– خلال الأيام اللي فاتت حصلت تطورات في أزمة سد النهضة، خلاصتها إن المفاوضات وصلت من جديد لطريق مسدود.
– أثيوبيا رفضت التوقيع على مسودة الاتفاق الأمريكي بينما مصر وقعت وقعت من جانب واحد بالأحرف الأولى، وكمان السودان لم يوقع وبعدها بوضوح اخد موقف مختلف عن الموقف المصري.
– بعدها حرب تصريحات تضمنت إعلان أثيوبيا انها هتبدأ في ملئ الخزان في يوليو المقبل، يعني بعد أربعة أشهر فقط!
– في البوست ده هننشوف التطورات اللي حصلت، وليه أثيوبيا رفضت التوقيع؟ وايه اللي ممكن يتعمل في القادم؟ وما مدى منطقية طرح الخيار العسكري؟
*****
إيه آخر التطورات؟
– آخر مرة كتبنا عن ملف سد النهضة كان مع بداية الجولة الأولى للمفاوضات برعاية أمريكية اللي بدأت نص يناير اللي فات، وبعد جولات عديدة تم التوصل لاتفاق مبدئي وتفويض أمريكا والبنك الدولي يكتبو الصياغة.
– وبالفعل سلمت واشنطن نسخة من الاتفاق للدول التلاتة في ٢٤ يناير.
– الاتفاق كان بيؤدي لحسم أغلب النقاط الخلافية بين مصر وأثيوبيا خاصة في قواعد ملئ الخزان في وقت الجفاف والجفاف الطويل، وبعض المصادر بتقول ان الاتفاق كان بيضمن لمصر ٣٧ مليار بدلا من ٤٠ مليار اللي طالبت انها تكون الحد الأدنى أثناء ملء السد (حصة مصر ٥٥ مليار) ومع كده مصر وافقت لرغبتها في الوصول لاتفاق ملزم.
– فجأة فريق التفاوض الأثيوبي انسحب من واشنطن، رغم انه كل الخطوات السابقة كانت بعلمه وموافقته، وبحسب بيان رسمي للخارجية الأثيوبية الفريق الأثيوبي لم يشارك “لأنه لم يكمل بعد التشاور مع أصحاب المصلحة داخل البلاد “.
– مصر وقعت من جانبها على الاتفاق مبدئيا، بينما السودان لم يوقع.
– مماطلة أثيوبيا المتكررة تلازمت المرة دي مع لغة دبلوماسية أعنف وخطاب شعبوي أكبر بيقوده آبي أحمد شخصياً، زي مثلاً تصريح آبي إنه “سد النهضة أصبح قضية شرف وطني لن نتخلى عنه” مع ان محدش بيقول تخلوا عنه ولا حاجة دي كلها مفاوضات على تفاصيل، أو تصريح أبي أحمد إنه بيان جامعة الدول العربية انحياز أعمى لصالح مصر”.
– وزير الخارجية الأثيوبي هو كمان قال: “الأرض أرضنا والمياه مياهنا والمال الذي يبنى به سد النهضة مالنا ولا قوة يمكنها منعنا من بنائه”، وده مخالف تماما للقانون الدولي، مفيش حاجة اسمها بلد المنبع في أي نهر يبقى مالك المياة!
– وزير الري الأثيوبي صرح يوم 4 فبراير أنه ” إن بلاده ستبدأ في التعبئة الأولية لخزان سد النهضة بعد أربعة أشهر من الآن ولن تتمكن أي قوة من منع إكمال بناء السد “.
– كمان عبر عن رفضه لبيان وزارة الخارجية الأمريكية اللي طالب بعدم البدء في تعبئة السد إلا بعد التوصل لاتفاق: “لن نقبل أن تطلب منا أمريكا أن نفعل شيئا لا نريده وأن تمارس الضغوط علينا لفائدة الآخرين”.
– الموقف الأمريكي مكانش بالقوة المطلوبة إطلاقا، واكتفو ببيانات عامة، لكن مفيش مثلا أي تهديد بعقوبات أو أي اجراء ضد أثيوبيا رغم انها تعتبر عملت إهانة للوسيط الأمريكي.
*****
ليه أثيوبيا رفضت التوقيع؟
– التفسير الأقرب للصحة للتطور الأخير هو الاضطراب السياسي الداخلي حاليا في أثيوبيا مع اقتراب موعد الانتخابات العامة في مايو القادم.
– آبي أحمد رئيس الوزراء رغم الإصلاحات السياسية الإيجابية اللي بدأ بيها حكمه أصبح بيواجه انقسامات داخلية معقدة، وبيحاول ينفصل عن الائتلاف الحاكم الحالي ويشكل حزب جديد اسمه الازدهار وهو عبارة عن اندماج لأكبر ثلاث أحزاب مشكلة للإئتلاف الحالي.
– لكن الموضوع متعثر بسبب رفض وزير الدفاع الأثيوبي لخطة الاندماج دي، والخلاف ده طلع للعلن بين أهم اتنين في المؤسسة الحاكمة لأثيوبيا واللي بيمثلوا أكبر عرقية في البلاد وهي الأورومو.
– مع الظرف الاقتصادي الصعب، ومعدلات التضخم والاضطرابات الدينية والعرقية، اللي بيجمع الأثيوبيين هي قضية سد النهضة، لدرجة نجاح كل الاكتتابات العامة لتمويل السد من فلوس الناس، والتالي صعب الحكومة الحالية تقدم أي تنازلات عشان ميتعرضوش لعقاب إنتخابي في الانتخابات المقبلة في مايو.
– وارد كمان إنه الانتخابات دي حجة للمزيد من التسويف لحد بدء الملء، خاصة انه من الوارد يحصل بعض التأخير عن الجدول، ولحد دلوقتي بيتم جمع أموال لتمويل بناء السد.
– لكن حتى بعد الانتخابات لا نتوقع تغير حقيقي، لأن سياسة التسويف والمماطلة والتهرب من أي التزام دولي هوا نهج أثيوبيا عبر سنوات من التفاوض مش دلوقتي بس.
*****
إيه موقف السودان؟
– الخلاف المصري السوداني خرج للعلن رسميا.
– قبل أيام وزراء الخارجية بجامعة الدول العربية كانوا بيجهزوا بيان لبدعم مصر والسودان “دولتي المصب” باعتبار دي مسألة أم قومي عربي، ورفض أي تصرف أحادي من أثيوبيا في النيل، لكن السودان طلبت اسمها يتحذف وبعدها برضه تحفظت رسميا على القرار بحجة إنه مش في مصلحة السودان ولا من المصلحة العربية الصدام مع أثيوبيا!
– الخارجية السودانية أصدرت امبارح بيان بيقول انها فوجئت بقرار جامعة الدول العربية، وانها تطلب من الدولتين مصر واثيوبيا العودة للمفاوضات، والخارجية المصرية ردت ببيان ان نص القرار وصل للسودان من ١ مارس ولم ترسل أي تعليق، وان السودان سعى بعدها “لتفريغ النص من مضمونه”.
– الموقف السوداني سببه الرئيسي هو المصلحة السودانية، لأنه زي ما قلنا سابقا السودان مش متضررة من سد النهضة إطلاقاً على المستوى الاقتصادي وهتقدر تستفيد من الكهرباء المولدة من السد، واللي أثيوبيا وعدت بتصديرها لها بشبكة ربط كهربائي.
– كمان بناء السد هيخزن كمية كبيرة من الطمي اللي بتروح في النيل الأزرق وبالتالي هيزود قدرة السدود السودانية على النيل الأزرق في توليد الكهرباء وهيوفر على السودان حوالي 12 مليون دولار سنوياً في عملية تطهير النيل الأزرق من الطمي.
– ده غير إنه هيحمي المناطق السودانية من خطر الفيضانات وهيساهم في تطوير الزراعة السودانية وزيادة المحاصيل والإنتاجية.
– الأثر السلبي على السودان هو أنه حصتها اللي هي 18 مليار متر مكعب تقل، وده مش خطر كبير لأن السودان غنية بالموارد المائية والأمطار.
– سبب تاني هوا حساسيات تاريخية بسبب بعض الخطابات غير المسؤولة من الطرفين.
– وكمان عشان مؤخرا نسبة كبيرة من السودانيين غاضبين من عدم دعم مصر للثورة السودانية والتعاون مع البشير ثم قادة المجلس العسكري السوداني، بعكس أثيوبيا اللي آبي أحمد زار السودان ودعم الاتفاق التاريخي بين المجلس العسكري وقوى الثورة السياسية، وأصبحت صورته في السودان كـ “رسول السلام”.
*****
هل مصر استنفذت الحلول الدبلوماسية؟
– لسه قدامنا حلول سياسية ودبلوماسية مهمة لكن الوقت ضيق جداً، ولازم نتحرك بأسرع ما يمكن.
– حاليا الخارجية المصرية عملت خطوات إيجابية بانها قدرت تاخد اثيوبيا الى واشنطن، ويظهر قدام العالم كله مين الطرف المتعنت واللي رافض للآليات الدولية، وايجابي جدا كمان الإعلان الحاسم ان مصر لن تعود لأي مفاوضات بعد الوضوح التام لان غرض اثيوبيا تضييع الوقت، وكمان البيانات الأخيرة كانت موافقة وصريحة.
الخطوات المقترحة دي ذكرنا معظمها في بوست سابق من 6 شهور، ومازالت مطروحة لكن الوقت كل يوم بيبقى أصعب:
1- اتفاقية المبادئ لم يتم عرضها لحد النهاردة على البرلمان، فأول خطوة انها تتعرض وتترفض، وبالتالي يتم الإبلاغ الرسمي دوليا عن الغائها بموجب رفض النواب التصديق عليها، وبالتالي تفقد أي مرجعية قانونية في التفاوض.
وبالطبع مرفوض تماما أي عودة للتفاوض اللي اتضح ان غرضه الوحيد تضييع الوقت.
2- استخدام علاقة مصر بالدول المتصلة بأثيوبيا.
– أهم دولتين هما السعودية والإمارات واللي ليهم استثمارات ضخمة جدا في القطاع الزراعي الأثيوبي تحديدا وهما من أهم الاستثمارات المشاركة بمنطقة السد نفسه! مش منطقي اطلاقا تكون الدول دي حليفة للنظام المصري ومتستخدمش دورها هناك في الضغط على أثيوبيا، ولا حتى تلويح بمجرد خفض الاستثمارات؟!
لازم يتطرح السؤال ده بصراحة: انتم معانا أم لا؟!
لو قرار جامعة الدول العربية ده ليه معنى حقيقي فمفروض نشوف فورا خطوات عملية من الدول العربية دي.
– دول تانية زي الصين ممكن نطلب منها نفس الشيء لأن علاقاتها التجارية والاقتصادية بأثيوبيا ضخمة جداً وبالتالي ممكن تمارس ضغوط على أثيوبيا للتوقيع النهائي.
– طبعاً في علاقات كبيرة جداً بين إسرائيل وأثيوبيا، ونتنياهو التقى مؤخرا آبي أحمد وكمان عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني، لكن من جانبنا لو بقى الكلام مصالح فقط فمفروض ان الرئيس السيسي علاقاته أقوى بالحكومة الإسرائيلية الحالية، وهو دعا “للسلام الدافئ” أكتر من مرة، وقال إن “مصر جابت جون” لما تمت اتفاقية استيراد الغاز الإسرائيلي اللي هتقدم مليارات الدولارات لإسرائيل وغيرها، مش مفهوم ليه لحد دلوقتي متمش ربط الكلام ده بملف أثيوبيا والسد؟
3- من الضروري إن مصر تبدأ مسار القانون الدولي، الخطوة الأولى طلب التحكيم الدولي وده لازم بموافقة الدولتين الأطراف.
4- ولو أثيوبيا رفضت التحكيم الدولي، وده اللي غالبا هيحصل نظراً للي عملته مع الوساطة الأمريكية، يبقى مصر ضروري تتقدم بشكوى رسمية لمجلس الأمن ضد أثيوبيا، وتطلب من الأعضاء الدائمين عدم استخدام حق الفيتو في الملف المصيري ده، ومفروض ان مصر علاقتها بالدول دي كويسة وبينهم ملفات الإرهاب واللاجئين وغيرها، وكمان بعد الوساطة الأمريكية فالوضع هيكون أفضل لأنه في أكتر من إثبات على حسن نوايا مصر حتى النهاية.
– وفي الحالة دي الأمر هيتم تعليق السد بقرارات أممية ملزمة لحين البت في القضية نهائياً، لكنه محتاج مجهود دبلوماسي وسياسي وقانوني كبير جداً.
– وبالمناسبة موقف مصر قوي قانونا بموجب إتفاقيات تاريخية أعوام 1929 و 1959، ده غير إتفاق الرئيس السابق مبارك مع رئيس الوزراء الأثيوبي “زيناوي” سنة 1993.
ورغم ان اثيوبيا عندها رفض منطقي لمبدأ الحق التاريخي لان ده حصل بعهد الاحتلال الإنجليزي وان الأوضاع تغيرت، ومصر فعلا مفروض تضع ده بالاعتبار عشان كده احنا متفقين على مبدأ حق اثيوبيا في التنمية وبناء سد مش مطلوب مصر تتعنت بده أبدا، لكن بالمقابل مش حق أثيوبيا الاضرار بنا، ولا احنا مفروض نتنازل مجانا عن ورقة ضغط وحق قانوني بموجب القانون الدولي عشان مجرد قواعد ملئ الخزان، لأن السد بقا أمر واقع خلاص وبإقرار السلطة المصرية.
5- محتاجين بسرعة حوار صريح ومحدد مع السودان على أرضية المصلحة المشتركة مش أي كلام عاطفي ومعنوي.
تحديد ايه اللي ممكن مصر تقدمه لتكون مصلحة السودان أكبر في الاقتراب من الرؤية المصرية؟ خاصة كما قلنا ان النزاع أصلا على تفاصيل زي عدد سنوات الملء وآلية التشغيل مش مبدأ وجود السد واستفادة الكل منه.
*****
هل الحرب أو توجيه ضربة جوية لسد واردة؟
– من حيث المبدأ مفيش داعي للكلام اللي ساعات بيقوله إعلام غير مسؤول للتساهل بالدعوة للحرب، لأن ده كلفته العسكرية والسياسية والاقتصادية كبيرة جداً، مليارات هائلة ربما يكون أرخص منها كلفة محطات تحلية عملاقة.
– وكمان الاختيار ده بييجي في حالة إنه كل طرق السياسة والقانون الدولي انتهت، وده لسه محصلش.
– ده غير مسألة ان القدرة على الوصول للسد في ظل المسافة البعيدة جدا، والحاجة لتعاون دول أخرى بالمنطقة كاستخدام مجالها الجوي أو مياهها، وكمان ان اثيوبيا نصبت صواريخ مضادة حول السد، كلها أمور تجعل الفكرة واقعيا أصعب، لكن الحقيقة في النقطة دي منقدرش نحسم لأنها معلومات أسرار عسكرية مفيش دولة لا مصر ولا أثيوبيا بتكشف كامل إمكاناتها العسكرية.
– الواقع بيقول للأسف مش دايما القانون الدولي لوحده بيكون كافي، وشفنا مثلا ازاي تركيا عملت موقف شبيه بأثيوبيا مع العراق لما بنت سد على نهر دجلة، وكل الاحتجاجات العراقية تجاهلتها تركيا لإنها الدولة اللي عندها أوراق قوة عسكرية وسياسية أقوى.
– عشان كدة مهم زي ما أثيوبيا ألمحت أكتر من مرة ان كل خياراتها مفتوحة، ان مصر كمان تلوح بقوة ان مفيش أي خيار مستبعد لو وصلنا للحظة ان الشعب المصري بيعطش بسبب السد!
– ويجب التركيز إن دي أزمة عالمية لان كل مشاكل اللاجئين والإرهاب هتتضخم جدا لو دولتين بحجم مصر واثيوبيا انفجر بينهم الوضع لمرحلة الحرب، لذلك من مصلحة العالم كله التدخل للوصول لحل سلمي، وده خطاب لازم التركيز عليه في مجلس الأمن وكل الجهات المعنية.
*****
وكمان نعيد نشر خطوات على المدى الطويل:
– إقتصادياً وفنياً:
1- مهم تغيير سياسات إدارة المياه في مصر، لأنه أصلاً إحنا بنعيش في فقر مائي، وبالتالي لازم في تغييرات جذرية للسياسات الزراعية في مصر، زي إعادة النظر والاختيار في زراعة المحاصيل كثيفة الاستهلاك للمياه، وزي الاعتماد على تكنولوجيا حديثة في الري الزراعي بالرش والتنقيط وغيرها.
ومهم إعادة النظر في عقود الشركات الخليجية في توشكى لزراعة البرسيم المستهلك للمياه.
2- مهم التركيز على محطات تحلية مياه البحر، باستثمارات حكومية وشراكات القطاع الخاص. صحيح إن تكلفة المياه عالية لكنه من المناسب جداً استخدام الحل ده مع المناطق الصناعية، وايجابي اننا حاليا بنشوف كلام رسمي عن ده لكن لسه متمش التنفيذ الفعلي.
3- خطوات تانية زي معالجة مياه الصرف الصحي وتوجيهها للزراعة.
وبالطبع مش مفهوم إيه أولوية مشروع زي النهر الأخضر في العاصمة الادارية الي مفروض طوله 35 كيلو ومرحلته الأولى 10 كيلو بكلفة 9 مليار جنيه هيتملي بالمياه المعالجة اللي بالتأكيد افضل لو هنعملها تروح لاستخدام مفيد أكتر.
4- لازم نعالج مشاكل تبخر المياه في بحيرة ناصر واللي بيتبخر منها سنويا حوالي 10 مليار متر مكعب، العلم أنتج حلول زي تغطية المياه دي بكرات سودة تمنع تبخر المياه، كمان مازالت مصر بتعاني من وجود “ورد النيل” رغم جهود تاريخيا لمقاومة استهلاكه الشره للمياة.
5- في ضروة للإستعانة بخبرات علمية في تطوير إدارة ملف المياه وسياساته في مصر، عندنا مراكز بحثية مصرية محتاجة دعم للعمل في الملفات الهامة دي منها مركز الأهرام ومركز الدراسات الأفريقية وكتير من المراكز المستقلة، وعلى المستوى الدولي في إمكانية للإستفادة بكتير من الخبرات، وهتلاقو مثلا بالمصادر تقرير حديث عن أزمة المياه وحلولها من مجموعة البنك الدولي.
6- كمان لازم تقف بعض الممارسات اللي بتهدر المياه في الإستهلاك المنزلي أو الصناعي وده شيء من المهم يتعمل طول الوقت حتى لو هو مش السبب الأكبر في فقدان المياه.
*****
العلاقات المصرية الأفريقية:
1- جزء رئيسي من أزمة مصر مع أثيوبيا ومع قارة أفريقيا عموماً هو السياسة المصرية الخارجية تجاه الأفارقة على مدار سنين طويلة، من التجاهل والتعالي وبالتالي الطريقة دي لازم تتغير تماماً ومصر تتجه لشراكة حقيقية مش بس في المياه لكن شراكة اقتصادية، منها مثلا أننا نسرع من مشروع الربط الكهربائي للشبكة المصرية مع السودان وأثيوبيا، وإمكانية عمل إستثمارات مشتركة في عدة مجالات.
ودي أمور بتاخد سنوات طويلة عشان تترسخ.
2- لازم مصر تعيد النظر في علاقاتها واستثماراتها في دول حوض النيل بعيدا عن أثيوبيا والسودان، دول زي أوغندا والكونغو، ده ممكن يتيح لمصر أنها تزود من مواردها المائية وتمنع أي مشاريع مستقبلية للدول دي في بناء سدود مضرة زي ما حصل مع أثيوبيا كدا، واللي هو شيء وارد.
3- إعادة النظر في الدراسات العلمية والفنية لإمكانية مشروع ربط النيل بنهر الكونغو، بما إنه مشروع بيتم الكلام عنه كتير لكن مصر رفضته في وقت قريب نتيجة الصعوبات الفنية، رغم إن الربط ده ممكن يجيب لمصر حصة من المياه ضعف الحصة الحالية.
*****
– حاجة مهمة لازم أي مصري يشوفها في تعامل أثيوبيا معانا طول المسار ده، إنه دايما كان فيه حساب لرد الفعل الشعبي الأثيوبي، الديمقراطية بتجبر دايماً المسؤولين يحاولو يظهروا قدام شعبهم مدافعين عن كل الحقوق، خوفاً من العقاب الانتخابي والمحاسبة الشعبية، ده غير انه قادر يقول للأمريكان أنا عندي انتخابات ومينفعش اعمل اتفق ثم اخسر بعده بشهر وييجي حد تاني يلغيه، يعني الرأي العام الشعبي ورقة ضغط إضافية في ايد المفاوض.
بينما للأسف الصورة في مصر مختلفة جدا.
وده طبعا لا ينفي ان اللي حاصل تعنت شديد و”خطاب شعبوي” بيتم فيه استخدام عواطف الشعب الأثيوبي لأغراض سياسية، ولما السياسيين يشحنوا الجماهير بيكون صعب التراجع.
– تقييم المصالح والتحالفات السياسية بين الدول والأنظمة مهم جداً، أدينا شايفين حلفاء للسلطة المصرية زي السعودية والإمارات وأمريكا مش بيقدموا دعم حقيقي لمصر في ملف مصيري زي السد رغم كل اللي قدمته السلطات المصرية لكل منهم في قضاياهم بالمنطقة. تقييم السياسات ده المفروض بتقوم بيه مؤسسات دولة، والمفروض إنه المجتمع عن طريق البرلمان والأحزاب والمراكز البحثية بيشارك في التأثير في صناعة ودراسة القرار، لكن إن الموضوع يتم إدارته بشكل فردي أو غير مؤسسي أو غير مدروس، فنتايجه بتبقى زي اللي إحنا فيها دلوقتي.
– بنكرر كلامنا السابق ان مسألة مياه النيل أكبر حتى من كونها أمن قومي لكل مصري، دي حياة أو موت لمصر حرفيا، مفيهاش مؤيدين ومعارضين، ونتمنى نشوف تعامل على مستوى الخطر الرهيب من كل الأطراف الرسمية والشعبية في مصر.
*****



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *