– امبارح قررت النيابة تجديد حبس ٤ أمناء شرطة لمدة ١٥ يوم، وده بعد القبض عليهم يوم الأحد بتهمة التورط في تعذيب وقتل الشاب إسلام الأسترالي بمنطقة المنيب، بالإضافة لاتهام النيابة أخلت سبيله بكفالة ٥٠٠٠ جنيه على ذمة التحقيقات.
– القصة ترجع ليوم الإثنين اللي فات لما أهالي منطقة المنيب عملو مظاهرات كبيرة شهدت هتافات ضد الداخلية اللي اتهموها بقتل إسلام.
– الواقعة للأسف بتمثل نموذج متكرر، من أشهر اللي غطيناها هنا قضية قتل المواطن مجدي مكين والشاب محمد عبدالحكيم الشهير بعفروتو.
– النهاردة هنتكلم معاكم في تفاصيل الجريمة دي؟ ورد فعل الداخلية والنيابة العامة علي الموضوع؟ وليه ملف التعذيب داخل أقسام الشرطة مهم لكل المصريين؟
*****
ايه اللي حصل؟
– من أول لحظة ظهرت روايتين للحادث، الرواية الرسمية للداخلية، والرواية اللي الأهالي قالوها لموقع المنصة اللي عمل تغطية صحفية جيدة عن القضية في وقت غابت فيه معظم التغطيات الصحفية من الصحف والمواقع المؤيدة للسلطة.
– رواية الأهالي هي أنه إسلام شاب عنده محل عصافير في منطقة المدبح بالمنيب، وحصلت مشادة بينه وبين أمين شرطة حاول إزالة “تندة” على باب المحل.
– أمين الشرطة شتم إسلام بأمه وإسلام رد له الشتيمة، فتم ضربه من القوة الأمنية وخدوه علي القسم، الكلام ده كان يوم السبت 5 سبتمبر.
– اتفاجئ أهل إسلام بأنه إبنهم توفي في مستشفي أم المصريين يوم 7 سبتمبر يعني بعد القبض عليه بيومين، ومصادر من الطب الشرعي قالت لموقع المنصة أنه جثة إسلام عليها أثار كدمات.
– رواية الداخلية بتقول أنه اللي حصل مشاجرة بين مجموعة من الناس، تدخلت الداخلية وقبضت عليهم، وأنه إسلام اتصاب في الخناقة إصابات جسيمة وبسببها اتوفى في المستشفى.
*****
ايه اللي حصل بعد وفاة اسلام؟
– تجمع عدد من أهالي المنطقة أمام قسم المنيب في مظاهرة اتصورت بالفيديو وانتشرت علي الفيسبوك.
– قبل ما تقوم الداخلية بفض المظاهرة والقبض علي والدة إسلام مرتين، المرة الأولي فجرا بعد المظاهرات وسابوها بعد كده، وبعدين قبضوا عليها مرة تانية بالليل من أجل الضغط عليها. كمان قبضوا علي شاب تاني اسمه عمرو وهو ابن خاله اسلام وعلي حوالي 50 شخص من أهالي المنطقة اللي شاركوا في المظاهرة.
– الداخلية بحسب شهود عيان اتكلموا مع موقع المنصة بيضغطوا علي والدة اسلام أنها تستلم الجثمان بدون محضر، ووالدة اسلام بالفعل تنازلت عن المحضر قبل ما يتم الافراج عنها، لانه اتقال لها إنها مسؤولة عن مستقبل المقبوض عليهم واتقالها حرفيا “العيال دي هتاخد احكام 10 سنين و15 سنة “.
– الداخلية بالإضافة لكل ده فرضت كردون أمني علي المنطقة وعلى بيت إسلام، وبتفحص بطايق الناس اللي طالعة وخارجة.
– أيضا تم القبض علي الصحفي بموقع درب إسلام الكلحي أثناء تغطيته الأحداث دي من عند قسم شرطة المنيب، وتم ضمه للقضية رقم 855 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا بتهمة نشر أخبار كاذبة، واللي فيها صحفيين أخرين زي سولافة مجدي واسراء عبدالفتاح بالإضافة لنشطاء في مجال حقوق الإنسان زي ماهينور المصري ومحمد الباقر!
– بعد كل ده النيابة نزلت تحقق بالفعل، وفصحوا تفريغ كاميرات محلات بالمنطقة فشافوا كذب رواية الداخلية بالكامل، ظهر مشهد للاعتداء على إسلام أثناء القبض عليه، وظهر إن إسلام دخل القسم وهوا حي، ده غير إن النيابة سمعت 5 شهود أكدوا رواية الأسرة.
– رغم كل ده مازال الصحفي إسلام الكلحي مسجون رغم إن النيابة نفسها كده بتأكد صدق كلام الأهالي، اللي إسلام كان كل دوره زي أي صحفي انه يسمعهم ويغطي، لموقع درب المحجوب أصلا بدون سند قانوني.
*****
ليه محتاجين إصلاح شامل لجهاز الشرطة ومنظومة العدالة؟
– في القضايا دي، بيكون صعب جدا الوصول لمرحلة التحقيقات أصلا بدون ما القضية تاخد ظهور في الإعلام والأهالي تحتج والموضوع يكبر، وبعدها غالبا الأحكام بتكون مخففة جدا، زي ما بقضية محمد عبدالحكيم عفروتو اتحكم على ظابط بالسجن ٣ سنوات وأمين شرطة بالحبس ٦ أشهر فقط!
– ده لأنه القانون الحالي بيشترط لتعريف الفعل انه تعذيب “توافر القصد الجنائي”، يعني يكون التعذيب متعمد بغرض إنه يعترف بمعلومة مثلا، أو بغرض التمييز، وساعتها توجه للفاعل تهمة القتل العمد، لكن لما يعذبوه بدون غرض انه يعترف يبقى عادي ده “ضرب أفضى إلى موت”!!
– القضايا دي بيتم التعامل معاها كجنحة وليس جناية، والقانون بيعاقب مرتكبها بالسجن لمدة تتراوح بين 3 و7 سنوات، لو كانت الواقعة بدون سبق إصرار أو ترصد.
– وكمان مفيش أي محاسبة لتورط الداخلية المتكرر في الدفاع عن الجناة، سواء بالبيانات اللي فيها رواية كاذبة، أو بالقبض على آخرين للضغط على الأسرة للتنازل.
– في تقرير مهم لمركز عدالة للحقوق والحريات بعنوان (تعذيب أفضي إلي الموت) رصد فيه 32 حالة موثقة ماتوا من التعذيب خلال فترة الرئاسة الأولى للسيسي، من نص 2014 لنص 2018.،في 23 حالة من 32 بالتقرير، ماتقدموش للمحاكمة أساسا، وحالتين حصلوا على البراءة، بينما 3 حالات فقط تم فيها ادانة مرتكب التعذيب، ولسه 4 قدام المحاكم.
– ده بيؤكد إننا مش بنتكلم عن حالات فردية نادرة، وبيخلينا كلنا أمام سؤال مهم هل دي الطريقة اللي احنا عايزين الشرطة بتاعتنا تشتغل بيها؟ من المفترض أنه الشرطة دورها هو حفظ الأمن والدفاع عن المواطنين بالتالي لما يوصل الوضع لانه المواطنين بيموتوا علي ايد الداخلية نفسها داخل أقسام الشرطة فدا بيهدد السلم الاجتماعي ككل.
– بالتالي احنا محتاجين إصلاح شامل لجهاز الشرطة، ولمنظومة العدالة في مصر بشكل عام، وزي ما قولنا قبل كدة في قضايا التعذيب الإصلاح ده لازم يتضمن الآتي:
1- تعديل قانون التعذيب الحالي، والنص علي تغليظ العقوبة فيه ولا تشمل فقط اللي عذب ولكن مأمور القسم اللي أخل بواجبات وظيفته في الاشراف والرقابة، والنص علي تعويض كبير للأسر، والنص علي استحداث إدارة لمكافحة التعذيب في وزارة الداخلية تكون تابعة للنيابة العامة وغيرها من التعديلات اللي كتبناها قبل كدة في البوست ده ممكن تشوفوه من هنا : https://bit.ly/2ZmvVQP
2- تعديل قانون المجلس القومي لحقوق الإنسان لتحويله لمفوضية كاملة الاستقلال والصلاحيات، ويتم منحه سلطات التفتيش والإخطار (ضبطية قضائية)، وذلك بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني.
3- عمل منظومة كاملة من الكاميرات في الأقسام، وعلى سيارات الشرطة، وبملابس رجال الشرطة، وكلها خارجة عن قدرة رجال الشرطة بالتحكم فيها، كما هو معمول في دول تانية كتير .. ده مش بس حماية للمواطنين من الرشوة والتعذيب، ده كمان حماية للشرطي اللي ممكن حد يفتري عليه ويتهمه بحاجة مارتكبهاش.
– كل التضامن مع الصحفي إسلام الكلحي اللي اتسجن عشان بس بيعمل شغله، وكل العزاء لأسرة إسلام الأسترالي، ونتمني التحقيقات تنصفها وتقدر تاخد علي الأقل جزء من حقها واللي هو حق المجتمع كله أنه يعيش في ظل سلطة ودولة بتحميه مش بتقتله.
*****