– من أسبوع تقريبًا أصدر الرئيس السيسي قرار جمهوري رقم 13 لسنة 2022، القرار ده بينقل ملكية 36 جزيرة نيلية وجزيرة بحرية للقوات المسلحة.

– القرار بيشمل جزر مختلفة المساحة أكبرها جزيرة البدرشين اللي حددت مساحتها إدارة المساحة التابعة للهيئة الهندسية للقوات المسلحة بـ852 فدانًا، وأصغرها جزيرة بحرية أطلق عليها القرار الجمهوري اسم «الجزيرة المواجهة لشركة الأمل» دون تحديد موقعها، ودي مساحتها 7 أفدنة.

– الجزر دي كتير منها ليها مواقع مميزة ومأهولة بالسكان، وبعضها فيه نزاعات مع الأهالي من فترة طويلة، والموضوع فعلًا مخيف.

– إيه تفاصيل القرار ده؟ وإيه اللي ممكن يترتب عليه؟ ده اللي هنتكلم عنه في البوست ده.

*******

إيه مضمون القرار؟
– زي ما قلنا القرار هو موقع من الرئيس السيسي، بينقل ملكية 36 جزيرة نيلية وجزيرة بحرية لملكية القوات المسلحة، ونصّ القرار بإيداع المساحات التفصيلية في الشهر العقاري بدون رسوم.
– القرار ده بيعتمد على أكتر من سند قانوني أهمهم قانون أملاك الدولة وقانون المحميات الطبيعية وقانون نهر النيل وقانون الأراضي الصحراوية، ومذكرة المجلس الوطني لتخطيط استخدامات أراضي الدولة.
– الجزر دي زي “البدرشين” و” القرصاية” و “منيل شيحة” ودول الأهم والأكبر واللي فيهم سكان أكتر، والمشترك بينهم إنهم في محافظة الجيزة، والباقي جزر أقل من حيث المساحة والسكان، ومن محافظة المنيا في جزر سبالة شارونة، والشيخ فضل، وكدوان 1 وزاوية سلطان البحرية، وكمان في جزر تانية بالصعيد زي جزيرة السرو خور زعفران، وجزيرة السايح، وجزيرة هلال الكاب، وجزيرة سلوا، وجزيرة سلوا، وجزيرة منيحة، وجزيرة العرب، لحد ما نوصل لجزيرة صغيرة خالية من السكان غالبًا متسمية في القرار بالجزيرة المواجهة لشركة الأمل ومساحتها 7 أفدنة.
– طبعًا القرار ده شكله مخيف جدًا، خاصة وإحنا بنتكلم عن بعض الجزر عليها آلاف السكان، وحرفيًا تحولوا لقرى مش مجرد جزر عليها عشش مثلًا وكام عيلة وخلاص، لأ بقت قرى وفيها أنشطة تجارية وبعضها سياحية وبقى فيها مصادر رزق ومعيشة مستقرة لعشرات السنين، وبالتالي تحويل الملكية بالقوة للجيش مش هيكون فيه فرصة لتقنين الأوضاع وهيكون فيه سيناريوهات تانية.
******
إيه أوضاع الجزر في مصر قبل القرار؟
– مصر فيها تقريبا بحسب تعداد رسمي 144 جزيرة فى محافظات مصر مجتمعة، مساحتها تقريبا 37 ألفاً و150 فداناً، بما يوازى 160 كيلومتراً مربعاً.
– اعتبرت “الجزر النيلية” ضمن أراضى “التنمية الزراعية” فى فترة الإصلاح الزراعى عقب قيام الجمهورية، وإلغاء الملكية، والهيئة العامة للتنمية الزراعية أعطت بعض الأهالى أوراقا تقنن إقامتهم في الجزر دي، وفى ومن 2017 أعلنت وزارة البيئة إنها بتدرس موقف 144 جزيرة نيلية.
– إدارة حماية البيئة كان وقتها بتأكد إن الجزر بعضها لا يصلح محميات طبيعية عشان فيها خرسانة وزراعة وحياة يعني، وأن الوزارة هتحتفظ بالإشراف على الجزر الصالحة وفقاً للاشتراطات البيئية والبيولوجية، والباقى هتعيده للدولة.
– موقف غالبية السكان عموما في مختلف المراحل هو التمسك بالأرض واللي بيعتبروه أمر مفروغ منه، وبينفوا كونهم واضعي يد أو مغتصبي أرض، وبيأكدوا إن لهم حقوق فى الأراضى اللي بيزرعوها والمنشآت اللي قاعدين فيها، وكمان أعلن المخالفين منهم عن استعدادهم لتقنين الأوضاع.
*****
خطورة القرار ده فين؟
– من أهم الجزر اللي في القرار ده واللي كانت رقم 1 فيه، هي جزيرة ” القرصاية” النيلية، واللي ليها تاريخ في النزاع بين سكانها وبين الحكومة بسبب محاولات الحكومة المستمرة لسنوات بالاستيلاء عليها وطرد المواطنين منها بشكل نهائي.
– القرصاية جزيرة 139 فدان ملتصقة بشارع البحر الأعظم في الجيزة، سكانها حوالي 5 آلاف نسمة بيشتغل معظمهم في الزراعة والصيد، وبدأت محاولات إخلائها في 2007 من قبل الجيش بسبب قرار سابق في سنة 1998 من رئيس الوزراء وقتها كمال الجنزوري، بتحويلها هي وكل الجزر النيلية لمحميات طبيعية، رغم إن مش كل الجزر أصلا ينفع تبقى محميات طبيعية بشهادة وزارة البيئة واشتراطتها.
– أهالي الجزيرة دي وقتها قرروا يروحو للقضاء عشان يوقفوا قرار الحكومة بإخلائها، وبالفعل في فبراير 2010 صدر قرار محكمة القضاء الإداري بوقف قرار الحكومة السلبي بإخلاء الجزيرة وطرد الأهالي، وتضمن القرار تقنين أوضاع المواطنين بشكل نهائي نظرًا لوجود ملكيات لهم مستقرة لسنوات، ورفضت المحكمة قرار الحكومة بتحويل أرض الجزيرة دي لمحمية طبيعية.
– لكن ورغم الحكم القضائي، حصل في نوفمبر 2012 الحدث الأهم، وهو اقتحام قوات الشرطة العسكرية للجزيرة دي في الليل ومحاولة إخلائها بالقوة وتخويف الأهالي، نتج عنها قتل 3 مدنيين برصاص الجيش، وتحويل 25 شخص من سكان الجزيرة للمحاكمة العسكرية وتم حبسهم، ووقتها صدرت تصريحات من المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة، بإن الجزيرة دي مكان استراتيجي للجيش ومش هيفرط فيه.
– الرئيس السيسي، قال في مؤتمر سنة 2017 إنه “في جزر موجودة في النيل، طبقًا للقانون مفروض إنه ميبقاش حد موجود عليها، سواء هذه الجزر محميات، أو غير مسموح يبقى حد موجود عليها إما محميات وإما محدش يكون موجود عليها”، وكان وقتها الكلام كان محدد أكتر على جزيرة الوراق، واللي من وقتها داخلة في حصار ونزاع مع قوات الأمن اللي محاصرة الجزيرة وبتحاول تخليها عن طريق الضغط على السكان رغم المقاومة الكبيرة من الأهالي اللي عقود ملكيتهم موجودة لأكتر من 100 سنة.
– وفي 2018 صدر قرار من مجلس الوزراء بخروج 16 جزيرة نيلية من قرار المحميات الطبيعية اللي أصدره الدكتور كمال الجنزوري، منها جزيرة القرصاية وبعض الجزر اللي دخلت في القرار الأخير، زي وردان الكبرى، وردان الصغرى، والقيراطيين، وأبوغالب، وأبوعوض، وأم دينار، وكفر بركات، والرقة، وحلوان البلد، والشوبك البحرية، وغيرهم.
– الـ16 جزيرة دول بس في 2018 كان عدد سكانهم أكتر من نص مليون نسمة، بأكتر من 96 ألف أسرة، وأوضاعهم المعيشية شديدة البؤس لدرجة إنه منهم 37% تقريبًا عاطلين عن العمل، ومتوسط دخل الفرد اليومي هناك أقل من 15 جنيه في اليوم.
– وكان المبرر للقرار ده وقتها من وزارة البيئة بإنها تفتقد لمعايير ومواصفات المحميات الطبيعية وبالتالي كان ضروري إخراجها من القرار ده.
– قبل قرار تمليك الجيش الأخير، كانت ملكية الجزر رسميًا بتنتقل من جهة للتانية، نظرًا لأنه الحكومة بترفض توثيق أي عقود ملكية للبيوت، جزيرة القرصاية مثلًا ملكيتها راحت فترة لمحافظة الجيزة، وبعدها راحت للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، وكان الأهالي بيدفعو إيجارات عن الأراضي الزراعية والبيوت للجهات دي.
******
طيب إيه اللي ممكن ينتج عنه القرار ده؟
– مبدئيًا نقل الملكية للقوات المسلحة معناها بشكل واضح إنه حيازة الأراضي في المناطق دي مش هتمر ولا هيتم اعتمادها لأن الجيش هو أقوى مؤسسة، وبالتالي الشروط اللي هيفرضها الجيش محدش هيقدر يلغيها، سواءًا رفع قيمة الإيجارات أو طرد السكان لو تم اعتبار الأراضي دي فيها مصالح استراتيجية للأمن القومي زي ما القانون بيدي الجيش الحق في وضع يده على أي أرض يتوفر فيها الشرط ده.
– وبالتالي قرار طرد السكان هنا أو بدأ حملة إزالات للبيوت اللي فيها هو شيء مُحتمل خاصة مع وجود سوابق ومحاولات كتير قبل كده لإخلاء الجزر دي بشكل نهائي تمهيدًا لمشاريع مبيتمش الإعلان النهائي عنها، والرئيس السيسي قبل كده قال ممكن ننقل الأهالي لإسكان اجتماعي بدل السكن العشوائي في الجزر دي، وبعدها بدأ يتحرك ملف الجزر.
– في يونيو 2017، قالت جريدة “المصري اليوم” إن رئاسة الجمهورية كلفت وزارة الإسكان وهيئة التخطيط العمراني بإعادة إحياء مخطط تطوير الجزر النيلية اللي تم إعداده في 2010، وأن تكون البداية جزيرة الوراق، بحيث تتحول لمركز تجاري كبير للمال والأعمال، ضمن مخطط تطوير كورنيش النيل والجزر النيلية.
– في نفس السياق برضه في تصريحات لنائب محافظ الجيزة السابق علاء الهراس، بإنه جزء من الجزر دي بعد تطويرها هتتحول لأنشطة سياحية وترفيهية، وبعض المناطق هيتم تخصيصها للسكان، وعندنا تصريحات تانية للمتحدث باسم لجنة استرداد أراضي الدولة أحمد أيوب، إن اﻷراضي المُستردة قد تُستخدم في بناء مشاريع تنموية وخدمية أو تباع في مزادات علنية، أو تُعاد للمستحوذين عليها إذا أثبتوا استثمارها بطرق نافعة.
– وفي النهاية التسريبات أكتر بكتير من المُعلن، زي البيع لمستثمرين عشان عمل أبراج تجارية على النيل مباشرًة، أو عمل مزارات وممشى سياحي ومطاعم وكافيهات على النيل زي ما بيحصل مثلًا في وسط البلد، وعشان كده بيتم إزالة كتير من النوادي اللي عالنيل للغرض ده، لكن مفيش معلومة أكيدة بتقولها الحكومة عن مشروعها.
– وبرضه محدش بيقول بشكل واضح من قبل القرار ده أو من بعده إيه اللي هيتعمل للأهالي اللي عايشين في المناطق دي وساكنين فيها من عشرات السنين، خاصة وإنه الكلام عن القيمة الاستثمارية لأي جزيرة منهم وليكن مثلًا جزيرة الوراق قبل كده كان في تقدير ليها في 2018 بـ 1.4 مليار دولار بمتوسط 700 ألف جنيه للمتر وقتها، فهل لو ده حصل فعلًا الدولة هتدي حصة عادلة من الحصيلة دي للناس ولا هيتم تعويضهم برضه بنفس النمط السيء والظالم اللي بتعمله الدولة في تعويضات الإزالات للبيوت اللي بتقدر فيها الغرفة بـ 40 ألف جنيه وبتقدر فيها الشقة اللي بـ 3 أوض وصالة ومطبخ وحمام بأقل من ربع مليون جنيه، ودي أرقام طبعًا متجيبش شقق نهائي.
– فليه الدولة بتدور على العوائد الاستثمارية والأرباح لنفسها فقط وفي مقابل ده متديش حاجة للمواطنين أو ما تعوضهمش بشكل عادل أو كمان ممكن تنزع حقوقهم بالكامل؟ ولحد امتى هنفضل نشوف نزع ملكيات وطرد وإخلاء وإزالات للبيوت والسكان بسبب قرار من الحكومة أو الدولة بدون أي مراعاة للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين ؟ محدش عارف.
– طبعا لازم نأكد في الآخر إن محدش ضد أي تنمية وتطوير لكن في النهاية فيه أمر واقع وظروف اقتصادية واجتماعية لآلاف المصريين، مينفعش يكونوا ضحايا لأي تطوير ويتم تجاهل حقوقهم وتعويضهم.
– كل التخوفات والتساؤلات مشروعة من القرارات اللي زي دي، وفي النهاية إحنا مستنيين نشوف الحكومة بشكل فعلي ناوية تعمل إيه في الملف ده، وأكيد نتمنى إنه ما يحصلش عنف زي ما حصل قبل كده بالقتل أو المحاكمات العسكرية أو التهجير والإخلاء بالقوة، القوة والعنف مش حل ومش طريقة المفروض تتعامل بيها الدولة مع المواطنين.
*******
ء



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *