– يوم السبت اللي فات الساعة سبعة الصبح كان 36 مريض بيبدأوا جلساتهم في قسم غسيل الكلى بمستشفى ديرب نجم بالشرقية، فجأة خلال دقايق المرضى جسمهم ازرق، وبدأ بعضهم يصرخ، ثم دخلوا في غيبوبة، وخلال نص ساعة كان تلاتة منهم ماتوا وأصيب 13 باصابات مختلفة.
في البوست ده هنحاول نفهم اللي حصل وهو مسؤولية مين.
******
ايه الي حصل؟
– قبل الحادثة دي بيوم واحد حصلت عملية صيانة للأجهزة عن طريق شركة متعاقدة مع المستشفى من 6 شهور.
– أكتر من مصدر حكوا للصحف إنه كان مفروض الأجهزة يتم تجربتها بعد الصيانة اللي بتتضمن ازالة الرواسب من الفلاتر وغيرها، لكن ده محصلش والأجهزة اتشغلت للمرة مباشرة.
– رضا عبد المولى ابن واحدة من الضحايا بيقول ان حد كلمه بعد وطلب منه انه يجي بسرعة يشوف والدته بالمستشفى، راح لقاها مرمية في الطرقة والخراطيم طالعة من جسمها. خدوا الجثة ومشوا عشان يدفنوها، لكن مأمور القسم بعت لهم يرجعوا تاني عشان التشريح .. وحسب كلامه لحظة الحادثة مكانش فيه أجهزة صدمات قلب وأكسجين أو دكاترة بالمستشفى، وبيقول لما رجع عشان التشريح، جه المحافظ والوزيرة، قعدو دقيقة واحدة خدو اللقطة ومشوا.
– رضا خالد ابن واحد من الضحايا بيقول ان اللي بيكون موجود في الوحدة أثناء الغسيل لعشرات المرضى هي دكتورة واحدة بس، وانتقد قلة عدد الأطباء في الوحدة.
– أغلب الخبراء بيتوقعوا السبب يكون وحدة معالجة المياه الخاصة بماكينات الغسيل لإنها العامل المشترك بينها، ودي عبارة عن فلاتر خاصة لتنقية المياه من أي شوائب قبل استخدامها في الجهاز.
– د.حسن العزاوي، مدير إدارة الكلى بوزارة الصحة سابقا، قال إنه على مستوى الجمهورية “معظم الوحدات قديمة ومتهالكة وشركات الصيانة بتاخد مبالغ كبيرة، وبالتالي فهناك إهمال بعض الشئ في الصيانة”. وقال ان الخلل بالوحدة دي يؤدي إلى تسرب معادن بتضر بالمرضى .. ده غير مشكلة تانية مزمنه انه مفيش عدد كفاية من الأطباء، وإن الأصل انه متبدأش جلسة الغسيل الكلوي إلا بوجود طبيب وقياس الضغط والسكر، “لكن وحداتنا بها نقص كثير للإمكانيات خاصة الوحدات البعيدة عن القاهرة”.
*****
وإدارة المستشفى دي فين من اللي حصل؟
– قبل الحادثة بيومين، وقبل عملية الصيانة بيوم واحد، تمت إقالة مدير المستشفى السابق، وده خلا فيه تبادل للاتهامات بين الاتنين .. بينما المحافظ قال انه مكانش يعرف أصلاً بإقالة مدير المستشفى.
– الدكتور فريد حافظ المدير القديم بيقول انه لحد ما مشي ما حصلش أي مشكلة في وحدة الغسيل، بل إن محافظ الشرقية زار المستشفى قبل كدا وكان مبسوط وصرف مكافأة للعاملين .. في المقابل المدير الجديد د.فتوح أبوالمجد بيقول الصيانة تمت من غير علمه لأن المدير القديم هوا اللي اتفق مع الشركة دي اللي معندهاش سابق خبرة، وقال انه لولا انه اتحرك بسرعة وطلب الدكاترة فحضروا قبل مواعيدهم الرسمية كان فيه 6 حالات تاني هيبقو في تعداد الموتى.
– جريدة الدستور نشرت هنا قصة مهمة وهي ان المدير كان على خلاف مع مديرية الصحة عشان طلب تغيير فلاتر المياه الخاصة بأجهزة الغسيل الكلوي وهما رفضوا، وقالوا له اسكت لحد ما تخلص مدتك وتطلع معاش بعد شهر أو قدم أجازة، ولما رفض أقالوه وعينو نائبه بداله قائم بأعمال المدير!
*******
رد الفعل الرسمي أخباره إيه؟
– وزيرة الصحة قررت إغلاق وحدة الغسيل دي، وإحالة مدير المستشفى ومدير الوحدة للنيابة العامة، كمان قررت مراجعة سلامة باقي وحدات الغسيل الكلوي.
– بيان وزارة الصحة قال إن إن التحقيقات المبدئية أكدت ان الشركة المصرية الدولية الهندسية عملت صيانة لمحطة معالجة المياه، والشركة دي فيها بدأ تعاقدها معاها من 6 شهور فقط.
– النيابة العامة خدت عينات من المرضى، ومن وحدة معالجة المياه والأجهزة، تحفظت على 15 من العاملين في المستشفى.
– الوزيرة حضرت اجتماع يوم الثلاثاء مع لجنة الصحة في مجلس النواب، لكن رفضت تقول أسباب إلا بعد تحقيقات النيابة العامة، وربما دي رغبة من الوزارة انها متورطش نفسها تاني زي زي ما شوفنا في حالة السائحين البريطانيين لما قالوا إن الوفاة طبيعية ثم صدر بيان النائب العام بغير كده.
– الوزيرة شكرت في التعامل السريع لأطباء الباطنة بالمستشفى، وقاله لولاهم كان عدد الوفيات ارتفع.
– قالت إنها حاسة بالذنب الشديد بسبب اللي حصل، وانها مش هتسكت على اللي حصل.
– الوزيرة اشتكت من نقص حاد في عدد الأطباء، وقالت بالنص “أنا مش لاقية دكاترة يشتغلو، الكل بيسافر”، وقالت ان 60% من أطباء مصر في الخليج.
*******
ده بيتكرر تاني؟؟
– شكاوى ملف الغسيل الكلوي متكررة، مثلا جريدة المصرى اليوم وثقت شكوى مرضى في مستشفى دسوق بكفر الشيخ، بعدم وجود أطباء في الوحدة، وان الممرضين هما اللي بيعملو جلسات الغسيل، وبيستخدموا فلاتر مش بتساعد على تنقية الدم كويس.
– في الدقهلية مثلاً بيشتكي مرضى الغسيل الكلوي من نقص حقن الدم، واستبدال حقن الكلكسان – اللي بيمنع تجلط الدم – بحقن هيبارين اللي مفعولها الوقتي أقل، وده تأثيراته سلبية على المريض في حالة أي تأخير في الجرعة ويعرض حياته للخطر.
– النائب حاتم عبد الحميد قال في اجتماع لجنة الصحة في البرلمان إن عدم تعقيم الأجهزة بعد الصيانة بيحصل في باقي المستشفيات، وانه وارد اللي مش بيموت أثناء جلسة الغسيل بيموت لما يرجع البيت.
– وبيقول كمان إن ماكينات الغسيل اللي في مصر في منها اللي موجود من عشرين سنة، مع إن استخدامها عالميا يجب أن لا يتجاوز 5 سنين، وبيقول انه مريض كلى، وعنده تجربة شخصية لما بيروح يغسل في مصر بيرجع مرهق جدا، في حين انه لما راح جلسة في السعودية قام من غير أي إرهاق.
– الإهمال في الصيانة بالمستشفيات بشكل عام ظاهرة متكررة والحوادث كتير، آخرها مثلاً الأسانسير اللي وقع بالمرضي في شهر يناير في بنها ومات فيه 7 من أسرة واحدة.
******
والحل؟
– مفيش حل جزئي، محتاجين حل شامل لمنظومة الصحة كلها، وأول خطواته توسيع الإنفاق على قطاع الصحة بالنسب المقررة في الدستور والوصول للنسب العالمية، بدل من حالة التحايل اللي بتعملها السلطة كل سنة زي ما شرحنا سابقا.
– مراجعة وسائل التنسيق بين شركات الصيانة وإدارات المستشفيات، بحيث كل طرف يؤدي مهامه كاملة قبل ما يسلمها للطرف التاني، ويكون متأكد من سلامتها وقت التشغيل بالفعل ويكون في رقابة على كل ده .. دي أبسط مهمات الجودة والادارة.
-لازم يكون فيه وسائل أكثر انضباطا لتسليم ملفات العمل من المديرين اللي بيغادروا مناصبهم للمديرين الجداد، عشان يتم تفادي أي أزمة قبل ما تحصل (المؤسسية الغائبة).
– التطبيق جاد لقانون التأمين الصحي الشامل، ونتمنى يؤدي فعلاً يتطبق بشكل سليم رفع كفاءة الخدمة ومستوى المستشفيات الحكومية ويمكن تجاوز المخاوف حوله.
– حل أهم مشكلتين بيؤدوا ان الدكاترة بتسيب المستشفيات الحكومية للسفر أو للتفرغ للعمل الخاص، وهما ضعف المرتبات، وتكرار الاعتداءات عليهم بسبب غياب الأمن .. زيادة مرتبات الأطباء وتوفير حماية الداخلية الكافية للمستشفيات هتفرق جداً في توافر الأطباء.
– مريض الفشل الكلوي بيروح جلسة الغسيل وهو خايف على حياته، وفي الأغلب مرض الفشل الكلوي نتيجة تلوث الماية يعني جزء منها إهمال في الدولة برضه وبكده بيتظلم أكتر من مرة!
– واحد من المرضى اللي فلت من الموت في الحادثة ده قال “أنا لو معملتش الجلسة ممكن أموت ولو عملت الجلسة برضه ممكن أموت؟” إحساسه بالخوف والضعف هو مسؤولية الدولة ده كلها والمفروض، كل مسؤول يتحاسب، وكل مواطن يهتم بقضية زي دي تمس كل عيلة مصرية.
*****