– من أسبوعين أعلن الرئيس السيسي حركة المحافظين الجديد، الحركة بتشمل تعيين 16 محافظ جديد منهم 11 محافظ لواءات جيش أو شرطة.
– اللافت في الحركة دي كمان هوا أنه في عدد كبير من نواب المحافظين من الشباب، 23 نائب محافظ جديد كتير منهم من خريجي البرنامج الرئاسي ومنهم خمسة من تنسيقية شباب الأحزاب.
– كعادة حركة المحافظين في مصر لواءات الجيش والشرطة هما المسيطرين على الحركة، محدش عارف ايه هي معايير اختيارهم؟ في أربع محافظين تم نقلهم من محافظات لمحافظات تانية؟ ليه تم نقلهم؟ هل نجحوا في المحافظات الأولى فبيتم تكرار تجربة النجاح في محافظات تانية؟ ولا فشلو فبيعاقبو بنقلهم لمحافظات تانية؟
– والأهم من الكلام عن الحركة الأخيرة هوا بشكل عام ايه أصلا معايير ومهام وآليات مناصب الحكم المحلي (المحافظين والمجالس المحلية)؟ وازاي تكون مفيدة فعلا للناس اللي بترتبط بيهم بشكل مباشر؟ ده اللي هنتكلم عنه في البوست ده.
******
إيه الجديد في حركة المحافظين الأخيرة؟
– الإعلام ركز على فكرة تعيين نواب للمحافظين من الشباب، ودا في حد ذاته شيء جيد انه يبقي في شباب بتكتسب الخبرة السياسية في إدارة المحافظات لكن في مشكلة كبيرة جدا في طريقة التعيين.
– معظم الشباب المعينين هما من خريجي البرنامج الرئاسي أو أعضاء في تنسيقية الأحزاب، وهي كيانات متفقة بشكل شبه كامل مع كل سياسات الرئيس والحكومة، وهي أقرب لفكرة خلق جيل من الشباب عنده درجة من المعرفة والتأهيل بشرط إنه يكون مؤيد للسلطة والرئيس، ولو عنده اعتراضات تكون محدودة جداً وفي تفاصيل فنية مش سياسية.
– لكن حتى بغض النظر عن انتماءات الشباب السياسية، فالمشكلة الأكبر هو ليه بيتم تعيين المحافظين ونوابهم؟ وده بيتم على أساس إيه؟
– الحقيقة إنه تاريخياً في مصر موضوع المحافظين واختيارهم بيكون ترضيات اجتماعية أو مكافئة نهاية خدمة لفئات محددة في المجتمع، وهم لواءات الجيش والشرطة، والقضاة، وبعض أساتذة الجامعات، الموضوع ملوش علاقة بالكفاءة الشخصية أو بالمعرفة الحقيقية للإدارة المحلية أو ببرنامج وتكليفات محددة ومعلنة، قد مهو مرتبط بتقارير الجهات الأمنية المختلفة عن المرشحين، لأن زي ما قلنا الموضوع أقرب لمكافئة نهاية خدمة.
– بحسب الأرقام المتداولة في كتير من الصحف والمواقع المصرية فمرتبات المحافظين حالياً تتخطى الحد الأقصى 42 ألف جنيه، وده غير البنود المجهولة زي الصناديق الخاصة والمكافآت والامتيازات اللي مفيش عليها رقابة شعبية.
– الأمر مفيهوش معايير كفاءة أو إدارة للدرجة اللي بتخلي تعيين محافظ في محافظته الأصلية هو حدث نادر، وإنه في الأغلب المحافظ بيتولى محافظة غريبة عليه وبالتالي طبيعي إنه ياخد فترة لسه بيتعرف، وممكن بعدها بشهور يلاقي نفسه خارج حركة المحافظين اللي بعدها، وبالتالي اللي بيعوز يكمل بيعمل بسرعة حاجات استعراضية بلا قيمة زي المرور على المستشفيات وبعض المرافق في أول الأسابيع عشان تنزل أخبار في القنوات أو المواقع، أو يغير لون رصيف مثلا، أو لو حظه كويس بيبقى عنده وقت وفرصة لتقديم رؤية أو مشاريع بعينها مؤثرة في المحافظة.
– لكن محدش بيقول برنامج محدد أو تصور بعينه يطالب المواطنين بمتابعته فيه، أو حتى يعمل جلسات دورية لمتابعة أداء الخدمات ومشاكلها، ففعلياً الموضوع بيتحول لمجرد منصب ذو وجاهة اجتماعية وفقط، وللسبب ده نادراً لما اسم محافظ يتعلق بذهن المواطن بسبب سرعة تغييرهم وقلة تأثيرهم، عكس نواب البرلمان اللي غالباً بيطولو في أماكنهم ولأنهم مفروض منتخبين حتى لو ده مش انتخاب نزيه وغالباً بيقدمو خدمات وبيخاطبو الناس أحياناً.
– ويتحول النائب اللي دوره سياسي أصلا لادارة ملفات الخدمات، فالناس تروحله لو عايزة ترصف طريق أو تفتح مستشفى أو تنقل ابنها من المدرسة، ودي كلها مفروض أدوار المحليات مش عضو البرلمان.
– وبالتالي طالما نفس السياسة دي مستمرة فحتى تطعيمها وتحسينها بإدخال بعض الشباب فيها كنواب مش شرط إنه هيؤدي لنتيجة مختلفة لأن النظام وطريقة العمل ثابتة، وبالتالي هي في الأغلب فترة إعداد للشباب دول لموقع تانية جوة السلطة التنفيذية لاحقاً باعتبار ان مؤسسات الشباب الحالية هي ظهير سياسي “غير حزبي” للرئيس السيسي، أو إنه شبه تعيينات المحافظين أنفسهم، فالنجاح هيكون استثنائي جداً.
******
هل ممكن يتم انتخاب المحافظين؟
– في الدستور المصري الحالي المادة 179 بتنص على ” ينظم القانون شروط وطريقة تعيين أو انتخاب المحافظين، ورؤساء الوحدات الإدارية المحلية الأخرى، ويحدد اختصاصاتهم”.
بالتالي فالدستور بيفتح الباب لانتخاب المحافظين، لكن بعد 6 سنين تقريبا علي إقرار الدستور و5 سنين من البرلمان لسه مفيش قانون لانتخاب المحافظين، حتى قانون الإدارة المحلية لسه متعملش رغم أنه البرلمان مرر كثير من القوانين ومن المفترض أنه قانون الإدارة المحلية أولوية واستحقاق دستوري، وبكده مفيش كمان انتخابات محليات.
– بالتالي الوضع الحالي يخلينا نسأل ليه لم يتم تفعيل النص الدستوري الخاص بانتخاب المحافظين؟ هل مصر متقدرش تنظم انتخابات للمحليات والمحافظين؟
– المحليات من 2008 محصلش فيها انتخابات، وبالتالي احنا قدام فرع كامل في إدارة الدولة مجمد تماما، وبنشوف باستمرار قضايا فساد المحليات ورؤساء الأحياء المعينين، في وقت ناس كتير في دواير السلطة كانت بتتكلم عن الإصلاح السياسي المنتظر، فهل الإصلاح ده مش مطروح فيه أي خطوات للإصلاح أو عمل مؤسسة حقيقية دورها تتابع مستوى الخدمات ومخصصاتها في كل محافظة ومدينة وحي وقرية.
******
ليه انتخابات المحافظين والمحليات مهمة؟
– في كل دول العالم الديمقراطية تقريبا بيتم انتخاب المسؤولين على المستوى المحلي، ده عامل حاسم في أنه الدولة وإدارتها تبقي لا مركزية، سواء على المستوى الاقتصادي اللي مهم جدا أنه يتم تخطيطة بشكل لا مركزي عشان يراعي احتياجات كل منطقة.
– لو عندنا إدارات محلية منتخبة بشكل ديمقراطي حقيقي ده حيعمل نقلة جذرية في طريقة إدارة البلد.
– المجالس المحلية دي هيكون ليها دور رقابي على الأجهزة التنفيذية جوة المحافظة بالتالي هنقلل تكلفة الفساد جوة الأجهزة التنفيذية في المحافظات.
– المجالس المحلية هيكون ليها دور في متابعة الاحتياجات اليومية للناس بالتالي نقدر نفهم ونقيم بشكل مباشر احتياجات كل قرية في مصر، وبالتالي كمان دخل المحافظة هيتم توزيعه بطريقة مختلفة تكون فيه الأولويات لتمويل المحافظة نفسها من مشاريعها ومواردها وبيتم إدارتها لإصلاح المرافق والخدمات داخل المحافظة، مش تستنى المخصصات المطلوبة ليها من الموازنة المركزية وفقط.
– في الإدارة المحلية اللامركزية من ضمن آلياتها هي انتخاب المحافظين وعمد القرى ورؤساء الأحياء، وبالتالي أصحاب المواقع دي هيكون ليهم برامج ووعود انتخابية لو متمش تنفيذها هيتم عزلهم أو عدم اختيارهم في الانتخابات اللي بعدها، وهيكون في أجندة أصلاً نحاسب المسؤولين دول على أساسها، وبالتالي مصلحة أصحاب المناصب دي إنهم يحصلو على رضا المواطنين مش رضا الرئيس أو الأجهزة الأمنية اللي بترشحهم.
– بعد كده في المستقبل لو حصل تغيير في تشريعات الضرائب في مصر يبقي ممكن الضرائب تجمع بشكل غير مركزي بالتالي موارد أكبر للإنفاق على القرى والأحياء من ضرائبها الخاصة. وده على فكرة متاح جزئياً في القانون المصري لكن بشكل رسوم مش ضرايب، لكن لو بقى من حق كل محافظة تحديد أولويات الإنفاق بداخلها ( سواء بناء مدارس أو تجهيزات مستشفيات أو تطوير المواصلات ) وزيادة دخلها ومواردها بشكل مباشر وبمتابعة من المواطنين فالخدمات هتتحسن بشكل أكبر وده هيكون متراقب من المواطنين، غير لما يكون مخصص أرقام محددة في كل محافظة والمحافظ هو اللي بيختار المشاريع بتمشي إزاي ودخلها هيروح فين غير اللي هيروح للموازنة العامة.
– كل اللي فات ده يخلي الإدارة السياسية والحكومية على مستوى المحافظات أفضل لأنها حتطبق أول قواعد الديمقراطية وهي المحاسبة الشعبية للمسؤولين المنتخبين دول، دا على المستوى الطويل حيفيد مصر في التحول الديمقراطي الحقيقي وهيفرز سياسيين ومسؤولين رصيدهم الشعبي والجماهيري في أداؤهم اللي بيعملوه واللي هيفضلو حريصين على إنه يكون مرضي للناس، مش مرضي للأجهزة الأمنية، وبالتالي عملية الإصلاح هتتطور أكتر داخل باقي مؤسسات الدولة.
****
– محاربة الفساد جزء منها هو المؤسسات الرقابية، وجزء تاني حرية الإعلام، وجزء كمان مهم جدا هوا الرقابة الشعبية، ودي مش هتحقق من غير الاختيار الديمقراطي لأجهزة الحكم المحلي المباشر.
– التغيير المطلوب في ملف زي ده بيتطلب خطوات مش جذرية، لكنها لما تتراكم على بعضها بتعمل إصلاح حقيقي، يعني لو بدأنا بقانون المحليات ومنعنا الأجهزة الأمنية من التدخل بانتخاباته هيكون عندنا حوالي 55 ألف عضو في المحليات ليهم أدوار رقابية، ولو فعلنا فكرة انتخاب المحافظين بعدين فاحنا بقا عندنا محافظين منتخبين بيتم مراقبتهم شعبياً.
– مع الوقت لو غيرنا التشريعات الخاصة لجمع الضرائب، صياغة الموازنة العامة، وغيرها هنقدر نحول مصر لدولة لا مركزية ودا مفيد للجميع لأنه بيضمن كفاءة أكبر في إدارة الموارد العامة وفي تنفيذ مطالب المواطنين.
– السلطة الحالية رافضة تقدم أي خطوة في الطريق ده، وده يرجعنا لحقيقة ان “الإصلاح” حتى لو جزئي مش مطروح للأسف، لكن أملنا كبير في ان انتشار الأفكار دي بين المصريين هيوصلنا في يوم لتحويلها لواقع.
******