– فريق صفحة الموقف المصري بيقدم العزاء لأسرة وأصدقاء ومحبي الكاتبة الكبيرة الدكتورة نوال السعداوي، اللي اتوفت عن عمر 90 عام بعد صراع مع المرض.
– الدكتورة نوال كانت من أوائل المناضلات لحقوق المرأة، وساهمت في منجزات مهمة على رأسها مكافحتها ضد ختان الإناث وغيره من العادات الاجتماعية، ده غير انها اختارت مواقف سياسية معروفة زي رفض اتفاقية كامب ديفيد وغيرها، ودفعت تمن مواقفها بإنها خسرت شغلها واتسجنت، ومع كدة واصلت إعلان كتير من المواقف الجريئة والحادة، واللي بعضها أدى لحالة كبيرة من الجدل بعد وفاتها.
– الاختلاف طبيعي حول أي شخصية في العالم، لكن اللي مش طبيعي هوا اللي بيحصل في مصر بقالنا مدة كل حد مشهور يموت بيظهر ناس يحولوا كل اللي عمله في حياته شر بالكامل ويتحكم عليه من موقف أو تصريح، أو العكس ناس تحول كل اللي عمله في حياته لخير وصح بالكامل وينسو أي حاجة تاني غير الإيجابيات.
– الطريقة دي خلت السوشيال ميديا فيها معركة غريبة، مثلا ناس تدور على مقاطع فيديو قصيرة للدكتورة نوال يتفهم منها هجوم على الإسلام عشان تقول كافرة، وناس تانية بقو يردوا بنفس الطريقة، ويدورو على مقاطع قصيرة من كتبها أو فيديوهات بتتكلم فيها بشكل إيجابي عن الإسلام.
– ده غير ظاهرة حرب الشهادات الشخصية. شفنا دكتور نشر شهادة إنه وهوا بيعالجها قالتله أنا مسلمة وتبت وادعيلي، ودكتورة تقول أنا لقنتها الشهادة في العناية المركزة وتشهدت قبل ما تتوفى، ودكتور تالت يقول انها قالتله ازاي أؤمن بحاجة مش شايفاها، ده غير ناس بتطالب إن الدكاترة التلاتة دول يتحولو للتحقيق بجريمة إفشاء أسرار مريض.
– أو ناس تطلع فيديو ليها بتهاجم فيه الحجاب بشدة، وناس تانية بتتداول فيديو تاني مشهور من قناة العربية لما قالت للمذيع إنها ضد “أسلمة زي المرأة وأمركة زي المرأة” وبتدعو لكشف الشعر مع الحفاظ على الملابس المحتشمة زي اللي هيا بتلبسها.
– نفس السلوك حصل حول مواقفها السياسية، مثلا ناس تنشر صورها في ميدان التحرير، ودعمها للثورة، أو مقالها في يناير 2012 ضد كشوف العذرية بعهد المجلس العسكري ومطالبتها بمعاقبة المسؤول، وقصادهم ناس ينشرو تصريحات ليها وهيا مؤيدة للنظام الحالي وبتهاجم اللي بيعارضوه، وناس تقول لا دي كانت سنها كبير اعذروها، وناس ترد لا كانت واعية ومسؤولة بطلو تبرير.
– الحالة دي كلها مش إيجابية، وبتخلي كل واحد عنده موقف سابق يفضل على موقفه وخلاص، بدون ما أي حد يستفيد.
– وفي الواقع الدكتورة نوال زي أي شخص فينا ممكن يكون له ردود ومواقف مختلفة وممكن تكون عكس بعض حسب الظروف وحسب عوامل كتير.
– عشان كدة ندعو الكل في حالة دكتورة نوال وغيرها من الشخصيات الثرية، اللي وراها تاريخ ضخم يمتد لعقود طويلة، إنه يدور أكتر عشان يتعرف بنفسه على صورة أوسع في الحالة دي أو أي حاجة شبهها، وبعدها كل واحد حقه يختار يستفيد من اللي يتفق معاه ويسيب اللي مختلف معاه.
– عشان كدة من الظواهر الإيجابية القليلة اللي حصلت في السوشيال ميديا هيا تداول رابط من موقع “هنداوي” للنشر الإلكتروني، بيتيح بشكل قانوني ومجاني 36 كتاب للدكتورة نوال (هنضيفه بأول تعليق).
والدكتورة نوال في أكتر من حوار قالت كدة اعرفوني من كتبي.
-وكمان بعض الناس بدأوا يراجعوا مقالاتها زي ثريد على تويتر لمواقفها السياسية المتنوعة، وغيرها من المحاولات الجادة لتجاوز الأحكام السطحية السريعة.
– بالتأكيد النوع ده من البحث والنقاش هيكون معبر بشكل أحسن عن أفكارها من أي تصريحات قصيرة في برامج ظهرت بيها وهيا فوق ال 80 سنة، وهيكون مفيد للأجيال الجاية تتعلم من الإيجابي أو السلبي من تجربة أي شخصية بارزة.
*****
مين هي نوال السعداوي؟
– ولدت سنة 1931 في قرية تابعة لمدينة بنها بمحافظة القليوبية وكانت الطفلة الثانية بين 9 أبناء.
– والدها كان موظف حكومي، حاول يجوزها وهي عندها 10 سنوات، لكنها رفضت، وقدرت بمساعدة والدتها على رفض الزواج ده.
– قالت إنها أدركت في قريتها من وهيا في سن صغير، الظلم اللي بتتعرض ليه البنت، وإن الولاد بيحصلوا على معاملة تفضيلية عن البنات، وبدأت تكتب عن ده في مناسبات مختلفة، وكتبت أول رواية ليها وهي عندها 13 سنة.
– تخرجت من كلية الطب بجامعة القاهرة عام 1955 واشتغلت كطبيبة جراحة أمراض صدرية، وبعدين غيرت المجال وتخصصت في الطب النفسي.
– بسبب دفاعها عن النساء في شغلها بقريتها تم نقلها للقاهرة، وبعدين فازت في انتخابات نقابة الأطباء وبقت الأمين العام المساعد، وفي نفس الوقت كانت اترقت في وزارة الصحة وبقت مدير إدارة التثقيف الصحفي في الوزارة.
*****
إيه أبرز محطات تجربتها؟
– الدكتورة نوال كان من أول اللي اتكلموا علنا عن ختان الإناث، في كتابها “المرأة والجنس” الصادر سنة 1971 ، شرحت أضراره من الناحية الطبية، وكمان وصفته انه انتهاك لجسم المرأة وكرامتها.
– في الكتاب ده كمان شرحت طبيا أنواع غشاء العذرية، وحكت عن تجارب شافتها لما بنات مش بتنزل في ليلة الدخلة لأسباب طبية كتير زي “الغشاء المطاطي” وغيرها لكن لإن الناس جاهلة بالمعلومات دي ممكن البنت تتقتل، أو ممكن الدايات يلفقوا دم على منديل الدخلة البلدي.
– وثقت من خلال كتاباتها تجربتها الشخصية المؤلمة بخضوعها لعملية الختان لما كان عمرها 6 سنوات، ووصفت الجراحة المؤلمة اللي اتعملت لها على أرضية الحمام، وفي حضور والدتها.
– لما عملت كدة تعرضت لاضهاد من الدولة والأزهر، واتفصلت من شغلها كطبيبة في وزارة الصحة، وخسرت منصبها النقابي.
– كمان سنة 1973 تم إغلاق مجلة الصحة اللي كانت أسستها قبلها بسنوات.
– رغم اللي حصل واصلت مشوارها، ونشرت كتاب “الوجه العاري للمرأة العربية” سنة 1977، ووثقت من خلاله كتير من آرائها حول وضع المرأة العربية بمختلف الدول والعصور، وحكت وقائع شهدتها اثناء شغلها كطبيبة زي جرائم اعتداء جنسي ودعارة وغيرها.
– أيضا في كتابها “توأم السلطة والجنس” قدمت ربط تاريخي بين السلطة والجنس والأديان وتأثير ده على تطور وضع المرأة عبر التاريخ، ده غير أعمال روائية عن نفس الأفكار من أشهرها “امرأة عند نقطة الصفر”.
– طول الفترة دي كانت كتاباتها محل انتقاد من المؤسسات والشخصيات الدينية، وعلى رأسهم الأزهر، اللي كان رافض تماما مواجهة ختان الاناث، واعترض على آراء السعداوي أكتر من مرة.
– لكن في آخر عمرها بقت بتشوف نجاح جهودها، والحملة ضد ختان الإناث في مصر بقت أكبر والوعي أكتر، وناس غيرها بقت بتقول نفس كلامها، لحد ما وصلنا لقانون تجريم تشويه الأعضاء التناسية للإناث سنة 2008، والأزهر تراجع عن موقفه وأصبح بيفتي بحرمة ختان الإناث.
– بنفس الوقت كانت بتاخد مواقف سياسية كتيرة، من أشهرها انها عارضت اتفاقية كامب ديفيد في عهد الرئيس السادات بشكل علني، وده كان سبب إنها اتسجنت في “اعتقالات سبتمبر” وفضلت في السجن لحد ما وصل مبارك للحكم وأفرج عنها مع باقي المعتقلين.
– جوا السجن استمرت في الكتابة، وكتبت مذكراتها على المناديل بأقلام الكحل وكانت بتقول ان دي كانت تجربة مفيدة جدا ليها.
– فضلت على موقفها من كامب ديفيد ورفض التطبيع طول عهد مبارك.
– سنة 2005 في أول انتخابات تعددية أعلنت رغبتها للترشح للرئاسة ضد مبارك، ولما جت الثورة شاركت فيها وكانت بتقول انها ضد النظام الفاسد.
– دعمت مظاهرات 30 يونيو وكررت سعادتها بالاطاحة بحكم الإخوان اللي اعتبره خطر على المرأة، لكن في تصريحات تانية بعدها قالت إن “ثورتيّ 25 يناير و30 يونيو تم اجهاضهما”، واعترضت على بعض الإجراءات زي مطالبتها بتعديل قانون التظاهر، لكن بعدها اطلقت تصريحات أخرى بتؤكد رفضها انتقادات الرئيس السيسي بالملف الحقوقب المتداولة بالإعلام الغربي.
– في سنة 2019 المخرج سميح منسي نقل عنها إنها بتعاني من مشاكل صحية كبيرة، وأجرت عملية رجعت بعدها بيتها، وقال انها كانت في حالة نفسية شديدة السوء، وبالوقت ده اشتكت من إهمال المجلس القومي للمرأة ليها في أزمتها الصحية، بعد تأثر قدرتها على الإبصار وبقت محتاجة بشكل مستمر اشراف طبي كامل وممرضة خاصة لرعايتها.
*****
– البعض بياخد على نوال السعداوي بعض المواقف الفكرية والسياسية، والبعض بيحاول يعذرها فيها بحكم السن أو استفزاز مذيع، والبعض بيرفض ده، وشفنا حقوقيين ونشطاء سياسيين بيقولو انهم ملهومش دعوة بالخناقة الفكرية لكن يهمهم الموقف السياسي اللي شافوا إنها خذلتهم وتراجعت عن مواقف معارضة سابقة ليها وبقت مسؤولة عن التغطية على انتهاكات حقوقية.
– بشكل عام نقد مواقف للشخصيات العامة والاختلاف عليها أمر صحي وطبيعي، لكن في نفس الوقت زي ما قلنا يجب أن نعرف عنهم أكتر، ويجب ألا ننسي إنجازاتهم المهمة ومواقفهم المشرفة، بعدها كل شخص حر يشوف إن التقييم الكامل إيجابي أو سلبي.
– وبالنسبة للدكتورة نوال ربنا يرحمها عمرنا ما ننسى فضلها الكبير في قضايا الختان وقتل الشرف وزواج القاصرات وبيه حفرت اسمها في تاريخ الحركة النسائية المصرية وتاريخنا المعاصر، مع احترامنا للآراء المختلفة في مواقفها الأخرى.
– خالص العزاء لأسرة الدكتورة نوال، ولكل قرائها ومتابعيها ومحبيها.