– من أيام قطر فازت بأول ذهبية أولمبية في تاريخها، وده إنجاز كبير بنبارك للشعب القطري عليه بالطبع، لكن المثير أنه الذهبية الأولمبية القطرية دي حققها الرباع المصري المجنس قطري فارس إبراهيم حسونة.
– الناس ركزت مع الموضوع لأنه فوز فارس حسونة بالميدالية جه في الوقت اللي مصر موقوفة فيه عن المشاركة الأولمبية في منافسات رفع الأثقال بسبب قضية منشطات ناتجة عن فساد الاتحاد المصري لرفع الأثقال واللي بسببها اتمنع اللاعبين المصريين من المنافسات الدولية لمدة سنتين.
– ايه قصة فارس؟ ليه ساب مصر؟ وايه اللي ممكن نشوفه في قصة فارس اللي للأسف مش أول ولا آخر قصة لشاب مصري يسيب بلده عشان يبقي بطل برة مصر؟
*****
ايه قصة فارس؟
– فارس هو رباع مصري شاب عنده 22 سنة من مواليد المحلة، وابوه هو الكابتن إبراهيم حسونة واللي مثل مصر في 3 دورات أولمبية سابقة، وهو كان مدرب منتخب رفع الأثقال المصري قبل خلافات بينه وبين رئيس الاتحاد الحالي أو بمعني أصح اللجنة المؤقتة اللي بتدير الاتحاد المصري حاليا لرفع الأثقال، ومن هنا الحقيقة بتبدأ قصة فارس.
– آخر محطات فارس في مصر كانت في بطولة الجمهورية في شهر أكتوبر 2013 ولما شارك فيها حصل على المركز التاني.
– الخلافات بين إبراهيم حسونة ورئيس الاتحاد المصري لرفع الأثقال أدت لأنه يرحل عن مصر، وطبعا محدش عارف ايه اللي حصل بالظبط، لكن في النهاية الرجل بيقول إن المشاكل دي أجبرته على طريق السفر.
– وكمان هنا لازم نوضح إزاي إن قصة فارس تقريبا مرتبطة بوالده، لأن الكابتن إبراهيم أول رحلة له بعيدة عن مصر كمدرب كانت في 2006، لما تولى تدريب منتخب السعودية لرفع الأثقال ونجح في قيادتهم إلى الأولمبياد في 2008 في بكين، وبعدين رجع مصر لكن رجع سافر الإمارات 2009، يعني الرجل كفاءة تدريبية مميزة.
– الكابتن إبراهيم قد يكون سافر بابنه لقطر عشان هتصرف عليه أفضل وهتوفر له إمكانات أفضل وبالتالي شاف مستقبل ابنه في ظل ضعف الإنفاق على اللعبة في مصر، وابنه وقتها كان عنده 15 سنة فقط، وبعد 6 سنين تقريبا قدر يحقق لقطر أول ميدالية ذهبية.
– ومش بس فاز بميدالية لكن حقق رقم قياسي أولمبي جديد برفع 225 كجم في منافسات النتر. وسجل 177 كجم في منافسات الخطف (طريقة تانية في رفع الأثقال) ليصل إجمالي 402 كجم وهو رقم قياسي أولمبي جديد.
– بطولة فارس بدأت من فترة ومش صدفة، بداية من اختياره أفضل رباع في آسيا العام الماضي، ودا بعد ما حقق ذهبية بطولة آسيا وذهبية بطولة العالم وتحطيم رقم بطل العالم في رفع الأثقال رغم فارق السن، وكان لعب في دورة الألعاب الأولمبية 2016 لما كان عمره 17 عاما وحصل على المركز السابع.
– قصة تجنيس اللاعبين والمواهب مش مستغربة من قطر واللي بتعتمد على النوع ده من الاستثمار الرياضي في مواهب بتعاني من ضعف الاهتمام في دولها الأصلية بالتالي مفيش أي منطق في الدنيا أنه يتم توجيه لوم لقطر أو لغيرها بالعكس لو في لوم يكون للاتحاد المصري لرفع الأثقال، واللي الكلام عن الفساد المستمر فيه لا يتوقف وبدون محاسبة حقيقية لأي مسؤول من اللي فيه.
– أبو فارس أكد كمان في حوار صحفي له أن في قطر الاهتمام كبير بإعداد بطل أولمبي على عكس المناخ العام في مصر المليء بالمشاكل والصراعات على حد وصفه.
*****
فساد ولا ضعف إمكانيات ولا الاتنين؟
– مصر تاريخيا كانت مميزة إلى حد ما في رياضة رفع الأثقال، من إجمالي 32 ميدالية حصلت عليها مصر طوال تاريخها في الأولمبياد، فيه منهم 13 ميدالية في رفع الأثقال (5 ذهبية، 3 فضية، 5 برونزيات).
– بالتالي لعبة زي دي كانت المفروض تكون على سلم أولويات اللجنة الأولمبية المصرية في الاستعدادات لأولمبياد طوكيو، ولكن بسبب الفساد تورط المنتخب المصري في فضيحة منشطات في 2016 في بطولة إفريقيا للناشئين تسببت في أنه يتم حرمان مصر من المشاركة سنتين في البطولة، قبل ما تحصل كارثة كبرى في 2019 ويتم إيقاف الاتحاد مرة تانية لمدة سنتين وعدم المشاركة في أولمبياد طوكيو بسبب منشطات مرة تانية.
– فضيحة المنشطات دي كانت بسبب فساد الاتحاد اللي جاب مكملات رياضية واداها للاعبين المصريين اللي مكنوش عارفين أنه فيها مواد محظورة.
– نفس رئيس الاتحاد اللي تسبب في فضيحة المنشطات ده لما حصل تحقيقات وتم إقالة الاتحاد تم تعيينه هو شخصيا على رأس اللجنة المؤقتة اللي بتدير الاتحاد حالياً.
– وبجانب الفساد ده اتحرمنا من المشاركة في طوكيو وعلى الأقل ضمان ميداليتين لأبطالنا محمد إيهاب وسارة سمير واللي كان مستواهم مرتفع وكانوا قادرين على تحقيق ميداليات برونزية لمصر على أقل تقدير.
– وفيه كمان ضعف إنفاق رهيب علي اللعبة، وعلى صناعة البطل الأولمبي بشكل عام، وممكن نشوف ده من خلال تجارب لناس كثيرة قبل كده زي كرم جابر ونهلة رمضان بطلة رفع الأثقال.
– بنرشح لكم في السياق ده فيلم تسجيلي رائع عن الكابتن رمضان عبدالمعطي والد نهلة ومعاناته مع اتحاد رفع الأثقال رغم أنه كان بيخرج أبطال لمصر من فئة السيدات في الإسكندرية وإزاي الناس كانت بتتدرب بحديد مصدي وفي ساحة عامة بدون أي إمكانات.
– الفيلم موجود علي نيتفلكس واسمه “عاش يا كابتن” وهو فيلم محزن بقدر ما هو رائع لأنه بيورينا إزاي مصر بسبب منظومات رياضية فاسدة ومفتقدة للكفاءة مش قادرة فعلا تنافس في رياضة لها أفضلية فيها زي رفع الأثقال.
*****
نشوف ايه من كل ده؟
– المنظومة الرياضية المصرية محتاجة الكثير من الإصلاح من أول الألعاب الجماعية اللي زي كرة القدم واللي بننتقل فيها من فشل لآخر بعد فضائح وفساد اتحاد الكرة، ودي اللعبة اللي بتاخد معظم التمويل اللي بيتحط في اللجنة الأولمبية بدون ما تحقق أي نتائج.
– أيضا الاتحادات الفردية فيها فساد كبير وعقود وعمولات بتتعمل من تحت الطربيزة وشللية بتقصي أي مختلف معاها وفوق كل ده ضعف تمويل.
– قصة فارس حسونة هي مثال متكرر على ده، فارس اتصرف عليه قد ايه في الـ8 سنين اللي فاتوا عشان يبقي بطل أولمبي بيحطم أرقام قياسية وبيرفع علم قطر في الأولمبياد، بالتأكيد أضعاف ما يصرف على اتحاد رفع الأثقال كله في مصر.
– مبروك لفارس ولوالده المجتهد الكابتن إبراهيم حسونة وإن كنا نتمنى أنه الميدالية الذهبية تكون لمصر لكن في النهاية هو إنجاز عربي، ونتمنى أنه يكون تتويج فارس فرصة لمراجعة الملفات اللي فيها فساد مش بس في اتحاد رفع الأثقال إنما في بقية المنظومة الرياضية في مصر.
– نتمنى التوفيق لأبطالنا في البعثة الأولمبية اللي لسه موجودة في منافسات طوكيو، وإن شاء الله نعوض غياب رفع الأثقال من الدورة دي في الدورة الجاية.