– الأيام اللي فاتت وكالة رويترز نشرت تقرير عن مشروع بدأ بالفعل لبناء طريقين سريعين قرب أهرامات الجيزة، داخل حرم المنطقة الأثرية الممتدة من الأهرام إلى دهشور.
– في التسعينات اتطرح مشروع شبيه لعمل طريق امتداد للدائري بنفس المنطقة، لكنه اتلغى بسبب اعتراضات مسؤولين أثريين واعتراضات اليونيسكو، وكان البديل المطروح المقبول هوا نفق تحت الأرض، لكن فجأة رجع المشروع بشكل أكبر بلا تفسير.
*****
ايه اللي بيحصل؟
– من حوالي سنة، الحكومة بدأت تعمل طريقين بيمروا من هضبة الأهرام، واحد منهم على بعد 2 كيلو ونص جنوب الأهرام، والآخر بين هرم سقارة المدرج، ومنطقة دهشور التي تضم هرم سنفرو المائل والهرم الأحمر.
– واحد من الطريقين هيكون امتداد للطريق الدائري، والطريق التاني هيوصل بين مدينة 6 أكتوبر والعاصمة الإدارية، وكل طريق منهم هيكون 8 حارات.
بالشكل ده هضبة الأهرام هتقسم ل 3 أقسام.
– الحكومة بتعتبر إن الطريقين هيخففوا الزحام وإن تهيئة البنية التحتية والطرق بيساعد على التنمية، وده في حد ذاته شيء إيجابي، لكن مرور الطرق دي من منطقة أثرية هو المشكلة الكبيرة!
*****
ايه اضرار الطريقين دول؟
– التلوث والقمامة، وأعمال البناء المستقبلية المحتملة كمان ( زي استراحات، محطات بنزين، مساكن..الخ) ممكن تتسبب في ضرر “لا يمكن تداركه” لواحد من أكتر المواقع الأثرية أهمية في العالم.
– أهمية المنطقة دي مش بسبب وجود الأهرام فقط، ولكن عشان ده مكان مدينة منف القديمة اللي كانت أكبر مدينة في وادي النيل من 3 آلاف سنة، ومدفون تحتها كمية ضخمة من الآثار.
– واحد من خبراء الآثار اللي اتكلموا مع رويترز قال إن عدة تماثيل أثرية وبلوكات حجرية منقوشة بالهيروغليفية بدأت تظهر من وقت ما بدأ العمل في الطريقين، وإن وزارة الآثار أعلنت عن الاكتشافات باعتبار إنها عثر عليها في قطعة أرض يمتلكها أحد المواطنين أثناء إقامة أحد المشاريع بالمنطقة.
– أيضا الطريق بيعدى فوق مقابر أثرية لم تكتشف بعد للأسرة الثالثة عشرة مافيش معلومات كثيرة عنها، وعلى بعد خطوات من هرم بيبي الثاني وهرم خنجر ومصطبة فرعون، حسب ما قال خبير آثار لرويترز.
– قبل بناء الطرق الجديد، كانت المنطقة مغلقة ومحاطة بأسوار وماحدش يقدر يدخلها إلا بإذن من السلطات، لكن بعد مرور الطرق، خبراء الآثار اللي اتكلمت معاهم رويترز عبر عن تخوفاتهم من تعرض المنطقة للنهب، خصوصا إنها مكان “غني ومليء بالمعابد والمحفوظات” حسب أحد علماء المصريات.
– كمان الطريق الجديد يقترب من المناطق التجارية لمدينة منف وجدران ميناءها ومقياس قديم للنيل كان يستخدم لقياس الفيضان، وبيهدد جدار روماني كان ملاصق للنيل وقتها، حسب ديفيد جيفريس عالم المصريات البريطاني اللي بيشتغل في المنطقة من سنة 1981
*****
إيه موقف اليونسكو من الطرق دي؟ هل تم طرح بديل؟
– زي ما كلنا عارفين، منطقة هضبة الأهرام مسجلة كموقع تراثي في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو). من وقت ما ظهر مشروع الطرق لأول مرة في التسعينيات واليونيسكو بتعترض عليه، وهددت بشطب الأهرام من قائمة التراث العالمي لو اتعمل.
– بعدها كان فيه اقتراح بإبعاد الطريق جنوب الأهرام لمسافة ميلين، لكن اليونسكو اعترضت أيضا، وتوصل الطرفين لحل بديل، وهو تحويل مسار الطريق وإنشاء امتدادين له فوق ترعة المريوطية والمنصورية.
– وقتها أيضا كان فيه اعتراضات من مسؤولين مصريين كبار على النفق، أبرزهم الدكتور زاهي حواس اللي كان رئيس المجلس الأعلى للآثار في الوقت ده زاهي حواس، ووزير الثقافة فاروق حسني، وتوقف المشروع.
– لكن الفكرة لم تغب عن بال المسؤولين المصريين، وحصلت مشاورات مشتركة بين مصر واليونيسكو، وزيارات لبعثات أممية للموقع، لكن موقف اليونيسكو فضل ثابت.
– المنظمة ردت بإنها متفهمة لاحتياج مصر للطرق، لكن النفق تحت الأرض هو الحل الوحيد الممكن، لأنه يسمح بالحفاظ سلامة ممتلكات التراث العالمي وهيحافظ على طابع المنطقة، وهيمنع المزيد من التعديات على المنطقة.
– وقالت كمان إنها مش هتقدر تاخد قرار إلا لما مصر تعمل دراسة مفصلة لإدارة حركة المرور في المنطقة، وتصميمات أولية لخطط التطوير للنفق المقترح تحت الأرض، وتقييم أثر ده على التراث، ونتائج بحوث واستشعار عن بعد تتأكد من عدم وجود بقايا أثرية المحتملة في كامل مسار النفق.
– بعض هذه التقارير اتبعت للمنظمة، لكن لاحقا اليونسكو طالبات أكتر من مرة في تقاريرها (اللي صدر أخرها عام 2019) بإرسال تقرير قياس الأثر الصحي، وتقرير الاستشعار عن بعد ودعوة خبرائها لتقييم المشروعات الجارية في المنطقة، ومن ضمنها النفق.
كل المعطيات دي بتقول إن كان فيه بدايات تفاهم بين مصر واليونيسكو حول النفق، لكن فجأة لقينا الطريق السطحي بيكمل بالشكل القديم، دون مراعاة المعايير السابقة اللي اتكلمنا عنها.
– تقرير رويترز بيقول إن اليونسكو طلبت أكثر من مرة معلومات تفصيلية عن الخطة الجديدة وطلبت إرسال بعثة مراقبة.
– أيضا المسؤول البارز السابق باليونسكو سعيد ذو الفقار، زار جزء من الطريق قبل شهرين، وقال للوكالة إنه اندهش لما شاف الإنشاءات وإن كل اللي عمله طول ال 25 سنة اللي فاتو “أصبح الآن محل تساؤل”.
*****
– تعليقات المسؤولين المصريين على اللي بيحصل ضعيفة وغير منطقية، ومش بترد على الأسئلة المطروحة، وأهمها: ليه الطريق بدأ يتعمل بدون مراعاة اشتراطات اليونيسكو؟
– مثلا الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار مصطفى وزيري تعليقه كان كلام عام إن الطريقين مهمين جدا للمصريين، وإنهم بيتهموا بالموقع الأثرية في كل أنحاء مصر.
– للأسف الحكومة الحالية مش أول مرة تبني مشاريع طرق وكباري على حساب سلامة مناطق أثرية. من شهرين شوفنا صور إزالة مقابر وأحواش في قرافة المماليك لإنشاء محور الفردس، رغم إن المنطقة مسجلة كتراث عالمي في اليونيسكو، وفيها مقابر أثرية، وكمان مسجلة كمنطقة ذات طابع معماري مميز حسب القانون المصري.
– مفيش حد ضد التنمية ووجود طرق وانشاءات لصالح الناس، لكن ده مينفعش يكون على حساب تراثنا وتاريخنا كلنا، وحتى بحسبة المكاسب المالية محصلش دراسة لامكانية انه يتم انجاز مشاريع تانية لتحويل المناطق دي وامثالها لمتاحف مفتوحة ومناطق جذب سياحي.
– وطبعا كالعادة بنكرر انه للأسف مفيش انتخابات محليات نزيهة أو أي شكل للشراكة المجتمعية بحيث المواطنين بكل منطقية يحددو فعلا احتياجاتهم للتنمية وخياراتهم للحفاظ على التراث.
*****
المصادر