– امبارح هيئة الرقابة الادارية أصدرت تقريرها عن وقائع غرق منطقة التجمع الخامس بالسيول، وأهم ما فيه الاعتراف بأخطاء والتقصير، بعضها قد يصل للفساد.
– شفنا ناس بيجيبو صور لشوارع غرقانة في فرنسا أو أمريكا أو الامارات، ويقولك ده عادي كارثة طبيعية وبيحصل في كل الدنيا.
النصابين عايزين يقارنوا اعصار أمريكا أو فيضان فرنسا بشوية مطر!
النصابين عايزين يضحكوا عليك ويفهموك ان كله تمام، وعادي كل البلاد زي بعضها! .. الاسلوب ده متكرر وكل ما يحصل حاجة يجروا على صورة منزوعة من سياقها أو خبر منزوع من سياقه ويقولك هنا زي هناك.
بيتجاهلوا ان الصورة الكبيرة مختلفة تماما، وكمان حتى لو فيه غلط هناك فعلا، وبيحصل طبعا لان الكل بشر، فده مش مبرر تعمل زيه هنا، لانه الغلط هيفضل غلط، ولإنك لازم تشوف اتحاسبوا عليه ازاي هناك مش بيقولو عادي.

– امبارح هيئة الرقابة الإدارية قالت في تقريرها إنها رصدت “وجود أعطال جسيمة وجوهرية بالعديد من الطلمبات ومولدات الكهرباء وشبكات الحريق وبعض لوحات التحكم الرئيسية” وكمان ” ما شاب إجراءات تسليم وتسلم محطات الصرف بين جهاز مدينة القاهرة الجديدة وشركة الصرف الصحي بالقاهرة بالمخالفة، الأمر الذي شكل جريمة جنائية تضر بالمال العام وتستدعى المساءلة القانونية”
وبناء عليه قررت إحالة المسؤولين للنيابة ومنهم “رئيس جهاز مدينة القاهرة الجديدة، رئيس شركة الصرف الصحي للقاهرة الكبرى، أعضاء اللجنة المسؤولة عن استلام وتسلم محطات الصرف الصحي للقاهرة الجديدة، مدير عام التأمين وسلامة الطرق التابع للهيئة العامة للطرق والكباري”.
تحط الكلام ده في وش أي نصاب حاول يقولك أصل ده عادي وبيحصل في كل حتة، وعلم عليه متصدقوش تاني!
*****

إزاي اتعامل المسؤولين بعد الأزمة؟

– رئيس الوزراء قال إنه بيعتذر للمواطنين على اللي حصل، والرئيس السيسي قال “أتفهم تمامًا حالة المعاناة التى ألمت ببعض المصريين” وقال ان الدولة بكافة اجهزتها هتكثف جهودها لعدم تكرار ذلك.
– ده في حد ذاته تطور ايجابي فعلا، ان دي من تصريحات المسؤولين القليلة اللي مش بتحمل الناس مسؤولية أي مشكلة تحصل في البلد، وكمان معلقوش شماعة زي السنة اللي فاتت لما قالو اصل فيه اخوان بيسدو البلاعات.

– أكتر منطقة تضررت كانت التجمع الخامس، واللي المفروض انها خدميا واخدة اهتمام أكتر من مناطق تانية، ماكنش فيها غير 3 عربيات شفط مياه تابعين لجهاز مدينة القاهرة الجديدة، فضلوا يشتغلو لحد تاني يوم الصبح لما جالهم 14 عربية شفط من محافظات تاني.

– كان فيه تصريح عجيب لمحافظ القاهرة بيقول فيه اننا هنحاول نستعين بسيارات الصرف الصحي، رغم ان التجمع خارج الحدود الإدارية بتاعتي، منطقة التجمع تابعة لجهاز التعمير.

– حسب رئيس جهاز مدينة القاهرة الجديدة (التجمع) فمياه الأمطار أكبر من طاقة استيعاب محطات الصرف الصحي، وده برضو اللي قاله تقرير الرقابة الإدارية.

– تقرير الرقابة الادارية انتقد “انعدام الحرفية والمهنية في إدارة الأزمة عقب حدوثها وغياب التنسيق بين وزارات الإسكان والكهرباء والنقل ومحافظة القاهرة للاستفادة من قدرات كل منهم”، وده سبب الأخبار اللي بدأت تظهر عن تغييرات كبيرة بمركز دعم المعلومات واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، واللي مفروض ده دوره الأول.
*****

مش أول ولا أقوى سيول

– لو رجعنا لورا شوية هنفتكر ان فيه سيول أكبر بكتير حصلت فيأكتوبر سنة 2016، وقتها حصل خساير بشرية ومادية كبيرة في محافظات مختلفة زي البحر الأحمر وجنوب سيناء وأسيوط وقنا وسوهاج والوادي الجديد.

– بيانات وزارة الصحة ولجنة تقصي الحقائق اللي عملها للبرلمان قالت وقتها ان السيول نتج عنها وفاة 22 مواطن وإصابة 72 آخرين، بالإضافة إلى إن في 40 مواطن آخرين كانوا في عداد المفقودين.
– الخساير المادية كانت عبارة عن تهدم 499 منزل بشكل كامل، و 1228 بشكل جزئي، وانجراف عدد كبير من سيارات المواطنين، وتضرر 9 مدارس و10 مخابز و7 محطات وقود، وتهدم بعض المساجد والأندية والحدائق، ونفوق 450 رأس غنم وماعز، وغرق مساحة غير محددة من الأراضي الزراعية، وانهيار سدين، وتلفيات في عدد كبير من الطرق.
– سنة 2015 في الاسكندرية حصلت أزمة سيول برضه أدت لوفاة 5 مواطنين وغرق مناطق كبيرة من المحافظة.
– يبقى لما تكون الظاهرة متكررة فمنطقي نسأل ليه محصلش الاستعدادات الكافية؟
وليه كان لازم تحصل الكارثة عشان الأجهزة الرقابية تقول حصلت مخالفات في الاستلام، وفيه حاجات فيها اعطال ..الخ الخ، ليه ده محصلش من الاول؟
*****

هل السيول دي حصلت بشكل مفاجئ؟
– هطول سيول عندنا في مصر أمر مش جديد، بالعكس كل سنة بتنزل سيول عندنا خاصة في مناطق جنوب سيناء والبحر الأحمر وأكتر من منطقة في الصعيد .. يعني فكرة إننا كدولة اتفاجئنا بإن عندنا سيول دي فكرة مستبعدة.
– هيئة الأرصاد الجوية أكدت أكتر من مرة في سيول 2016 انها أرسلت تحذيرات للمحافظات، منهم تحذير قبلها بشهرين .. ونفس الموقف اتكرر المرادي حسب التقرير هيئة الأرصاد بعتت لكل جهات الدولة انه البلد ستتعرض لرياح شديدة يصاحبها أمطار تصل للسيول.
*****

السيول دي من عند ربنا، عاوزين الحكومة تعمل إيه يعني؟

– المنطقي يكون فيه ضوابط استباقية تمنع أو تخفف من آثار السيول بشكل كبير. الطرق مثلًا، المفروض اللي يتم إنشائها في مناطق السيول تبقي مرتفعة عن الأرض، ونحفر أنفاق تحتها عشان مياه السيول تعدى من خلالها من غير ما تضر الطريق نفسه، وده اللي حاصل في عدد من الطرق بمصر زي الطريق الدائري الإقليمي، لكن الطريقة دي غير معممة على كل الطرق السريعة.

– تمت المطالبة أكتر من مرة بشبكة صرف أمطار مستقلة عن شبكة الصرف الصحي في المحافظات المعرضة للسيول، وتجهيز طرق للاستفادة من المياه دي واحنا في بلد تمر بأزمة مائية، خاصة ان ده كان الوضع القائم زمان في الاسكندرية مثلا قبل ما يتم دمج الشبكتين، لكن ده مفهوم انه مكلف جداً تعميمه في مختلف المحافظات.

– الدكتورة رشا الخولي عميد كلية الهندسة بجامعة هليوبوليس قالت للتحرير ان فكرة عمل مجاري جانبية بميول عالية أفضل وأقل تكلفة في الوقت الراهن، من عمل شبكة صرف امطار كاملة تحت الأرض.

-كمان مفروض يتم تفعيل منع البناء في مخرّات السيول، يعني الأماكن اللي معروف انها بتتجمع وتمشي فيها، وده اللي القانون بيقوله فعلًا، لكن الدولة لحد دلوقتي مش قادرة تطبق ده، بحسب رأي لجنة البرلمان اللي اتعملت وقت سيول 2016.
– في عندنا كمان مشكلة متعلقة بالمسؤولية عن مخرات السيول. يعني مثلًا وزارة الري والموارد المائية مسؤولية تجهيز وتطوير مخرّات السيول، لكن الرقابة على المخرّات دي بتم بشكل محلي، يعني كل مركز ووحدة محلية بتكون مسؤولة عن المخرات اللي في نطاقها، وكلنا عارفين آد إيه وضع المحليات عندنا مزري، وبالتالي الاعتماد عليها في مهمة خطيرة زي دي بيكون غير مجدي، وهنا بنرجع تاني لنقطة إن لازم يكون في جهة واحدة مسؤولة عن مخرات السيول بشكل كامل وعلى نطاق الجمهورية.

– يكون فيه صيانة دورية كافية تضمن ان الاجهزة شغالة، وان فتحات التصريف سالكة، وده تحديداً يتعمل قبل موعد السيول.

– يبقي فيه خطط جاهزة لإدارة الأزمات والكوارث وقت ما تقع. يعني مثلًا يكون جاهز خريطة لو حصل سيول في المناطق الفلانية هيتم التعامل في محطات الصرف بالشكل الفلاني، هنأمن الكهربا بطريقة كذا، عربيات السحب هتيجي من كذا وكذا، عربيات الاسعاف والمستشفيات كذا، وده مش حاصل عندنا في مصر.
– وكمان لازم يكون في عندنا هيئة دائمة معنية بالكوارث، تكون قادرة على اتخاذ إجراءات استباقية زي اخلاء أجزاء من المدن والقرى اللي من المتوقع أن تضربها السيول، وده للأسف مش موجود عندنا.

– تقرير لجنة البرلمان 2016 قال في النقطة دي كلام شبيه بنفس اللي اتقال السنادي إنه فيه “غياب تنسيق بين المحافظات بعضها البعض، وبين أجهزة المحافظة الواحدة، وبطء وعشوائية في اتخاذ القرارات مما يؤدي إلى تفاقم آثار السيول”، وده ناتج عن عدم وجود هيئة مركزية دائمة معنية بالمتابعة والتنسيق بين المحافظات في حالة الكوارث.

– الحل بتاع عربيات الشفط ده فى الواقع هو الأخير من كل الحلول السابق ذكرها في التعامل مع مياه المطر، المشكلة ان حتى (الحل) ده بيحصل بدون تنسيق أصلا ولا خطة مسبقة.

-لجنة البرلمان قالت عن سيول 2016 بالنص إنه فيه “انعدام في آلات وسيارات وأجهزة انقاذ المحاصرين داخل المياه ومناطق السيول مما يؤدي لزيادة أعداد الوفيات”، يعني مثلًا عيب جدًا لما نعرف إن مركز أخميم اللي ضربته السيول سنة 2016 مكنش فيه غير سيارة واحدة بس بتشفط مياه السيول، وإن الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي “امتنعت” عن تقديم المساعدة!
تعدي سنتين ونلقى دلوقتي مدينة القاهرة الجديدة ماكنش فيها غير 3 سيارات بس!

– كمان تقرير الرقابة الإدارية بتاع النهارده بيقول ان ماكنش فيه مطابق صرف كفاية في الطرق الرئيسية والفرعية في المدينة، ولا إجراءات تضمن عدم سد المطابق الموجودة، وان اصلا ماكنش فيه خطوط صرف أو بلاعات في طريق الكورنيش والأوتوستراد.

له كل ده مكانش ظاهر من الأول؟ ولا لازم نستنى بعد الكارثة متحصل ونقول يا ريت؟
طيب أهي حصلت، وبدل المرة اتنين وتلاتة، ايه اللي محتاجينه يحصل أكتر عشان ده ميتكررش؟
– الحقيقة انه في الصورة العامة الكبيرة كالعادة بنوصل لجانب سياسي، لو عندنا مجالس محلية منتخبة انتخاب نزيه كان جانب كبير من كل النوع ده من الازمات اتحل أو بقى فيه آلية رقابة تفصيلية عليه .. مصر مفيهاش اي مجالس محلية منتخبة من 2011!
نتمنى في يوم في بلدنا نشوف محليات منتخبة قوية، واجراءات دفاع مدني وادارة أزمات على أعلى مستوى.
*****




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *