– الرئيس السيسي خلال افتتاح مدينة الصناعات الغذائية في المنوفية اتكلم عن رفع الدعم عن رغيف العيش، ولمح بأنه ده قرار هتاخده الحكومة في الفترة الجاية فيما يبدو يعني أنه كلام موجود من فترة وجه وقت تطبيقه حاليا.
– كلام الرئيس هنناقشه بالتفصيل ونرد عليه من وجهة نظر اقتصادية تقارن دعم الخبز بالإنفاق على مشاريع وأوليات أخرى حالياً لدى الحكومة؟
– أيضا هنناقش بهدوء التأثير الاجتماعي والاقتصادي لقرار رفع الدعم عن الخبز المرتقب طبعا بعد تصريحات الرئيس.
*****
ايه وجهة نظر الرئيس؟
– الرئيس في حديثه قال “جاء الوقت أن رغيف العيش (الخبز) أبو 5 قروش يزيد ثمنه، مش معقول أدي 20 رغيف بثمن سيجارة”
– الحقيقة ده منطق غريب جدا لأنه في مصر وفي كل دول العالم المفروض السيجارة تبقي أغلى من رغيف العيش عشان إحنا عايزين الناس تكون قادرة تاكل مش تشرب سجاير يعني، لكن يبدو أنه الرئيس خانه التوفيق في استخدام التشبيه ده.
– الرئيس أيضا قال “الكلام ده لازم يتوقف ونعيد تنظيمه بشكل مناسب، رغيف العيش بيكلفنا 65 قرشا، وهذا الأمر لازم يتوقف، مش هقول إننا هنزوده أوي ولكن هذا الأمر يجب أن يتوقف”.
– والحقيقة الأرقام دي خاطئة، أو بمعني أصح أرقام قديمة قبل النظام الجديد للبطاقات التموينية وقبل تقليل وزن الرغيف حوالي 30 جرام كاملين يعني حوالي 20 ٪ من وزنه.
– دلوقتي وبحسب آخر موازنة فدعم رغيف الخبز= 44 مليار جنيه سنويا، ده طبعا غير 2.5 مليار جنيه دعم لدقيق المستودعات للناس اللي مش بتاخد عيش وبتاخد دقيق.
– يعني لو افترضنا أنه الـ44 مليار جنيه في السنة دي بتغطي 71 مليون مصري مستحقين لدعم الخبز، طبعا مش كله بياخد خبز تقريبا، لأن معدل السحب على العيش حوالي 73 ٪ بس، لكن لو افترضنا أنهم كلهم هياخدوا خبز يعني مش هيبدلوه بنقاط في نظام البطاقات الجديد وياخدوا سلع تانية.
– بالتالي تصبح تكلفة دعم الخبز لكل مواطن حوالي 619 جنيه في السنة، يعني يوميا حوالي 1.7 جنيه لكل فرد، وبما أنه كل فرد له 5 أرغفة يوميا فتصبح تكلفة دعم رغيف الخبز حوالي 33 قرش لكل رغيف.
– طبعا دعم الخبز ده غير دعم السلع التموينية، دعم السلع التموينية كلها بما فيها الخبز حوالي 87 مليار، لكن المثير للاهتمام أنه الرقم ده في السنوات الأخيرة قل بنسب كبيرة جدا، دعم السلع التموينية ده كان حوالي 36 مليار في 2014 يعني في الوقت اللي كان الناتج المحلي 2.28 تريليون، يعني 0.017 ٪ تقريبا من الناتج المحلي، دلوقتي الـ87 مليار دعم السلع التموينية دول من 7.1 تريليون ناتج محلي يعني النسبة تقريبا حوالي 0.012 ٪ من الناتج المحلي المصري.
– ممكن نشوف نسبة الدعم للمصروفات أيضا، المصروفات في 2014 كانت حوالي 700 مليار فضلت تزيد لحد ما وصلت السنة دي ل 1.8 تريليون يعني 1800 مليار يعني زادت بحوالي 250 ٪ بينما الدعم السلعي مزدش بنفس النسب.
– الدعم كله على بعضه أساسا حاليا لا يتعدى 17 ٪ من المصروفات العامة في حين أنه بنود زي فوائد الدين بس حوالي 32 ٪ من المصروفات، ولو ضفنا عليها أصل الدين اللي هو تقريبا نفس النسبة هنلاقي أنه بندفع حوالي تريليون سنويا في تسديد فوائد قديمة وقروض وإعادة اقتراض.
– عشان نفهم قد ايه رقم الدعم اللي بيروح للخبز ده رقم ضئيل جداً، ممكن نقارنه بالإنفاق على مشاريع تانية زي القطار الكهربائي اللي هيتكلف 360 مليار أو مشاريع البنية التحتية السنوية اللي في آخر 5 سنين في المتوسط الحكومة بتضخ فيها 800 مليار سنويا بحسب كلام الرئيس سابقا. أو بخدمة الدين اللي سنويا في مصر بتتجاوز الـ500 مليار ودي الفوائد بس مش أصل الدين كمان.
– نقطة تانية مهمة جدا في فهم قد ايه دعم الخبز ده شيء مهم جدا ورخيص جدا هو أننا نقارنه بالحصيلة الضريبية اللي بيدفعها المصريين وهنلاقي أنه المصريين بيدفعوا مثلا كل سنة ضرائب قيمة مضافة بس على السلع والخدمات حوالي 400 مليار يعني الدعم بتاع الخبز ده بس 10 ٪ من ضرائب القيمة المضافة، وأقل من 5 ٪ من الحصيلة الضريبية اللي بندفعها للدولة، يعني بالبلدي لو الدولة بتاخد منك في السنة 100 جنيه بترجعلك منهم 10 جنيه كل سنة في صورة دعم خبز.
– بالتالي كلام الرئيس عن تحمل الدولة العبء ده كلام بيتكرر كتير، ولكنه مش صحيح أبدا، لأنه دي ضرائبنا واللي بالمناسبة الفقراء والطبقة الوسطى بيدفعوا أغلبها في صورة ضرائب قيمة مضافة وضرائب مرتبات.
*****
هل رفع الدعم عن الخبز هو قرار حكيم فعلا؟
– زي ما قلنا في الجزء اللي فات تكلفة دعم الخبز دي كلها لو اتشالت مش هتحل مشكلة مصر، مش هتحل عجز الموازنة اللي هو معدي الـ400 مليار، مش هتحل أزمة الدين المتراكمة لأنه رقم شديد الضعف لما يتقارن بأي إنفاق أخر بتعمله الدولة.
– لكن فعلا رغم أنه رقم قليل جدا، إلا أنه مهم جدا عشان تحقيق الأمن الغذائي على المستوى الفردي وخاصة بالنسبة لثلث المصريين اللي تحت خط الفقر.
– في دراسة مهمة للبنك الدولي عن الفقر في مصر في 2010، قال فيها أنه مع أزمة ارتفاع أسعار القمح والمحاصيل الغذائية العالمية اعتبر البنك الدولي أن دعم الغذاء (متضمنا العيش) نجح في حماية ١٢٪؜ من الأسر المصرية من النزول تحت خط الفقر.
– ناخد بالنا أنه ده كان قبل التعويم واللي عمل تضخم انفجاري كبير نزل 10 مليون مصري على أقل التقديرات تحت خط الفقر، وقبل كورونا وتأثيراتها الاقتصادية واللي بالمناسبة في عز أزمتها الحكومة نقصت 30 جرام من وزن رغيف الخبز.
– في ناس ممكن تقولك ما هو المنظومة فيها هدر كبير، يعني مثلا فيها فساد في المخابز مع أنه ده مبقاش زي الأول أو أنه الناس في الريف بترمي العيش للبط، وأنه 5 أرغفة ده كثير على الناس، وفعلا الناس في الريف بتستخدم جزء من العيش البايت للبط وده شيء كويس وإعادة تدوير مهمة للناس دي لأنهم في النهاية يعني بياكلوا البط ده.
– نفس الدراسة اللي ذكرناها فوق من البنك الدولي قالت إنه برغم نسب التسرب في دعم الغذاء لغير مستحقيه أو هدره لاستخدامات أخرى إلا إن فعاليته عالية جدا في تغذية الملايين وفي حماية الأسر من الوقوع تحت خط الفقر. ودا قبل كل التحسينات في منظومة إنتاج وتوزيع الخبز المدعوم اللي قللت التسرب.
*****
الخلاصة
– خلاصة كل ده أنه منظومة دعم الخبز قد يكون فيها مشاكل لكن كل مشاكلها دي لا تقارن بأهميتها بالذات للثلث الأفقر من المصريين واللي على الأقل بتوفر لهم العيش اللي هو مكون أساسي في مائدة أي أسرة فقيرة أو غنية في مصر.
– بالمناسبة مثلا المصريين بيستهلكوا عيش وحبوب كثير عشان دي رخيصة وبتوفر سعرات حرارية كثير تحارب بيها الجوع، أسرة من خمس أفراد لو دخل الأب فيها 2400 جنيه اللي هو الحد الأدني للأجور مثلا فهو بيصرف 30 جنيه بس على العيش في الشهر في حين أنه لو اترفع الدعم هيصرف حوالي 300-500 جنيه على الأقل في الشهر يعني خمس دخله تقريبا في الشهر.
– تخيل منظومة رخيصة زي دي تكلفتها لا تذكر بالنسبة لإنفاق الدولة الآخر ووجودها شديد الأهمية للفقراء الحكومة بتفكر تلغيها أو تخفض جزء منها.
– لو فيه أي مشكلة في منظومة الخبز ودعمه ممكن ببساطة يكون لها حلول كتير، وبالفعل الحكومات بذلت في دا مجهودات متعاقبة لحد ما وصلنا للنقطة الحالية
– بنشوف إن دا قرار خاطئ وشديد الخطورة ومش قرار شجاع أنه الرئيس ياخده بمنطق إنه أنا بشتغل لمصلحة البلد ومش خايف على شعبيتي لأنه رفع الدعم بتاع الخبز والسلع التموينية خطر جدا وبيعرض مزيد من المصريين للهبوط تحت خط الفقر بكل ما يعنيه ذلك من مشكلات على المصريين دلوقتي وعلى الأجيال القادمة.



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة