– من 3 شهور تقريبا، وتحديدا في مارس، بدأت مظاهرات شعبية ضخمة في هونج كونج ضد الحكومة، وده بعد تقديم مكتب الأمن في هونج كونج، في فبراير مشروع تعديل قوانين لتسليم المجرمين للصين، ومحاكمتهم في محاكم بيسيطر عليها الحزب الشيوعي الصيني.

– الاحتجاجات والمظاهرات لسّه مستمرة، رغم إن كاري لام، الرئيسة التنفيذية لهونج كونج (زي رئيسة الوزراء)، أعلنت في 18 يونيو عن نهاية مشروع القانون ده. وإنها بتعتذر عنه شخصيا. وتابعنا إزاي المتظاهرين في 1 يوليو، مع ذكرى استقلال هونج كونج عن بريطانيا، اقتحموا مبنى المجلس التشريعي (البرلمان)، وقبلها حاصروا المبنى الرئيسي للشرطة.

– قصة مظاهرات هونج كونج مش مرتبطة بالقانون بس، لكن مرتبط بسياق تاريخي ومعركة حقيقية بيخوضها المواطنين هناك للحفاظ على الحرية والديمقراطية اللي بيتمتعوا بيها حاليا، وعدم التبعية للنظام الدكتاتوري في الصين.

– هنتابع معاكم في البوست قصة المظاهرات، وهنشوف إزاي الناس بتدافع عن حقوقها، وإيه طبعا اللي ممكن نتعلمه من القصة دي.

*******

إيه سبب المظاهرات الأخيرة في هونج كونج؟

– زي ما قولنا المظاهرات كانت بالأساس لرفض قانون الترحيلات، اللي بيسمح لحكومة هونج كونج بترحيل متهمين من عندها للمحاكمة في الصين.

– هونج كونج والصين هما دولة واحدة بنظامين مختلفين، وهنشرح ده، لكن الملخص إن ترحيل الناس للمحاكمة في الصين هو شيء مرفوض من المواطنين في هونج كونج تماما، كون المواطنين معندهمش أي ثقة في نظام قضائي متسيطر عليه من نظام دكتاتوري عنده سجل كبير من الاعتقالات التعسفية والتعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان، في دولة زي الصين.

– المظاهرات كمان تعبير عن رفض التأثير المتزايد للصين علي هونج كونج، خاصة وإن كاري لام الرئيسة التنفيذية لهونج كونج، معروفة بولائها للصين. وعشان كده أغلب المتظاهرين من الشباب والطلبة الرافضين إنهم يتخلوا عن الديمقراطية والحرية في هونج كونج لصالح مناخ الديكتاتورية الصيني. وعشان كده المظاهرات مستمرة حتى بعد سحب مشروع القانون والاعتذار عنه.
*******

إيه وضع هونج كونج والصين؟

– عشان نفهم المظاهرات دي لازم نرجع شوية في التاريخ، تحديدا للقرن الـ19، لما الصين والإمبراطورية البريطانية خاضوا حروب كثير مع بعض، نتج عنها استعمار هونج كونج، اللي كانت مجموعة جزر صخرية ساعتها.

– في 1898 مضت الإمبراطورية البريطانية اتفاق مع الحكومة الصينية وقتها بأن هونج كونج تبقي تحت الحماية البريطانية (مستعمرة بريطانية يعني).

– في 1997 انتهى الاتفاق رسميا، وساعتها مارجريت تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا ويانج زي رئيس الصين وقعوا اتفاق بيقضي إن هونج كونج تفضل شبه مستقلة لمدة 50 سنة (لحد 2047).
****

الوضع عامل إزاي في هونج كونج من بعد الاتفاقية دي؟

– الاتفاق بين الصين وبريطانيا على هونج كونج، كان مبني على تنظيرة صينية ” دولة واحدة ونظامين مختلفين”، يعني هونج كونج هتكون بنظام سياسي ديمقراطي، فيها حريات مدنية وسياسية وحرية تعبير وغيرها من متطلبات الديمقراطية، لكن هتكون خاضعة للإدارة الصينية، تحديدا في ملفات السياسة الخارجية والدفاعية، ودي كانت صيغة تناسب بريطانيا. وكمان مناسبة للنظام الصيني اللي مش عاوز أي صدام عسكري عشان يركز في التنمية الاقتصادية.

– هونج كونج في ظل الديمقراطية:
١- متوسط الدخل السنوي فيها للفرد أكبر من الصين بكتير. يقدر بحوالي 41 ألف دولار سنويا.
٢- واحدة من النمور الآسيوية الأربعة. ناتجها المحلي زاد في الفترة من 1961 لـ1997، 180 ضعف.
٣- واحدة من أهم تجارب اقتصاد عدم التدخل (الحكومة مش بتتدخل في الاقتصاد).
٤- الرابعة عالميا في نسبة العائلات المليونيرية، بعد سويسرا وقطر وسنغافورة (تمتلك 8.5% من الأسر هناك مليون دولار).
******

لأي درجة الصين بتتدخل في شئون هونج كونج؟ وإيه رد فعل الناس تاريخيا؟

١- كتير شايفين إن سيطرة الصين على هونج كونج زادت بشكل كبير في السنين الأخيرة، وأكبر دليل هو إعلان بكين في 2014 إن البرلمان الصيني ليه صلاحية اختيار المرشحين لمنصب الرئيس التنفيذي لهونج كونج.

٢- لكن بالعودة 15 سنة تقريبا، هنشوف إن كان فيه مظاهرات في 2003 واحتجاجات في الشارع برضو، بسبب مشروع قانون بيمنع إن حد يتكلم عن الصين بشكل سيء. لكن القانون لم يمر بسبب الاحتجاجات.

٣- في 2014 كمان، كان في مظاهرات حاشدة في هونج كونج بسبب تدخل الصين في الانتخابات. المظاهرات اتشهرت بـ”حركة الشمسيات”، واللي كانت بسبب أمور كثير، منها اختفاء بياعين كتب في هونج كونج من اللي بيبيعوا كتب تنتقد نظام الحكم في الصين، والتضييق على الصحافة.

٢- محاولة الصين في 2017 إلغاء اللغة الرسمية لصالح اللغة الماندرية.

٣- أصبح أغلبية المجلس التشريعي مؤيدين للصين والاندماج معاها، كون فيه من 30 لـ70 نائب في المجلس، بيتم اختيارهم ممثلين عن الشركات والصناعات المختلفة، ودول أغلبهم مؤيدين للصين لأنهم مرتبطين بحجم أعمال كبير معاهم.
******

لأي درجة كانت المظاهرات الأخيرة ناضجة وفعالة؟

– احتجاجات 2014، وقبلها 2003 أنتجت تراكم سياسي مهم عند المواطنين هناك، خاصة من الشباب اللي اتولد معظمهم في التسعينات، وعاشوا في ظل نظام (الدولة الواحدة والنظامين المختلفين).

– الشباب والمحتجين في هونج كونج مدركين إن كمان 28 سنة، لما ترجع هونج كونج رسميا للصين هيكونوا مواطنين كبار، بالتأكيد محدش عايز يعيش في ظل الدكتاتورية وهو عنده 50 أو 60 سنة.

– أخر 10 سنين، وبسبب تدخل الصين في السياسة في هونج كونج، زاد عدد الناس اللي رافضة بشكل واضح الانضمام للصين مرة تانية. وحسب استطلاع رأي عملته جامعة هونج كونج: 71% من السكان بيعرفوا نفسهم على إنهم مواطنين هونج كونج، و11% بس بيعرفوا نفسهم على إنهم صينيين.

– لكن نخبة البلد، ورجال الأعمال والحكومة الحالية من مصلحتها الانضمام للصين، لأن الصين هي الدولة الأكبر في المنطقة دي، ولو قررت تعاقب رجال الأعمال في هونج كونج وماتدخلهمش، أو متسمحش بتواجد تجارتهم في الصين، هيكون ده كارثة عليهم.

– طبعا النظام في هونج كونج مش مثالي رغم الديمقراطية، ومعروف إن هونج كونج واحدة من أشهر بلاد غسيل الأموال وملاذات التهرب الضريبي في العالم. وإن الصين بتستخدمها كحديقة خلفية ليها عشان النوع ده من الممارسات.
*******

إيه اللي ممكن نتعلمه من ده كله؟

– واحدة من الحاجات اللي الإعلام والصحافة حول العالم مهتمة بيها، وبتتابعها وبتنقلها عن مظاهرات هونج كونج، هي تطور خبرة المتظاهرين واستخدام آليات مبتكرة لتحريك الجماهير سلميا. وده مش بعيد عن متظاهرين استخدموا الشمسيات في 2014 عشان يصدوا قنابل الغاز، شوفنا ده في:

١- توقيع أكتر من 120 ألف طالب في مرحلة الثانوية على عريضة ضد القانون.
٢- خروج 3 آلاف محامي لابسين تيشرتات سودا في مسيرة ضد القانون.
٣- فيه تقرير لـ بي بي سي ركز على استخدام المتظاهرين وابتكارهم لتطبيق موبايل، بيسمح لهم بالتصويت الجمعي المباشر على أي قرار. وده ساعد بشكل كبير على الحشد، وعلى تنظيم الاحتجاجات.

– رغم إن بالتأكيد الأوضاع عندنا مختلفة تماما، ولا يمكن استنساخ نفس التجربة، لكن بالتأكيد فيه أمور كتير نفكر فيها من حراك واعي زي ده. منها إن النضال من أجل الحرية والديمقراطية بيتم عن طريق ترسيخ ثقافة الديمقراطية والوعي بالحريات في المجتمعات. طبيعة الناس في هونج كونج هي نفسها في الصين، معظم السكان من أصل صيني، لكن عقود الديمقراطية خلت فيه وعي عند الناس بحرياتها، على عكس الصين الدكتاتورية اللي مش بنسمع فيها عن احتجاجات مماثلة سواء لقمع الحكومة العنيف أو لغياب الوعي ده عند الناس.

– إن مش دائما البرلمانات والحكومات المنتخبة بطريقة ديمقراطية بتكون بتعبر عن إرادة الشعوب، وإنه حتى في الأنظمة الديمقراطية ممكن نلاقي وقائع فساد من المسؤولين عادي. لكن الديمقراطية دايما فيها آلية لتصحيح الأخطاء، والدولة اللي مش قمعية بتخلي عملية المحاسبة الشعبية للمسئولين دول في حاله خطأهم أسهل، ودي أحد ميزات الديمقراطية.

– أن التفكير في السياسة مش بيكون لليوم، زي ما قولنا معظم المحتجين من الشباب اللي دلوقتي عايشين ومتمتعين بحياتهم عادي في ظل نظام فيه حريات في هونج كونج. لكن في 2047 هيحصل ايه؟ الناس لازم تفكر في المستقبل، وتحاول تتجنب الوقوع تحت حكم القوة والقمع.

– وطبعا مش بس إن فيه حراك ومظاهرات واعتراضات ممكن تدافع وتتبنى وجهات نظر صح، لأ دي بتنتصر، وبتوصل للي كان مخطط ليه من الحراك. في النهاية بنتمني كل شعوب العالم اللي بتحلم بالحرية تحققها، نتمنى إننا كمصريين نعيش في ديمقراطية وحريات مدنية وسياسية، لأننا أكيد نستاهل أفضل من الوضع الحالي اللي بنعيشه.
***




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *