدد من الدول العربية، لمطالبة إسرائيل باتخاذ خطوات واضحة تؤكد التزامها بالتفاوض من أجل تسوية سلمية للقضية الفلسطينية، فلذلك الموقف المصري تجاه القضية الفلسطينية داخل الاتحاد الإفريقي يجب أن يظل ثابتاً وداعماً لنضال الشعب الفلسطيني.
– كمان المصدر المصري دا بيشرح إستراتيجية التحركات المصرية في الملف دا المحكومة باتفاقية السلام الموقعة مع إسرائيل، وفيه حرص من الجانب المصري على التهدئة مع الإسرائيليين، لأن دا بيسهل أدوار إعادة الإعمار في غزة، خاصة بعد العدوان الإسرائيلي الأخير اللي زاد الطين بلة من حيث حجم الدمار في القطاع المحاصر، ودا شيء قد يكون مفهوم نسبياً.
– وكمان فيه نقطة مهمة قالها لها علاقة بإن مفيش رغبة في إحداث مواجهة مع أمريكا حول العلاقات مع إسرائيل، خاصة زي ما بيقول إن مصر “بتتلقى طعنات كثيرة من الإمارات في هذا الصدد، حيث يشتكي المسؤولون الإماراتيون لواشنطن من مصر كونها تعرقل توسيع مساحة التطبيع العربي الإسرائيلي، والإفريقي الإسرائيلي”.
– وهنا بنشوف نقطة مهمة وهي ان انخراط لاعبين إقليميين في إفريقيا دائما شيء بيهم مصر ولازم يفضل كده، لأن التجربة أثبتت إنهم بيستثمروا نفوذهم في مشروعات قد تضر الأمن القومي المصري مستقبلا، وشوفنا دول إقليمية ودولية بتعمل دا في ملف سد النهضة، ورفضت تتعاون مع مصر لإقناع إثيوبيا بتغيير نهجها العدواني في ملف السد، فمن حق مصر تقلق من تطور وتسارع العلاقات الإسرائيلية-الإفريقية.
– وبنكرر تاني إنه من الحاجات الكويسة جدًا اللي بتعملها الحكومة الحالية في ملف السياسة الخارجية هو التعامل بانفتاح مع الدول الإفريقية ومحاولة تشجيع القطاع الخاص للاستثمار داخل إفريقيا، بالإضافة لعمل منح دراسية للأفارقة داخل مصر وغيرها من التحركات الإيجابية اللي بتحاول ترجع لمصر دور ونفوذ داخل إفريقيا، لمواجهة نفوذ قوى إقليمية ودولية أخرى.
– ويمكن للسبب ده الحكومة المصرية بتحاول متستخدمش خطاب الحرب والتهديد بالحل العسكري في أزمة سد النهضة، وبتتكلم عن التعاون المشترك والتنمية الجماعية، وبتتعاون مثلاً مع جنوب السودان في بناء سد خاص بيها لحمايتها من الفيضانات بتصميم وتنفيذ مصري.
– لكن في النهاية معادلة التأثير الإسرائيلي اللي شغال من 40 سنة دعم عسكري واستخباراتي وتجاري هو أمر في منتهى الصعوبة، وبيقولنا قد إيه مصر تضررت من سياسات الانسحاب والتعالي على عمقنا الإفريقي، لحد ما لاقينا إسرائيل دلوقتي عندها علاقات مع 46 دولة إفريقية من أصل 55 في الاتحاد الإفريقي.
ده غير المنافسين الاقليميين والعالميين الآخرين في أفريقيا.
– الحقيقة اللي بيعنينا في القضايا الإقليمية دي الحفاظ على ثوابتنا العربية وأمننا القومي بكل مفاهيمه، وضد فرض أمر واقع علينا سواء إفريقياً أو عربياً قد يستخدم ضدنا مستقبلا، لذلك دعم المبادرة الجزائرية في هذا الصدد شيء كويس ونتمنى إنه يستمر، ودا ممكن يكون بيرد على إشاعات وكلام خارج أي منطق بيقول إن مصر هتوصل المياه لإسرائيل عشان تحل أزمة سد النهضة وإلى آخره من الروايات السخيفة دي اللي إحنا ضدها شكلاً وموضوعاً.
– في النهاية الساحل الشرقي الإفريقي وحوض النيل منطقة إستراتيجية مينفعش نترك أي دولة تراكم فيها النفوذ بلا أي تحرك، وهناك مصالح عربية في إفريقيا يجب تكون هي الصوت الأعلى لعدم ترك مقدراتنا الإفريقية تستغل من الخارج.
– مصر وبجانبها الدول العربية لا يجب أن تقبل بأن تستخدم إفريقيا في المحافل الدولية لتقويض القضية الفلسطينية والتصويت ضدها.
– بنكرر تأكيدنا على أهمية المزيد من الدعم المصري لمبادرات تتبناها الجزائر داخل الاتحاد وبتشدد من خلالها على ضرورة تعديل ميثاق الاتحاد الإفريقي، بما يضمن عدم السماح لأي دولة من خارج القارة، تقوم على أساس احتلال أراضي الغير، بالحصول على أي صفة داخل الاتحاد.
– وكمان خصوصا إن مبادرة الجزائر بتسعى إلى منع انفراد مفوضية الاتحاد الإفريقي بقرارات حساسة، خاصة إن رئيس المفوضية بتطاله تهم بالفساد، وتحرش جنسي، وممارسة الترهيب في المفوضية، بحسب تقرير لمجموعة الأزمات الدولية.
*******



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *