من حوالي أٍسبوعين مصر استلمت رئاسة الاتحاد الأفريقي، من وقتها والصحف بتروج لده باعتباره إنجار تاريخي، وان حكمة الرئيس وقوته هى اللى ساعدت على اختيار مصر، والقنوات الفضائية كاتبة على شاشاتها “مصر رئيسا للاتحاد الأفريقي”.
في البوست ده هنتكلم عن دور الاتحاد، وعن رئاسة مصر للاتحاد بشكل موضوعي زي ماتعودنا بدون تهوين أو مبالغة.
*****

ايه هو الاتحاد الافريقي؟ ازاي بيتم انتخاب رئيسه؟ وإيه دوره؟

– تم تأسيسه في 2002 عشان يحل محل منظمة الوحدة الإفريقية، بيتكون من 55 دولة، ومقره في أديس أبابا في أثيوبيا. – حصلت خلافات سنة 2006 عشان السودان كانت عايزة تتولى رئاسة الاتحاد، وبعض الدول رفضت بسبب إن كان عندها مشاكل داخلية و أزمة في دارفور، ده خلى الاتحاد يقرر يعتمد على التناوب على منصب الرئيس بين أجزاء القارة الخمسة، الشرق والغرب والشمال والجنوب والوسط، ولما بييجي الدور على دول كل جزء بيكونو مرتبين برضه بينهم تدوير المنصب.

– دي أول مرة مصر تتولى الرئاسة بالاسم الجديد، لكن مصر تولت رئاسة منظمة الوحدة الأفريقية 3 مرات قبل كده فهي مش سابقة تاريخية.
– وكمان في 15 دولة سبقتنا في رئاسة الاتحاد، كلهم بيكونو معروفين من قبلها مش بيتم انتخابهم مثلاً، في الدورة اللي فاتت كانت رواندا رئيس للاتحاد، ومعروف من دلوقت إن جنوب أفريقيا هي اللي هتتولى رئاسة الاتحاد في 2020، فهل ده معناه إنه رواندا كانت زعيمة القارة ودلوقتي لأ؟ وجنوب أفريقيا هتبقى الزعيمة في 2020؟ بالتأكيد ده مش صح.
– رئاسة الاتحاد الأفريقي مش معناها خالص إنه رئيس الاتحاد بيرأس قادة الدول الأفريقية ويديهم تعليمات وتوجيهات مثلاً، إنما هي رئاسة للمنظمة نفسها وبيكون في خطة بيتم الاتفاق عليها بين الدول الأعضاء عشان تنفيذ برامج بتطور من عمل الاتحاد، ومساهمة البرامج ده في تطوير التعاون السياسي والأمني والاقتصادي.

– الدول اللي تولت قبل مصر مش بالضرورة في الأكبر والأعظم، ولا الرؤساء لازم يبقوا قادة تاريخيين لأفريقيا، مثلاً الرئيس الليبي المخلوع معمر القذافي مسك رئاسة الاتحاد الأفريقي قبل كده رغم إنه مثلاً دخل حروب في تشاد دعم فيها ميليشيات عسكرية وأدت لكوارث إنسانية مؤسفة، روبرت موغابي رئيس زيمبابوي الديكتاتور اللي دمر بلده وفضل في الحكم لحد ما تجاوز سن الـ90 قبل ما يحصل عليه انقلاب تولى رئاسة الاتحاد الأفريقي برضه.

– الاتحاد الأفريقي عنده برلمان زي البرلمان الأوروبي، لكنه مش بيتم انتخابه من المواطنين في أفريقيا، وقراراته عشان تتمرر لازم تكون بأغلبية الثلثين أو بالإجماع، وكمان ده غير ملزم، لأنه ببساطة ممكن أي دولة تعلق عضويتها بدون ما هيتغير شيء فيها، زي ما مصر نفسها تم تجميد عضويتها بعد 30 يونيو، ورجعت تاني للمنظمة، والمغرب برضه علقت عضويتها اعتراضاً على دعم إقليم البوليساريو، والنماذج كتيرة.

– الاتحاد مكون من 17 جهاز، لكن مش كلهم مفعلين، مثلا لسه ما تفعلش صندوق النقد الإفريقى والبنك المركزى الإفريقى، ومحكمة العدل الإفريقية، الرئيس الرواندي بول كاجامي اللي تولى رئاسة الاتحاد في 2018 كان سياسته جزء كبير منها تطوير للأجهزة التابعة للاتحاد بترسيخ الديمقراطية وتمكين السيدات في المناصب الكبرى واقتراحات لتمويل أنشطة الاتحاد من ميزانية الدول الأعضاء، ومش كل الدول التزمت بالقرار ده.

– من بين أهداف الاتحاد الأفريقي تيسير الاندماج السياسي والاجتماعي والاقتصادي للقارة، وتحقيق السلام والأمن، ومساندة الديمقراطية وحقوق الإنسان، وبحسب أولويات كل بلد بتطرح سياستها على الدول الأعضاء، رواندا مثلاً كانت بتتكلم عن تطوير آليات تمويل الاتحاد عشان قوات حفظ السلام والمشاريع التنموية الموحدة.
*****

لما الوضع كده يبقى إيه ايجابيات الموضوع؟ وايه المتوقع من رئاسة السيسي للاتحاد الأفريقي؟

– بالتأكيد رئاسة الاتحاد بتدي أفضلية في طرح بعض الملفات والموضوعات، خصوصاً لو تم الدفع في استراتيجية واضحة يتم الاتفاق عليها بخصوص المنطقة التجارية القارية الحرة، وده معناها إعفاءات جمركية على السلع المنتجة أفريقياً بين الدول الأعضاء – رغم تحفظات جنوب أفريقيا اللي هي من أهم الدول اللي بتحقق معدلات نمو ومش هيكون ده في صالحها – وبالتأكيد السلطة في مصر لأنها بتفكر من منطلق أمني فملف اللاجئين هيبقى أولوية واضحة زي ما اتقال في خطاب الرئيس السيسي في دورة الاتحاد في أديس أبابا.

– كمان هو شيء جيد جداً تطوير العلاقات مع أفريقيا خصوصاً في الملفات الحيوية، زي مثلاً إدارة التفاوض والحوار عن سد النهضة مع أثيوبيا بطريقة أفضل نسبياً في ظل وجود آبي أحمد رئيساً لوزراء أثيوبيا، وده تطور مهم أفضل بكتير من سياسة الزعيق وحدف المايكات والندب الإعلامي، لكن يبقى واضح إنه رئاسة الاتحاد لا تعني إنه هيتم إعطاء أوامر لأثيوبيا بعدم بناء السد، ده كلام واهم وفارغ وملوش علاقة بالواقع!

– الرئيس الرواندي رئيس الاتحاد في 2018 حط استراتيجية لتقليص عدد المفوضين، ووضع كوتة للمرأة والشباب في المناصب الرئيسية، وعمل كمان مشروع تاني للحوكمة الإدارية وتطويرها بين دول القارة، وده بيتطلب معاه اهتمام أكبر بالديمقراطية داخل القارة، وده واضح انه مش من أولويات الرئيس السيسي ومتكلمش عنه.

– في النص كده في حساسيات بين الرئيس السيسي والرئيس الرواندي من الوارد تسبب عرقلة للبرنامج السابق، زي مثلاً إنه مساعدين الرئيس السيسي حجزوله في الصف الأول في القمة الأخيرة وهو كان المفترض يقعد في الصف الثاني، أو مثلاً حضور بيل جيتس مؤسس شركة ميكروسوفت، ورئيس الفيفا جياني انفانتينو، من غير ما يتم تنسيق حضورهم مع مصر، رغم انه القمة مكانتش في مصر أصلاَ.
*****

– مصر أصبحت عضو غير دائم في مجلس الأمن سنة 2016، وبرضه بنفس طريقة التناوب أو الدور، طبعا حصلت موجة إعلامية ترحيبية ضخمة رغم إنها مش المرة الأولى، لكن في المضمون محصلش أي تغير حقيقي أو استفادة ضخمة من المقعد.

– أفريقيا مليانة مشاكل وكوارث في الوضع الصحي والتعليمي والانقلابات العسكرية، لكن في نفس الوقت في قوى جديدة صاعدة في أفريقيا، وبقينا بنشوف نماذج لدول متقدمة في الديمقراطية والتنمية الاقتصادية مع بعض، مثلا أثيوبيا حققت معدل نمو 8.5% سنة 2018 مقابل 5.4% في مصر، وفيه دول أفريقية دلوقتي عامله انجازات كبيرة في مجالات مكافحة الفساد والتداول السلمي للسلطة اللي اتكلمنا عن كذا نموذج منها في الصفحة.
وبالتالي لازم يكون عندنا تواضع في المبالغات اللي بيقولها البعض عن انتظار مساهمة مصر في أفريقيا، زي كلام إعلاميين أو النائب مصطفى الجندي اللي قال انه رؤساء أفريقيا ينتظرون السيسي.

– أفريقيا بتتنافس على الاستفادة منها كل من فرنسا والصين واليابان وأمريكا وتركيا وإسرائيل، وكل دولة منهم عندها نموذج تقدمه سواء في التطور التكنولوجي أو البحث العلمي، أو التنمية الاقتصادية والاستثمارات فيها، أو الدعم العسكري والاستخباراتي، أو تطور النظم الصحية، صحيح مصر كمان عندها إمكانيات للإسهام الايجابي في بعض المجالات، وعندنا كمان تراث تاريخي عريق من عهد عبدالناصر وعدمه لاستقلال الدول الافريقية، لكن ده بدون تصورات وهمية أو نسيان لحقيقة الصورة الكاملة.
– بنكرر ان تناولنا للموضوع مش للتقليل من أهمية المنصب، لكن وضع للأمور في نصابها الصحيح بعيد عن الازعاج الاعلامي المؤسف، وبالتأكيد هنكون سعداء جداً بأي إضافة تستفيد منها مصر في أي مجال أو تفيد بيها الدول الأفريقية اللي تتشارك معنا في أمور كتير بالتاريخ والحاضر والمستقبل.
*****




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *