امبارح رئيس الوزراء أعلن قرارات جديدة كلها في إطار تخفيف اجراءات الحظر وفتح الانشطة الاقتصادية والخدمية المختلفة، رغم إن كل المؤشرات الصحية بتقول أننا في مرحلة صعبة من انتشار الوباء.
هنناقش معاكم النهاردة القرارات دي، وهل من المنطقي تطبيقها في الوقت الحالي؟ وهل تطبيقها ممكن بشكل واقعي؟ واإحنا كمواطنين دورنا إيه؟
*****
ايه أهم القرارات؟
1- إعادة فتح المطاعم والمقاهي بـ 25% من طاقتها الاستيعابية، مع منع الشيشة.
2- السماح بسير وسائل النقل الجماعي بدايةً من الساعة 4 صباحًا حتى الساعة 12 منتصف الليل.
3- إعادة فتح النوادي الرياضية الخاصة، ومراكز الشباب بـ 25% من طاقتها الاستيعابية، مع عودة الأنشطة الرياضية وفقًا لخطة وزارة الشباب والرياضة، ودا غالبا حيشمل عودة الدوري المصري لكرة القدم.
4- إغلاق المطاعم والمقاهي بدءًا من 10 مساءً، والمحال التجارية من 9 مساءً.
5- فتح دور العبادة لأداء الشعائر اليومية مع تعليق الصلوات الرئيسية الأسبوعية، كقداس الأحد وصلاة الجمعة، حتى إشعار آخر، مع استمرار غلق دورات المياه ودور المناسبات بها.
6- فتح دور السينما والمسارح بطاقة استيعابية 25%، مع اتخاذ جميع الإجراءات الاحترازية لضمان التباعد.
– القرارات كلها هتبدأ في التطبيق من يوم السبت القادم 27 يونيو.
*****
ليه الحكومة بتاخد القرارات دي دلوقتي؟
– من الواضح من بداية الأزمة، ان الحكومة عندها توجه عام لجعل الاعتبارات الاقتصادية، اللي هيا مهمة جدا طبعا، أولوية قبل الاعتبارات الصحية.
– من الواضح كمان إن الاعتبارات الاقتصادية دي كانت بتبص دايما لرجال الأعمال وأصحاب الأموال والشركات، وده ظهر في إن أغلب حزمة الدعم راحت ليهم، بينما شفنا منحة ال 500 جنيه مرة واحدة للعمالة غير المنتظمة المسجلة اللي هيا أصلا نسبة ضعيفة جدا من الاجمالي، بينما شفنا دول تانية عملت برامج واسعة جدا لدفع اعانات شهرية نقدية بما فيها أمريكا وبريطانيا وكندا.
– وده كان واضح لأنه محصلش إغلاق كامل أو إجراءات مشددة إلا في الحد الأدنى، يعني كان عندنا غلق جزئي في ساعات حظر التجول بس واللي هو كان أقل من 12 ساعة وكأنه الحظر لأسباب أمنية، مش زي دول تانية كان بيسيب الناس تخرج 4 5 ساعات بس في اليوم، واتأخر فرض الكمامات الإجباري، وزي التباعد، وفي بعض الدول كانت بتجبر الناس تروح مشاويرها مشي بشكل فردي، بدون مواصلات جماعية، عشان تقلل الاختلاط وتعود الناس تروح المشاوير القريبة منها وتمنع الزيارات، وده طبعاً محصلش عندنا، وأكبر دليل الحظر العجيب اللي كان معمول في شهر رمضان.
– الأنشطة الاقتصادية كلها موقفتش، جزء صغير بس اللي تم وقفه ولفترات معينة، لكن المصانع والشركات شغالة بكامل طاقتها رغم انتشار الإصابات والوفيات رغم ان بعضها قطاعات غير حيوية، وظهر في قرارات قبل كده زي فتح السياحة الداخلية، وخفض الحظر للقادمين من الخارج ل 7 أيام، وغيرها من الأنشطة اللي اتفتحت وكانت غير ضرورية بالمرة وممكن تأجيلها.
– بعض الناس بيقول وارد الحكومة بتتخذ بشكل عمدي سياسة “مناعة القطيع”، لكن المشكلة هنا دي بتقتضي أنه على الأقل 60 % من الشعب يجيله الفيروس عشان تحصل مناعة جماعية، يعني إصابة 60 مليون مصري، ولو خدنا معدل الوفيات الحالي في مصر حوالي 4 % فدا يعني أنه أكثر من 2 مليون مصري معرضين للوفاة بالفيروس دا.
– حتى بأفضل السيناريوهات ولو افترضنا أنه إحنا عندنا نظام صحي قادر علي استيعاب الإصابات دي، ومعدل الوفيات عندنا بقا 1 % بس فدا يعني أنه في 600 ألف مصري معرضين للوفاة بالفيروس ده.
– وهل احنا حصل عندنا رفع لقدرة المستشفيات وأجنحة الرعاية المركزة على الاستيعاب بأقصى قدر ممكن؟
– طبعا الأرقام دي أرقام مرعبة، والمفروض تخلي دور أكبر على الحكومة والمواطن في إجراءات الوقاية في الفترة القادمة لكن للأسف الحكومة قررت تاخد الطريق العكسي وتفتح الدنيا بغض النظر عن التصرفات المنطقية والعلمية.
*****
هل القرارات دي مدروسة؟
– كتير من الناس ممكن تقول مهو كل دول العالم بتفتح بشكل تدريجي، بس الحقيقة أنه في الدول اللي فتحت دي منحني الإصابة وصل للقمة بتاعته ودلوقتي في مرحلة انحسار الوباء، وخدت فعلاً إجراءات مشددة قبل كده.
– إيطاليا دلوقتي مثلا بتسجل حالات يومية في حدود ال200 أو ال300 حالة بالكثير، اسبانيا كذلك بتسجل في نفس الحدود تقريبا وفرنسا في حدود ال 400 حالة في الفترة اللي فاتت، بالتالي الدول دي خدت إجراءات الفتح التدريجي للأنشطة الترفيهية دي، وده بعد ما كانت الإصابات والوفيات عندهم عالية جداً، وبالتالي منطقي دلوقتي يخففوا الإجراءات.
– بينما عندنا في مصر صدر استطلاع رأي من مركز “بصيرة” التابع لمجلس الوزراء، واللي بناء عليه قدر عدد المصابين الفعليين بكورونا بحوالي 616 ألف مواطن، منهم 12% بس اللي راح المستشفيات، يعني حوالي 74 ألف مواطن، و66% عملوا لنفسهم عزل منزلي و 39% بيتابعو مع أطباء.
– وبعيدا عن دقة الإحصاء ده، لكن احنا رسميا عندنا تصريحات وزير التعليم العالي اللي ناقشناها قبل كده اللي قال ان نموذج الحكومة قائم ان الارقام الحقيقية 5 أضعاف الأرقام الرسمية، وبتصريح تاني رجح إنه الإصابات هتوصل لمليون، وكان متوقع إنه المعدل هينزل لما الإصابات الرسمية توصل ل 40 ألف، في حين إنه من وقتها معدل وأرقام الوفيات الرسمية بتزيد!
– يبقى لما نكون في الوضع ده على المستوى الصحي ومع تكدس المستشفيات والبحث المرير عن سرير عناية مركزة في مستشفى حكومي أو خاص واستغاثات الناس يومياً من عدم الاستجابة من الإسعاف لأنه مفيش أماكن، وفي مبادرات اجتماعية عشان توفر أماكن ومستلزمات وقائية لأن المستشفيات على آخرها.
يبقى بأنهي منطق وزيرة الصحة بتقول إنه المستشفيات عندها قدرة استيعابية لسه؟ وبأي منطق نفتح الاقتصاد والأنشطة الترفيهية واحنا في الوضع السيء ده بالأرقام الرسمية؟!
*****
طيب بافتراض إنه القرارات دي مدروسة وعلمية، هل هتتطبق صح؟
– هل فعلا إحنا في مصر قادرين على تطبيق نسبة ال25 % في المقاهي؟ القاهرة لوحدها فيها ما يقرب من 150 ألف مقهى تقريبا، هل هنقدر نراقب 150 ألف مقهى ونشوف التزامهم بالنسبة دي؟ هل أساسا المقاهي دي عندها سعة محددة، كثير منها أساسا مقاهي بتفرش في الشارع، وبالتالي القرار ده هيبقى هو والعدم سواء، القهاوي هتشتغل بكامل طاقتها ونسب العدوى هتبقى عالية، وبالعكس دي فرصة للمحليات والبلدية إنها تاخد إتاوات من القهاوي مقابل التغاضي عن أي مخالفات “تقديرية”.
– ده غير التجمعات اللي زي الكافيهات والسينمات مؤكد فيها تكييف، واللي هو ناقل للعدوى في الأماكن المقفولة. طيب كان ممكن فتح الجناين والشواطيء أرحم.
– نفس الكلام فيما يتعلق بالمطاعم وإن كان أسهل الرقابة عليها، وإنه نشاطها يفضل مقتصر على الديليفاري لأنه ممكن السيطرة عليه.
– كمان موضوع عودة النشاط الرياضي وتحديداً كرة القدم ده عجيب ومستفز جداً، أولاً لأنه فجأة وزارة الشباب واتحاد الكورة قررو يعملو مسحات جماعية لكل لاعيبة وإداريين الأندية في الدوري الممتاز والدرجات الأدنى اللي هما أكتر من 200 نادي، واللي إجمالي اللاعيبة والإداريين يتخطو 1200 شخص، وهيتعملهم مسحتين أسبوعياً، واللي يعني التكلفة بتاعتها لو اتحسبت ب 1000 جنيه للمسحة، فالتكلفة الأسبوعية هتبقى أكتر من 24 مليون جنيه! وده سؤال مهم عن أهمية صرف الفلوس دي في نشاط ترفيهي زي الكورة في حين إنه الدكاترة اللي مات منهم أكتر من 90 شهيد معندهمش مسحات متوفرة بالشكل ده وبيعزلوا نفسهم بشكل احترازي في أجازتهم، ده غير معاناة الناس عشان يتعملها مسحة في مستشفيات الحكومة!
*****
– كنا نتمنى من الحكومة مراجعة القرارات دي وإنها تتمسك بالمنهجية العلمية في مواجهة الوباء، ومش معقول تكون اجراءات بداية الأزمة أشد من الاجراءات اللي في وقت تصاعدها، يعني لو في دراسة حقيقية قطاع السياحة ده مش هيتعافى قبل سنة أو سنتين من دلوقتي لأسباب مرتبطة بالعالم كله، فمفيش منطق على الاستعجال فيه، على الرغم من الإشادات اللي بتنشرها الحكومة عن إجراءاتها.
– عامة وبغض النظر عن الحكومة، إحنا بنتمنى من كل المصريين وكل اللي بيتابعونا إنهم ميعتبروش الفيروس انتهى في مصر!
بلاش ننزل القهاوي، بلاش نروح أي أماكن زحمة، بلاش نروح أي مشاوير غير ضرورية، بلاش نتخلى عن لبس الكمامات، بلاش زيارات عائلية أو عزومات، افتكر دايماً إنه صحتك وصحة أسرتك أهم وأغلى من أي حاجة تانية، وإنه للأسف صعب تلقى حاليا مكان في مستشفى.
دي مسؤولية كل واحد فينا انه يحمي نفسه وأسرته، وأكيد الحكومة مش هيا اللي هتخليك تقعد في قهوة زحمة أو تتجاهل الكمامة وغسل اليد وغيرها من الاجراءات.
– نتمنى السلامة لكل المصريين، وبندعي أننا نعدي كلنا من الأزمة دي علي خير بأقل الخسائر وبدون ما نفقد أرواح حد من أحبائنا وأهالينا.
*****