– في يوم 23 يناير الحالي بدأت احتجاجات كبيرة في عديد من المدن الروسية ، بعد القبض علي المعارض الروسي الشهير أليكسي نافالني أول ما رجع من ألمانيا بعد حادثة تسميمه اللي قدم أدلة إنها كانت محاولة اغتيال من النظام الروسي.
– الاحتجاجات شهدت القبض على حوالي 3500 شخص وتعامل عنيف من الشرطة الروسية مع المتظاهرين واللي بينادوا برحيل بوتن أو التحقيق معاه بعد اتهامات فساد أعلن عنها نافالي.
– في الاحتجاجات دي شوفنا كتير من أوجه الشبه مع اللي حصل في مصر في السنتين اللي فاتوا، وخاصة إنه ممكن نشوف البعض بيبص للنظام الروسي على إنه مثال به في تطبيق “الدكتاتورية المقنعة” ومحاولته دعم أنظمة حول العالم تشبهه.
*****
إيه اللي حصل؟
– زي ما قولنا الاحتجاجات جت بعد القبض على نافالني، المعارض الروسي الشهير بعد عودته من رحلتهعلاجية في برلين.
– من حوالي 5 أشهر وتحديدا في أغسطس تعرض نافالني للتسميم في طائرة فوق سيبيريا علي إيد الحكومة الروسية، وهي استراتيجية استخدمها بوتن أكتر من مرة بنفس وسيلة سم الأعصاب اللي بيُطلق عليه “توفيتشوك”، كان أشهرها سنة 2019 اغتيال العميل السابق سيرجي سكيربال في بريطانيا اللي سببت أزمة كبيرة بين روسيا والاتحاد الأوروبي.
– بعد تعافيه من التسمم في ألمانيا، نشر نافالني فيديو بيتكلم فيه عن قصر جديد سري يمتلكه بوتين، القصر الضخم نجح نافالني بتصويره من خلال درون، لأنه ممنوع الطيران فوق المنطقة دي.
– القصر يقع في حته اسمها “غيليندزهيك “على شواطئ البحر الأسود، وبحسب فيديو نافالني قيمته حوالي 1.10 مليار يورو، ومساحته إلى 17.700 متر مربع، في الوقت اللي الكرملين بينفي فيه ملكية بوتين للقصر.
– القصر السري ده بحسب نافالني تم بناءه من خلال فلوس الرشاوى والعمولات الحكومية اللي بياخدها بوتين وعائلته، لدرجة إن الصحافة وصفت الأمر بإنه “أكبر رشوة في التاريخ”، ودا شيء مش مستبعد في روسيا بسبب ارتفاع معدلات الفساد فيها، وفيه تقديرات لثورة بوتين وعائلته بتوصل لـ 100-160 مليار دولار من فساد العقود الحكومية وخاصة في عقود النفط والغاز للشركات الخاصة ، وحتى أقل التقديرات بتقول إن بوتين وعائلته ثورتهم تقدر بحوالي 70 مليار دولار.
– دا في نفس الوقت اللي بلد زي روسيا نسبة الفقراء بتقدر فيها بـ14.3%، يعني تقريبا 21 مليون روسي من إجمالي عدد السكان فقراء، وكمان معدل البطالة في روسيا وصل إلى 4.5% في 2019، يعني تقريبا فيه 3.4 مليون عاطل في روسيا.
– لو رجعنا للمعارض الروسي نافالني هو محامي ناشط ومدون روسي شهير نشط بداية من 2008 في معارضة بوتين عبر منظمة خاصة بمكافحة الفساد، وكان له أكثر من دعوة للتظاهر ضد بوتين، وتم القبض عليه أكثر من مرة قبل كدة.
– أخر المشاكل اللي تعرض ليها نافالني كان منعه من الترشح في الانتخابات الرئاسية في روسيا في 2018 بعد تلفيق قضايا اختلاس له!
– في أثناء الانتخابات الرئاسية تم القبض عليه أكثر من مرة وتم القبض علي مدير حملته والمجموعة اللي شغاله معاه قبل ما يتم منعه من الترشح بشكل نهائي. وخلال السنوات الأخيرة أصبح نافالني مصدر تهديد ودوشة حقيقي لبوتين داخليا.
– ولحد دلوقتي الاحتجاجات مستمرة في أكثر من مدينة للإفراج عن نافالني وإقالة بوتين ، ولكن ده لا يعني أنها احتجاجات هتنجح في ده لأنه روسيا في السنوات الأخيرة اتكررت فيها أكتر من موجة احتجاجية، وإن كان بتباين في حجمها وقوتها.
*****
أيه اللي ممكن نشوفه يخصنا من الاحتجاجات دي؟
– زي ما حصل في بلدنا قصة القصور الرئاسية وغيرها من الوقائع اللي أعلن عنها المقاول محمد علي في 2019 بدون أي استجابة رسمية من الحكومة توضح هل ادعاءات الرجل حقيقية أم لا، تقريبا ده اللي بيحصل في روسيا دلوقتي، مجرد نفي رسمي دون أي تحقيقات، الأمر اللي بيزود الشكوك دايماً مش العكس.
– ممكن نشوف القدر الكبير من التشابه بين التكتيكات والاستراتيجيات اللي بيعملها النظام الروسي للقضاء على البديل اللي موجود في المعارضة الروسية، ومنعهم من الترشح وغيرها من الوسائل.
– التشابه ممكن نشوفه في رد بوتين على ادعاءات نافالني والمعارضة بإنها مؤامرة من الغرب، وكمان تأييد مجلس الدوما المطلق لبوتين (اللي هو زي مجلس الشعب عندنا) بيحصل في روسيا، وبرضه المجلس هناك بيتهم المعارضة بإنها بتسعى لزعزعة الاستقرار في البلاد وإنها ممولة من أمريكا.
– برضه زي ما حصل في التعديلات الدستورية في مصر في 2019 حصل برضه في التعديلات الدستورية في روسيا 2020 واللي فتحت الباب لبقاء بوتين في الحكم لحد 2036.
– كل دا يخلينا مهم جدا نتابع التجربة دي حالياً ومستقبلها في روسيا، وطبعا مهم جدا نوضح إن روسيا كمان هي نموذج عالمي في فشل التحول الديمقراطي وإزاي بتتحول مع الوقت الدولة في ظل “إصلاحات اقتصادية” بتقع ثمارها في إيد حفنة من المسؤولين ورجال الأعمال، واللي علاقات الفساد والمحسوبية اللي بينهم هي اللي بتدير الاقتصاد في ظل أزمات متكررة بتطحن المواطنين في روسيا.
– ولازم نعرف هناك شوية عن طبيعة الطبقة الحاكمة هناك، والمتكونة من تحالف الأوليغارشية (حكم القلة) المسيطرين على موارد البلاد بالإضافة لنخبة سياسية وأمنية فيها معدلات فساد عالية جدا.
*****
– زي ما قولنا الوضع الحالي في مصر هو فيه جانب من الشبه بالوضع في روسيا، مع الأخذ في الاعتبار الفوراق في القبضة الأمنية، في روسيا وعلى الرغم من إنها بتحبس معارضين سياسيين ليها إلا إنها مفيهاش نفس عدد السجناء السياسيين اللي في مصر، بل أقل بكتير.
– لكن التشابه الكبير في السياق السياسي بيخلي المعارضة في البلدين تعتمد على تكتيكات متشابهة تقريبا، نفس الاستخدام للسوشيال ميديا وتطبيقات التواصل الاجتماعي بسبب التضييقات الأمنية على الأرض.
– رغم سيطرة النظام السلطوي لكن دايما الفئات الغاضبة أو المتضررة من الشعب مش بتفضل ساكتة بشكل كامل، زي ما كل فترة بتتفجر احتجاجات ضد بوتين في روسيا، نفس الفكرة بتحصل في مصر شوفناها في مصر في مظاهرات سبتمبر 2019 – وسبتمبر 2020.
– الاحتجاجات الاقتصادية والاجتماعية دي واللي جزء مهم منها محاولة لرقابة شعبية علي المسئولين وتعبير عن غضب من حجم الفساد في الدولة هي دليل على حيوية المجتمع، وبيعمل تراكم، وشيء دستوري ومشروع تماما.
– طول ما فيه أسباب موضوعية للاحتجاجات، أعتى الأنظمة الأمنية هتفضل بتواجهها من حين لآخر تحت وطأة الضغوط الاقتصادية والاجتماعية ، فالمفروض بدلاً من ذلك يكون الاهتمام بعلاج أسباب الاحتجاجات دي.
– تخوين المعارضة أو الحديث عن مؤامرات خارجية وعدم التعامل بشفافية مع قضايا الفساد مش حل أبداً لتهدئة الشارع، بل ممكن يكون بيجيب نتيجة عكسية، والبرلمانات يفترض تكون صوت للناس مش صوت لأنظمة الحكم.
*****



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *