وزير الرياضة السعودي ومالك نادي وقناة بيراميدز تركي الشيخ انسحب من الاستثمار الرياضي في مصر بسبب شتيمة بعض الجماهير ليه!
دي جملة في أي حته في العالم ممكن تكون غريبة إلا في مصر .. هو ليه مستثمر يسحب استثماراته بسبب شتيمة؟ هل الموضوع سهل للدرجة دي؟ مش المستثمرين دول المفروض بيدورو على أرباح يعني؟ ولا هو جاي يخسر ويمشي؟
– بعديها شركة صلة الاماراتية قالت في بيان رسمي أنها هتسحب استثماراتها من مصر وخاصة للنادي الأهلي واللي تتعدى 2 مليار جنية بحسب البيان، ودا يطرح نفس السؤال تاني هو إيه نوعية الاستثمار اللي بيهرب من الشتيمة ده؟
– وبعيد عن خناقات تركي الشيخ مع الشخصيات الرياضية، ودعمه لمرتضى منصور، وتصريحاته الاستفزازية زي “أتمنى اصابة صلاح” ..الخ، خلينا نركز في نقطة ازاي بيتم الاستثمار الرياضي في كرة القدم، وازاي الاستثمار الحقيقي بيفيد الاقتصاد والمجتمع بشكل عام؟
******
إيه شكل الاستثمار الرياضي في العالم؟
– كرة القدم تحولت في العشرين سنة الأخيرة لأنها تكون قطاع استثماري فيه فرص حقيقية وقيمة مضافة، وشفنا كتير أندية أوروبية كبيرة بيمتلكها رجال أعمال بجنسيات متعددة، مثلاً نادي باريس سان جيرمان الفرنسي بيمتلكه الملياردير القطري ناصر الخليفي، نادي تشيلسي الانجليزي اشتراه قبل كده الملياردير الروسي رومان ابراموفيتش، نادي مانشستر سيتي الانجليزي بيمتلكه حالياً الملياردير الاماراتي منصور بن زايد آل نهيان، الملياردير الأمريكي ستان كورنكي بيمتلك حالياً نادي أرسنال الانجليزي.
– طيب ليه الناس ده تصرف ملايين الدولارات من فلوسها على الأندية؟
– المؤكد انه اختيار دفع الفلوس بسبب حب النادي وجماهيره هو الاختيار الأقل والنادر في زمن البيزنس، لما يحصل انتقالات لاعيبة بأرقام زي 89 مليون جنيه استرليني انتقال بوجبا من يوفنتوس لمانشستر يونايتد في 2016، أو انتقال نيمار ب 222 مليون يورو من برشلونة لباريس سان جيرمان في 2017، أو المرتبات الأسبوعية الخيالية اللي بياخدها لاعيبة الصف الثاني في الدوري الانجليزي اللي متوسطها 50 ألف استرليني اسبوعياً يبقى لازم نفهم سبب البذخ الواسع ده.
– القصة فيها بزنس إعلانات كبير بسبب الانتشار الواسع للعبة كرة القدم في العالم كله، وبالتالي لما يكون عندك نادي بيكسب ولاعبية مشهورة ومحبوبة، ده بيخلي اللاعب وناديه بيستفادو من عقود ضخمة للاعلانات والرعاية، وده طبعاً بيبقى بناء على دراسات اقتصادية وإحصائية دقيقة.
– كمان لأنه أوروبا أسواق منتظمة وبلاد فيها مستويات شفافية عالية، معظم المستثمرين اللي اشتروا أندية وصرفو عليها كان عندهم أولوية بناء ملاعب كبيرة تشيل عدد جمهور أكبر، ولأنه مفيش حد يقدر يكسر القواعد فبالتالي أرباح ومبيعات تذاكر الماتشات بتحقق مبالغ كبيرة للأندية، بالاضافة للاعلانات اللي بتتعمل في الملاعب وعلى التذاكر، وده برضه جانب بيزنس مهم ! كمان هنلاقي انتشار متاجر الأندية الرسمية ومتاجر شركات الملابس الرياضية الكبيرة اللي بتكسب أرباح خيالية من مبيعات التيشرتات الرياضية وجزء من المبيعات بتروح للاعيبة والأندية.
– ناهينا عن الموضوع الأكبر وهي حقوق البث التلفزيوني للماتشات واللي بيتدفع فيها مبالغ ضخمة مقابل حقوق الماتشات أو حتى حقوق بث ملخصات وأهداف للنشرات الرياضية، حتى الصور الفوتوغرافية ليها حقوق ملكية وبتحميها قوانين.
********
– باختصار موضوع الاستثمار الرياضي وفي كرة القدم تحديداً واضح انه بيزنس كبير وأغراضه تجارية وربحية، وشهرة في المقام الأول للممولين والرعاة. طيب ايه المانع يعني ان دا يحصل عندنا؟ ما نبيع الأندية الرياضية لرجال أعمال ونطبق الإحتراف اللي بقالنا سنين مش عارفين نطبقه؟ وبالتأكيد الفلوس ده هتعمل شكل مختلف للرياضة وشكل الكورة عندنا؟
– الموضوع الحقيقة مش بالبساطة دي، في كل الدول الأوروبية اللي طبقت الاحتراف في منظومة قانونية قادرة أنها تحجم تصرفات رجال الأعمال ملاك الأندية، في قواعد للصرف على شراء اللعيبة وتحديد واضح لكل القواعد اللي بتنظم حقوق البث، وحقوق الرعاية وفي قدر عالي من الشفافية ومحاسبة الفاسدين إذا حدث فساد زي التلاعب في نتائج الماتشات والمراهنات.
– الطرح في البورصة يعني أنه هيكون معدلات شفافية عالية لأن قوانين البورصة في كل حتة في العالم بتشترط الإفصاح، فبالتالي مفيش أي لعب من تحت الطربيزة لأنه في النهاية ده يعرضك للمسائلة القانونية من المساهمين في النادي.
– الفساد الموجود في منظومة الرياضة المصرية وكلنا شوفناه مع أزمات زي محمد صلاح وكأس العالم وقبلها في اتهام حسن حمدي رئيس النادي الأهلي في قضايا رشوة، وقضايا ممدوح عباس ومرتضى منصور والتلاعب في الانتخابات لحد فساد اتحاد الكورة وأزمة التيشرتات وعقود الرعاية والاعلانات، والخناقات السنوية على رشاوي وأزمات في التحكيم، بالإضافة لأنه البيئة نفسها عشوائية، وأي متابع للكورة في مصر عارف انه مفيش جدول مواعيد واضح وثابت ومش كل الاندية عندها ملاعب، وانه الماتشات لحد شهر فات كانت من غير جمهور وحتى بعد السماح بدخول الجمهور في مشاكل كتير في التذاكر والتأمين وفي الحفاظ على أرواح الناس أو الحفاظ على حريتهم في التشجيع وانهم ميتقبض عليهم بعدين!
– وبالتالي وجود منظومة فاسدة بالشكل ده هي بيئة عمرها ما تجذب استثمار سليم أبداً !!
*******
– الجزء التاني المهم هو الاستثمار في البنية التحتية لكرة القدم، في إنجلترا في العشر سنين اللي فاتوا الحكومة إدت منح تقدر ب 240 مليون استرليني والمنح دي اتوجهت بناء ملاعب في الأحياء الفقيرة، دعم فرق الكرة النسائية، إنشاء أكاديميات للأطفال زي أكاديمية ريو فريناند في مانشستر، وحتى برامج لدعم ممارسة كرة القدم لأغراض صحية ( زي أمراض السمنة ) في جنوب لندن، وزي برنامج مكافحة المخدرات والادمان في ايسلندا اللي اتكلمنا عليه قبل كده.
– الاستثمار في الناشئين هو استثمار مهم، ويمكن العالم كله شاف التجربة البلجيكية واللي بدأت بعد كاس العالم 98 علي مرحلتين كانت الأولي إتجاة المدربين البلجيكيين أنهم يتعلموا من كبار كرة القدم في الوقت دا ( هولندا – فرنسا) عشان يطوروا قاعدة مدربين، بعدها بدأت المكنه تشتغل وبعد 20 سنة خرجت جيل ذهبي لبلجيكا، أكاديميات الأندية في بلجيكا خاصة اكاديمية أندرلخت عملت الفارق مع المنتخب البلجيكي في النهاية والأندية هناك حتى استفادت ماديا بشكل كبير بسبب بيع اللاعبين دول بعدين للدوريات الأوروبية المختلفة.
– كرة القدم بدأت في العشرين سنة الأخيرة تكون مساهم بشكل كبير في الاقتصاد البلجيكي، في موسم 2016 فقط كرة القدم في بلجيكا دخلت أرباح حوالي 699 مليون يورو للاقتصاد البلجيكي بشكل أساسي من بيع اللاعبين، قاعدة الناشئين في بلجيكا حوالي 11 ألف شاب، من إجمالي سكان 11 مليون ودي نسبة كبيرة جدا.
– نخرج من اللي فات أنه تطبيق الإحتراف أو فتح الباب للاستثمار الرياضي بشكل واسع في مصر لازم يسبقه تطوير في القوانين اللي بتنظم الاستثمار دا، والأهم محاربة الفساد والمحسوبية اللي منتشرين في الوسط الكروي في مصر بشكل كبير وعلى رأسها إتحاد الكرة، وكتبنا قبل كدة عن تجربة كرواتيا وفساد الاتحاد هناك وإزاي تم التحقيق والمحاسبة للمسؤولين الفاسدين هناك لو في نية بجد لتطوير المنظومة ده .
*******
طب هل تركي الشيخ كان مستثمر رياضي فعلا؟ وبالتالي خروجه كان شيء غلط والمفروض يحصل تشجيع لرجوعه وقدوم مستثمرين بنفس الشكل؟؟
– الحقيقة أنه من اللحظة الأولي مكنش تركي جاي كمستثمر رياضي خالص، كل اللي كان بيعمله هو تقديم دعم نقدي وعيني للنادي الأهلي، وخاصة في قصة مساعدة الخطيب للفوز بالانتخابات لو ثبتت – حتى الآن مفيش تحرك رسمي لحسم النقطة دي – قانوناً هتكون مخالفة جسيمة لقانون الانتخابات في مصر واللي بيمنع تلقي الدعم النقدي والعيني من الأجانب واللي المفروض إدارة الأهلي تتحاسب عليه بناء على القوانين المصرية.
– لاحقا وبعد الخلاف مع إدراة النادي الأهلي بدأ تركي بالبلدي يفضح حاجات كتير من اللي بتدور في كواليس الرياضة المصرية، وأيضا لاحقا بدأ يتوجه بدعم نقدي للزمالك وشوفنا جميعا إزاي حاول الراجل شراء الجميع بالفلوس، وإزاي انه في ناس غيرت انتمائها بسبب الفلوس وكان بيتعمد يصور فديوهات مهينة للناس وهو بيشتريها بالفلوس، أو إنه يتكلم ببجاحة عن تربية مدرب المقاولين اللي هاجمه، أو شماتته في إصابة محمد صلاح، أو حجب موقع نشر قصة اعتداؤه على المطربة آمال ماهر، أو حبس عشرات الشباب والقبض عليهم من بيوتهم بسبب هتافهم ضده !
– وده كلها مش تصرفات مستثمر قد ماهي تصرفات حد بيعتبر نفسه المسؤول الاول في مصر عن أي شيء بسبب الدعم السعودي الرسمي ليه، حتى لو على حساب القوانين وحقوق المواطنين اللي محدش هيقف ليها ضد الفلوس اللي ملهاش آخر !
– رئيس هيئة الرياضة السعودية مش مجرد مستثمر رياضي، حتي منصبه هو في النهاية منصب سياسي، وعلاقته بدوائر الحكم في المملكة وتدخله في الكرة المصرية بعد قضية تيران وصنافير مباشرة بيحط علامات استفهام كبيرة حول الدور اللي بيلعبه تركي آل شيخ في مصر، واللي في تصورنا هو جزء من محاولة كسر أي إبداع مصري والاحتفاظ بيه، وتصغير المصريين قدام نفسهم بإنه أي حاجة ممكن تتباع مقابل الفلوس، أرض، شعر، فن، رياضة، وفرش طريق كبير من التأييد والارتباط بولي العهد السعودي محمد بن سلمان وصورته اللي بيحاول يرسمها لنفسه في العالم كله واللي بدأت برضه بشراء تيران وصنافير بتواطؤ رسمي من السلطة المصرية.
– تركي الشيخ وزير الرياضة السعودي كان من أهم أسباب الحشد للملف الأمريكي لتنظيم كأس العالم 2026 على حساب الملف المغربي بسبب الخلافات السعودية المغربية، وده بيأكد انه القصة مش استثمار حر إنما تحركات سياسية في الأول والاخر ومش واضح انه أهدافها خير أبداً.
– وفي النهاية عاوزين نأكد على انه القصة ملهاش علاقة بالانتماءات الرياضية سواء أهلاوي أو زملكاوي، واننا أكيد مش ضد وجود استثمارات في مجال الرياضة، وبالعكس نتمنى وجود استثمارات حقيقية في الرياضة من الدولة ومن رجال أعمال مصريين وعرب محترمين زي النموذج الرائع اللي قدمه المهندس ماجد سامي مالك نادي “وادي دجلة” واللي قدم نموذج رائع لإنشاءات وملاعب ونوادي وقاعدة ناشئين وفريق جيد في الدوري الممتاز ووفر فرص احتراف لأكثر من لاعب مصري في الدوري البلجيكي.