– من حوالي أسبوع طلعت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تقرير عن الدين الخارجي المصري في 2020، التقرير مهم لأنه بيرصد تأثيرات جائحة كورونا على الاقتصاد المصري واللي زودت معدلات الاقتراض.
– كمان التقرير بيحط خط أحمر تحت عملية الاقتراض نفسها، وإزاي بتم بدون رقابة أو عرض على البرلمان؟ وخطورة دا بشكل عام على الاقتصاد المصري.
– النهارده هنستعرض معاكم تقرير المبادرة المصرية، ونشوف ليه مهم الانتباه لقفزات الدين الخارجي اللي بتحصل.
*****
ايه اللي بيحصل في الدين الخارجي؟
– في قفزات متكررة في الدين الخارجي المصري في السنوات الأخيرة، وتحديدا أربع قفزات في 2013 و2016 و2017 وأخيرا في 2020.
– القفزات دي بتقول كثير عن مدى هشاشة الوضع الاقتصادي في مصر وتأثره بصدمات اقتصادية أو سياسية داخليا وخارجيا، بالتالي بيكون الحل الأسهل هو الاقتراض، في 2013 في صدمة بسبب عدم الاستقرار السياسي تدفقت على أثرها أموال اقتراض من الخليج تحديدا، وفي 2016 و 2017 كانت صدمة التعويم اللي اقترضنا بعدها كثير، وفي 2020 هنلاقي كورونا وهي حاجة ملناش ذنب فيها لكن اقترضنا بسببها كثير.
– الدين الخارجي في الـ 10 سنوات اللي فاتت ارتفع بأكثر من ضعف، لكن معظم الزيادة دي جت بعد 2016، ومن المتوقع أنه السنة دي الدين يوصل لـ 139.4 مليار دولار، وهو حاليا حوالي 123 مليار دولار. ودلوقتي الدين الخارجي بيمثل 35% من الناتج المحلي يعني أكثر من ثلث الناتج المحلي.
– نصيب الفرد من الدين الخارجي زاد أيضا بأكثر من الضغف في السنوات العشرة الأخيرة، من 400 دولار في 2010 لحوالي 900 دولار حاليا للفرد.
– هيكل الاقتراض حاليا في 2020 فيه اعتماد على المؤسسات الدولية صندوق النقد – والبنك الدولي والمؤسسات اللي زيهم- اللي بتمثل حوالي 31% من الاقتراض اللي تم في 2020، والدول العربية 21% والصين 6% و 18% من السندات الدولية والباقي موزع على دول تانية زي اليابان وأمريكا وغيرهم.
– بجانب الزيادة الأخيرة في الاقتراض بسبب كورونا، هنلاحظ كمان أنها زيادة مش من جوه الموازنة يعني لم يتم الرقابة عليها من البرلمان لأنه تم اقتراض الأموال دي من بره الموازنة، مثلا قرض القطار السريع بره الموازنة وغيره.
– هنلاقي أنه الاقتراض في موازنة 2020 كان 7 مليار دولار بينما الدين الخارجي زاد بحسب بيانات البنك المركزي الضعف حوالي 14.5 مليار دولار.
– الاتجاه ده مش بس السنة دي، ده اتجاه متزايد في السنوات الأخيرة، بمعنى إن عمليات الاقتراض من بره الموازنة توسعت بشكل كبير.
– في 2010 مثلا كانت قروض الحكومة المركزية اللي هي متشافه في الموازنة حوالي 26 مليار دولار من إجمالي حوالي 30 مليار دولار. وكان البنك المركزي والمؤسسات الحكومية الأخرى زي البنوك الحكومية والهيئات العامة قروضها كلها لا تتجاوز 4 مليار دولار.
– بينما حاليا في 2020 لو بصينا على هيكل الدين هنلاقي أنه البنوك الحكومية والبنك المركزي والهيئات العامة زي هيئة البترول وقناة السويس وهيئة المترو والتعمير والإسكان قروضهم حوالي 54 مليار دولار.
*****
ايه خطورة اللي بيحصل ده؟
– خلينا نتفق أولا أنه مفيش دولة في العالم مش بتقترض، الطبيعي والموجود في العالم كله أنه الدول بتقترض عشان تمول النمو الاقتصادي لكن نوعية الاقتراض وبيستخدم في ايه، هو ده السؤال الحاسم والمهم في قصة الدين الخارجي.
– ومع ذلك لازم نعرف إن معدلات الاقتراض المتسارعة دي بتحط ضغوط كبيرة على الاقتصاد في الوقت اللي القروض مش بتستخدم غير في حاجتين أولهم إعادة سداد القروض القديمة، وثانيا مشروعات البنية التحتية الكبيرة زي العاصمة الإدارية، والقطار السريع والمونوريل وغيرها من المشروعات.
– الضغوط دي هنشوفها لما نعرف أنه أكثر من نص الاحتياطي الأجنبي المصري من المفترض أنه يسدد القروض المستحقة خلال سنة من دلوقتي، يعني إحنا محتاجين 21.9 مليار دولار عشان نسدد قروض خلال سنة من حوالي 40 مليار دولار احتياطي نقدي.
– طبعا الحكومة هتلجأ للاقتراض مرة تانية عن طريق سندات دولية أو صكوك سيادية بنخطط لطرحها قريب عشان تسدد الديون دي، وبالتالي هنفضل في دائرة مغلقة من الاقتراض وإعادة الاقتراض لتسديد القروض القديمة.
– المشكلة كمان في موضوع إصدار السندات الدولية إننا بنقدم عليها أسعار فائدة مرتفعة جدا، من الأعلى في العالم تقريبا بعد تركيا والأرجنتين عشان نجذب المستثمرين ليها، كذلك السندات المحلية اللي بنصدرها واللي بيملكها أجانب عشان أسعار الفائدة عليها عالية 13% تقريبا هي مشكلة أخرى لأنه مع أي أزمة اقتصادية بيحصل تخارج جماعي للمستثمرين في أدوات الدين المحلية اللي زي السندات وأذون الخزانة.
– بالمناسبة التخارج الجماعي ده حصل ومصر خسرت حوالي 15 مليار دولار من الاستثمارات دي في شهر أبريل ومايو 2020 بسبب كورونا وساعتها البنك المركزي اضطر يدخل ويدفع للمستثمرين اللي تخارجوا عن طريقه مش عن طريق السوق الطبيعي، وده عشان يحافظ على استقرار سعر صرف الجنيه.
– الوضع الحرج ده ساهم فيه بشكل مباشر الاقتراض المكثف لتمويل مشروعات كبيرة في شكوك جدية حوالين جدواها الاقتصادية أو على الأقل خالص جدواها على المدى القصير في ظل مشكلات أهم بيعاني منها الاقتصاد المصري.
*****
ايه الحل؟
– لو افترضنا أنه مفيش حل غير الاقتراض من الخارج وتحميل الأجيال القادمة عبء تسديد الديون دي، فعلى الأقل لازم نحافظ على استراتيجية رشيدة في إدارة الدين العام وإدارة الدين الخارجي.
– لازم أموال الديون دي تتوجه في مشروعات إنتاجية قادرة على توليد دخل مستدام للمواطنين، عن طريق الاستثمار في قطاع صناعي بيوظف ناس بظروف عمل جيدة واستغلال الميزات النسبية لمصر في قطاعات كتيرة.
– لازم جزء من الاستراتيجية يكون توجيه جزء من الديون لتشجيع التصدير عشان نقدر نوفر عملة صعبة نسدد بيها القروض بشكل أكثر استدامة، ومنكنش مضطرين للاقتراض مرة تانية عشان نسدد قروض قديمة أو على الأقل نقلل الاقتراض تدريجيا، أو بالبلدي نعرف ناخد نفسنا.
– كل الدول بتقترض، وكل الدول عندها دين عام لكن إدارة الدين العام برشادة وبعد نظر أهم شيء في الاقتراض، لأنه الحكومة لازم تكون مدركة أنها مش هتفضل تقترض لأبد الدهر.
– الحكومة محتاجة تراجع أولويات الإنفاق الحالية، يعني مثلا زيادة مخصصات الاستثمارات في العاصمة الإدارية وغيرها من مشروعات العقارات والبنية التحتية يمكن تأجيلها لما بعد نهاية كورونا، خاصة أن الاقتصاد العالمي كله متراجع وبالتالي معدلات الاستثمار الأجنبي كلها مشكوك فيها.
– لازم نفكر في طرق تمويل مبتكرة لتمويل عجز الموازنة المتوقع، لو مفيش بديل عن قدر من الاقتراض بسبب قلة الحصيلة الضريبة المتوقعة، فمهم البند ده يشمل بحث إعادة التفاوض حول فوائد الدين المحلي مع البنوك اللي في مصر واللي معظمها بنوك الحكومة بتملكها أو بتملك نسب فيها.
– وبنكرر توصية المبادرة المصرية في شغلها على ملف الديون الخارجية بضرورة عودة الاقتراض لأيادي الحكومة فقط، وكمان يبقى تحت إشراف البرلمان، بحيث ميكونش فيه أي ديون خارجية بدون إشراف برلماني أيا كانت الجهة المقترضة، وكمان لازم نشوف خطة واضحة مقدمة للسداد، وكذلك خطة لاستخدام الأموال دي.
– وكمان محتاجين سقف قانوني للاقتراض الخارجي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، وكمان سقف لاقتراض البنك المركزي الخارجي (كنسبة من الاحتياطيات النقدية).
– نتمنى أن الحكومة تدرك أنه طريق الديون والاقتراض لازم يكون له نهاية بالتالي من مصلحة مصر والحكومة والمواطن أنه يكون عندنا بدائل للاقتراض، لأنه الاستمرار في الطريق ده خطر ومش سهل الخروج من الدائرة بتاعة الاقتراض وإعادة الاقتراض لتسديد الديون لأنه في دول كثير في العالم بتعاني من أزمات اقتصادية بسبب ده حاليا، ويمكن تركيا والأرجنتين اللي بيعانوا دلوقتي بعد فترة انتعاش خير مثال للحكومة ولأي حد عاقل.
*****
مشاركة: