خلال الأيام اللي فاتت سحب ترامب ترشيحه لعضو الكونجرس جون راتكليف لإدارة المخابرات الوطنية، وده أهم منصب أمني أمريكي.
ترامب اضطر يسحب الترشيح بعد هجوم كبير من الاعلام على جون راتكليف وكشف معلومات عن تاريخه، وده كان يهدد انه ترامب ميقدرش ياخد تصديق مجلس الشيوخ.
– في البوست ده هنشوف إيه اللي عملته الصحافة الأمريكية؟ وليه الرئيس ميقدرش يمشي كلامه في موضوع أمني حساس زي ده؟ وايه اللي ممكن نشوفه في قصة زي دي.
**********
إيه أهمية المنصب ده؟
– منصب رئيس المخابرات الوطنية أو القومية تم استحداثه سنة 2004، بعد ما التحقيقات في أسباب هجمات سبتمبر قالت ان الأجهزة الأمنية والمخابراتية الأمريكية مكانش بينها تنسيق كافي وحصل تضارب بصلاحياتها وعملها.
– اللي يتعين بالمنصب ده بيكون الرئيس المشرف على عمل 16 مؤسسة أمنية ومخابراتية أمريكية، وحوالي 100 ألف موظف، وميزانية تقارب 53 مليار دولار في السنة.
***
ايه القصة ؟
– ترامب كان أعلن عن ترشيحه لراتكليف، وبعد أقل من 5 أيام سحب الترشيح بعد هجوم كبير من الصحافة، واتهامه بأنه غير مؤهل وشخص حزبي.
– راتكليف كان من أشد النواب الجمهوريين المعارضين لتحقيق مولر بخصوص تدخل روسيا في الانتخابات الأمريكية، وبينظر له بشكل واسع في أوساط الكونجرس على أنه شخص غير مؤهل من واقع خبراته المحدودة قياسا لمنصب كبير زي ده.
– جزء من اللي أثبتت الصحافة عدم كفاءته للمنصب فيه هو أنه واحد من المتبرعين الكبار في حملته الانتخابية أيام ما كان مرشح للكونجرس هي شركة سيئة السمعة في مجال الأمن الإلكتروني، وساهمت أكثر من مرة في تعريض حياة مواطنين وأمنهم الإلكتروني للخطر في برنامج حماية الشهود الأمريكي.
– ده طبعا بجانب هجومه المتكرر على تحقيق مولر، وكلامة الكتير عن تسييس الاعلام واضطهاده لترامب.
– كل دي مؤشرات على عدم الكفاءة، وتضارب المصالح خاصة لو راتكليف مرشح لمنصب حساس زي ده لازم التأكد انه هيديره بشكل مهني مش حزبي.
– زي ما اتكلمنا سابقا النظام الأمريكي قائم على توزيع الصلاحيات، فمن حق الرئيس يعين مدير المخابرات لكن لازم مجلس الشيوخ يصوت للتصديق، وده اتضح انه مش هيحصل رغم ان اغلب المجلس من حزب ترامب الجمهوري لكن العديد منهم أعلنوا رفضهم، فاضطر الرئيس يسحبه.
********
ليه دور الصحافة كان مهم؟
– في أي ترشيح للمناصب الكبيرة في أمريكا، الصحافة بتقوم بدورها الحقيقي، في إنها تعمل تحقيقات ومتابعات إعلامية مش مجرد إنها بتنقل أخبار، وبالتالي أي شخص بيتم ترشيحه لمنصب بيتم التحقيقي في تاريخه بشكل كامل.
– بتتحري عن تاريخهم المهني، تاريخهم الدراسي، مقدار ثروتهم، سيرتهم الذاتية حقيقية ولا فيها شهادات مزورة، كل حاجة من بداية ما دخل المرشح ده العمل العام، حتى قبل ما يدخل بتشوف كان بيعمل ايه وهو صغير في الجامعة والهاي سكول كمان.
– التحقيقات والتحريات اللي يتعملها الصحافة دي بتقلل كلفة التحريات اللي ممكن تعملها أجهزة الأمن عن الراجل خاصة لو هيمسك منصب حساس، وفي حالات كثير بتكون الصحافة أكثر فائدة من تحريات المؤسسات الأمنية، لأنها علنية والمواطنين كلهم بيشوفوها وبتخضع للنقاش العام.
– في تاريخ أمريكا أمثال كثيرة عن دور الصحافة في مكافحة الفساد وسوء استغلال السلطة، يمكن أشهرها فضيحة ووتر جيت اللي خلت نيكسون يستقيل وغيرها كتير.
– شيء كمان مهم أنه الديمقراطية دائما قادرة على تصحيح أخطائها، الديمقراطية وحرية التعبير ووجود حريات سياسية هي اللي جابت ترامب اللي عمل أزمة كبيرة لعمل المؤسسات في أمريكا بسبب عداؤه المستمر لكل المؤسسات دي تقريبا.
– لكن المؤسسات دي بما فيها الصحافة والإعلام المستقل قادرة دائما أنها تقوم من سلوك الرئيس وتقلل حجم الضرر اللي ممكن يعمله للمؤسسات والديمقراطية الأمريكية.
– ترامب يقدر يهاجم الصحافة، وبالفعل وصف اللي حصل مع مرشحه انه حملة “غير نزيهة”، لكن ميقدرش إنه يحبس الصحفيين أو يقفل الصحف والقنوات. ترامب يقدر يهاجم التحقيقات اللي فيها اتهامات ليه، لكن ميقدرش يوقفها أو يقبض على اللي بيحققو فيها، ترامب يقدر يعطل ميزانية البرلمان ويتخانق على بنودها، لكن حتى والميزانية المركزية معطلة كانت ميزانيات الولايات مستمرة بلا تغيير لأنها بتمول نفسها من ضرايبها ويحكمها حكام منتخبين، ده غير ان القانون بيلزم ترامب بالوصول لاتفاق هو والبرلمان بمؤيديه ومعارضيه.
********
ايه اللي ممكن نشوفة في كل ده ؟
– كام مرة في مصر ترشح شخص لمنصب ما بدون ما نعرف ايه امكانياته؟ هل هو أفضل شخص ولا لأ ؟ ايه معايير اختيار الشخص ده؟ وإيه الهدف أصلاً من تعيينه أو أسباب إقالة اللي قبله؟
– بيتم اختيار لواءات جيش وشرطة لمناصب كبيرة بداية من مجالس إدارات شركات القطاع العام، ولحد الوزراء من غير أي معايير واضحة للإختيارات، على أساس سياسي أو فني أو غيره.
وكدة متكلمناش عن رؤساء الأجهزة الأمنية والمخابراتية السيادية زي أمريكا، بنتكلم في مستوى أقل بكتير.
– ده بيحصل في مصر عشان مفيش ديمقراطية وفصل بين السلطات ودولة مؤسسات حقيقية تضمن ثقة المواطنين في كفاءة ونزاهة المسؤولين.
– في مصر أي شخص بيتم تعيينه في مناصب كبيرة، بيخضع للتحريات الأمنية السرية ويصدر قرار مفاجيء بيه، لكن الصحافة مبتعرفش، ولا عندنا برلمان منتخب بنزاهة له حق الموافقة أو الرفض.
– حتى لما كان بيكون في محاولات من الصحافة لعمل دورها الرقابي زي شغل مدى مصر مثلا عن فساد الغاز والذمة المالية للرئيس وغيره بيكون التعامل أمني ضد الصحيفة أو الموقع، بيتمنع ظهور التحقيق بتتجحب موقعها، زي ما حصل مع مدي مصر وغيره من مئات المواقع.
– الصحافة الحرة هي ضمانة للجميع لمحاربة الفساد، واكتشاف محاولات تولي المسؤولية عن طريق المحسوبية والواسطة، وده ضروري في أي مجتمع ودولة تعرف أهمية الصحافة، وإنها تقدر تكشف أحياناً خلل أو فساد أو تقصير أفضل بكتير من الأجهزة الأمنية.
– نتمني إننا نشوف في مصر إعلام وصحافة مستقلين فعلاً، بيقومو بدورهم بحرية مش بيستنو التعليمات على الواتس اب من أجهزة الأمن وميقدروش يخالفوها، ونتمنى كمان إنه إختيار المسؤولين الكبار يرجع تاني كحق للشعب وللأحزاب وللإعلام في مناقشتهم ومحاسبتهم طالما هما أشخاص مسؤولين عن خدمة عامة للمواطنين. الديمقراطية بكل جوانبها هي وسيلة حياة أفضل وأكثر احتراماً للشعوب والمجتمعات.
***