“ويُذكر فخامة رئيس الجمهورية بموقفه الثابت، الذي صرح به في مناسبات عديدة، والمتمثل في تصميمه على احترام دستور البلاد، وعدم قبوله أي تعديل دستوري يمس المواد 26 و 28 و 99 من الدستور. ومن هذا المنطلق، يدعو فخامة رئيس الجمهورية إلى وقف كل المبادرات المتعلقة بمراجعة المواد الدستورية..”
ده جزء من بيان الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز اللي وجهه لنواب من الحزب الحاكم حاولوا تعديل الدستور عشان يستمر بعد فترته اللي هتنتهي في يونيو القادم.
– دي مش أول مرة يعلن الرئيس الموريتاني نفس الكلام، في 2016 قال إنه يرفض أي تعديل بمواد فترات الرئاسة، لأن “أي تعديل يجب أن يكون هدفه مصلحة الأمة لا مصلحة أشخاص”، وقال إن اللي بيثيروا الموضوع ده هم “الذين يستهدفون استقرار البلد ويسعون إلى إثارة البلبلة لمآرب شخصية”.
وبما أننا في مصر عندنا وضع شبيه حاليا، فكرنا نكتب لكم عن قصة البيان والوضع السياسي في موريتانيا وليه الرئيس مش هيمدد فتراته.
***
تاريخ الرئيس الموريتاني الحالي
– الرئيس الحالي محمد ولد عبدالعزيز وصل للحكم بانقلاب عسكري في 2008 علي الرئيس محمد ولد الشيخ عبدالله، وهو رئيس مدني انتخب في 2007 بتوافق مدعوم من الجيش، ومع كده حكم لسنة واحدة فقط قبل الانقلاب عليه.
– محمد ولد عبدالعزيز كان قائد الحرس الجمهوري أيامها، وبعد الانقلاب بسنة فاز في انتخابات قاطعتها المعارضة وكان فيها شبهات واضحة للتزوير أدت أنه رئيس اللجنة العليا للانتخابات يستقيل، واتجددله فترة تانية في ٢٠١٤ بانتخابات بنفس الظروف السيئة.
– في المجمل موريتانيا مشهورة بالإنقلابات العسكرية، من 1978 لحد دلوقتي حصل فيها 14 إنقلاب عسكري والدور السياسي للجيش موجود دايما سواء بحكم أحد رجاله مباشرة أو بتأثيره على الرئيس المنتخب.
– الرئيس الموريتاني هدد مؤخرا باغلاق مواقع التواصل الاجتماعي واعتبرها بتسمح بتشكل “جماعات تهدد الأمن والاستقرار في موريتانيا”
***
طيب ايه اللي يخلي الرئيس هناك يرفض يفضل في الحكم؟
– الاجابة الصريحة والمباشرة هي أنه تم إجباره علي ده، مفيش حد بالتاريخ ده هيرفض الاستمرار في الحكم لأسباب شخصية، لكن اللي حصل إنه تعرض لضغوط من المعارضة وأيضاً من النظام الحاكم من داخل حزبه.
– رغم أن موريتانيا بلد تاريخة ملئ بالحكم العسكري إلا إنها دايما كان فيها موازنات تخص الأحزاب السياسية أو تمثيل المناطق والقبائل، عشان كده قدروا تدريجيا ياخدو مكاسب، كانت بدايتها مع دستور 91 الساري حتى الآن، واللي أعطي ضمانات كويسة للديمقراطية ولو على الورق، وسمح بتكوين مؤسسات المجتمع المدني اللي بتلعب دلوقتي دور مهم جدا في السياسة الموريتانية.
– في 2006 أقر المجلس العسكري الحاكم وقتها بالتوافق مع القوى السياسية تعديلات دستورية مهمة تتضمن غلق فترات الرئاسة على فترتين كل منهما 5 سنوات، ومن كتر التشديد على النقطة دي أضافوا للقسم الدستوري اللي بيقوله الرئيس إنه يقسم إنه ” لن يقوم أو يدعم بشكل مباشر أو غير مباشر تغيير المادة الخاصة بعدد الفترات الرئاسية.”!
– التعديلات دي شملت كمان اتاحة المجال أكثر لحرية الصحافة، وهنا مفاجأة ان موريتانيا هيا أفضل دولة عربية في مؤشر حرية الصحافة العالمي، في المركز ال72 عالميا، بفارق كبير عن تونس اللي في المركز ال97، بينما مصر بعيييد في المركز 161 للأسف.
– في 2012، وأثناء حكم الرئيس ده نفسه توافقت المعارضة والحزب الحاكم على تعديلات دستورية تتضمن “تجريم الانقلابات العسكرية”.
– في مارس 2017 أسقط مجلس الشيوخ الموريتاني (البرلمان عندهم من مجلسين نواب وشيوخ) محاولة الرئيس لتمرير تعديلات دستورية كانت تتضمن إلغاء مجلس الشيوخ، حل محكمة العدل السامية (اللي من اختصاصاتها محاكمة الرئيس).
– اسقاط التعديلات دي كانت اشارة تانية إن الحزب الحاكم نفسه معادش فيه إجماع ورا الرئيس، خاصة إن شخصيات كانت متحالفة معاه أعلنت انتقالها لمعارضته.
– من أسباب خسارة الرئيس لداعميه كان فشله في مواجهة الأزمة الاقتصادية.
***
إيه اللي ممكن نشوفة في التجربة دي؟
– بالتأكيد دي مش حالة مثالية ولا ديمقراطية كاملة، خاصة إنه من الواضح إن الحزب الحاكم أو الجيش بيجهز مرشح، وبعض التوقعات إنه هيكون وزير الدفاع الحالي محمد ولد العزواني، وده بيخلي المعارضة بتشدد على ضمانات نزاهة الانتخابات.
– لكن برضه إحنا بنشوف قدامنا نموذج لتطور سياسي تدريجي عبر السنوات الماضية، بينتهي بشكل للتداول السلمي للسلطة، حتى لو فعلا جه البديل من داخل نفس النظام، وده بيكون لمصلحة النظام نفسه إنه يقدر يجدد سياسته ولا يرتبط بشخص بعينه بحجة الرئيس لازم يكمل عشان ملوش بديل، أو عشان يحصد الانجازات، بينما فتح باب التغيير السلمي ده بتكون نتايجة أفضل وأكثر أمناً من غلق كل الأبواب.
– النموذج ده بتورينا أد ايه مهم يكون عندك (نخبة سياسية) حتى من المؤيدين للرئيس قبل معارضيه، سواء في البرلمان أو في الأحزاب، يتم بناءها بنوع من الاستقلالية مش مجرد اختيارات أمنية زي ما حصل مع البرلمان في مصر، لأنه ده الضمانة الوحيدة أنها تعدل مسار الحاكم أيا كان لو هيعتدي على الدستور أو على حق شعبه.
– حرية الصحافة وحرية ممارسة مؤسسات المجتمع المدني لنشاطها مش رفاهية، مثلا أول ما حصل نقاش علي تعديلات الدستور بموريتانيا الموضوع اتعرف والصحافة كتبت وهاجمت ده، مش عندنا التعديلات بتتناقش بين أجهزة أمنية في الغرف المغلقة مع البرلمان ونتفاجئ بيها بعد كده.
– كل تمنياتنا للشعب الموريتاني الشقيق بنجاح تجربته وقطع خطوات أكبر لترسيخ الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، وكل تمانياتنا لبلدنا وكل الشعوب العربية بنفس المسار.