– اتكلمنا في بوستات سابقة عن مشاكل منظومة التطعيم، من بداية عدم توفير اللقاحات الكافية، لعدم الشفافية في إعلان الخطة، لحد سوء إدارة المنظومة نفسها.
– في الأيام اللي فاتت فوجئنا بأخبار توزيع اللقاح على أعضاء مجلس النواب، في مخالفة تامة لكل المعايير الدولية بأن الأولوية للأكبر سنا وأصحاب الأمراض، وشفنا حول العالم مسؤولين بيتحاسبو لو أخدوا اللقاح قبل دورهم.
– في البوست ده هنتكلم بالتفصيل عن إدارة منظومة توزيع اللقاح.
*****
إيه وضع اللقاحات في مصر حالياً ؟
– مصر لحد يوم 15 ابريل انتهت من تلقيح 240 ألف مواطن، بنسبة 0.2 % من السكان، وده رقم ضعيف جداً على بلد سكانها 100 مليون.
– يبان ضعف حجم الرقم ده لما نقارن بدول تانية في منطقتنا، دولة زي السعودية طعمت مواطنيها ب 6.6 مليون جرعة، بنسبة 19% من السكان، والإمارات تجاوزت ل 9 مليون جرعة، وكمان دول مش غنية وظروفها أقرب لنا زي المغرب وصلت ل 4.5 مليون جرعة بنسبة 12% من السكان، والأردن وصلت لنص مليون جرعة بنسبة 5% من السكان.
– بحسب آخر قرار بزيادة مراكز التطعيم فإحنا عندنا حالياً 339 مركز تطعيم على مستوى الجمهورية، بعد ما كنا بادئين ب 40 مركز فقط، والحد الأقصى لعمل كل مركز يومياً هو 100 شخص بحسب تصريحات وزيرة الصحة هالة زايد.
– يعني الطاقة الحالية هيا يومياً 33 ألف و 900 جرعة، وده معناه إنه عشان ندي 100 مليون جرعة ل 50 مليون مواطن اللي هما نص عدد السكان، فده هيحتاج متوسط 3 الآف يوم لو فضلنا ماشيين بالمعدل ده بدون زيادة، وده طبعاً رقم صعب أوي.
– في تقديرات تانية بتقولها دراسة أشرنا ليها قبل كده في بوست سابق من مجلة الإيكونوميست، وبتصنف مصر من ضمن الدول اللي هتقدر تنتهي من عملية التلقيح الواسع للمواطنين بنجاح في نهاية سنة 2022 يعني بعد سنة ونص، لكن ده برضه تقديرات بناء على عوامل كتير.
– في عوامل تانية طبعاً بتتحكم في ضعف عملية اللقاح زي إنه ناس كتير خايفة بسبب اشاعات عن الأعراض الجانبية، أو ناس مش مهتمة بالموضوع أصلاً.
– وزارة الصحة قالت إن 1.2 مليون مواطن سجلوا في الموقع، وحوالي نصفهم لم يلتزم بالحضور في الموعد!
– صحيح ان بعض التخوفات والشائعات دي موجودة في العالم كله بما فيها أمريكا وأوروبا، لكن ده دور الحكومات انها بتعمل حملات دعاية لتوعية المواطنين، وأيضا انها بتاخد اجراءات دقيقة لمتابعة الحاصلين على اللقاحات، بينما في مصر ناس كتير متعرفش أصلا عن وجود موقع التسجيل.
– في طبعاً جانب تاني خارجي مهم خارج قدراتنا، وهو للأسف حجم الجرعات المتاح عالميا، واللي احنا بنعاني فيه من خلل واضح في عدالة التوزيع للقاح بين الدول الكبرى وباقي العالم، يعني يكفي معرفة إنه أمريكا انتهت من تطعيم 183 مليون مواطن عندها من أصل 300 مليون بنسبة تتخطى ال 53%، وانجلترا مثلاً لقحت فوق ال 60% من المواطنين بواقع 39 مليون شخص، في حين إنه معظم دول العالم محرومة من الحجم الكبير للإنتاج ده من اللقاح، ودي مشكلة بتعاني منها كل الدول اللي مبتنتجش لقاحات.
– لكن بغض النظر عن التفصيلة المهمة دي، فإحنا استقبلنا حسب الأرقام الرسمية 850 ألف جرعة من لقاح استرازينيكا الانجليزي، بالإضافة ل 680 ألف جرعة من لقاح سينوفارم الصيني، وبحسب ما أعلن فاحنا المفروض في شهر مايو القادم هيكون اكتمل عندنا 4.5 مليون جرعة بحسب اتفاقية “كوفاكس” لتوزيع اللقاح.
يعني الكميات المتاحة أكبر بكتير من الناس اللي أخدت اللقاح.
*****
طيب إيه خطة اللقاح في الوقت الحالي ؟
– الإجابة المباشرة إنه مفيش خطة واضحة للأسف!
– يعني باستثناء القرار السليم اللي حصل بان الأولوية تكون للأطباء في المستشفيات الحكومية، وبالفعل كانو أول ناس في تلقي اللقاح، بعدها مفيش أي أي ترتيب واضح.
– يعني عندنا أطباء وصيادلة وعاملين في مستشفيات ومؤسسات طبية “خاصة” ودول برضه عرضة للوباء بقوة بحكم مهنتهم، دول لم يستفيدو بشكل خاص من توفير اللقاح.
– وعلى الرغم من تصريحات سابقة لوزيرة الصحة عن أولوية كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، وكان في كلام عن الأولوية للمستفيدين من برنامج “تكافل وكرامة” لأنهم فئات فقيرة، وقت ما كان في كلام عن عدم مجانية اللقاح، إلا إنه كل الكلام ده مش موجود في الواقع لحد اللحظة دي.
– مفيش خطة معلنة لحد دلوقتي مثلاً للتتوجه لدور رعاية المسنين عشان تطعمهم، ودي مثلاً حاجة معلنة وسهل الوزارة تستهدف بيها فئة من كبار السن !
– على الرغم مثلاً من وجود قاعدة بيانات من حملة ( 100 مليون صحة ) فيها بيانات موثقة من فترة قريبة جداً، عن المصابين بالأمراض المزمنة زي السكر والضغط، وسهل فيها نعرف كبار السن، وبيانات الناس فيها متوفرة بالأرقام والعناوين، لكن متمش الاعتماد على قاعدة البيانات دي!
– لحد دلوقتي منظومة اللقاح واقفة عند التسجيل على الموقع الالكتروني، وشهدت عشوائية واضحة، لان الأولوية مش بناء على السن ولا الأمراض المزمنة، لأ ده على أولوية التسجيل في مدى زمني معين، يعني في ناس كبار سن سجلت في بداية فتح الموقع لكن الدور مجاش عليهم، وناس شباب سجلت متأخر وكان بيتحددلها معاد بعدها بيوم أو اتنين.
– كتبنا سابقا عن مسألة التصنيع المحلي للقاح وعدم وضوح أي جدول زمني محدد لحد دلوقتي ليها.
– لكن الشيء الإيجابي واللي نشيد بيه انه تم التراجع عن خطة دفع مقابل وبقى اللقاح مجاني، وكمان يتم توفيره لكل المقيمين في مصر بما فيهم اللاجئين وغير المصريين وده شيء محترم جدا.
*****
مين بيراقب أو بيراجع أداء منظومة اللقاح ؟
– المفروض إنه حاجة بأهمية خطة اللقاح في وقت وباء، تكون شيء خاضع للمناقشة والشفافية وإمكانية المراجعة وتدارك الأخطاء، لأنه كل ما اتنفذت خطة اللقاح أفضل وأسرع، كل ما أمكن تفادي الوفيات والإصابات وتقليل الضغط على المستشفيات وإعادة فتح الاقتصاد بشكل كامل.
– في الأسابيع اللي فاتت بعض نواب البرلمان قدمو طلبات إحاطة وطلبات مناقشة لوزيرة الصحة، وطلب لاستدعائها لمناقشة خطة اللقاح، بسبب شكاوى المواطنين من سوء المنظومة، ودي كانت طبعاً خطوة كويسة.
– لكن فوجئنا جميعاً إنه الموضوع تحول لمطالبة من النواب بدأها “مصطفى بكري” بإعطاء تطعيم خاص للنواب بشكل استثنائي، أو تعليق للجلسات، لأنه أكتر من نائب أصيب وتوفي من الكورونا.
– والأغرب إنه طلب مصطفى بكري لقى تأييد من الغالبية، ومن رئيس مجلس النواب نفسه المستشار حنفي الجبالي، واللي قال إنه ” كل نائب بصرف النظر عن سنه وحالته يمثل آلاف المواطنين ويلتقي بهم، هذا هو الفارق بين النائب والمواطن، فارق وليس تمييز” في إطار تبريره لضرورة تلقي النواب اللقاح قبل غيرهم وبغض النظر عن السن والأمراض !
– والحقيقة إنه الواحد حتى لو هيتعاطف مع فكرة إنه في نوعيات من الناس بتقدم خدمة عامة مهمة ولازم يتم حمايتهم بشكل خاص زي الأطباء مثلاً، أو حتى مبرر زي إنهم كلهم 600 واحد فالموضوع مش هيأثر قوي على الجرعات أو غيره، لكن المنطق ده هينتهي لما نكتشف إنه النواب مطلبوش اللقاح ليهم فقط، بل لعائلاتهم كمان !
– وبالتالي حتى مبرر إنه نائب البرلمان اللي بيروح جلسات كل يوم وبيقابل مواطنين بشكل يومي عشان مشاكلهم فمحتاج حماية، فإيه المبرر إنه عائلة النائب هي كمان تحصل على تطعيم استثنائي قبل غيرهم ؟! مفيش غير التمييز وعدم العدالة، والمحسوبية.
– وللأسف بدل ما النواب يغضبو لفشل منظومة اللقاح أو يحاسبو الوزيرة على تقصيرها في الملف، هنلاقي إنه غضبهم انتهى بمجرد توفير اللقاح ليهم بشكل خاص، ورئيس المجلس “حنفي الجبالي” وجه الشكر للحكومة على توفير اللقاح للنواب ! وبعض النواب حاولو كنوع من ذر الرماد في العيون إنهم يقولو موافقين ناخد التطعيم لكن بشكل غير مجاني، وده للأسف ترسيخ أكتر لعدم العدالة ومنطق إنه الغني يتطعم والفقير يستنى!
– المؤسف أكتر إنه واقعة زي دي في أي بلد كانت هتلاقي غضب شعبي وإعلامي كبير، نتيجة التمييز وغياب العدالة، وشفنا دول تم إقالة وزراء ومسؤولين فيها نتيجة الشك في استفادتهم باللقاح قبل غيرهم نتيجة مناصبهم، وشفنا مثلاً رئيس وزراء انجلترا وهو بينتظر دوره بعد كبار السن اللي فوق ال80 ثم اللي فوق ال 70 وهكذا، بل وشفنا ردود الفعل القوية على عمل نفس الحركة من مجلس النواب اللبناني اللي انتهز الفرصة هو كمان للحصول على اللقاح قبل المواطنين، وإنه ده أدى لتهديد بعض الجهات المانحة زي البنك الدولي، بعدم منح لبنان جرعات اللقاح واستقال رئيس لجنة مكافحة كورونا احتجاجاً على هذا الفساد والمحسوبية، لكن في مصر الموضوع مر بهدوء كامل غريب !
*****
– ملف التعامل مع لقاحات كورونا مليان نقاط سلبية، ومفيش آلية سريعة لتقويم الأداء ده عشان “المصلحة العامة”، ويمكن الأسوأ من ده كله هو حالة اللا مبالاة اللي بتزودها الحكومة عند المواطنين، بغياب حملات التوعية بأهمية اللقاح سواء في إعلانات تلفزيونية أو في الجرايد أو عن طريق المساجد والكنايس وغيرها، وده اللي مخلي ناس كتير غير مهتمة بموضوع اللقاح ده من أصله ومستمرين في التجمعات الكبيرة رغم عودة الحالات والوفيات للتصاعد.
– ولحد ما يحصل إصلاح للمنظومة دي واللي محدش يعرفله معاد بكل أسف، ابدأ بنفسك وقرايبك وأصحابك، حاولو تجنب التجمعات اللي ملهاش داعي، والتزمو بالإجراءات الاحترازية قدر الإمكان، وحاولو تسجلو في موقع وزارة الصحة لتلقي اللقاح في أقرب وقت، خاصة وإنه معدل الإصابات والوفيات بقى مرتفع بالأرقام الرسمية وغير الرسمية في آخر إسبوعين.
– احمي نفسك واحمي أهلك، وربنا يحفظنا جميعاً من الوباء اللعين ده.
*****
بوستات سابقة:



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *