– الأسبوع اللي فات حضر وزير الخارجية سامح شكري أمام مجلس النواب في جلسة عامة، عشان يطرح برنامج الوزارة ونشاطها في إطار برنامج الحكومة بشكل عام.
– وعلى مدار الأسابيع اللي فاتت، ويومياً مجلس النواب بيحضر فيه وزيرين يقولو خطة الوزارة، في تقليد المفروض إنه متعارف عليه برلمانياً، وعلى الرغم من عدم إذاعة الجلسات لكن الكلمات بتتنشر بعدين وبنقدر من خلالها نفهم اللي بيدور.
– هنتكلم في البوست ده عن أهم المواضيع اللي اتكلم عنها الوزير والنواب، وتقييم سريع في وقت مهم وحساس.
*****
إيه اللي قاله الوزير في الجلسة؟
– كلمة الوزير كانت أقرب لاستعراض بروتوكولي، مكانش فيها تصريحات أو بيانات خاصة، لكن مجرد إشارة للي بتعمله الوزارة.
– الوزير اتكلم عن جهود السفارات والقنصليات الخدمية، ومكاتب التوثيق الجديدة، وتسهيل استخراج التأشيرات والانتخابات خارج مصر وغيرها من الأمور الادارية.
– لكن في القضايا المهمة اتكلم الوزير عن ملف سد النهضة، وقال إنه مبيتمش اتخاذ قرار بشكل منفرد من وزارة الخارجية في أي تحرك، لكن في تنسيق متكامل مع كافة الأجهزة والمؤسسات بشكل يومي. وطبعا معروف الملف متداخل فيه وزارة الري والمخابرات والرئاسة.
– الوزير قال ان الخارجية بتبذل كل المجهودات في التفاوض مع أثيوبيا، سواء بمحاولة صياغة اتفاق متكامل لقواعد تشغيل السد، واللي مصر وقعته في واشنطن ولم توقع عليه إثيوبيا، أو باتجاه مصر لمجلس الأمن لحفظ الحقوق المصرية وتقديم شكوى رسمية، والاستماع لمصر في جلسة يونيو 2020 وهي أول مرة – بحسب تعبير الوزير يجتمع مجلس الأمن لدراسة تأثير مشروع سد مائي على نهر دولي.
وإنه الخارجية بتتواصل مع مراكز صنع القرار والمراكز البحثية وبتشارك بكل السبل في شرح عدالة قضية سد النهضة، وإنها بتحصل على دعم الأشقاء العرب، وإنه مصر دخلت مسار التفاوض الأخير عبر الاتحاد الإفريقي، لكن حتى الآن الجانب الأثيوبي لا يبدي أي التزام.
– الوزير اتكلم عن الدور المصري اللي بتلعبه في القضية الفلسطينية – وبإشارة ذكية متقالتش صراحة ان ده يتم خارج إطار صفقة القرن اللي ماتت عمليا بهزيمة ترامب – وده عن طريق الاجتماعات الثلاثية الأخيرة اللي حصلت في القاهرة وتفعيل ما يسمى بـ “صيغة ميونيخ”، أو الزيارة الأخيرة المصرية للأردن واجتماع رؤوساء مخابرات مصر والأردن وفلسطين لتنسيق مواقف مشتركة ومحاولة تقديم صيغة للتسوية.
– واتكلم الوزير برضه عن الملف الليبي ونجاح مصر في فرض قواعد للاشتباك في الملف ده، عن طريق “إعلان القاهرة” والخط الأحمر “سرت – الجفرة” واللي خلق إجبار على محاولات التسوية بين كافة أطراف النزاع الليبي بطريقة سياسية، وتهدئة الاشتباك العسكري، وإنه كان ضروري مصر تتحرك في الملف ده لأنه وجود تنظيمات إرهابية في ليبيا هيمثل تهديدات كبيرة للأمن القومي المصري.
– واتكلم الوزير عن بعض الجهود التانية في ملفات الاتحاد الإفريقي، واتفاقيات السلام السوداني، وعمل تنشيط دبلوماسي لملفات التجارة مع إفريقيا واليابان والاتحاد الأوروبي، واتفاق المنطقة الاقتصادية لشرق المتوسط، وشاور الوزير سريعاً لزيارة الرئيس السيسي لفرنسا، وإنه مصر بتأكد على الحرب ضد الإرهاب ولكن مع احترام الرموز الدينية.
– واتكلم الوزير برضه عن تغيير الإدارة الأمريكية الجديدة، وإنه العلاقات مع أمريكا استراتيجية وعابرة للأحزاب وفي مصالح كبيرة بين الدولتين وشراكة تجارية كبيرة، بالإضافة لحالة التوازن بين مصر وروسيا واستمرار مشروع الضبعة النووي.
– وختم الوزير كلامه إنه تم إنشاء “اللجنة العليا الدائمة لملف حقوق الإنسان” عشان توضيح أي معلومات “مغلوطة” بحسب تعبير الوزير عن ملف حقوق الإنسان في مصر، وإنه الخارجية قدمت دور كبير في المراجعة الدورية الشاملة لملف حقوق الإنسان من الأمم المتحدة، وإنه دول كتير أشادت بالملف المصري نتيجة الجهود دي.
*****
كانت إيه ردود الفعل من النواب على كلمة الوزير؟
– الحقيقية لازم نعيد التأكيد على طبيعة مجلس النواب الحالي، واللي أغلبيته جه بتنسيق واختيار أمني مباشر في مقاعد القائمة الوحيدة اللي نافست نفسها تقريبا، أو بمقاعد الفردي اللي حصل في عديد من دوايرها تزوير فج ، وتم استبعاد معارضين بارزين زي أحمد طنطاوي ومحمد فؤاد، وبالتالي طبيعة تشكيلة البرلمان أكيد بتأثر في أدائه.
– كتير من النواب للأسف انطلقوا في وصلات من المزايدات، زي مهاجمة الوزير بسبب المصالحة مع قطر، وفي نواب اتكلمو عن ضرورة عودة العلاقات رسمياً مع نظام بشار الأسد، وناس تانية قعدت تسخر من الكونغرس الأمريكي وليه الكونغرس الأمريكي ميتابعش الفضيحة بتاعت اقتحامه بدل ميتكلم عن حقوق الإنسان في مصر، وفيه اللي طالب باستخراج جواز سفر “خاص” لأزواج النائبات، وفيه اللي طالب الكونغرس الأمريكي بالإفراج عن المعتقلين اللي عندهم بسبب أحداث اقتحام الكونغرس!
– في الحقيقة وبعيد عن الكلام ده كله في نائبين لازم نقف عند كلماتهم لأنها كانت كلمات ذات معنى وجديرة بالنقاش:
– الأولى وهي من النائبة سحر البزار، واللي اتكلمت في نقطة فنية خاصة بالخدمات اللي بتقدمها الخارجية للمواطنين المصريين، وهو موضوع التأشيرات المفتوحة للدول وقوة جواز السفر المصري، وإنه مصر في مرتبة متأخرة مقارنة بدول الخليج مثلاً اللي جواز سفرها بيتيح لحامله السفر لكتير من الدول بدون تأشيرة، وليه وزارة الخارجية معندهاش خطط واضحة لده، وده كلام لحد ما فني ويحترم.
– أما الكلمة التانية، فهي للنائب فريدي البياضي، نائب الحزب المصري الديمقراطي المعارض، واللي سأل الوزير بطريقة قوية في ملف سد النهضة، وليه دول عندها استثمارات كبيرة في إثيوبيا زي السعودية والإمارات مصر مش قادرة تطلب منهم التدخل لحلحلة الملف المتأزم؟ وسأل كمان عن خطط الوزارة للتعامل مع إثيوبيا خصوصاً مع تفريط الحكومة في العلاقة الجيدة مع إدارة ترمب في ممارسة ضغوط حقيقية على إثيوبيا، وإزاي الخارجية هتتعامل في الملف ده مع وجود إدارة بايدن؟
*****
كانت إيه إجابات الوزير على الأسئلة؟
– بشكل عام الوزير كان هادي وبيحاول ميجاوبش على أي أسئلة بذكر معلومات محددة وواضحة، سواء في ملف سد النهضة مثلاً اللي مقالش فيه غير إنه (مصر لن تفرط في حقوقها التاريخية، وإنه المفاوضات طالت رغم إنه مصر بتقدم حسن النية، لكن الجانب الإثيوبي مبيراعيش مصالحنا زي مبنراعي مصلحته، وده أمر لازم يكون ليه حد) بدون التطرق لأي تفاصيل عن أي تحركات جديدة، ولا إجابة مباشرة على أسئلة النواب.
– الوزير قال في كلامه عن المصالحة مع قطر، إنه “في جوانب سياسية للتصالح مع قطر وبالذات تضامننا مع الأشقاء في السعودية والإمارات”، ومش عارفين الحقيقة هل الوزير هنا بيعترف بشكل ضمني إنه الدافع الرئيسي للتصالح هو الضغط اللي مارسته السعودية وموافقة دولة الإمارات، هل يعني دا إن مصر معندهاش موقف محدد ومستقل في الملف ده؟ وبالتالي سياستنا في الملف محتاجة توضيح للرأي العام، وصحيح الإعلام تجاهل كلام الوزير والنواب نفسهم معلقوش على النقطة دي بعد كلام الوزير بما فيهم اللي سألوه، لكن الكلمة كانت تستحق التوقف عندها.
*****
مصر بتمر بلحظات حساسة خارجياً وخاصة فيما يتعلق بسد النهضة اللي هو متعلق بحياة المصريين بشكل مباشر، لذلك بيان الحكومة عن السياسة الخارجية مينفعش يكون مجرد سرد عام.
– في النهاية وبغض النظر عن قناعاتنا بدور مجلس النواب في الرقابة على الحكومة وصنع السياسات العامة وإننا بنتمنى نشوف المجلس ليه أدوار حقيقية في ده، لكن مهم إننا نقولكم على التفاصيل دي خصوصا لما يكون الموضوع متعلق بملف مهم زي السياسة الخارجية.
– بالتالي بنشوف إن الجلسات دي مينفعش تبقى مجرد بروتوكولية، بل لازم تكون النقاشات فيها على المستوى المطلوب للتقييم.
– وأكيد بنتمنى إنه ييجي يوم ووقت يكون فيه عندنا برلمان منتخب بشكل حر ونزيه وجلساته مذاعة وبيحاسب الوزراء فعلاً ويراقبهم ويكون مشارك في صنع السياسة العامة للدولة.
*****
مشاركة: