– تابعنا كلنا ماتش المنتخب امبارح، والخروج من البطولة قدام جنوب أفريقيا في دور ال 16، وبعيداً عن الأداء الفني المتواضع وتقييمه، فإحنا هنركز على منظومة الكورة في مصر، وإيه اللي ممكن يتعمل عشان نصلح المنظومة دي، واللي بدأ فسادها وتقصير القائمين عليها يخلينا نظهر بشكل سيء على مستوى البطولات الكبيرة: خسرنا 3 ماتشات متتالية في كأس العالم، وخرجنا من بطولة كأس أمم أفريقيا على أرضنا.
******
على المستوى الإداري
– الكورة في العالم كله اتطورت وبقت علم وصناعة وتخطيط، مش مجرد 11 لاعب بيلعبوا كورة. أصبح ليها متطلبات في الإدارة والتنظيم بداية من اتحادات الكورة، وإدارات الأندية، وقطاعات الناشئين، والعقود والاحتراف والبنية التحتية وغيره، وبالتالي أي إخفاق أو سوء إدارة في المنظومة كلها بينعكس على أداء اللعيبة في الملعب.
– لو هنتكلم على المستوى الصغير فأقرب مثال واضح على أزمة الإدارة كان في وقائع التحرش الخاصة باللاعب عمرو وردة، اللي تم استبعاده بعد تصاعد الغضب على السوشيال ميديا من حوادث التحرش المتكررة المثبتة عليه، واللي مفترض قانونا يتحاكم عليها مش بس يستبعد من المنتخب.
– ومع ذلك شوفناه رجع مرة تانية بضغط من زمايله، اللي منهم رفع تيشرته، وبعضم استبسل في الدفاع عنه، بشكل شديد السوء والإهانة لمشاعر السيدات اللي قام بالتحرش بهن ولكل ست مصرية. الأزمة بتعبر عن ضعف إداري، وتساهل مع الاستهتار، وجرم لم يجري التحقيق فيه مع اللاعب، وعدم مسؤولية زمايله اللي أصروا على رجوعه، بما فيهم النجم محمد صلاح واللي الصحافة الإنجليزية والأجنبية ماتساهلتش معاه ووصفته بـ”داعم المتحرش”.
– يمكن هنا نفتكر مثلًا إن في أعظم أجيال الكورة المصرية، كان في لاعب كبير اسمه أحمد حسام ميدو، اعترض على مدربه “حسن شحاتة” بطريقة غير لائقة، فتم استبعاده نهائيًا من البطولة رغم وساطة زملاؤه واتحاد الكورة، وحتى مسؤولين في النظام السياسي وقتها زي “جمال مبارك”.
– وإن التضامن ده محصلش مثلًا مع لاعب الزمالك ووادي دجلة السابق أحمد الميرغني لما كتب رأيه الشخصي على فيسبوك في 2014، وطالب بمحاسبة المقصرين في ملف الحرب على الإرهاب، وتم تدمير مستقبله الكروي، ومحدش تدخل عشان مستقبله بأي صيغة.
– جزء من الفشل والفساد الإداري بالطبع كان التعاقد مع المدرب المكسيكي أجيري، المتهم بالفساد في إسبانيا، وكتبنا عنه بوست سابق في صفحتنا، عن اتهامات موجهة ليه في القضاء الإسباني بالفساد والتلاعب بالمباريات.
– فلما يتم التعاقد معاه بأغلى راتب في أفريقيا، ومن إدارة زي اتحاد الكورة المصري، اللي مليان فشل وفساد. والوقائع كتير، زي: سرقة التيشرتات وبيعها، أو التعاقدات الفاسدة مع شركات الملابس، والفضائح الأخيرة في ملف كأس العالم. فلازم نربط بين اختياره وشبهات السمسرة والتربح، خاصة وإنه مدرب متواضع، فصعب نشوف إن التعاقد لأسباب فنية.
– ده طبعًا غير طريقة إدارة المسابقات المحلية في مصر من اتحاد الكورة ومن رؤساء الأندية الكبيرة، واللي متابعين الكورة عارفين الفشل الواضح في تنظيم بطولة ليها مواعيد محددة، وأزمة المؤجلات في الدوري المصري.
********
على المستوى التنظيمي
– أشادنا في بداية البطولة بحفل الافتتاح الرائع، لكن ده لم ينتج عنه حل لمشاكل سوء التنظيم، زي التزاحم الشديد في بعض الماتشات، وشهادات كتيرة عن التعنت الأمني، وصعوبات دخول الجماهير خاصة في ماتشات ستاد الإسكندرية وستاد الدفاع الجوي، وفي فيديوهات منتشرة لجمهور الجزائر في ملعب الدفاع الجوي وهما بينطوا السور نتيجة لسوء التنظيم والتدافع والفشل في دخول الناس للملاعب بسهولة.
– سوء الإدارة اللي أدى للتفريط في حقوق مصر من البث التلفزيوني للبطولة، واللي خلى يضيع علينا ما يقرب من 10 مليون دولار حسب كلام عمرو فهمي السكرتير التنفيذي السابق للاتحاد الأفريقي.
– المدرجات الفاضية في بعض الماتشات، رغم إن الموقع الرسمي لحجز التذاكر بيقول إنه مفيش تذاكر وتم نفاذها بالكامل، طيب فين التذاكر دي؟ هل اتباعت في سوق السوداء؟ طيب فين الناس اللي اشترتها؟
– ولو الأمن عنده مشاكل في حضور الجماهير، أو مش عاوز يأمن ماتشات فيها جماهير كتيرة، فليه طلبنا استضافة البطولة من الأول واتصرفت الفلوس دي كلها؟ طب ليه متعاقدناش مع شركات أمن خاصة ومحترفة تأمن البطولة، طالما الأمن عندنا مهتم أكتر بمطاردة الناس اللي بتهتف للشهداء أو لأبو تريكة، وبحبس ناس كل ذنبها إنها بتحب الكورة وبلدها زي سيد مشاغب وكتير من الالتراس؟
– التذاكر اللي أغلى من القدرة الشرائية لمعظم المصريين، وبالتالي غابت معظم جماهير الكورة المداومة على حضور الماتشات والتشجيع، واللي كان تشجيعها للمنتخب في الملعب بيفرق مع اللعيبة. وطبعا مش معروف حاليا البطولة هتكمل إزاي بأسعار التذاكر دي. وبنتمنى يتم تخفيضها بنسبة 50% على الأقل عشان البطولة ماتنهارش وتفشل، خصوصا وإن لسه بدري أوي في البطولة.
– من أيام اتكلم عضو اتحاد الكورة أحمد مجاهد عن بيع أعضاء اتحاد الكورة للتذاكر في السوق السوداء، زي الكابتن مجدي عبد الغني، واللي هي مش المرة الأولى طبعًا يتنشر عنه وقائع فساد. وكلنا فاكرين قصة سرقة تيشرتات المنتخب وبيعها.
*******
على مستوى الدولة
– اتكلمنا من أيام عن معاقبة المجلس الأعلى للإعلام للصحفي أحمد درويش اللي اتكلم عن وقائع فساد منظمة نتيجة بيع تذاكر المنتخب في السوق السوداء وتوزيع مبالغ مالية من هاني أبو ريدة على أعضاء الاتحاد.
– هل ممكن دلوقتي الناس والسلطة في مصر تكون عرفت دور وأهمية الصحافة في كشف الفساد؟ وإن دور الصحافة مش رفاهية، وضرورة لأي مجتمع؟
– مهم نسأل بالتأكيد عن: إزاي مفيش أي تحقيق قضائي، ومتابعة مالية لتعاقدات اللاعبين، وحقيقة وجود سمسرة في الصفقات المتعلقة بالكورة في مصر. وليه مبيتحققش في مصادر الأموال اللي بيتم إنفاقها في المنظومة الرياضية؟ ليه ممكن يتم استبعاد فرضية وجود غسيل أموال زي ما تم اكتشافه في كتير من الدول من خلال الرياضة؟
– وإزاي الدوري المصري بيتلعب بدون جمهور؟ إيه موجود في مصر دونا عن العالم مخلي مسابقة كروية بتتلعب بدون جماهير؟ وطبعا بنتكلم عن حضور جماهيري بتأمين وتنظيم محترم، عشان متحصلش كوارث جديدة.
********
إيه ممكن يتعمل في اللي جاي؟
– من ساعات تم الإعلان عن إقالة الجهاز الفني، واستقالة اتحاد الكورة بالكامل أو دفعهم للاستقالة، وفي كلام عن بلاغات للنيابة الإدارية للتحقيق في فساد اتحاد الكورة، وتحرك الأجهزة الأمنية للتحقيق في ملفات “الفساد” طيب ليه ده حصل دلوقتي بس؟ ولو كنا كسبنا كان برضه هيتم التحقيق في الفساد ده؟! ولا بيتم اكتشاف خطورة الفساد فقط وقت الفشل؟ (كتبنا قبل كده عن التحقيق مع اتحاد الكورة الكرواتي في وقائع واتهامات فساد رغم وصول منتخبها لنهائي كاس العالم).
– استقالة اتحاد الكورة لوحدها مش هتحل المشاكل المتراكمة. تنظيم الكورة في مصر محتاج تخطيط وإرادة وإصلاح حقيقي لشكل الرياضة. لازم وجود خطط على المستوى الكبير لتطوير قطاعات الناشئين والاهتمام بيهم.
– كتبنا قبل كدة عن تجربة أيسلندا، البلد اللي تعداده أقل من نص مليون، في تطوير الكورة ومنظومة الرياضة كممارسة عامة للشباب وكعمل احترافي، وده باختصار كان بيتطلب ١- وجود أكبر قدر من الملاعب. ٢- ممارسة الناشئين وطلاب المدارس للرياضة. ٣- وجود كوادر من المدربين “مؤهلة” بشهادات تدريب حقيقية من الإتحاد الإنجليزي لكرة القدم.
– أهم ضمان لنزاهة واستمرار وتطوير أي منظومة هو تحقيق مبدأ الشفافية والمشاركة، الشفافية في عرض الحلول والمشاركة في تفنيدها والإضافة ليها واختيار الأفضل منها. الشفافية في وضع جدول زمني لتنفيذ الحلول دي، وعرض نتائج كل مرحلة من الإصلاح، والمشاركة في تقييم هل الوضع اتحسن فعلا ولا لأ. وحرية التعبير ووسائل الإعلام هما اللي يقدروا يتأكدوا من تطبيق مبادئ الشفافية والمشاركة.
– نتمنى فعلا نتعلم من الدول اللي عملت إصلاح جيد لمنظومة الكورة عندها، وساعتها لما تتوفر كل الظروف المناسبة للمنتخب، هيبقى عندنا مستويات مميزة نقدمها، صحيح مش معناه إننا هنكسب كل البطولات لكن هنكسب منظومة محترمة مشرفة ومنتخبات قوية ومنافسة محلية قوية وممتعة.
******