١- عمره ٣٩ سنة
ده اللي اسمه “تمكين الشباب” بجد، ان المؤهل منهم يمسك الحكم فعلا، مش اللي بيحكموا هما الستينات والسبعينات ويجيبوا الشباب زينة في المؤتمرات.
ولازم نلاحظ إن التمكين ده مش ميزة خاصة للشباب، مش كوتة تعيينات ليهم مثلا كمنحة حكومية، ده جزء من صورة كاملة لنظام سياسي ديموقراطي فيه ما نسميه “إتاحة المجال العام”، وفيه فرص عادلة للجميع أياً كان سنة أو خلفيته مادام مؤهل بقدراته وبرنامجه. وده سبب ان الناس انتخبوه مش راحوا صوتوله عشان شاب وخلاص.
وهوا مكانش هيبقى مؤهل لولا إنه من قبلها بلده أتاحت له الفرصة..
في الفترة من ٢٠١٢ إلى ٢٠١٤ كان نائب الأمين العام لرئاسة الجمهورية، ومن ٢٠١٤ إلى ٢٠١٦ كان وزير الاقتصاد والصناعة والاقتصاد الرقمي.
٢-خريج المدرسة الوطنية للإدارة دفعة ٢٠٠٤
محدش قال فرنسا مينفعهاش الا رئيس خلفيته عسكرية، خاصة ان دلوقتي “فرنسا تحارب الإرهاب” لأنه حصل عندهم هجمات بشعة جداً، ولأن فرنسا جزء من التحالف الدولي ضد داعش في سوريا وأرسلوا طيارات ومستشارين عسكريين وغيرها.
بالعكس خلفية ماكرون في الإدارة والاقتصاد كانت من عوامل الجذب ليه.
وبرضه فرنسا سبق أن حكمها عسكري، كان الجنرال شارل ديجول قائد المقاومة ضد الاحتلال النازي في الحرب العالمية الثانية، ومع كده لما خرجت ضده مظاهرات سنة 1968 محدش قال دول الخونة ازاي يعارضوا بطل التحرير التاريخي، بالعكس بعدها بعام واحد عمل استفتاء على اصلاحات وتعديلات اقترحها سنة 69، ولما مأخدش النسبة المطلوبة استقال فوراً رغم انه كانت لسه فترته مخلصتش.
العبرة الحقيقية ان محدش له ميزة أو عيب عشان خلفيته المهنية، ولا تقديس لأسباب تاريخية، بل الاطار العام كله هو الكفاءة والأداء في ظل قيم مسؤولية سياسية أمام الشعب، وحياد كامل من مؤسسات الدولة.
٣-أول علاقة له بالسياسة كان لما انضم في ٢٠٠٦ لما انضم للحزب الاشتراكي .. وفي أبريل ٢٠١٦ أسس حركة سياسية اسمها “إلى الأمام” بتوجهات يسار الوسط.
مفيش ديموقراطية حقيقية بدون أحزاب وحركات سياسية كل منها معبر عن تيار وعن فئة من المجتمع، وعن رؤية مختلفة للاقتصاد والادارة، و(الدولة) محايدة فعلاً نحو الكل، فالكل عنده فرص متساوية تخلي واحد جديد أول منصب سياسي تولاه في حياته سنة ٢٠١٢ يوصل للرئاسة، وواحد بحياة سياسية حافلة يخسر في لحظة.
حركة “إلى الأمام” كانت حركة كمان بتقول للأحزاب السياسية التقليدية القديمة ان فيه فرصة لتغيير السياسة في فرنسا من خلال الاعتماد على ساسة جدد وسياسات جديدة.. ومن غير الأحزاب الرئيسية كمان.
٤- متزوج من برجيت تورينا اللي أكبر منه ب ٢٤ سنة، وكانت مدرسته لما كان عنده ١٥ سنة، وارتبطوا منذ كان عمره ١٨ سنة!
محدش اعتبر الجانب الشخصي ده عنصر يضيف أو ينقص منه، الناس بتنتخب على أساس البرامج، على أساس المرشح ده هيخلي حياتي كناخب احسن ولا لأ، مش على أساس هوا حياته فيها إيه.
في المقابل المنافس الأكبر فرانسو فيون خسر تماماً بفضيحة مدوية لأن مراته اتعينت في وظيفة بواسطة كمساعدة لزوجها في البرلمان بين ١٩٩٨و ٢٠٠٢!
ان مخلوق يتورط في شبهة واسطة او سرقة أو اهدار لمال الشعب هوا ده اللي اسمه فضيحة تدمر الواحد منهم.
٥- في مواجهة منافسته في الانتخابات مارين لوبن، واجه معلوماتها المزيفة عن المهاجرين والأجانب والاقتصاد بمعلومات وأرقام وآراء زي ما ظهر في المناظرة بينهم.
لا شوه ولا طلع اشاعات في مواجهة مرشحة كان خطابها المتطرف بيجذب ملايين الفرنسيين. لو عاوزين نواجه المؤيدين لنظام فاسد أو دكتاتوري أو لأفكار متطرفة، مينفعش يكون الأسلوب هو التريقة عليهم أو السخرية من انحيازاتهم، كده عمرهم ما هيتغيروا، وهيردوا بنفس الأسلوب كمان.. بالمعلومات والآراء والتحليلات هنقدر نغير آراء الناس.
٦- الرئيس الجديد ماكرون كان عايز يحتفل في ساحة برج ايفل مع أنصاره، لكن رئيسة بلدية باريس، اللي هيا شبه المجلس المحلي عندنا بس منتخبة بنزاهة طبعا، وبصلاحيات كبيرة، رفضت لأن المدينة تستعد لاستقبال بطولة، فاضطر يروح مكان تاني هو ساحة اللوفر.
عادي جداً رئيسة بلدية ممكن تأمر الرئيس ويمتثل.
ده اللي اسمه “الفصل بين السلطات” حتى داخل السلطة الواحدة التنفيذية، مش بلد فيها الرئيس يملك كل حاجة ويتغول على القضاء والبرلمان.
٧- في خطاب ماكرون وجه خطابه للي انتخبه منافسته لوبان وقالهم “سأبذل قصارى جهدي كي لا تصوتوا للتطرف مرة أخرى”
هوا شايفهم انتخبوا متطرفين، لكن الحل مش يظلمهم أو يستخدم صلاحياته ضدهم، لكن فقط انه هيكون أحسن عشان يجذبهم ويقنعهم.
٨- ماكرون زار الجزائر، الدولة العربية اللي احتلتها فرنسا لأكثر من قرن (الجزائر دولة مهم زيارتها لأي مرشح رئاسي في فرنسا) وخطابه كان مقر بأخطاء الماضي بعكس مارين لوبان اللي دافعت عن احتلال فرنسا للجزائر وقالت ان الاستعمار وفر ستشفيات وطرق ومدارس!
ماكرون كان رأيه: “الاستعمار يشكّل جزءًا من التاريخ الفرنسي، إنه جريمة، جريمة ضد الإنسانية، لقد كان بربرية حقيقية، يجب على الفرنسيين تقديم اعتذار لمن تضرروا من هذا الاستعمار”
اللي نستفيده من موقف ماكرون، إن معالجة الماضي بتصالح ونقدية وتفكير في المستقبل هوا الحل الأمثل للدول المحترمة علشان تتقدم، الهروب من الماضي وعدم مراجعة اللي حصل ومعالجته بيسبب أزمات بتكبر من غير حلول وبتؤدي لأوضاع اسوأ.
٩- ماكرون هو الرئيس الجديد مكان الرئيس السابق فرانسو أولاند، اللي ببساطة لم يترشح أصلاً للانتخابات دي، اكتفى بفترة واحدة.
أولاند لم يترشح لأنه فشل في عدة ملفات على رأسها الاقتصاد – واحنا بنتكلم عن فشل نسبي جدا طبعا لأن فرنسا أكيد من أكبر وأغنى الدول برضه محصلش كارثة يعني – ولأن استطلاعات الرأي قالت ان ٤% فقط من الناخبين ممكن يكونو عايزينه يكمل، وحيث ان عندهم استطلاعات الرأي دي كمان مستقلة وبجد، فالراجل قرر يوفر على نفسه الخسارة المهينة لو اترشح.
اخفاق ماكرون في ملفات الأمن والاقتصاد تحديدا كانوا على رأس أسباب خسارته شعبيته، الأزمات مش دافع انهم يتمسكوا بالموجود عشان مفيش وقت للكلام بل بالعكس، دي دافع للتغيير لأن اللي ميديش نتايج كويسة في ما يهم الناس يمشي بغض النظر عن أي أسباب. ده شغله ومسؤوليته والشعب له النتائج.
١٠- مفيش مستحيل.. ماكرون جاي من بره تكتلات الأحزاب الرئيسية في فرنسا، يعني الأحزاب اللي بقالها سنين وعقود بتتنافس مع بعضها.. جه مرشح من براهم وقدر يكسبهم.. ده ازاي حصل؟ حصل لأنه اترشح في لحظة فيها أزمة حقيقية كل الأحزاب بتعاني منها.. وحصل لأنه مثل سياسات جديدة وكان وجه جديد بره السياسيين التقليديين.. وحصل لأنه قدر في النهاية يجذب أعضاء من الأحزاب الرئيسية انهم يصوتوله خاصة في الجولة الثانية.. حصل لأنه كون حملة رئاسية مهمة بأدوات تمويل مختلفة واستهدف الشباب والمتحمسين للسياسة اللي مش أعضاء في أحزاب ولا حركات..
مفيش مستحيل في السياسة، لكن لازم تحاول، وتفهم خريطة البلد السياسية، وتتحالف وتتفاوض وتتكلم مع اللي أقرب لسياساتك.. لازم تبتكر أدوات جديدة توصل بيها للناس.. ولازم يشوفوك في كل مكان عاوزين يسمعوا فيه صوت محتلف.. في الاقتصاد والسياسة المحلية والإقليمية.. في التجارة وفي الأمن.
*****
هل وارد في يوم نشوف بلدنا كده؟
مفيش مستحيل..
لا الفرنسيين مولودين بطباع معينة، ولا المصريين مولودين بطباع معينة .. وفرنسا دي اخدت حوالي ١٥٠ سنة بعد الثورة الفرنسية عشان توصل لأول ديموقراطية مستقرة .. البلد دي شافت ملوك دكتاتوريين، ومذابح دينية، وقادة فاسدين وسفاحين، وكل شيء ممكن نتخيله، وبحركة التاريخ الشعوب اتعلمت واتقدمت.
عارفين ان النهاردة ظروف القوى السياسية المصرية مختلفة تماماً، وأجهزة الدولة ليست محايدة ولا الإعلام متاح، زي ما حكينا قبل كده مثلاً ان نائب منتخب هو هيثم الحريري اتمنع من الأمن الوطني من مجرد يعمل لقاء مقفول مع اهل دائرته لـ 350 شخص! لكن الحقوق مش بتيجي لحد وهوا مستسلم مكانه.
حلمنا مش مستحيل واللي حققه غيرنا هنحققه بايدنا ان شاء الله.. العبرة بالزمن والتفاعل مع الأحداث.. العبرة اننا ناخد زمام المبادرة وبتضحيات ووسائل ضغط وحلول مختلفة علشان نغير بلدنا للأحسن في ظل صعوبات معروفة.. وهيحصل ان شاء الله.. همتكم معانا..