– يوم الثلاثاء اللي فات اتكلم الرئيس السيسي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في الدورة رقم 76 عن خطورة سد النهضة الإثيوبي على استقرار المنطقة وقال”إن سياسة فرض الأمر الواقع بشأن أزمة سد النهضة باتت تنذر بتهديد واسع لأمن واستقرار المنطقة بأكملها”.
– كلام الرئيس جه بعد شهرين تقريبا من توقف المفاوضات بين مصر والسودان من جانب وإثيوبيا من جانب آخر، وبعد بيان رئاسي من مجلس الأمن بيشدد على أهمية استكمال التفاوض تحت مظلة الاتحاد الإفريقي.
– آخر مرة كتبنا عن سد النهضة كان في يوليو اللي فات مع اجتماعات مجلس الأمن لمناقشة القضية واللي لم تضف جديدا يذكر في إطار حل المشكلة.
– خلال الأيام اللي فاتت وبعد توقف المفاوضات لشهور واضح أنه في تحرك لجولة مفاوضات جديدة تحت رعاية الاتحاد الإفريقي بناء على اقتراح تقدمت به الكونغو الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي.
– ايه آخر التطورات في ملف السد؟ هنعمل ايه في الخطوات الجاية؟ وأسئلة تانية هنحاول نجاوب عليها في سياق البوست ده.
****
ايه آخر التطورات؟
– في الفترة اللي فاتت حصل 4 تطورات مهمة في قضية السد:
1- الهجوم العسكري اللي تم على المنطقة اللي فيها السد من قبل ميلشيات عسكرية تابعة لجبهة تحرير تيجراي، واللي بحسب الحكومة الإثيوبية أسفر عن مقتل 50 وإصابة 70 من المسلحين.
– طبعا الحكومة الإثيوبية سارعت باتهام جهات خارجية بدعم الهجوم ودعم مقاتلي تيجراي بشكل عام، وهو الشيء اللي نفته الحكومة السودانية عن طريق كلام رئيس الوزراء حمدوك، وقال أنه أي عمل عسكري ضد السد حيضر بالسودان أكثر ما يضر بإثيوبيا ومصر وده في الغالب بسبب كميات المياه المحتجزة حاليا خلف السد.
2- وزير الري محمد عبد العاطي أتكلم من يومين خلال المنتدى العربي الخامس للمياه في دبي عن الفقر المائي في مصر وانخفاض نصيب الفرد لـ560 لتر سنويا وعن تأثير سد النهضة على الوضع المائي الهش أساسا في مصر وعن التعنت الإثيوبي المستمر من 10 سنوات في المفاوضات، كمان أضاف كلام عن مجهودات الحكومة في إعادة تدوير واستخدام مياه الصرف الصحي والزراعي.
– الوزير أيضا اتكلم كلام مهم عن الكفاءة الكلية لنظام الري في مصر وقال أنها أكثر من 88‏% ومن أعلي المعدلات العالمية وذلك لأنه يتم إعادة استخدام مياه الصرف الصحي والزراعي لأكثر من 4 مرات وبكميات تقارب 21 مليار متر مكعب في السنة.
3- التطور الثالث المهم هو الفرق بين بيان مجلس الأمن والبيان اللي كانت تقدمت به تونس في الفترة الأخيرة، البيان التونسي الداعم لموقف مصر والسودان كان أفضل لأنه كان بيحط 6 شهور كإطار زمني للوصول لاتفاق مبدئي وهو الأمر اللي اترفض من روسيا والصين وبعدين صدر بيان مجلس الأمن بشكل عام يدعو لاستكمال عملية التفاوض.
4- التطور الرابع هو اللي نشر عنه موقع مدى مصر في 18 سبتمبر عن مصدر حكومي بيقول إنه مصر هتتفاعل مع الاقتراح اللي قدمته الكونغو لإعادة إطلاق التفاوض ضمن الاتحاد الإفريقي رغم أنه المقترح لا يحقق أولويات السياسة الخارجية المصرية في الملف ده، اللي هي بالأساس اتفاق ملزم لملء الخزان –آلية لحل النزاعات المستقبلية– وآلية مراقبة مشتركة على السد.
لكن المصدر اتكلم مع مدى وأشار أنه مصر واخدة قرار بأنها هتتفاعل مع أي مقترح ضمن الاتحاد الإفريقي أو أي منصة تفاوضية أخرى عشان توضح أكثر التعنت الإثيوبي وتخلي الباب مفتوح دايما أمام المفاوضات.
*****
ايه القادم في الملف؟
– إحنا في وضع صعب جدا في مسار المفاوضات الطويل، على مدار 10 سنين في تعنت إثيوبي واضح في تنفيذ الحد الأدنى من المتطلبات المصرية اللي هي مش كتير يعني بأي مقياس في النوع ده من قضايا التنازع على المياه في الأنهار الدولية.
– مصر عبرت أكتر من مرة عن دعمها للمشروع والحق في التنمية، وأنها معندهاش مشكلة في السد لكن في آليات الملء والتشغيل واللي لو كملت بالشكل الحالي هتضر بشكل كبير بالمصالح المائية لمصر، وخاصة في ظل هشاشة الوضع المائي أساسا في مصر، ولأننا بنعتمد على إيراد النيل من المياه بشكل كبير.
– مصر بتواجه رفض إثيوبيا المستمر للاتفاق حوالين قواعد الملء والتشغيل واستخدام قضية السد المستمر كورقة سياسية داخلية وخارجية، داخليا للقفز على مشاكل حقيقية في البلد أهمها الوضع الانساني المتدهور بسبب الحرب المستمرة مع عرقيات مختلفة زي الأمهرة والأورومو والتيجراي، وخارجيا بإظهار مصر بأنها هي اللي رافضة حق إثيوبيا في التنمية.
– لكن برضه لازم نشير إلى أن إثيوبيا في وضع صعب داخليا وخارجيا، لأن في ضغوط دولية مستمرة بسبب الوضع الإنساني في تيجراي والأقاليم اللي فيها نزاعات مسلحة مستمرة، وصورة أبي أحمد كرجل سلام خلاص مبقتش موجودة تقريبا.
– وهنا بنتابع توقيع الرئيس الأمريكي جو بايدن على أمر تنفيذي يقضي بإنشاء نظام عقوبات جديد بحق المسؤولين عن استمرار الأزمة الحالية في إثيوبيا، وكلف بايدن الحكومة بفرض العقوبات على المسؤولين أو المتورطين أنشطة الحرب، بما في ذلك تدبير هجمات على مدنيين.
– وبنشوف أزمة أبي أحمد في تصريحاته ردا على العقوبات الأمريكية لما قال إن “إثيوبيا لن ترضخ للعقوبات المفروضة عليها بشأن أزمة تيجراي”، وزعم أن بلاده تخوض “حربا ضد الإرهاب” كالتي تخوضها الولايات المتحدة.
– بالتالي الوقت الحالي هو وقت تكثيف الضغوط من المجتمع الدولي على إثيوبيا وإعادة فتح الملف أمام مجلس الأمن مرة أخري وتوطيد العلاقات مع السودان لمنع اتفاق ثنائي بين إثيوبيا والسودان اللي بالتأكيد تسعى له أديس أبابا في الفترة القادمة مع تزايد الضغوط عليها كمناورة حصلت قبل كده.
– وبنكرر التخوف من الانجرار لسياسة كسب الوقت الإثيوبية لفرض الأمر الواقع بمفاوضات محكوم عليها بالفشل مسبقا، يعني ضروري قبل الدخول في أي مفاوضات جديدة يكون فيه ضمانات جادة لعدم التهرب ولوضع سقف زمني، والبناء على السابق زي مسودة اتفاق واشنطن وإعلان المبادئ، مش نبدأ من الصفر.
– المفاوض المصري حاليا مطالب بحسم أكبر لمواجهة المراوغات الإثيوبية اللي بقت محفوظة تقريبا، وخطاب الرئيس بالمفردات اللي استخدمها أمام الأمم المتحدة بادرة كويسة في الإطار دا، نتمنى يتبنى عليها.
– الحقيقة إننا محتاجين تحركات موازية مع الدول المنخرطة في الملف بشكل سلبي سواء زي الصين أو روسيا أو غيرها، وحشد الجهود الدبلوماسية وأوراق الضغط في هذا الإطار أصبح ضرورة ملحة.
– من ناحية تانية قلق المصريين مشروع في ظل حالة الجمود في المفاوضات في شأن يتعلق بوجود الناس، والسؤال عن مصير اتجاه التفاوض فرض حاليا، ومش مفروض حد يتخون لمجرد إنه بيسأل وبعدين؟ لأن الحكومة دورها تصارح الشعب بما يجري وبمآلاته، لبناء ثقة في القائمين على الأمر.
– والناس لازم تعرف إن قضية سد النهضة مش مجرد صراع على المياه، بل هي معركة مستمرة فيها أبعاد كثيرة مهمة سياسية واقتصادية، وبتوضح قد ايه مهم يكون عندك وزن كقوى إقليمية وتحالفات واسعة وعلاقات اقتصادية وسياسية مبنية على المصالح والمبادئ مع الدول الكبرى، بالتالي استغلال علاقة مصر بالدول الكبيرة دي أو بالدول الإقليمية المهمة في المنطقة عشان الضغط على إثيوبيا هي أهم ورقة في المفاوضات الحالية.
– المعركة حاليا بقت نفس طويل، نتمنى يلتف المصريين جميعا بلا أي تفرقة حول القضية المصيرية دي بدون تخوين أو تهوين وتثبيط، ولازم الحكومة تعرف إن الناس بتتابع اللي بيحصل وبتسجل والتاريخ هيحاسب الجميع.
*****



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *