– في الفترة اللي فاتت حزب مستقبل وطن كان عامل حملة لتوزيع البطاطين في أكتر من محافظة، الصور اتنشرت على صفحة الحزب الرسمية، وبتصور المواطنين الفقراء وهما بياخدو البطاطين دي في حفلات.
– لما الموضوع انتشر تمت اعادة التذكير بقرار شيخ الأزهر المحترم بمنع تصوير متلقي الصدقات تماما.
– ليه حزب سياسي يقدم مساعدات مادية للناس بالشكل ده؟ وليه يتعمد إنه يصورهم ويستغل حاجتهم في التعريف بأنشطته ونفسه في حفلات مصورة ؟ ده اللي هنتكلم عنه في البوست.
****
ايه اللي حصل؟
– حزب مستقبل وطن كان عمل مبادرة اسمها “شتاء دافئ” بيقوم فيها بتوزيع البطاطين، نشر الحزب على صفحته صور لحفلات التوزيع دي، مثلا في مركز الصف (الجيزة)، وبولاق الدكرور، والسويس، وغيرها .. حالة محافظة أسيوط كمان التوزيع فيها تم بوجود محافظ أسيوط اللواء عصام سعد، وطبعاً غريب ان محافظ يحضر نشاط لحزب سياسي معين بينما المفروض انه بيلتزم الحياد!
– بمجرد انتشار الصور واللي أغلبها كانت الناس اللي بتاخد الخدمات دي وشوشها ظاهرة وأغلبهم حاول يخبي وشه بسبب الاحراج، لكن الحزب حتى مراعاش ده ونشر الصور زي ماهيا على صفحته بشكل فج من أشكال المتاجرة.
– عصام هلال، أمين تنظيم الحزب صرح بإن فيه تحقيق هيفتح في الواقعة وإن التصرف ده مرفوض، لكن رجع تنكر للكلام ده وقال إن اللي بيهاجم الحزب بسبب الخدمات اللي بيقدمها هو عاجز عن خدمة الناس!
– رئيس الحزب أشرف رشاد قال إن مسؤول الأمانة العامة في الدقهلية نشر صور الحفل بدون توضيح ما فيها، وبدون مراجعتها قبل النشر، وإن ده كان كان خطأ، ونفى إن الأشخاص اللي اتصوروا هما المواطنين اللي هيستلموا البطاطين، وقال إن دول أعضاء الحزب ومندوبين هيتولوا عملية التوزيع.
– لكن الصور اللي اتنشرت واضح منها إن كلام رئيس الحزب مش حقيقي، لإن مش منطقي إن مندوبي التوزيع يخبوا وشهم ويميلوا راسهم من الخجل، مع إن المنطقى انهم هيكونوا فخورين باللي بيعملوه وده عكس اللي حصل!
– شيخ الأزهر كان أصدر قرار محترم جدا في مايو 2019 بالمنع التام لتصوير متلقي المساعدات والصدقات، واعتبر ان ده لا يجوز شرعا ولا يحافظ على كرامتهم، ولما حصلت قصة حزب مستقبل وطن تمت اعادة التذكير بالقرار ده ومتحدثين محسوبين على الأزهر استنكروا اللي حصل زي زي دكتور مختار مرزوق عميد كلية أصول دين سابقا، اللي قال ان تصوير متلقي المساعدات “أعظم في الشناعة من المن”.
*****
هل دي أول مرة من الحزب ده؟
– الحقيقة ان دي سياسة مكررة، الحزب بيوزع مواد غذائية في مناسبات مختلفة، غالبا بتكون مرتبطة بمناسبات سياسية.
– لما خرجت مظاهرات في شهر سبتمبر اللي فات اعتراضا على الأوضاع الاقتصادية (اللي دعا ليها المقاول محمد علي)، وكان فيه وعود بإصلاحات سياسية وإقتصادية، طبعا مشوفناش غير مسكنات، كان من ضمنها إن حزب مستقبل وطن نزل بعربيات كبيرة يوزع كراتين مواد غذائية في بعض الميادين.
– قبلها بخمس شهور، كان فيه استفتاء على التعديلات الدستورية اللي أتاحت للرئيس السيسي البقاء في السلطة لحد 2030. وقتها كان فيه دعوات كتير للتصويت برفض التعديلات، لكن حزب مستقبل وطن كان بيحشد للتصويت بطريقته الخاصة، ونزل ميكروباصات توصل الناس للجان، ووقف أعضاءه اللي لابسين التيشرتات بتاعته أمام اللجان يوزعوا كوبونات على الناس اللي داخله تصوت، عشان لما يخرجوا يصرفوا بيها كرتونة مواد غذائية.
– وفي محاولة للتغطية على الموضوع، اتعلقت يفط لجمعيات وهمية على بعض المقرات اللي كانت بيتوزع منها الكراتين، لكن المشهد كان مفضوح، ووثقته مواقع مستقلة زي المنصة ومدى مصر، وصحف أجنبية زي واشنطون بوست، غير ناس كتير كتبت ونشرت صور على السوشيال ميديا عن اللي حصل أدام عينيهم.
– حاليا ومع اقتراب الانتخابات البرلمانية اللي هتتم السنة دي، الحزب عمل حملة توزيع البطاطين اللي بنتكلم عنها، واللي هي واحدة من ضمن مئات الفعاليات اللي نظمها الحزب لتوزيع 100 ألف بطانية في كل مصر، ودي المرحلة التانية بعد توزيع 65 ألف بطانية في وقت سابق، حسب أشرف رشاد رئيس الحزب، وبيقول إنهم هيكملوا المسيرة بتاعتهم لتوزيع نصف مليون غطاء بنهاية الشتا.
******
منين بيجيبوا الفلوس دي؟
– الكلام اللي فات ده يدينا فكرة عن حجم المصروفات اللي بيصرفها الحزب، ويدفعنا للسؤال عن مصدر الفلوس اللي بيصرفها، خصوصا إن أشرف رشاد رئيس الحزب قال وهو بيدافع عن حفل توزيع البطاطين، إن أعضاء الحزب هما اللي بيتبرعوا بنفقات الحملات دي.
– وبافتراض إن الكلام ده صحيح فاحنا ممكن نشوف أسامي رجال الأعمال في الحزب وبعضهم ليهم مناصب رسمية معلنة:
١- محمد أبو العينين، صاحب مصانع سيراميكا كيلوباترا ومالك قناة صدى البلد، نائب رئيس الحزب .. عشان كده نقدر نفهم ليه الحزب عمل حفل تكريم للمذيع احمد موسى تحديدا مادام شغال في قناة نائب رئيس الحزب.
٢- جمال الجارحي، صاحب مصنع حديد الجارحي وبعض الشركات الأخرى بمجموعة البحر الأحمر، وابنه “محمد” هو الأمين العام المساعد بالحزب.
٣- أحمد أبو هشيمة، صاحب شركة حديد المصريين، وهو أحد مديري شركات المخابرات من الواجهة، والممول الرئيسي للحزب من بداية إنشاؤه.
٤- منصور عامر، رئيس مجلس إدارة مجموعة “عامر جروب”، ورئيس جمعية مستثمري العين السخنة.
٥- كامل أبو علي، صاحب استثمارات عملاقة في مجالات السينما والسياحة والرياضة.
٦- بالإضافة لقائمة أخرى من الممولين في المحافظات وبعض العائلات زي عائلات الغنيمي في الإسكندرية، وقرشي في أسيوط، والأشراف في قنا.
– وبالرجوع لفكرة إنشاء حملة مستقبل وطن وتحولها لحزب، نرجع لتحقيق “مدى مصر” “هكذا انتخب السيسي برلمانه”، وهنلاقي إن الحزب اللي اتأسس رسمياً في يوليو 2014 اتعمل عشان يكون ظهير شبابي للرئيس السيسي.
– وإن فكرة إنشاء الحزب بدأت في مكاتب رئاسة الجمهورية وجهاز المخابرات الحربية، ووقتها كان معلن ان الفلوس الخاصة بشغل الحزب في الاستفتاء على الدستور والانتخابات الرئاسية 2014، كانت بشكل رئيسي من أحمد أبوهشيمة واللي كان بيعلن عن تمويله للحزب بسبب “إعجابه بشباب مستقبل وطن”.
– الحزب في بدايته مكنش بينكر علاقته بالمخابرات الحربية، وأشرف رشاد رئيس الحزب قال بصراحة لمدى مصر “في وقت ظهورنا في 2013 كانت المخابرات الحربية لاعب أساسي في الساحة السياسية بعد ثورة ٣٠ يونيو ومن بين كل قيادات الدولة كانوا أكثر من تحمس لنا ودعمونا وساعدونا في التواصل في المحافظات خاصة على مستوى القيادات التنفيذية”.
– ده يفسر لينا ليه كل رجال الأعمال دول دخلوا الحزب ده تحديداً، وبقا عندهم الكم ده من المقرات والفلوس، سواء كان ده من فلوس الأجهزة الأمنية اللي المفروض إنها “مال عام” لكن محدش بيتحاسب عليه، أو من فلوس رجال الأعمال اللي ليهم بنفس الوقت مصالح حكومية.
– وبنفس المنطق الأجهزة الأمنية هي اللي بتختار قيادات الحزب وبتغيرها في أي وقت، زي ماشفنا مثلاً ان حسام الخولي “سكرتير عام حزب الوفد” لسنوات طويلة انضم في لحظات لحزب مستقبل وطن وبقى أمين عام، أو رئيس الحزب السابق الشاب “محمد بدران” اللي تم إبعاده لأمريكا عشان يتأهل دراسياً وتم تصعيد أمين تنظيم الحزب، أشرف رشاد وبقى رئيس، برضه باختيار الأجهزة، مفيش مؤتمر عام ولا انتخابات داخلية.
– يعني احنا مبنتكلمش على حزب سياسي طبيعي حقه بيقدم نفسه للمواطنين ببرنامجه وأفكاره السياسية، وأي مواطن ينضم وبيتم انتخاب قياداته، وبعدها الناس ممكن تنتخب مرشحيه في انتخابات نزيهة ومحايدة، لكن ده جماعة مصالح كبيرة تم إنشائها ورعايتها في مكاتب الأجهزة الأمنية، مبتقولش حاجة غير تأييد الرئيس والحكومة، مفيش مشروع خاص بالحزب اصلا، ونشاطه بس تقديم مساعدات اجتماعية أو رشاوي لشراء الأصوات. وده بالظبط اللي كان بيحصل من الحزب الوطني، لكن طبعاً بكفاءة أقل وتبجح أكبر.
*****
ليه السلوك ده مرفوض؟
– أكيد ماحدش ضد توزيع المساعدات على المحتاجين ومحاولة تخفيف البرد عنهم أهالينا في أي مكان في مصر، لكن قيام حزب سياسي بالدور ده لازم نقف عنده كتير لإن ده دور الحكومة، أو دور المجتمع المدني والجمعيات الخيرية. رجال الأعمال لو حابين يعملو خير ودي حاجة كويسة جدا ممكن يتبرعوا للجمعيات الخيرية أو يفتحوا جميعات خاصة بيهم، لكن ربط المساعدات بأهداف سياسية امر مرفوض وبيوصل لمعنى الرشوة السياسية المحظورة بالقانون.
– زمان كانت الأحزاب الإسلامية والحزب الوطني بعهد مبارك بيوزعوا كراتين مساعدات وشنط مواد غذائية على المواطنين في الأماكن الفقيرة، وكنا بنشوف تريقة ان دي انتخابات “الزيت والسكر”، دلوقتي نفس الممارسة بترجع وبشكل أسوأ لأن زمان كان ممكن المساعدات دي تتقدم طول السنة زي مستوصفات خيرية مثلا حاليا ده مش بيحصل، ومشفناش زمان تصوير وإذلال الناس بالشكل ده.
– الأحزاب في مصر اللي بتحاول تعمل دورها السياسي الطبيعي بتواجه منع من الإعلام وتضييق شديد يصل للقبض على أعضائها، زي ما حصل مع مجموعة “الأمل” زياد العليمي وحسام مؤنس وغيرهم اللي كانو بس بيحضروا للترشح للانتخابات باحزاب قانونية شرعية، لكن اللي بيظهر وبيتاح قدام الناس الأحزاب اللي بتقدم الرشاوي الاجتماعية أو بتشتري الأصوات والكراسي بالفلوس وبتدعم الفساد السياسي، وبالتأكيد ده مش هوا “مستقبل الوطن” اللي كلنا بنحلم بيه.



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *