– يوم الأربعاء اتوفى صفوت الشريف أحد أشهر رجال النظام السابق، وصاحب الدور المحوري في بقاء نظام مبارك 30 سنة كاملة.
– وفاة صفوت الشريف سببت كالعادة في الفترة الأخيرة جدل ما بين مؤيد للترحم عليه وبين معارض، ولكن إحنا هنا بنشوف إن ده خيار شخصي وأخلاقي خاص مبنتدخلش فيه، زي ما ميخصش حد خالص مين في الجنة أو النار، لكن المهم لينا كبلد وشعب هوا الحساب السياسي والتاريخي للشخصية العامة.
– في البوست ده حنعيد التذكير بمين صفوت الشريف؟ وإيه التهم القانونية والسياسية اللي اتوجهت ليه؟ وسواء اترحمت عليه أو لا أكيد هوا واحد من أكثر السياسيين تأثيرا في مصر في النص قرن الأخير.
*****
من هو صفوت الشريف ؟
– صفوت الشريف اتولد في ديسمبر 1933 في محافظة الغربية، وتخرج من الكلية الحربية وعمل في الفترة ما بين 1957 ولحد 1967 في جهاز المخابرات العامة المصرية.
– اتفصل صفوت من جهاز المخابرات في القضية الشهيرة اللي اتعملت لصلاح نصر وقيادات المخابرات العامة المصرية بعد نكسة 67 واللي اتسمت ” قضية انحراف المخابرات العامة “
– القضية دي نفسها اتحكم فيها على صلاح نصر نفسه بالسجن، وكانت واحدة من أكثر القضايا فضائحية في مصر، وحواليها الكثير من الغموض حتى الآن.
– لكن المنشور في القضية أنه صلاح نصر وصفوت الشريف وغيرهم من قيادات المخابرات العامة استخدموا أساليب تجنيد مشبوهة للفنانات وأجبروهم على علاقات بهدف التجسس، وتربحوا من عملهم في المخابرات العامة، وبعد ثورة يناير بعض الصحف والمواقع نشرت محضر التحقيقات مع صفوت الشريف، ولحد النهاردة محصلش إن الشريف أو حد من عيلته قرر يقاضيهم بتهمة التشهير.
– طبعا الوضع ده أثر جدا على كفاءة الجهاز بدليل الفشل المخابراتي الكبير في نكسة 67.
– كان وقتها اسمه داخل جهاز المخابرات “موافي”، وبنسبة كبيرة كان هو المقصود بشخصية الظابط في فيلم “الراقصة والسياسي” اللي كان بطولة نبيلة عبيد وصلاح قابيل، وكانت كتير من الإشارات بتتكلم عن فساده وطريقته في ابتزاز السيدات جنسياً لأهداف سياسية، ونفس التيمة كررها نفس السيناريست وحيد حامد في فيلمه “كشف المستور”.
– بعد فصله من الجهاز إختفى صفوت الشريف كام سنة قبل ما يرجع تاني مع نظام السادات اللي كان جزء من تغيير جلده هو الاستعانة برجال قدام أقصاهم عبدالناصر في آخر عهده.
– رجع صفوت في الهيئة العامة للاستعلامات في 1974 وبقا رئيس الهيئة بعد 5 سنين بس في 1979.
– طبعا الترقي السريع كان لدورة في تأسيس الحزب الوطني ( حزب الرئيس السادات ) في 1977، وفي 1980 اتعين اتعين الشريف رئيس لاتحاد الإذاعة والتلفزيون.
– مع نظام مبارك زادت سطوة الرجل وبقا من الدائرة المقربة من مبارك، لدرجة أنه احتفظ بمنصب وزير الاعلام من 1982 لحد 2004.
– بعد كدة بقا رئيس مجلس الشورى لحد ثورة يناير 2011 والأمين العام للحزب الوطني المنحل من 2002 لحد الثورة برضه.
– بعد ثورة يناير الشريف كان من أبرز المتهمين بموقعة الجمل، وأنه كان من محرضي عبدالناصر الجابري عضو مجلس الشعب عن دائرة الهرم ويوسف خطاب عضو مجلس الشورى عن نفس الدايرة على حشد أنصارهم من نزلة السمان لفض ميدان التحرير، لكن اتحكم لكل المتهمين بالبراءة في القضية دي.
– نجاح الشريف الحقيق منقطع النظير كان في أنه يبقى مع ثلاث أنظمة سياسية دكتاتورية مختلفة بسبب علاقاته المميزة بالأنظمة دي، ولأنه كمان شخص بيدرك طريقة إدارة السياسة والتنظيمات في مصر، سواء في شكل سلطوي كامل أو حتى مع وقت الانفتاح الجزئي الديمقراطي أيام مبارك، وبالتالي كانت مهاراته دي فارضة نفسها في السيطرة على الإعلام واحتواء الإعلام المعارض في نفس الوقت.
– صفوت الشريف – زكريا عزمي – وكمال الشاذلي كانوا المثلث اللي مبارك بيتحكم فيه بكل شيء في البلد داخليا، وحتى بعد صعود السطوة الأمنية للنظام بعد نهاية الحرب العنيفة مع الجماعات الإسلامية في التسعينات وبالتالي صعود وزارة الداخلية وحبيب العادلي ظل صفوت الشريف والمثلث بتاعه موجودين.
– الرجل كان قادر بشكل كبير على التأقلم مع أي متغيرات بتحصل وحتى في فترة صعود مجموعة جمال مبارك جوه الحزب الوطني كان هو الأقرب ليهم من المجموعة القديمة.
*****
– علي مدار 45 سنة تقريبا من العمل العام، من بداية تعيينه في المخابرات في 1957 – وحتى ثورة 2011 صفوت الشريف ساهم في ممارسات كثيرة للفساد في مصر.
– من قضية انحرافات المخابرات العامة، لقضية موقعة الجمل، لقضية الكسب غير المشروع.
– جهاز الكسب غير المشروع اتهم صفوت الشريف وأبناؤه أشرف وإيهاب بتحقيق ثروات طائلة بالمليارات من خلال الاستيلاء على أراضي مميزة والحصول على تسهيلات لتشغيل شركات تعمل في مجال الإنتاج الفني والإعلانات.
– القضية دي طلب منهم القضاء رد 600 مليون جنيه، واتحكم ضدهم بالسجن 5 سنوات فعلا، وطعنو عليه واتقبل واتعادت المحاكمة، وفي النهاية وصلنا لحكم نهائي أيدته محكمة النقض في سبتمبر 2020 بحبس صفوت الشريف 3 سنوات، وإلزامه برد مبلغ 99 مليون جنيه، وتغريمه مبلغ مماثل.
– الأهم من الفساد المالي هوا تراث طويل من الفساد السياسي اللي بنعاني من آثاره لحد النهاردة.
– صفوت الشريف بحكم منصبه في مجلس الشورى كان المسؤول عن إدارة الصحف القومية، وكمان كان “رئيس لجنة شئون الأحزاب”، ومن موقعه ده منع ظهور أي حزب جاد، وأشرف على تدمير أي تجربة حزبية، وده طبعا عشان يفضل دايما بيتقال مفيش بديل.
– ده طبعا غير تراثه في إدارة الإعلام المليان كذب ونفاق، وتجنيد الصحفيين أو اضطهادهم، وده موجود لحد النهاردة.
*****
– كل واحد حر في عواطفه أو في كلامه، لكن التاريخ حيفضل فاكر الحقايق، إن صفوت الشريف حرامي بحكم محكمة، بالظبط زي رئيسه حسني مبارك، وإن كل الفساد ده اللي أدى لقتل وإفقار المصريين لسه بندفع تمنه لحد النهاردة، وأكيد الناس مغلطتش لما صبرها خلص بعد 30 سنة، مهما كان اختلافاتنا السياسية في تقييم اللي حصل بعدها، المسؤول الرئيسي هوا اللي وصل الوضع لكدة، وأكيد صفوت الشريف كان واحد منهم وده إرثه المستمر في الحياة السياسية المصرية.
*****