– من أيام قليلة صدر تقرير التنمية البشرية مصر 2021، التقرير له أهمية خاصة لأنه بيصدر بالتعاون بين الحكومة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، لكن كمان لأنه أول تقرير يصدر من 10 سنين عن مصر. أخر تقرير كان في 2010.
– التقرير صدر في حوالي 300 صفحة، هتلاقوه في أول كومنت للاطلاع.
– التقارير اللي زي تقرير التنمية البشرية بتقول كثير عن وضع البشر في مصر مش بس عن الوضع الاقتصادي وأرقام معدل النمو لأنها بتقيس محاور التنمية الاقتصادية والاجتماعية بشكل شامل شويتين عن الأرقام اللي ممكن في أحيان كثير تكون مضللة.
– كمان التقرير الأخير مهم لأنه جاي بعد عقد طويل مر علي مصر حصلت في أحداث كبيرة سياسية، ثورتين واضطرابات سياسية وتعويم للجنية وتضخم انفجاري حصل بعد التعويم، وإجراءات إصلاح اقتصادي تضمنت رفع الدعم عن كل السلع والخدمات العامة تقريبا.
– ايه أهم ما جاء في التقرير؟ ايه اللي بتقوله الأرقام والمؤشرات دي؟ وايه اللي المفروض الحكومة تعمله عشان يكون عندنا تنمية شاملة في مصر؟ دي الأسئلة اللي هنحاول نجاوب عليها في البوست ده.
*****
ايه أهم الحاجات في التقرير؟
– تقرير التنمية البشرية بيستند على عدد من المؤشرات خارجة من مفهوم رأس المال البشري، أي الاستثمار في البشر نفسهم وفي السكان في صحتهم وتعليمهم في سكن لائق ليهم، وعلاقة الاستثمار ده بالتنمية الاقتصادية على المدى القصير والمدى البعيد.
– مصر في مؤشر التنمية البشرية حاليا في المركز 119 من 189 دولة حول العالم، وفي دول قريبة مننا في معدلات الدخول ودول أقل متقدمة علينا بسبب الإصلاحات اللي عملوها أفضل مننا في التعليم والصحة زي بوليفيا وفنزويلا وفلسطين وجنوب إفريقيا والفلبين.
– حتى على المستوى الإقليمي هنلاقي إننا أقل من دول قريبة مننا في الشرق الأوسط، باستبعاد الدول الغنية المصدرة للبترول إحنا أقل من إسرائيل اللي في المركز الـ19 عالميا، وأقل من تونس اللي في المركز الـ 95، وأقل من الأردن اللي في المركز 102 عالميا.
– على مستوى التعليم والصحة بشكل خاص هنلاقي إننا في 2010 كنا في المركز 91 على مستوى العالم وحصل تحسن طفيف في 2018 وبقينا في المركز الـ87 وده نتيجة القيود التمويلية وخاصة الإنفاق الحكومي المتدني على القطاعين الاثنين.
– ضعف الإنفاق ده بنشوفه في الصحة اللي انخفض الإنفاق عليها من 1.6% من الناتج المحلي في 2016 لـ 1.2 في 2020، والمعدلات دي أقل من المتوسطات العالمية وخاصة في الدول متوسطة الدخل اللي ينفع نتقارن بيها.
– أيضا في قطاع التعليم واللي انخفض الإنفاق عليه من 3.5 % من الناتج المحلي في 2010 لـ 2.1 % من الناتج المحلي في 2020.
– ضعف الإنفاق على الصحة والتعليم بيتضح في أرقام المؤشرات الخاصة بجودة الخدمات الصحية والتعليمية الحكومية في مصر، التقرير بيقول مثلا أنه في 2010 كان عندنا 99.2 ألف سرير في المستشفيات الحكومية، الرقم ده قل لـ 95.6 ألف سرير في 2018، وبالتالي ارتفع عدد متوسط زوار كل مستشفى من 86.4 ألف إلى 135.5 ألف خلال نفس الفترة.
– طبعا لو ضفت على ده ظاهرة تسرب الأطباء من القطاع الصحي العام للهجرة للعمل من الخارج واللي كتبنا عنها قبل كده هنلاقي سبب مباشر ومنطقي لتدني جودة الخدمات الصحية في مصر.
– كذلك في التعليم، الطلاب زادوا من 15.9 مليون في 2010 لـ 21.05 مليون في 2020 ولكن الفصول الدراسية زادت في العشر سنين دول بحوالي 42 ألف فصل بس، يعني 4 آلاف فصل كل سنة لحوالي 800 ألف طالب جديد كل سنة، وده رفع كثافات الفصول لفوق الـ53 طالب في الفصل في المتوسط وفي بعض المناطق الفقيرة لـ70-80 طالب في الفصل.
– التقرير أشاد بعدد من التطورات أهمها ارتفاع متوسطات الأعمار في العشر سنين اللي فاتوا حوالي سنة، التطورات اللي بتحصل في ملف العشوائيات، التطورات اللي بتحصل في توفير السكن وكذلك بخطوات إيجابية جدا في ملف تمكين المرأة المصرية رغم كل الصعوبات اللي مازالت حاضرة في كل الحاجات اللي فاتت دي.
– مثلا في ملف العشوائيات التقرير أشاد بأنه الحكومة قامت بإعادة تطوير ما يقدر بـ 296 من أصل 357 منطقة عشوائية غير آمنة بين عامي 2014 و2020، وهو ما أدى إلى تقليل عدد من يعيشون في مناطق غير آمنة بنسبة 35% في عام 2019.
– أيضا التقرير أشاد بتحسن معدلات النمو الاقتصادي وانخفاض البطالة وكفاءة الإصلاحات الاقتصادية، ويمكن ده سبب احتفاء الإعلام المصري بالتقرير بشكل كبير، واجتزاء حاجات منه للتدليل على النجاح المطلق للاستراتيجية الاقتصادية الحكومية، لكن الكلام المهم اللي بين السطور محدش تعرض له بأي شكل وخاصة الإنفاق على التعليم والصحة وتدني جودة القطاعين المستمرة من 2010 لحد دلوقتي.
*****
ايه اللي المفروض يتعمل عشان نتحسن في مؤشرات التنمية البشرية؟
– في توصيات التقرير الخاصة بالتنمية البشرية اتكلم التقرير عن الالتزامات اللي موجودة في دستور 2014 وأنها كافية لو اتطبقت في دفع مصر على الطريق الصحيح للتنمية البشرية، التقرير أشار في التوصيات للديمقراطية وقيم الحرية وحق تكوين الأحزاب ومبادئ السياسة الأساسية، طبعا مقالش أنه دي حاجات كلها غائبة يعني في السياق المصري لأنه التقارير الأممية دي لازم تكون لغتها دبلوماسية لأقصى درجة.
– اتكلم التقرير عن أهمية المساواة بين الجنسين في سوق العمل والتعليم وكل مجالات الحياة وأنه ده شيء منصوص عليه في الدستور عشان يتحقق.
– لكن التقرير بجانب الحاجات دي ركز على توصيات محددة:
1- الارتقاء بمستوى التنمية البشرية بجوانبها المتعددة، وذلك من خلال معالجة قضايا الفقر والزيادة السكانية، وزيادة الإنفاق العام والخاص وعلى الصحة والتعليم والتوسع في برامج الحماية الاجتماعية.
2- النهوض بالدفعة للتمويل وضمان عملية النمو الاحتوائي، والنمو الاحتوائي المقصود به النمو الاقتصادي اللي بيتنج فرص عمل تساهم في زيادة دخول نسبة كبيرة من السكان، وده من خلال إصلاحات هيكلية في قطاعات مهمة زي الصناعة، ودعم التنافسية الخاصة بمصر في التصدير والحوكمة ومكافحة الفساد وإعطاء الأولوية للاستثمار في الصناعات التحويلية والزراعة وقطاع الاتصالات.
3- التكيف مع تغير المناخ وتحسين الوضع البيئي، وده من خلال استراتيجيات متكاملة للتعامل مع القضايا المناخية والبيئية تشمل وضع خطط وطنية لإعادة التدوير وتقليل انبعاثات الكربون وغيرها من الحاجات اللي بتساهم في تحسين جودة الوضع الصحي في البلد.
4- الارتقاء بجودة الخدمات وجاهزية المؤسسات الحكومية وده من خلال برامج للحوكمة تضع في الاعتبار معايير الشفافية وتطبق مبادئ مكافحة الفساد والترهل في الجهاز الإداري للدولة.
– كل التوصيات دي مش جديدة للأسف بل مطروحة من قبل كده في كذا دراسة عن واقع التنمية في مصر، ولكن المشكلة أنها بتظل حبر على ورق في أحيان كثيرة لأنه مفيش إرادة سياسية حقيقية لتنفيذ الإصلاحات دي، أو لأنه في إصلاحات منها متناقضة جوهريا مع طبيعة النظام السياسي اللي موجود زي الإصلاحات المتعلقة بالديمقراطية وحرية التعبير وحق التنظيم وغيرها.
– بالتالي الاحتفاء اللي بتعمله الحكومة بالتقرير لتأكيد إنه نجاح في الإصلاح الاقتصادي هو في الحقيقة احتفاء مجتزأ، لأنه مش بس بيغفل حاجات كثيرة سلبية موجودة أشار لها التقرير بشكل مباشر أو غير مباشر، ولكن كمان لأنه توصيات التقرير كثير منها الحكومة مش هتعمله وإن كنا نتمنى العكس.
– هنفضل نتمنى إن الحكومة تراجع سياستها، وإن المسؤولين يبصوا على توصيات التقرير بجدية وإرادة للتنفيذ بجانب الاحتفاء بالمنجزات اللي محدش يقدر ينكرها، لكن جودة حياة المصريين لسه محتاجة كتير بعيداً عن الشو.
*****



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة