– امبارح بالليل صدر قرار رفع سعر تذكرة المترو بشكل مفاجئ بعد ما كان وزير النقل بيتكلم عن ان الزيادة مع السنة المالية الجديدة.
– مفاتش وقت كتير على آخر زيادة لما تم مضاعفة السعر من جنيه لاتنين جنيه، في شهر مارس 2017، وقتها كان المبرر ان المترو بيخسر كتير ولازم نعوض الخسائر دي، وان السعر العادل للتذكرة 5 جنيه زي ما قال الوزير هشام عرفات وقتها.
– كنا اتكلمنا السنة اللي فاتت عن نفس الموضوع وقولنا مين قال إنه لازم يكسب؟!
– أغلب دول العالم فيها وسائل “النقل الجماعي”، ودي بتاخد جزء من تمويلها برا الإيرادات، سواء من موازنة الدولة أو من موازنة محلية للمدينة. في كل الأحوال التمويل ده من جيوب الناس، من الضرايب اللي بيدفعوها مقابل حصولهم على “خدمات عامة”.
– دعم ميزانية المترو بالذات بيوصل لمستحقيه، مش زي مثلاً دعم الوقود اللي بيستخدمه أصحاب السيارات الخاصة اللي منهم أغنيا. أكيد مفيش غني بيتحشر في زحمة المترو.
– دعم المترو بيوفر على الدولة دعم من ناحية تانية، كل مواطن لم يستخدم عربية أو مكروباص مثلا هوا بيوفر دعم وقود واستهلاك طرق وغيره.
– التذكرة بقت ب 3 جنيه للرحلات الأقل من 9 محطات، و5 جنيه بين 9 – 16 محطة، و 7 جنيه للأكتر من 16 محطة، يعني الارتفاع بين 50 – 250% مرة واحدة فوق ال 100% بنفس السنة!
*****
مين قال ان المترو بيخسر؟
– لو افترضنا ان المترو المفروض يكسب أو على الأقل يغطي مصاريفه، يبقى لازم نشوف ميزانيته، وكالعادة مفيش أي جهة بتنشر ده، وتاني ده يرجعنا لغياب قانون حقيقي لحرية تداول المعلومات .. لكن هنعتمد على الارقام بتصريحات المسؤولين وما نشرته الصحف.
– جريدة الأهرام نشرت تقرير فيه تفاصيل بيان ايرادات ومصروفات بتاع المترو في السنة المالية 2013-2014، دي أحدث بيانات تفصيلية متاحة، كان بيقول ان ايرادات التذاكر 516.7 مليون جنيه، ( 447.5 مليون جنيه تذاكر +36.2 مليون جنيه اشتراكات + 33 مليون جنيه إيرادات متنوعة زي الإعلانات وتصوير الأفلام، وتأجير المحلات) المصروفات في السنة دي كانت 670 مليون جنيه، يعني الايردات اقل بحوالي 150 مليون.
– كان فيه علامة استفهام كبيرة ساعتها عن إزاي عائدات التذاكر مش بتجيب غير 447.5 مليون في حين ان 2 مليون راكب على الأقل يوميا المفروض يبقي العائد في السنة 730 مليون؟ يعني المفروض يبقي فيه فائض، السبب كان انهم مش بيقدرو يحصلوا كل التذاكر وفيه ناس بتركب ببلاش.
– قبل رفع سعر التذكرة المرة اللي فاتت (مارس 2017) كان المسؤولين بيقولو إن خساير المترو بقت 200 مليون جنيه سنويا، هي الفارق بين إيرادات 716 مليون ومصروفات 916 مليون( المصروفات زادت بسبب زيادة أسعار الكهربا)
– ساعتها قبل رفع السعر بأسبوع لجنة الايرادات في شركة المترو قالت ان الايرادات متوقع تزيد وتبقا مليار و 300 مليون لو زادت التذكرة لاتنين جنيه.
– ماكنش ضروري أصلا حسب أرقامهم إن التذكرة تبقي باتنين جنيه، لانها لو ارتفعت لجنيه ونص بس كانت هتغطي (العجز أو الخساير).
– الوزير قال في شهر اكتوبر ان تكلفة التشغيل والصيانة (بعد زيادة الكهربا) تكلفة صيانة وتشغيل المترو حوالي 960 مليون جنيهاً في السنة غير شاملة للقيمة الأستثمارية. دلوقت احنا ادام سعر تذكرة 2 جنيه، وايرادات سنوية مليار و 300 مليون. يعني المفروض برضه فيه فائض.
– هنا لما بنتكلم عن الايرادات، ماحدش بيجيب سيرة الدعم اللي الشركة بتاخد من موازنة الدولة مخصوص عشان اشتراكات الطلبة، كان مخصص ليه في الموازنة الحالية 75مليون جنيه، والموازنة الجديدة هيبقي 100 مليون جنيه، ده غير انه اصلا عندنا مليار و850 مليون مخصصين في الموازنة العامة لنقل الركاب بقطاعاته المختلفة، اللي أكيد منهم المترو.
*****
– لما حبو يرفعو سعر التذكرة المرة اللي فاتت كانوا بيوعدو الناس بتحسين حقيقي في الخدمة هل حصل ده؟ هل حد شاف تبديل القطارات القديمة بالمكيفة غير المجموعة اللي نزلت الخط الأولي والتاني من حوالي سنتين، قبل زيادة التذكرة أصلا؟
– لازم كلنا ناخد بالنا من النصب اللي بيحصل في الجزئية دي، ونعرف ان مهام شركة مترو الانفاق شغلها بس انها تدير المترو مش أكتر من كدا، وده واضح جدا من اسمها (الشركة المصرية لإدارة وتشغيل مترو الأنفاق).
– أومال مين اللي بيتحمل الكلفة الاستثمارية ويطور المنظومة كلها؟ ده دور الهيئة القومية للأنفاق هي اللي تنشيء خطوط جديدة، وتستورد قطارات جديدة، ودي ميزانيتها السنة الحالية 8 مليار جنيه، منهم أكتر من 5 مليار من الموازنة العامة بشكل مباشر. غير المنح والقروض اللي بتحصل عليها من الخارج زي الصين واليابان.
الشهر اللي فات مثلا حصلت الهيئة على قرض لتنفيذ القطار المكهرب قيمته 1.2 مليار دولار.
– محمدعز المتحدث باسم الوزارة قال امبارح ان الخساير 618 مليون جنيه، وفيه نسبة عجز في الصيانة 94 % ومش قادرين نوفر قطع الغيار. و قال ان الخط الأول محتاج 26 مليار جنيه، والخط الثاني اللي محتاج 4.5 مليار جنيه.
مش مفهوم الرقم الضخم ده جه منين وهل منطقي شركة المترو تحمل المواطنين كلفة استثمارية؟، لكن فيه (مسؤول رفيع) في شركة المترو قال للبوابة نيوز في شهر أكتوبر اللي فات ان المترو لسه بيخسر والخساير الاجمالية احتمال توصل حوالي 800 مليون جنيه. غالبا طريقة الحساب دي بيجمعوا فيها الديون والتكاليف بتاعة السنين الأخيرة كلها على بعض عشان تبان أكبر، والمفاجأة بقا ان المسؤول ده رجع السبب لارتفاع سعر الكهربا، ودي عارفينها، كمان قال ان رواتب الموظفين زادت بنسبة 400 % مقارنة برواتب 2006 !!
*****
ايرادات المترو بتروح فين؟
مافيش أرقام تفصيلية زي ما قولنا، لكن تقرير الاهرام بيوضح شوية مفاجآت:
– 12.3 مليون جنيه بيتصرفو للأمن، و32.3 مليون جنيه لـ”الحراسة والشرطة”!
مش المفروض شغل وزارة الداخلية انها تحمى المنشئات وتأمنها، وبتاخد مقابل ده ميزانية ضخمة؟ ايه يخلي جهة حكومية تدفع 45 مليون جنيه لجهة حكومية تاني عشان تعمل حاجة هي من صميم شغلها؟ (الكلام ده عن موازنة 2013-2014 مش عارفين هو النهاردة كام) مع العلم ان المجندين أكيد مش بياخدوا الفلوس دي، فهل بتروح لجيوب القيادات ولا بتروح لموازنة الداخلية؟
مهم هنا نشير انه المترو كان متعاقد مع شركة دولية للأمن اسمها شركة جي فور إس، رئيسها في مصر كان الراحل اللواء سامح سيف اليزل مؤسس كتلة دعم مصر بالبرلمان، وحاليا متعاقد مع شركة النصر للخدمات والصيانة (كوين سيرفس) التابعة للقوات المسلحة للقيام بالمهمة في مراحل تانية من المترو.
– المترو كان بيصرف 13.3 مليون جنيه على التعقاد مع شركة للنظافة. هل المترو معندوش عمال نضافة؟
– نيجي لأهم وأكبر بند بقا، أجور موظفين، اللي كانت في الموازنة اللي بنقول عليها (2013-2014) 459 مليون من 670 مليون مصروفات .. الرقم ده بيتصرف على 7500 موظف أغلبهم اداريين، زي ما قال النائب سعد طعيمة رئيس لجنة النقل بالبرلمان.
الأرقام اللي كانت متاحة وقتها ان فيه 600 سائق، و 1100 مهندس وفني، يعني ربع العاملين، مش عارفين الباقيين بيعملوا ايه؟ هل هما اداريين مثلا؟ كل دول اداريين؟ وبيعملوا ايه؟ هل ده معناه ان فيه بطالة مقنعة وتعيينات بالواسطة، ولا العدد من ضمنه عمال النضافة ولا الأمن؟ لو الاحتمال التاني صحيح يبقي ليه المترو متعاقد مع شركات أمن ونضافة تاني؟
– طبعا دي أرقام قديمة وأكيد اختلفت دلوقتي، بس يهمنها منها نوضح الفرق بين الانفاق على البنود المختلفة، مش عارفين النهاردة النسب هتبقى كام بسبب اخفاء المعلومات.
– المترو بيدفع كهربا في السنة 250 مليون حسب كلام الوزير مع الاعلامية رشا نبيل في شهر اكتوبر اللي فات. وان المترو تحمل زيادة بسبب الكهربا في السنة الأخيرة 75 مليون، وده رقم محدود بالنسبة للزيادات.
– احتمال فعلا يكون السبب زيادة الرواتب؟ بس هل ده تم بخطة معينة، وهل فيه عدالة في توزيع الرواتب دي، ولا الاداريين والعمال بياخدو أقل فلوس، ورؤساء القطاعات والمديرين الكبار واكلين أغلب الميزانية؟
الحقيقة مش عندنا اجابة عن الاسئلة دي، ولا عندنا ثقة ان الأمور تكون ماشية بعدل طالما فيه غياب معلومات.
*****
آثار القرار ده ايه؟
– محمد شحاتة رئيس الجمعية المصرية للنقل بيقول ان القرار ده هيخلي قطاع من الناس يلجأ لركوب المواصلات العادية فوق الأرض، وده هيعمل المزيد من الازدحام المروري، وكمان ممكن بعض سواقين الميكروباصات يستغلوا ده ويغلو الأجرة، وإن كان أصلاً متوقع زيادة قريبة بأسعار الوقود حسب الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
– كلام الوزير في شهر يناير كان بيقول ان السعر هيزيد في شهر يوليو مع السنة المالية الجديدة، ومش عارفين السبب القهري اللي يخلي القرار يطلع في مع بداية رمضان وده وقت الناس كلها بتزيد مصاريفها فيه، غير الزيادات القادمة كمان، وده عبئ ضخم جدا على الأسر اللي فيها أكتر من فرد بيعتمد على المترو في تنقالاته، بالإضافة للناس اللي شغلها بيضطرها تركب كل يوم مترو رايح جاي، عدد محطات كتير، ويمكن أكتر من مرة في اليوم الواحد.
– الزيادة الحالية لو طبقناها على أمثلة عملية هنشوف مدى فداحتها، لو واحد بيركب من حلوان لحد رمسيس عشان يوصل شغله هيدفع 14 جنيه رايح جاي حوالي 350 جنيه في الشهر، بدل ما كان بيدفع 4 جنيه لحد امبارح، وكان بيدفع 2 جنيه لحد السنة الماضية، ده غير لو ضفنا عليها انتقال اولاده للمدارس مثلا، اكيد دخله مزادش بنسبة مقاربة أبداً.
– فيه عملية سلخ وقلة رحمة بتحصل للمواطنين فعلا .. والمقارنة اللي بتحصل كل شوية بين المواطن اللي بيركب مترو بينما لو ركب تكتك من أول شارع لآخره هيدفع خمسة أو عشرة جنيه، دي مقارنة غير عادلة ومليانة بجاحة، لانه المواطن حتمي عليه يركب المترو قبل ما يلجأ للتوك توك في منطقة مفيهاش الخدمة، ده غير ان مفيش وجه مقارنة بين خدمة عامة وخدمة خاصة.
– مش محتاجين نأكد كمان على مقارنة اسعار المترو في مصر ببلاد أوربية، لان المواطن الأروبي مش هيفرق معاه انه يدفع 1.5 أو اكتر لو كان متوسط دخله 3 الاف دولار.
*****
هل ده كان الحل الوحيد؟
– غير فكرة الخدمة العامة والمزانة العامة، زي ما اتكلمنا السنة اللي فاتت، فيه حلول مختلفة ممكن تزود ميزانية المترو، زي التوسع في بنود الإعلانات والتعاقدات مع الشركات بخدمة يستخدمها ملايين المواطنين، وزي زيادة الأكشاك التجارية في المحطات، هو ده حصل بشكل ملحوظ، بس مش عارفين ال 33 مليون اللي كانو بيدخلو للمترو بقو كام دلوقت، ماحدش بيتكلم عن الموضوع ده.
– ايرادات التذاكر بعد التذكرة ما بقت ب 2 جنيه بقت مليار و 300 مليون، بس وزير النقل بيقول ان فيه 3.5 مليون راكب يوميا، يعني الرقم ده المفروض يكون الضعف. الشكوى من التهرب من الدفع ماعادتش موجودة، وتأمين المحطات بقا أعلى من قبل كدا، فين باقي الفلوس بقا؟؟
– الداخلية تقوم بدورها بالتأمين من غير مقابل ده لأنها بتاخد مخصصاتها من الموازنة!
– يتم مراجعة أوضاع العمالة اللي مش عارفين دورها ايه، ولو فيه عمال نضافة وأمن تلغى التعاقدات مع الشركات اللي برا.
– الرواتب والبدلات لازم تتراجع، وماحدش يزيد عن الحد الأقصى للأجور، 42 ألف جنيه.
– يكون فيه متخصصين لإدارة ملف الإعلانات، ويحصل توسع في تقديم الخدمات والمحلات والأكشاك.
– لازم الميزانية تعلن للناس هي وباقي الموازنات الحكومية، ويتطبق قانون حرية تداول المعلومات في أسرع وقت.
– كل ما سبق محتاج ضغوط سياسية للوصول ليه، محتاج الناس تقدر تنظم نفسها بأي صورة ووسيلة يقدروا عليها للضغط لوجود انتخابات نزيهة، نواب يمثلوا مصالحهم، حكومة تمثل مصالحهم والقرارات مصدرها هما مش من غيرهم. الطريق طويل وصعب لكن لا بديل عنه لتغيير أوضاعنا من أكبر الأمور لحد تفاصيل سعر تذكرة المترو ..
*****