الأسبوع اللي فات رئيس الوزراء عرض برنامج الحكومة على مجلس الشعب، وحسب الدستور مجلس الشعب قدامه ٣٠ يوم عشان يوافق أو يرفض تشكيل الحكومة وبرنامجها.
نص بيان الحكومة، مارس ٢٠١٦: http://bit.ly/1X8gEt6
إحنا قرينا نص البيان كاملاً (٧٩ صفحة)، وهنتكلم عن ملاحظاتنا عليه، لكن قبل الملاحظات عايزين النهاردة نتكلم عن تشكيل الحكومة نفسها.
في ٢٣ مارس تم التعديل الحكومي اللي فيه تولى الوزارات الاقتصادية وزراء قادمين من الشركات الخاصة ودوائر رجال الأعمال:
– وزارة المالية تولاها الوزير عمرو الجارحي، رئيس قطاع التمويل بشركة القلعة القابضة، المملوكة لأحمد حسنين هيكل، وكان قبلها العضو المنتدب للمجموعة المالية هيرمس اللي حالياً القضاء بينظر في قضية الفساد المتورط بها أبناء مبارك المتعلقة بهذه الشركة.
أهمية الموضوع إن دي أول مرة في التاريخ يأتي وزير المالية من دوائر رجال الأعمال، حتى في عز عهد رجال جمال مبارك محصلش كده، لأن الوزارة دي تحديداً تملك أدق تفاصيل ومعلومات الاقتصاد وجانب كبير من التحكم في بقراراته.
– وزيرة الاستثمار داليا خورشيد، هي المدير التنفيذي لشركة أوراسكوم القابضة المملوكة لعائلة ساويرس، وهي تعمل في مناصب إدارية في أوراسكوم منذ عام ٢٠٠٥.
لكن شركة أوراسكوم تحديداً لها تعاملات واسعة جداً مع الحكومة، منها إنها الشركة الي فازت بتنفيذ المرحلة الثالثة من الخط الثالث للمترو، وتنفيذ ٢٠% من مشاريع الطرق الحكومية، والعديد من محطات الكهرباء.
– يحيي راشد وزير السياحة، كان المدير التنفيذي لقطاع الفنادق بمجموعة الخرافي الكويتية، اللي بطبيعة الحال شغلها تحت إشراف الوزارة نفسها.
ده يُضاف إلى الوزراء المستمرين:
– طارق قابيل، وزير التجارة والصناعة، شريك بمجموعة أبراج كابيتال الإماراتية، وهي اللي اشترت نسبة كبيرة من القطاع الصحي الخاص بمصر بما يحمل شبهة كبيرة للاحتكار. http://bit.ly/1Rw7oib
– وزير الكهرباء محمد شاكر، يملك مكتب شاكر الاستشاري للكهرباء، وشركة خاصة تعمل داخل وخارج مصر بعدة دول عربية بملف الكهرباء.
إحنا مش ضد وجود القطاع الخاص ومشاركته الايجابية لصالح البلد، وأكيد فيه خبرات مهمة، لكن لازم يكون ده على أسس منافسة عادلة وشفافة ومعلنة، عشان متتكررش الكوارث السابقة .. أبسط حاجة دلوقتي إن مصر فيها قانون كويس لـ”حظر تضارب مصالح المسؤولين في الدولة”، اللي صدر في نوفمبر ٢٠١٣، وكل المطلوب منه انه يتنفذ .. باختصار تعالوا نبص على مواد القانون:
المادة ٥: على المسئول الحكومي خلال شهر من تعيينه تقديم نسخة من إقرار ذمته المالية إلى “لجنة الوقاية من الفساد”.
المادة ٨: يكون التعارض مطلقا إذا كانت ملكية الأسهم والحصص فى شركات خاضعة لرقابة المسئول الحكومى أو تابعة له بشكل مباشر أو غير مباشر، وفى هذه الحالة يتعين عليه التصرف في ملكيته خلال فترة شهرين أو ترك المنصب أو الوظيفة العامة.
المادة ١١: يُحظر على المسئول الحكومي تقديم الخدمات الاستشارية سواء مدفوعة الأجر أو غير مدفوعة.
المادة ١٥: يحظر على المسئول الحكومى عند تركه منصبه أو وظيفته، ولمدة ثلاثة أشهر تالية، أن يتولى منصبا أو وظيفة فى القطاع الخاص لدى شركة أو جهة كانت تابعة أو مرتبطة بعمله السابق … ويحظر على المسئول الحكومى القيام بأى عمل مما يمكن أن يعد استغلالا للمعلومات التى كان يتيحها منصبه السابق.
يعني بالقانون مفروض الوزراء دول يعلنو ثرواتهم، ويتصرفوا في الأسهم اللي بيمتلكوها في الشركات الخاصة اللي أصبحت الآن تحت مسئوليتهم الحكومية، ولا يعودوا فور انتهاء فترة الوزارة لنفس المناصب، ولا يستخدموا معلوماتهم الحكومية في أعمالهم الخاصة .. للأسف مسمعناش إن الرئيس أو رئيس الوزراء أو البرلمان جابوا أساسا سيرة للنقاط القانونية دي!
ولا حد يعرف حاجة أصلاً عن “لجنة الوقاية من الفساد” اللي مفروض تطبق القانون ده.
هل القانون ده كمان هيتحول إلى حبر على ورق؟!
للإطلاع على النص الكامل للقانون رقم ١٠٦ لعام ٢٠١٣ لحظر تضارب مصالح المسؤولين في الدولة: http://bit.ly/1N3YjYy
****
الحكومة فيها وزراء تاني عليهم مشاكل كبيرة، أهمهم وزراء التعليم والداخلية والصحة ..
ازاي يستمر وزير الداخلية بعد كل قضايا التعذيب والقتل اللي صدرت في بعضها أحكام قضائية حاسمة، وبعد كل التقصير الأمني الملموس؟
وازاي يستمر زير الصحة اللي نقابة الأطباء اللي طالبت بإقالته وحولته للجنة آداب المهنة، بكل قراراته المدهشة زي انتداب أطباء لسد العجز بتخصصات غير تخصصاتهم!: http://bit.ly/1SvcpUS
****
قبل الدخول في تفاصيل بيان الحكومة عندنا ملاحظتين أساسيتين على أسلوب التعامل معاه:
– رئيس مجلس الشعب أعلن ان اللي هيراجع برنامج الحكومة لجنة من ٥٠ نائب اختارهم بنفسه وخلاص، لم يتم انتخابهم، ولا يعرف أحد حتى النواب دول أنفسهم أسباب اختيار هذه الأسماء – اللي أغلبها من ائتلاف “دعم الدولة”، ومنهم من لم يحضر الجلسة أصلاً – بينما تم تجاهل نواب آخرين كانو يرغبو بالانضمام للجنة. التفاصيل هنا: http://bit.ly/21PgPuy
– أغلب الوعود فيما يخص الخدمات العامة كلام انشا بلا أرقام، لكن حتى الأرقام المحددة المذكورة هزيلة جداً، والسبب طبعا نقص التمويل، وهو أقل بكتير جداً من ما ينص عليه الدستور الحالي بوضوح حسب النسب الآتية:
الصحة: ٣% من الناتج القومي على الأقل.(المادة ١٨)
التعليم: ٤% من الناتج القومي على الأقل (المادة ١٩)
التعليم العالي: ٢% من الناتج القومي على الأقل (المادة ٢١)
البحث العلمي: ١% من الناتج القومي على الأقل (المادة ٢٣)
نص دستور مصر لعام ٢٠١٤ – http://bit.ly/1V1OQsA
يوم الخميس الماضي الرئيس السيسي أقر الموازنة الجديدة، والتي تقل فيها هذه البنود بشدة عن النسب الدستورية، يعني الرئيس وقع على قرار مخالف للدستور الذي أقسم على احترامه..
ووزارة المالية قالت إنه لن يتم تنفيذ هذه الالتزامات لعدم توافر التمويل. http://bit.ly/1RSfFvY
لكن الدستور مش بيتكلم عن رقم بعينه عشان يتقال مش موجود، الكلام عن نسب محددة، بما يعني ان دي أولويات وغيرها يتخصم من نسبته مش العكس .. الدستور إلزامي مش بمزاج حد لا يتم تنفيذه، وإلا كده أي حد مش عاجبه قانون يقول اصلي مش قادر أنفذه!
لو الدستور مجرد حبر على ورق قولولنا!
في البوست القادم هنناقش تفصيلياً وباختصار أبرز نقاط بيان الحكومة.



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *