خلال اليومين اللي فاتوا سمعنا كلام كتير عن قصة إلغاء “لومارشيه” للأثاث؛ ورغم انها قد تظهر قصة صغيرة تخص رجل أعمال لكن وسط التفاصيل نكتشف مدى ضخامة دلالاتها السياسة والاقتصادية.

إيه أهمية معرض “لومارشيه” للأثاث؟
– “لومارشيه” هو أكبر معرض أثاث وديكور دولي بمصر والشرق الأوسط، تنظمه المجموعة العربية الأفريقية للمؤتمرات الدولية “أبيك”، برعاية وكالة طارق نور للإعلان.
– كان بيشارك السنادي ٢٥٠ عارض أو شركة مصرية ودولية.
– دي الدورة رقم ٣٧، يعني بقاله ٣٧ سنة شغال بلا انقطاع.

*****

مين اللي قرر الإلغاء؟ الرئيس مش عايز ولا مش قادر؟
– من أسبوع تقريبًا، طلع كلام إن المعرض هيتلغي السنة دي، وإن في عملاء سحبوا إعلاناتهم من وكالة طارق نور بعد الإلغاء، وبعدها صدر قرار الإلغاء “لدواعي أمنية”.
– المشاركين في المعرض نشروا استغاثات في الجرايد للرئيس السيسي ولوزير الداخلية.
– مساء يوم الاتنين اللي فات، أعلن المستشار الفني لشركة “أبيك” مصطفى إسماعيل، إن المعرض هيتم إقامته في موعده، وده بعد تدخل الرئيس السيسي. مصطفى اسماعيل عمل مداخلة مع لميس الحديدي وقال “نشكر السيد الرئيس السيسي لتدخله السريع”، وقال إن سبب الالغاء في الاول كان “بعض النقاط التنظيمية، وتم التعامل معها”.
– المفاجأة انه بعد ساعات قليلة من المداخلة دي، صباح الثلاثاء، الداخلية أبلغت طارق نور تاني ان المعرض اتلغى نهائياً، وبسرعة قوات أمن قسم مدينة نصر قامت إخلاء قاعات المعرض من العارضين اللي كانوا بالفعل بينزلوا بضاعتهم وشغلهم!
– هل الرئيس السيسي تدخل وبعدين غير رأيه؟ ولا الرئيس كذب على مصطفى اسماعيل وكان عارف من الأول؟ ولا بالعكس هما اللي بيكذبوا وهوا متدخلش ولا حاجة؟ ولا تدخل وفيه جهة تانية أخدت قرار عكسه ونفذته؟! محدش يعرف الإجابة لكن الأكيد إنه مفيش أي بيان من الرئاسة لتوضيح شأن بالأهمية المحلية والدولية دي، واللي يمس الرئيس بشكل مباشر.
*****

هل “الدواعي الأمنية” دي هي السبب الحقيقي لإلغاء المعرض؟
مفيش شيء يقيني يقولنا، لكن فيه أسباب للشك.
– معرض “لومارشيه” بيقام من ٣٧ سنة بلا توقف، وده يشمل سنة ٢٠١١ وكمان سنة ٢٠١٣، رغم كل المشاكل الأمنية اللي حصلت في الوقت ده .. معقول الداخلية عرفت تأمن المعرض في أصعب الأوقات السابقة، ومش قادريت تأمنوه دلوقتي؟ هوا الأمن بيتقدم ولا بيتأخر؟
وكمان تاريخ ومكان المعرض معروف من زمان، ازاي فجأة كده قبله بيومين تكتشفوا انكم مش عارفين تأمنوه؟
لو فعلا الدواعي الأمنية هيا السبب اللي يخسرنا الخسارة دي، فده بحد ذاته يخلينا نطالب باقالة وزير الداخلية المقصر في عمله.
– البعض أشار لخبر إن الهيئة القومية للإنتاج الحربى وشركة “ماتريكس جروب” بيتعاونوا لإقامة معارض باسم “اسعد مصري”، واللي هيتم فيها بيع سلع معمرة وأدوات منزلية وأثاث خشبي لتجهيزات القرى السياحية والمدارس، وانه ده تعمد عشان ميكونش فيه منافس لمعرض القوات المسلحة .. لكن فيه رد اتقال ان المعرضين مختلفين في المعروضات لأن لومارشيه خاص بالأثاث والديكور المنزلي.
– السبب الأقوى هوا تزامن إلغاء المعرض مع حملة هجوم شبه رسمية على الإعلامي إبراهيم عيسى، اللي بيقدم برنامج على قناة “القاهرة والناس” اللي بيمتلكها رجل الأعمال طارق نور. الحملة دي شارك فيها رئيس مجلس النواب علي عبد العال، اللي اتهم عيسى إنه بييشعل الفتنة بين الأقباط والمسلمين، وكمان شارك فيها رئيس مدينة الإنتاج الإعلامي ورئيس لجنة الإعلام بالبرلمان النائب أسامة هيكل، اللي قال أن عيسى اعتاد على “دس الكذب”.
وده خلى النائب محمد أنور السادات يتقدم ببيان لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية، يطلب فيه توضيح أسباب إلغاء المعرض، ويقول إنه “لا يستبعد أن يكون القرار سياسي وليس لدواعٍ أمنية، ويحمل رسالة معينة لطارق نور بسبب ظهور إبراهيم عيسى على قناة القاهرة والناس”.
ده يخلينا نشك إن ال كان “قرصة ودن” شديدة لطارق نور عشان يبعد إبراهيم عيسى عن قناته، أو يخليه يمسك لسانه على الأقل.

*****

إيه هي أضرار إلغاء المعرض؟
– جريدة البورصة نقلت عن مصادر قريبة الصلة من وكالة طارق نور للإعلان، إن الخسائر المبدئية للوكالة، بعد إلغاء المعرض، حوالي ٦٠ مليون جنيه.
طيب طارق نور في النهاية خسارته الشخصية هيقدر يتحملها .. ومش بعيد أصلاً كمان شوية يتم اعادة المعرض في فترة قادمة، بعد ما يكون الجهة اللي منعته حققت غرضتها السياسي، سواء كانت “قرصة ودن” شديدة لطارق نور عشان يبعد ابراهيم عيسى أو يمسك لسانه شوية، أو اي غرض تاني الله أعلم.
– المشكلة الرئيسية في شركات ومصانع الأثاث المشاركة في المعرض، كل شركة منها خسرت ٢٥٠ -٥٠٠ ألف جنيه مصاريف مباشرة، غير انها خسرت فرص التصدير وعقود البيع.
– ده غير خسائر كم ضخم من الورش الصغيرة اللي بتخدم على الصناعات دي، وحالة الركود اللي هتزيد بسبب عدم بيع منتجات بتتجهز بقالها شهور، لإن الشركات دي بتنتظر المعرض من السنة للتانية عشان يفتح لها باب رزق .. ممكن نتخيل كام أسرة صنايعي هيتأثروا، ودخول مصريين جدد للفقر والبطالة والجريمة.
– الاقتصاد المصري كله خسرت دولارات كانت هتيجي بعقود التصدير دي احنا في أمس الحاجة اليها، وخسر كمان سمعة دولية كانت مهمة لينا جدا واحنا كل يوم نقول فين الاستثمار وليه مش بييجي الاستثمار؟
– الواقعة دي دليل واضح جداً تاني على اللي مش هنزهق من تكراره: مشاكل الاقتصاد فيها جانب سياسي جنب الجانب التقني، سواء كان السبب السياسي هنا هوا قصة ابراهيم عيسى، أو عدم كفاءة الداخلية، أو أي سبب تاني، لكن الاكيد ان الجانب التقني كان سليم جدا، والشركات المصرية والدولية جاية، والعملاء والمتعاقدين جايين وكله تمام..
مع بعض بوعينا ثم تنظيمنا وعملنا هنصلح مصر في الجانبين اللي بيكملوا بعض: التقني والسياسي.
*****




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *