جهات سيادية مستمرة في شراء وسائل الإعلام: ليه؟ **
– خلال الأيام اللي فاتوا انتهت صفقة الاستحواذ على قناة المحور الفضائية من قبل محمد منظور عضو مجلس الشيوخ ونائب رئيس حزب مستقبل وطن، في نفس الوقت اللي بيخرج فيه كلام عن بيع صحيفة “المصري اليوم” لجهة سيادية.
– صفقة فضائية المحور كانت منتظرة من فترة بسبب توسع سياسة السيطرة على كافة وسائل الإعلام، لكنها في نفس الوقت جديرة بالتأمل في وقتها تحديداً، خاصة وإنه مالك القناة السابق حسن راتب واحد من رجال الأعمال المعروف بتأييده للنظام.
– النهاردة هنشوف إيه التغير في المشهد الإعلامي اللي حصل بعد الأخبار دي؟ وحصل ليه؟ وإيه الهدف من استكمال السيطرة على الإعلام بالشكل ده؟
*****
إيه اللي حصل؟
– في 4 مارس اللي فات كتب عضو مجلس النواب مصطفى بكري على تويتر خبر الصفقة اللي كانت منتظرة من فترة، لكنها تمت أخيرا من أيام قليلة.
– تم بيع قناة المحور اللي بيملكها رجل الأعمال المصري حسن راتب إلى ثلاث جهات:
– المشتري الرئيسي رجل الأعمال محمد منظور عضو مجلس الشيوخ، ونائب رئيس حزب مستقبل وطن، ورئيس جمعية من أجل مصر، وده اشترى 50 % من أسهم القناة. ونسبة 38% لأحد الجهات الإعلامية الرسمية (بدون تحديد) والنسبة المتبقية 12% للنايل سات ومدينة الإنتاج الإعلامي.
– ومن المفترض أنه يتم تعيين عمرو الخياط رئيس تحرير أخبار اليوم كرئيس للقناة.
– طبعاً مفيش أي حد طلع قالنا مين هيا (الجهة الرسمية) دي سواء كانت إعلامية أو غير إعلامية، لكن مفهوم إنها هتطلع بشكل مباشر أو غير مباشر جهاز أمني “سيادي”.
– الصفقة كانت غريبة كمان لأنه قناة المحور كانت بتخطط لإطلاق قناة المحور 2 وتعمل هيكلة للقناة وفجأة يطلع قرار بيعها.
– وكمان جزء من غرابة الصفقة هو حسن راتب نفسه، اللي طول عمره علاقته ممتازة بالسلطة، وشغله في سيناء في الجامعة والأسمنت وغيرها كله يتطلب تنسيق عالي مع القوات المسلحة وغيرها من الجهات الأمنية.
– القناة مؤيدة جداً للسياسات الحالية، لدرجة إن برنامج التوك الشو الرئيسي عندهم 90 دقيقة كان بيقدمه محمد الباز، واللي بيكون في طليعة المؤيدين اللي بيهاجموا بشراسة أي معارضة.
– بالتالي مفيش حاجة سياسية يعني لتأميم القناة والاستحواذ عليها، إلا لو لو الاستحواذات مطلوبة بحد ذاتها حتى لو القنوات ملتزمة بالتعليمات تماما.
– شيء غريب تاني أنه بعد أيام من بيع المحور اتسربت أخبار أنه جهة سيادية اشترت صحيفة المصري اليوم، ودا وفقاً للصحفية مي عزام، لكن مفيش تأكيد أو نفي من رجل الأعمال صلاح دياب أو من أي جهة رسمية.
– الوضع يزداد غموضه بإن رجل الأعمال أكمل قرطام كتب تعليق عندها قال فيه “صحيح أنا عندي 10% فقط لكني لم أبيع لأحد، وعلى حد علمي أسهم صلاح دياب لم يقم ببيعها حتى الآن، على الأقل رسميا لم يتم نقلها لصالح أي مشتري… ويا خبر اليوم بفلوس بكره ببلاش”.
– وإن كان الأخبار اللي من النوع دا بخصوص المصري اليوم مش مفاجئة بسبب الضغوطات اللي تعرض لها المالك صلاح دياب خلال السنوات اللي فاتت والقاء القبض عليه مرتين، ومنتشر بالوسط الصحفي إنه تعرض لضغوط أكتر من مرة لبيع الجريدة.
–
*****
طيب ليه الجهات السيادية مستمرة في تأميم وسائل الإعلام؟
– عندنا تفسير سياسي محتمل هوا الرغبة في السيطرة الكاملة على الخطاب الموجه للناس، وعدم السماح ولو لهامش بسيط ممكن يتواجد لو فضلت مع رجال الأعمال.
– فيه تفسير تاني وارد جدا هوا ان الهدف مش السيطرة على حرية الرأي والتعبير دي خلصت خلاص، دلوقتي جه وقت السيطرة على السوق نفسه بالمعنى المالي.
– المقصود بالسوق هو سوق الإعلانات في مصر واللي فيه جزء منه مرتبط بالإعلانات التلفزيونية اللي تقديراتها بتقول أنها حوالي 3-5 مليار جنيه سنويا في مصر.
– وتقريبا شهر رمضان بيكون فيه 60 % من تورتة الإعلانات التلفزيونية في مصر، والوضع الاحتكاري اللي بتسعى لترسيخه الأجهزة السيادية أو الشركات التابعة لهم مهم.
– لأنه على الرغم من إنه سوق الإعلانات التليفزيونية مش المستقبل على المدى البعيد بسبب السوشيال ميديا والمنصات الإلكترونية اللي إعلاناتها بدأت تاخد نسبة جيدة من الإعلان وبتوفر فلوس كثيرة وقادرة على استهداف جماهير محددة، إلا أنه في مصر ما زالت نسبة معتبرة من الناس بتتفرج على التليفزيون وخاصة في شهر رمضان.
– الاحتكار في سوق الإعلانات التليفزيونية مربح زي أي احتكار على المدى المتوسط، لأنه بيحاول يزود العوائد ويضغط التكاليف ومنها تكاليف المرتبات، وكلفة تشغيل القنوات اللي بيتم ضغطها يوم عن يوم بسبب وحدة المالك “إعلام المصريين” و”المتحدة للخدمات الإعلامية” التابعين لجهات سيادية.
– بالإضافة كمان لاحتكار سوق الإعلانات التلفزيونية فيه احتكار شبه كامل من تامر مرسي وشركة المتحدة التابعة لجهات سيادية لسوق الدراما التليفزيونية في مصر والسيطرة على القنوات الباقية جزء مهم في تحديد سعر المسلسلات، بالتالي الحصول على هامش ربح أكبر، شوفنا ده حصل السنة اللي فاتت مع مسلسلات كتير.
– بنذكر إن المخابرات العامة تملك إعلام المصريين اللي هي مملوكة للشركة المتحدة اللي أغلب الصحف الكبيرة والقنوات الفضائية مملوكة ليها بشكل مباشر.
– زي دي إم سي، أون تي في، وإدارة التليفزيون المصري، وستة من الصحف والمواقع الإخبارية، أكبرها موقع وجريدة «اليوم السابع»، بالإضافة إلى الحصة الحاكمة في قنوات «سي بي سي»، كلها مملوكة بشكل أو بآخر للمخابرات العامة.
*****
نشوف إيه من كل ده؟
– حتى بعد إحكام السيطرة على وسائل الإعلام ملكية وسياسة لسه وزير الخارجية المصري سامح شكري بيقول قدام مجلس الشعب نحتاج لآلة إعلامية نافذة تستطيع أن تصل للآخرين، وتكون مؤثرة وهذا يحتاج لجهد وإمكانات، وبيعترف إن هناك آلة إعلامية قوية في الخارج، يعني بعد أكثر من 5 سنوات من التأميم شبه الكامل، فيه أزمة باعتراف وزير الخارجية!
– لكن اللي الوزير مقالوش هوا سبب الأزمة، إن الوضع الحالي بيؤدي لغياب الجودة والمصداقية المحلية والعربية والعالمية . يعني حتى بعيدا عن الصوت الواحد والكلام المكرر في كل القنوات، معادش موجود الحد الأدنى من الجودة اللي خلت ناس كتير تترحم على أيام صفوت الشريف، معادش فيه بالبلدي كدة الخلطة اللي تجذب المشاهد، واللي الوضع الحالي بيخليها مستحيلة.
– شفنا خلال الفترة الأخيرة اتفتح نقاش من الدكتور أيمن منصور ندا رئيس قسم الإذاعة والتليفزيون في كلية الإعلام جامعة القاهرة، كتب أكثر من بوست طويل، فيها تحليل للإعلاميين الموجودين على الساحة، ولمن يديروا المشهد الإعلامي من الأجهزة الأمنية.
– علما بأن الدكتور مش معارض خالص، بل بيؤكد وبيكرر تأييده للرئيس السيسي وللسلطة الحالية، وكلامه بيقدمه بصورة الناصح للسلطة مش بصورة الخصم ليها.
– ولأن الكلام ركز على أسس الإعلام كعلم ومهنة، زي المظهر والشكل وطريقة الكلام وطريقة قراءة الأخبار، والتناقض المستمر في مواقف الإعلاميين بناء على تعليمات “جهاز السامسونج” من الأجهزة الأمنية، حصلت هجمة مضادة.
– تم فتح تحقيق مع الدكتور أيمن منصور من قبل جامعة القاهرة، بعدين اتقال ان التحقيق في شكوى من دكتور تاني لسبب غير البوستات ودي صدفة، رغم أنه الرجل معملش حاجة سوى التعبير عن رأيه، ونشأت الديهي طلع هاجمه وأحمد موسى تقدم ببلاغ للنائب العام بيتهمه بالتنمر عليه!
– محدش عايز يشوف حقيقة إن مستحيل تعمل “إعلام عبدالناصر” سنة 2021، ومن ناحية تانية إعلام عبدالناصر ده كان جودته عالية جدا، كان معاه هيكل في الأهرام وأحمد بهاء الدين في الجمهورية وغيرهم من الأسماء اللامعة في تاريخ الصحافة في البلد.
وده برضه ممنعش إن الهزيمة تحصل، لأن تغيير الواقع هوا المهم مش تغيير الخطاب.
–
– شوفنا وبنشوف عدم الثقة في الإعلام، واللي وصلت أنه وزير الإعلام نفسه يكون عنده ملاحظات على أداء الإعلام اللي بيدار من الأجهزة الأمنية والمملوك للدولة، ويتم التشنيع عليه في جزء من خناقة بين الأجهزة وبعضها، محدش يعرف عنها حاجة غير تسريبات هنا وهناك، لدرجة إن الوزير نفسه اتسرب له على التليفزيون الرسمي للدولة ومحدش اتحاسب.
– وبعيدا حتى عن الجودة الإعلامية وحرية التعبير في أسئلة كثير مفتوحة حوالين المليارات اللي بتستثمرها المخابرات العامة والجهات السيادية في الإعلام بتروح فين ومين بيراقب عليها ودي أسئلة مفيش أي إجابة عليها لحد دلوقتي.
– بنأكد على كلامنا اللي بنقوله دائما على أهمية حرية التعبير للنهوض بالبلد، النظام السياسي الصلب والقوي بشكل حقيقي هو اللي بيسمع المختلف معاه قبل ما يسمع المؤيد.
– الصحافة والإعلام والمجتمع المدني أدوارهم رئيسية بجانب الحكومة في أي دولة متقدمة، وبتساهم في كشف الفساد والرقابة الشعبية على الحكومة اللي هي شيء للأسف مش موجود في مصر.