خلال الفترة الحالية وزارتيّ الزراعة والبيئة أعلنوا بداية استعدادات مواجهة ظاهرة حرق قش الأرز السنوية.
– وفي يناير الماضي وكالة الفضاء الأميركية “ناسا” أطلقت اسم بنت مصرية اسمها ياسمين عندها ١٨ سنة، على كويكب جديد تم اكتشافه، تكريمًا لها على مشروع علمي عملته في مايو ٢٠١٥.
– ووزير التعليم العالي والبحث العلمي قال إنه هيرجع ٥٠٠ مليون جنيه للمالية.
إيه الرابط بين الأخبار دي؟ ده موضوعنا النهاردة.
*****
ليه ناسا بتكرم ياسمين؟
– ياسمين يحيى مصطفى، من قرية كفر المنازلة في محافظة دمياط، عندها ١٨ سنة، لسه في ٣ ثانوي.
– ياسمين فازت بالمركز الأول في معرض “إنتل آيسف” للعلوم والهندسة في مايو ٢٠١٥، ودي مسابقة دولية مهمة بتنظم في أمريكا من حوالي ٦٦ سنة، وبيشارك فيها مئات الباحثين الشباب من كل دول العالم، ولجنة التحكيم بتضم علماء كبار بعضهم حاصل على جائزة نوبل.
– ياسمين لقت إن أكتر مشكلة بيعاني منها أهالي بلدها دمياط هي مشكلة تلوث المياه، اللي بسببها نسبة كبيرة عندهم فشل كلوي، ولقت برضه ان فيه مشكلة تاني بتعاني منها الدلتا هيا قش الأرز.
ياسمين اخترعت جهاز بينقي المياه الملوثة وبيحولها لمياه صالحة للشرب، عن طريق حرق قش الرز في نظام مغلق بحيث تمنع تسرب الغازات الضارة للهواء، ويتم استخدامها في إنتاج الوقود الحيوي، اللي بيستخدم لتنقية المياه.
بكده تكون ياسمين قدمت حل يستهدف تلاتة من أكبر المشاكل البيئية اللي بتواجه الكوكب كله:
١-مشكلة تلوث الهواء، الناتج عن حرق قش الرز بدل.
٢-مشكلة الطاقة البديلة عن الوقود التقليدي.
٣- مشكلة تلوث المياه.
وعشان كده الابتكار بتاعها حظى بهذا التكريم الدولي المستحق.
*****
إزاي ياسمين عملت كده؟؟
– مهم جداً نعرف إن ياسمين بتدرس في مدرسة المتفوقات للتعليم والتكنولوجيا بزهراء المعادي، ودي نظام التعليم فيها منفصل تماماً عن التعليم المصري. المدرسة بتعلم الطلاب بنظام اسمه “STEM”، قائم على البحث العلمي، ومعتمد في دول متقدمة.
المدرسة تجربة حديثة تم انشائها بالتعاون مع هيئة المعونة الأمريكية ومؤسسة مصر الخير. أمريكا خصصت لهذا النوع من التعليم في مدارسها مؤخراً ٣ مليار دولار.
*****
معلومات أكتر عن نظام “STEM”:
– هو نوع من التعليم بيهدف لرفع مستوى الطالب من أول يوم بحياته التعليمية وحتى نهايتها في ٤ مجالات متخصصة، هما العلوم، والتكنولوجيا، والهندسة، والرياضيات، وتم اختيار المجالات دي باعتبارها المستقبل.
– نظام “STEM” مش بيسعى للتلقين وتحفيظ المناهج، لكن بيسعى لدمج العلوم دي في بعضها وربطها بالمجتمع واحتياجاته.
– في النظام ده المواد الدراسية مش الأولوية للطالب أصلاً، لأن الأبحاث وتنفيذ المشروعات عليها ٦٠% من الدرجات، عشان كده الطلاب بيقضوا أغلب يومهم في البحث والابتكار لتنفيذ أفكارهم.
– من الدول اللي بدأت تتوسع في النظام ده أمريكا، اللي خصصت ٣ مليار دولار لدعمه، في إطار حملة “التعليم من أجل الإبداع”، اللي كان هدفها توجيه الطلاب الأمريكيين المتفوقين في العلوم والرياضيات للمشاركة في برنامج (STEM)، عشان تدربهم إنهم يكونوا باحثين مستقبليين ومخترعين صغار.
*****
إيه اللي عملته مصر مع ياسمين؟
– ياسمين اتكرمت من أكتر من جهة، وظهرت بأكتر من وسيلة إعلامية، وقابلت الرئيس السيسي كمان وأخدو صور جميلة جداً … وبس!
مفيش جهة حكومية أو بحثية تبنت المشروع، مفيش جهة حاولت تعمل الخطوات المعتمدة المعروفة لتحويل المشاريع النظرية إلى واقع عملي، بمعنى عمل نموذج تجريبي واخضاعه للاختبارات، وعمل دراسات الجدوى في حال التوسع والتعميم ..الخ.
– حسب كلام ياسمين لبي بي سي هيا رفضت عرض شركة ألمانية لشراء المشروع في ٢٠١٥، لكنها رجعت ندمت على ذلك. بتقول “قلت لنفسي إنها مشكلة داخل مصر وسنحلها داخل مصر، لكن لم أجد التشجيع الكافي”، وحالياً بتطور التصميم لتعرضه على شركات أخرى.
*****
– في ١٧ مايو الماضي وزير التعليم العالي والبحث العلمي قال أحد أعجب التصريحات في التاريخ.. قال لجريدة البورصة انه الوزارة هترجع ٥٠٠ مليون جنيه للدولة كفائض من إجمالي ٦٠٠ مليون جنيه تم رصدها بالعام الأخير للبحث العلمي!
– الوزير برر قراره بإنه “مصر تعاني من نقص شديد في عدد الأبحاث الجادة المتوافقة مع السوق”!!
– معقولة يا سيادة الوزير؟! كل جامعات مصر بكل أساتذتها، كل المعامل والمختبرات اللي فيها، كل كليات الهندسة والعلوم، كل الشباب اللي عندهم مشاريع واعدة زي ياسمين، كل دول معندهومش أبحاث جادة تنفع للسوق تستحق يُنفق عليها من الميزانية دي بدل ما ترجعها للمالية!
هل دي شطارة مثلاً مستني عليها مدح انه الوزير الجامد اللي بيوفر فلوس للبلد؟
– لما الوزارة المسؤولة عن البحث العلمي تنفق ١٠٠ مليون جنيه بس، يعني حوالي ٦ مليون دولار، ازاي نقارن أصلاً باسرائيل مثلا اللي بتنفق ٤.٢% من ناتجها القومي يعني حوالي ١٤ مليار دولار، آلاف الأضعاف!! أمريكا فوق الخيال بقى بـ ١٦٨ مليار دولار!
كل مليم بيروح للبحث العلمي التطبيقي بيرجع في صورة فلوس أكتر كأرباح للبلد، وبالتالي البند ده تحديداً التوفير فيه هوا اللي في الواقع إهدار تام.
*****
في مرة الرئيس طرح سؤال استنكاري “يعمل إيه التعليم في وطن ضايع؟”
– الحقيقة ان الاجابة موجودة في النموذج ده وعشرات النماذج غيره.
– لولا المدرسة اللي بنظام STEM مكانتش ياسمين أظهرت موهبتها وتفوقها العالمي. ياترى لو خصصنا ميزانيات كأولوية لصالح التوسع في النمط بالمدارس ده هيظهر عندنا كام ياسمين؟
– التعليم مش مسألة ان الطالب يجيب درجات، التعليم الحقيقي هو اللي بيقدم حلول للمجتمع والوطن، زي اللي عملته ياسمين للمساعدة بحلول الطاقة والمياه والبيئة.
– التعليم كمان ميقدرش يغير واقع لوحده بدون منظومة كاملة، بوجود سياسات حكومية تتجاهل البحث العلمي زي ما شفنا كلام الوزير، وزي ما حصل بالواقع مع كتير من المشاريع والأفكار، يبقى مفيش مستقبل للأسف.. ده الواقع العملي اللي مش بيغيره الكلام الجميل والصور اللطيفة.
التعليم هوا بس اللي ممكن يحمي الأوطان من الضياع، وبإيدنا هنعلم ولادنا ونحمي أوطاننا، المستقبل لينا ولولادنا ان شاء الله..