السيد الرئيس المنتهية ولايته والمرشح الحالي لرئاسة الجمهورية المشير عبد الفتاح السيسي:
* منصب رئيس الجمهورية هو منصب سياسي بطبيعته وبصورة كلية، وكل التصرفات الوظيفية للرئيس هي أعمال سياسية، وعلى من يتولى المنصب أو يترشح له أن يدرك هذه البديهية، فكيف يستقيم أن تصرح بأنك لست سياسيا رغم ما يقرب من أربعة أعوام في منصب الرئاسة الذي تعيد ترشيح نفسك له مرة أخرى؟!
* الدولة لا تدار بالتفويضات، بل تدار وفقا للدستور والقانون والصلاحيات التي يحددانها لكل سلطة، والتفويض قد يكون مقبولا بصورة استثنائية في لحظات الثورات التي يتنازع فيها طرفان الشرعية الجماهيرية والدستورية، لكنه لا علاقة له بالمنطق في الظروف العادية. أما طلب التفويض والتهديد المستتر والذي وصلت رسالته بالانقضاض على القوى السياسية السلمية لمجرد أنها دعت لمقاطعة الانتخابات التي لا تثق في توفر أي ضمانات للنزاهة فيها فإنه عجب العجاب فعلا، فالمشاركة والمقاطعة هي أفعال سياسية وحق كامل ومطلق لأي قوة سياسية، ولا يحق لأحد في أي نظام يحترم أبسط قواعد الديموقراطية أن يلجأ للتهديد إزاء هذه الدعوة الاحتجاجية السلمية، أو وصف من يقومون بها بالأشرار. أما الممنوع مطلقا فهو الزج بالجيش في أي تجاذبات مع القوى السياسية، فالجيش الوطني هو مؤسسة دولة وعماد رئيسي لها ويتحرك طبقا للدستور والقانون والعلاقة مع السلطات ذات الصلة طبقا لهما، ولا يتدخل في الحياة السياسية السلمية مطلقا.
* منذ بدء الحديث عن انتخابات الرئاسة تكررت تصريحاتك حول أنك لن تسمح بوصول فاسد لكرسي الرئاسة، وهي تصريحات غريبة فالذي يسمح أو لا يسمح هو صاحب الحق وهو بالتأكيد ليس سيادتك، بل الشعب عبر التصويت الحر في انتخابات حرة تتوفر لها ضمانات النزاهة. أما إذا كان لديك يقين بأن هناك فاسد سواء تقدم للترشح للرئاسة أو لم يتقدم، فإن واجبك كرئيس أو حتى كمواطن هو أن تقدم المستندات الدالة على فساده وتقدمه للمحاكمة أمام القضاء العادل ليقول كلمته التي يتحدد بناء عليها قبول ترشحه من عدمه وليس بناء على اتهامك المرسل له.
* عندما تُجرى انتخابات في ظل تجديد سريان قانون الطوارئ قبل الإعلان عن موعد الانتخابات مباشرة، وفي ظل قانون التظاهر الفاشي الذي يصادر حرية التظاهر وكلاهما يقيد أي حراك أو تواصل جماهيري واسع النطاق بين المرشحين والجماهير، وفي ظل ما جرى مع الفريق شفيق ومن بعده الفريق سامي عنان، وفي ظل ما تطلقه من تهديدات عامة عمن لن تسمح له بالوصول للرئاسة بدون أي حق لكم في ذلك، فإنها تحولت إلى ما يشبه الاستفتاء وليس الانتخابات الحرة التي تتوفر لها ضمانات الحيدة والعدالة والنزاهة، وبالتالي من حق القوى السياسية أن تقرر المشاركة فيها أو مقاطعتها، بل ومن حقها طلب إيقافها وإعادة العملية الانتخابية برمتها مع توفير ضمانات نزاهتها من إيقاف الطوارئ خلال المعركة الانتخابية، وإسقاط قانون التظاهر الفاشي المعادي لأبسط الحريات، وحياد وتوازن مؤسسات الدولة وجهازها الإعلامي إزاء المرشحين، دون أن يستتبع ذلك توجيه أية اتهامات تنتمي لعصور الاستبداد والديكتاتورية إلى القوى السياسية التي تتخذ مثل هذا الموقف الذي هو حق مطلق لها.
ختاما.. مصر لا تحتاج للمزيد من التوتر والاحتقان، بل إلى احترام الدستور وقواعد الحرية والمساواة والعدالة والديموقراطية واحترام الحقوق والكرامة الإنسانية لتحقيق التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي يدفع بمصر إلى المكانة اللائقة بتضحيات شعبها العظيم في ثورتيه ضد الاستبداد والفساد والظلم الاجتماعي.. مكانة تليق بقيمتها وقامتها الحضارية الهائلة التي تفوق كل ما عداها.