خلال الفترة اللي فاتت بدأ يظهر كلام كثير عن مستقبل شركة مصر للألمونيوم بنجع حمادي في قنا، واحدة من أكبر وأهم شركات القطاع العام، لأن الشركة مستمرة في أزمة من 2016 بسبب قرارات تعويم الجنيه ورفع أسعار الكهرباء للمصانع.
– النهاردة حنشوف معاكم ايه مشاكل مصر للألمنيوم؟ ازاي تتحل قبل ما نوصل لطريق مسدود زي ما حصل مع القومية للأسمنت والمصرية للملاحة وغيرهم؟
*****
ايه أهمية شركة مصر للألومنيوم؟
– شركة مصر للألمونيوم هي الشركة الوحيدة لصناعة الألمنيوم في مصر، افتتحت عام 1975، وكانت أحد أفكار المشاريع القومية للاستفادة من كهرباء السد العالي، وتم إنشاؤه بتكنولوجيا وماكينات من الاتحاد السوفييتي، بطاقة إنتاجية تقدر ب 166 ألف طن سنوياً.
– الشركة اتبنت على مساحة 5000 فدان في نجع حمادي في قنا، ومكانتش مجرد مصنع أو شركة لكن بقت مدينة كاملة، منشآت صناعية ومدن سكنية للعاملين ومزارع خضروات وفاكهة وإنتاج حيواني، بخلاف الموانئ البحرية والنهرية وأسطول للنقل البري والنهري، ومخازن سواء بداخل المنشآت الصناعية أو خارجها بالقاهرة وسفاجا والإسكندرية.
– حجم الشركة الكبير وربحيتها العالية كانت سبب في تأثير اقتصادي إيجابي كبير على العاملين فيها، وفضلت شركة مهمة لكل الحكومات المصرية لأنها في صناعة استراتيجية وبتوفر استيراد الألومنيوم بالعملة الصعبة وبتوفر احتياجات السوق المحلي كله تقريبا، وده يشمل توفير خام الألمونيوم لعدد كبير من المصانع والشركات الأخرى بالإضافة لكل ورش الألمونيوم المنتشرة في مصر ودي كلها عمالة وحركة للاقتصاد أكبر بكتير من العمالة المباشرة في الشركة نفسها.
*****
إيه وضع شركة الألمونيوم دلوقتي؟
– الشركة حالياً فيها 7500 عامل ومهندس، والطاقة الإنتاجية ليها حوالي 320 ألف طن سنوياً، وبتطمح الشركة للوصول في خططها الجديدة ل 500 ألف طن سنوياً وطرحت مناقصات لمشروعات التوسعات الجديدة مؤخراً.
– مؤخراً بدأت الشركة تتكبد خساير وصلت في الشهور الأخيرة فقط ل 280 مليون جنيه مسجلة في التقرير المالي الأخير للشركة.
*****
إيه أسباب الخساير الأخيرة؟
– السبب الرئيسي هوا قرار وزارة الكهرباء زيادة السعر للمصانع كثيفة الاستهلاك للطاقة بنسبة 14%، والكهرباء هي أهم عامل من عوامل إنتاج الألمونيوم.
– كلفة الكهرباء كانت في سنة 2012 – 2013 مليار و467 مليون جنيه، ووصلت في السنة الأخيرة ل 5 مليار و 455 مليون جنيه يعني 5 أضعاف!
– تكلفة الإنتاج 40% منها بيروح لفاتورة الكهرباء لوحدها، وده اللي مخلي الخساير المحتملة السنة دي لأكتر من 2 مليار و388 مليون جنيه لو استمرت الشركة بنفس الوضع.
– وده اللي خلى الشركة مؤخراً تقرر وقف 60 خلية صناعية عن العمل من بين 517 خلية، عشان الإنتاج والتكلفة يقلوا، لأن تكلفة كل قرش زيادة في الكهرباء بيكلف الشركة 50 مليون جنيه زيادة.
– الزيادة الأخيرة في 2019 في سعر الكهرباء وصلت التعريفة ل حوالي 6.7 سنت للكيلو وات، وده خلى سعر الكهرباء اللي بتحصل عليها شركة مصر للألمونيوم هو الأعلى عالميا في التكلفة، مقارنة مع أشهر وأكبر مصانع العالم في الصين وروسيا والهند وتركيا اللي سعر الكهرباء فيهم 3 سنت للكيلو وات، بحسب مجلة “Wood Mackenzie”.
– ومع تراجع الطلب المحلي على الألمنيوم المصري نتيجة المنافسة الكبيرة مع الألومنيوم المستورد من دول الخليج الرخيص نسبيا لرخص أسعار الطاقة ومدخلات الإنتاج المختلفة حصل تراكم للمخزون في شركة مصر للألومنيوم، واللي عمل أزمة سيولة مع الوقت.
– في مشاكل تانية مهمة لخسائر الشركة زي هبوط سعر الدولار وده اللي خلى صادرات الشركة تقل 800 مليون جنيه، بالإضافة لمشاكل تانية متعلقة بالإهمال المستمر في تجديد خطوط الإنتاج عشان توصل لتقنيات جديدة بتقلل من استخدام الكهرباء وبالتالي تكاليف الإنتاج، زي تقنية الإنتاج “جنب إلى جنب” side by side واللي هتقلل الاستهلاك ب 1500 كيلو وات / ساعة / طن، بدل من الاستهلاك الحالي اللي بيوصل ل 14 ألف كيلو / ساعة / للطن.
*****
– ده بالإضافة لبعض عمليات الفساد اللي تراكمت عبر سنوات سابقة، مثلا تقرير للجهاز المركزي للمحاسبات 2012 اللي بيتكلم عن عمليات “سرقة للألمونيوم” واللي وصلت كمية المسروق حوالي 975.7 طن، وده قيمته 15 مليون جنيه وقتها.
– في تقرير صحفي نشرته “المصري اليوم” سنة 2016، بيتكلم عن تعاقد الشركة مع شركة خاصة لنقل الألمونيوم الخام للقاهرة والاسكندرية، رغم امتلاك شركة مصنع الألمونيوم أسطول عربيات يقدر ب 67 عربية !
– ده بالإضافة لعدم الاستفادة من الأسطول النهري للشركة رغم أنه مفيهوش مشاكل كبيرة والاستعانة بشركات خاصة لنقل الخام للقاهرة والإسكندرية.
– المفروض كمان أنه الشركة عندها محطة إنتاج كهرباء خاصة بيها لمصنع البلوكات، وصهر القار وغلاية الزيت، لكن المحطة دي مشتغلتش غير عشر سنين ومتوقفة لحد دلوقتي، بالرغم من أسعار الكهرباء العالية اللي بتشتكي منها الشركة!
*****
فين المسؤولين من الوضع الحالي؟
– من وقت ما بدأت خساير الشركة عدد من نواب البرلمان تفاعلوا معاها، زي النائب عبدالحميد كمال اللي قدم طلب إحاطة، وكمان النقابة العامة للصناعات المعدنية أرسلت استغاثات ومذكرات لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء للتدخل لإنقاذ الشركة.
– أما النائب المحترم والمجتهد محمد فؤاد قدم ورقة عمل متكاملة لعلاج مشاكل الشركة في زيادة أسعار الكهرباء وعرضها على لجنة الصناعة في البرلمان، لكن لسه متفعلتش لحد دلوقتي وهنعرض بعض ما جاء فيها.
– ده غير خطط تطوير بتناقشها إدارة الشركة ووزارة قطاع الأعمال العام، لكن لسه متمش اتخاذ قرار حاسم.
*****
ايه الرؤية والحلول المقترحة؟
– أهم حل عاجلة مطلوب هوا توفير الكهرباء بسعر أقل للشركة، خصوصاً واحنا بنشوف تجارب لشركات في العالم بتقفل وبتشهر إفلاسها بسبب ارتفاع تكاليف الكهرباء عليها، زي مصنع aluminiji في البوسنة واللي اتراكمت عليه الديون بسبب أزمة الكهرباء، بينما على الجانب الآخر الصين مثلاً واللي فيها أكتر من 217 مصهر ألمونيوم بينتجو 75 مليون طن سنوياً وبتكلفة 11% من الاستهلاك السنوي للكهرباء في الصين.
– توفير الكهرباء بسعر قليل مش لازم يتم بالدعم المادي المباشر، لكن ممكن يتم عن طريق ربط أسعار ع توريد الكهرباء للمصنع بأسعار البترول اللي بتقل كل يوم عن التاني، أو ربطه ببورصة أسعار الألمونيوم العالمية، بحيث تفضل الأسعار متوسطة وتدي للشركة مساحة تنافسية كويسة مع نظائرها في العالم، خصوصاً وإنه عندنا فائض في إنتاج الكهرباء دلوقتي عالمستوى القومي.
– من المهم كمان إصلاح محطة الكهرباء اللي جوة المجمع، أو المساعدة في ضخ استثمار لإنتاج الكهرباء بالطاقة الشمسية، وده هيكون أفضل كمان من الجانب البيئي.
– وزارة قطاع الأعمال طرحت خطة تطوير في 2017 تشمل إنشاء مصنع ل” جنوط السيارات” ضمن أرض مصنع الألمونيوم بتكلفة 10 مليار جنيه، وكانت الشركة في الوقت ده بتحقق سنوياً 800 مليون جنيه من الأرباح، خاصة وإن الشركة بتنتج الألمونيوم مش عن طريق صهر الخردة، ولكن بيتم إنتاجه ودرفلته من الخام بجودة عالية.
– وفي ديسمبر اللي فات قررت الشركة طرح مشروع جديد لإنشاء محطة طاقة شمسية بقدرة 300 ميجا وات توفر جزء من حاجة الشركة، مع إحلال وتجديد بعض خلايا الكهرباء الإنتاجية بتكلفة 300 مليون جنيه، لكن لسه التعاقد ده متمش.
– ضخ استثماررات لسد حاجة الشركة لتجديد وإحلال خطوط الانتاج، سواء الاستثمارات دي من الموازنة أو بالشراكة مع القطاع الخاص وده فيه ميزة تعزيز حسن الإدارة والدراسة المستمرة للسوق.
– لازم يكون عندنا سياسة حكومية حمائية للمنتج المحلي في بعض الصناعات الاستراتيجية اللي زي صناعة الألمونيوم، شوفنا في الحرب التجارية الأخيرة بين الصين والولايات المتحدة وبين تركيا والولايات المتحدة إزاي أمريكا بتستخدم الجمارك لحماية صناعاتها المحلية، ده حل مطروح ضد منافسة الخليج وتركيا ولو بشكل مؤقت ندي ميزة نسبية بالجمارك للمنتج المحلي لحين تجاوز الأسزمة، ودا تأثيره قد يكون سلبي علي ورش الألومنيوم في الوقت القريب، لكنه مهم على المدى الطويل لحد ما نحل مشاكل الكهرباء عشان تكون المنافسة عادلة.
*****
– غير مشكلة المصنع نفسه مهم نقول إن في كتير من الورش والمصانع الصغيرة بتشتغل بدون ترخيص في صناعة الألمونيوم بطاقة إنتاجية صغيرة لكنها بتشغل عمالة كتيرة، مثلاً بيقدر ان مركز ميت غمر لوحده فيه 70 ألف عامل في ورش ومصانع صغيرة للألمونيوم غير مرخصة، وبتتأثر برضه بعدم نشاط مصنع الألمونيوم وخسايره أو تكاليفه العالية، فلازم يتم إدماج الورش دي في القطاع الرسمي، بأماكن جديدة لعملهم برة المناطق السكنية، وبتراخيص تضمن تسجيلهم ودفعهم للضرايب، وفي نفس الوقت تسهيل نشاطهم في خدمات زي الغاز الطبيعي والكهرباء، لأنهم جزء من حركة السوق، إذا كان مصنع الألمونيوم فيه 10 الآف عامل فدول 7 أضعافه وأياً كانت طاقتهم الإنتاجية فبالتأكيد لما يترخصوا ويدفعوا ضرايب هيكون أفضل للدولة وللصناعة ولنشاط مصنع نجع حمادي.
*****
– اتكلمنا في أكثر من مرة عن نماذج مختلفة إيجابية أو سلبية في إدارة شركات القطاع العام ونشرنا اقتراحات الحلول الموضوعة قدام المسئولين، وأشدنا بدور الشركة القابضة للصناعات المعدنية تحت إدارة مدحت نافع في إنقاذ الدلتا للصلب من فترة قريبة، محتاجين اللي اتعمل في الدلتا للصلب يتكرر مع صناعات تانية مهمة زي صناعة الألمنيوم.
– بشكل عام في ملف شركات القطاع العام محتاجين نتجنب أسباب الانهيار السابقة من سوء الإدارة والفساد، وده مهم فيه تغيير السياسات مش الأشخاص، وكمان عنصر الوقت مهم جدا كل ما يتأخر القرار وتتراكم الخسائر كلفة أي تطوير بتزيد والأوضاع بتتعقد، بدل ما نصل لنقطة انه مفيش بديل الا تصفية الشركة زي ما حصل لشركات أخرى.
– مهم برضه نأكد على أهمية دور الرقابة الشعبية اللي المفروض بيقوم بيها البرلمان مع الأجهزة الرقابية التانية، نائب زي محمد فؤاد اللي قدم خطة لمصنع الألمونيوم، ونائب تاني زي هيثم الحريري بيقدم أسئلة عن إدارة بعض شركات القطاع العام زي المصرية للملاحة وغيرها، لكن لو في برلمان قوي وفاعل مش أفراد نادرين الوضع كان هيختلف خاصة ان البرلمان مفروض انه هوا اللي يعين ويعزل الوزراء، ونفس الكلام ينطلق على نزاهة انتخابات اتحادات العمال.
– شفافية وقانون حرية تداول المعلومات وإعلام حر كان هيتم نشر ميزانيات الشركات المملوكة للقطاع العام كلها بما فيها غير المدرجة بالبورصة ونعرف خسايرها وأرباحها لأنها أموال مملوكة للشعب، ولو عندنا إعلام حقيقي كان هيتابع ويغطي وينشر آلاف القصص والشهادات من العاملين والإداريين، ويستطلع آراء الخبراء. عبر عشرات السنين من غياب الديمقراطية تراكمت مشاكل الفساد وسوء الادرة وغياب التخطيط بمجالات كتير ، وده اطار العام ناقصنا كسياسات لمكافحة الفساد وسوء الإدارة، لصالح كل المصريين.
*****



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *