– من يوم الخميس اللي فات وعلى مدار 4 أيام، الشعب اللبناني بيتظاهر في الشوارع احتجاجا على الظروف الاقتصادية اللي بيعيشوها مؤخرا، وفيه دعوة لإضراب عام يوم 28 أكتوبر.
– الأسباب اللي حصلت عشانها المظاهرات شبه اللي بنعاني منها في مصر، واللي بيحصل في دول عربية أخرى حصل فيها احتجاجات في الشهور الأخيرة، تعالوا نشوف ايه اللي بيحصل في لبنان، وليه الناس لجأت للشوارع؟
****
إيه اللي حصل؟
– اللي خلى الأمور تنفجر في الأيام الأخيرة حدثين ورا بعض، الحرايق اللي حصلت في مناطق كثيفة الغابات زي الشوف والدامور وتراخي الحكومة في التعامل مع الحرايق، وبعدها علطول أعلن وزير الاعلام فرض رسوم على مكالمات الانترنت في تطبيق “واتساب” وباقي التطبيقات، ضمن خطة الحكومة في الموازنة المقترحة للتطبيق من يناير القادم، والضريبة دي مع حزمة ضرائب تانية إضافية على البنزين والسجاير، ومع رفع لأسعار الكهرباء بنسبة 77%.
– في أزمة اقتصادية في لبنان، أشبه باللي حصل في مصر أواخر 2016 لكن بشكل أكبر. من مظاهر الأزمة وجود عجز كبير في الموازنة، ونقص النقد الأجنبي، وتراجع سعر الليرة أمام الدولار، وسعر الدولار في السوق السودا بقا مختلف عن السعر في البنوك، وبالتالي في اضطراب في أسعار الوقود والسلع، وبعض محطات الوقود والمخابز أغلقوا، والمواطنين بقا عندهم صعوبة في الحصول على الخدمات الأساسية.
– المؤشرات الاقتصادية كمان متراجعة، ومعدل نمو الاقتصاد حقق 0.2 % السنة اللي فاتت. كمان فيه خطة لرفع دعم الكهرباء، قيمته 663 مليون دولار سنويا، وده ممكن يزود ساعات انقطاع الكهربا، أو رفع أسعار الطاقة بنسبة 77%.
– كمان الدين العام أكتر من 86 مليار دولار، حوالي 150 % من إجمالي الناتج المحلي (الفلوس اللي في البلد).
– كان في وعود السنة اللي فاتت بقروض وهبات بـ 11.6 مليار دولار من مؤتمر مانحين إتعمل في فرنسا بإسم “سيدر” لكن شروط المؤتمر والمانحين إنه يحصل إصلاحات هيكلية في الإقتصاد اللبناني وتحديداً في رقم العجز.
– رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري علق في خطابه يوم الجمعة، وقال إن مفيش حلول تانية نقدر نقدمها في الإقتصاد، بسبب تراكم الدين والعجز، وإنه القرارات دي وافق عليها كل الأحزاب اللي في الحكومة عشان في أحزاب بدأت تتبرأ من الحكومة بعد المظاهرات، وبسبب ما وصفه بالأداء غير المسؤول من الشركاء في الحكومة، فإدى مهلة لكل الأطراف للإتفاق على حل خلال 3 أيام، وإلا مش هياخد إجراءات تانية.
– اللبنانيين من مختلف الطوائف بيشاركوا في المظاهرات دي ضد زعماء الطوائف نفسهم، وممكن نقرا ده بوضوح من المناطق اللي الناس نزلت فيها زي مدينة طرابلس ذات الأغلبية السنية، والضاحية الجنوبية في بيروت، والمحسوبة على حزب الله، والنبطية القريبة من مكاتب ومنازل نواب حزب الله وحركة أمل. (رغم انه حزب الله نفسه ضد المظاهرات والإطاحة بالحكومة اللي هما جزء منها) كمان حصلت مظاهرات في مناطق مسيحية محسوبة على التيار الوطني الحر.
– في بعض المناطق حصلت مواجهات بين قوات الأمن والمتظاهرين، انتشرت صورها على وسائل التواصل الاجتماعية، والمتظاهرين قطعوا طرق حيوية زي الطرق المؤدية للمطار والعاصمة بيروت.
– كمان حصلت تجمعات قرب مقر الحكومة في وسط بيروت، ورفعوا شعارات “الشعب يريد إسقاط النظام” واستخدموا هاشتاجات #لبنان_ينتفض و #اجا_وقت_نحاسب و #كلن_يعني_كلن.
***********
– لبنان من بداية إستقلالها وهي محكومة بتوازنات طائفية ما بين السنة والشيعة والمسيحيين وباقي الطوائف، نظراً للتعدد الديني والطائفي في مساحة صغيرة، وبتقسيمات جغرافية بترسخ للإنقسام الطائفي ده، معروف إنه الشمال فيه السنة، والجنوب للشيعة، والجبل فيه الدروز، وللسبب ده لما حصل محاولة هدم للتوافق السياسي والطائفي وتغييره بالقوة حصلت الحرب الأهلية سنة 1975، وراح ضحيتها من كل الطوائف عشرات الآلاف، وإنتهت بتسوية سياسية سنة 1989 بترسخ لنفس النظام الطائفي في الحكم وإنه أكيد الناس لما تتخانق في البرلمان والحكومة أفضل بكتير لأي بلد من إن الناس تشيل سلاح وتقتل بعض.
– المشكلة إنه من وقت الإتفاق محصلش تطوير حقيقي في لبنان، لا على مستوى إقتصادها اللي بيعتمد بشكل أساسي على السياحة، ولا على مستوى الخدمات اللي بتتقدم للمواطنين، الكهرباء والانترنت والتعليم والعلاج، فالبديل هو اللجوء لزعيم كل طائفة عشان يوزع بعض المنح وبعض الخدمات، وده كان ترسيخ للنظام الطائفي. خاصة لو وضعنا في الإعتبار إنه أغنى 1% من اللبنانيين معاهم 25% من ثروات البلد، وده مؤشر مهم على الفجوة بين أصحاب المال والسلطة وباقي المواطنين، ونتيجة النظام السياسي اللي شرحناه بشكل مختصر، في عمليات فساد كبيرة وواضحة بتطال كل السياسيين في لبنان.
– مظاهرات لبنان الحالية لأول مرة يحصل فيها تلاحم عجيب بين كل الطوائف، ولحد دلوقتي هي بتقاوم كل أشكال الإستغلال السياسي أو الطائفي، سنة وشيعة ومسيحيين ودروز، طبقة وسطى ومتعلمين، طبقة فقيرة، الكل في الشوارع ومتلاحم، بيطالب بحقوقه في العدالة الاجتماعية وفي دولة بتقدمله خدمات بإعتباره مواطن مش على حسب إنتماؤه الطائفي.
– للسبب ده تحديداً وبسبب تخويف اللبنانيين من الحرب الأهلية طول الوقت، فالثورة الحالية في لبنان أياً كانت نتيجتها فهي إنجاز كبير جداً في وعي ومستقبل البلد ده، وهتقدم نموذج لباقي دول المنطقة اللي فيها نفس التوازنات والتعدديات الدينية والطائفية دي.
****
– مظاهرات لبنان ودوافعها الإقتصادية ضد الإستغلال وضد الضرائب على الفقراء والطبقة المتوسطة، هي نفس الأسباب اللي حصلت بسببها مظاهرات العراق الأخيرة، وهي جزء رئيسي من دوافع الثورة في السودان، وهي سبب لنزول المصريين في مظاهرات سبتمبر الأخيرة، الحكام بيبنو قصور وإحنا بندفع الثمن.
– معاناة الشعوب العربية واحدة، كلنا عندنا أزمات غلاء وزيادة معدلات الفقر وغياب العدالة الاجتماعية، وبسبب الفساد السياسي وغياب الديمقراطية في الأنظمة المختلفة، الأزمات دي مش بتتحل، والحل بسيط جداً ديمقراطية ومساواة للجميع أمام القانون، وعدالة إجتماعية في الأعباء والمزايا الإقتصادية.
– كل الدعم للشعب اللبناني في مظاهراته وثورته، نتمنالهم تحقيق كل المطالب العادلة اللي بينادو بيها، بدون فوضى أو عنف أو تخويف بالحرب، وكل الدعم لأي شعب بيحاول ينتزع حقوقه في الديمقراطية والعدالة.