قبل أيام وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي خد حكم بالبراءة في القضية المشهورة بالاستيلاء على أموال الداخلية، بعد ما اتقبل نقضه على الحكم السابق واتعادت محاكمته من جديد.
*****

العادلي كان متهم بإيه؟

– القضية اتهم فيها العادلي و 12 مسؤول بالاستيلاء على 2 مليار و388 مليون جنيه تقريبًا، في الفترة بين 2000 و 2011!
-القضية فضلت متداولة من 2015 إلى 2017، لما اتحكم عليه فيها بالسجن 7 سنين، والعادلي ما حضرش جلسة الحكم.

– الحكم الأول أكد إن العادلي شخصياً استولى بغير وجه حق وبنية التملك، مستغلا كونه الوزير، على 530 مليون و514 ألف جنيه، كمان تم صرف 688 مليون و 821 ألف جنيه في أوجه إنفاق غير معروفة، التحقيقات بتقول إنها اتصرفت مكافآت لضباط وقيادات في الوزارة.

– المكافئات اللي اتصرفت كانت تحت بند اسمه “احتياطي مواجهة الأهداف الأمنية”. اتنين من المتهمين (كبار باحثين بإدارة الحسابات) في القضية مع العادلي اعترفوا بصرف الأموال بأوامر طرف تالت (نبيل سليمان خلف، رئيس الإدارة المركزية للحسابات والميزانية بوزارة الداخلية) عشان يصرفها بمعرفة العادلي، وقالو إنهم ما يعرفوش أصلا يعنى إيه “احتياطي مواجهة الأهداف الأمنية”.

– لكن في في مارس 2018 محكمة النقض لغت الحكم، وأمرت بإعادة المحاكمة، استمرت الإجراءات لحد ما وصلنا لحكم البراءة بتاع امبارح.
*****

إيه الوضع الحالي لحبيب العادلي؟

– بشكل عام، حبيب العادلي كان متهم في 7 قضايا، اتحكم عليه بالسجن 3 سنين في قضية سخرة المجندين، وقضاهم فعلاً، وقضية قطع الاتصالات لسه قدام القضاء الإداري، وخد براءة في قضايا: قتل المتظاهرين، والتربح وغسيل الأموال، والكسب غير المشروع، واللوحات المعدنية.
– بعد ما قضى حكم ال3 سنين سجن، وخد براءات في الباقي، خرج على ذمة باقي القضايا بإجراءات احترازية عبارة عن إقامة جبرية.
*****

إيه أسباب البراءة؟

– في البداية قاضي التحقيقات استبعد 90 قيادة أمنية من دايرة الاتهام، بسبب “توافر حسن النية لديهم تجاه المال العام، وعدم توافر القصد الجنائي”.
– بعدها حكم بالبراءة للعادلي ولكل الظباط اتلغى لأسباب مشابهة، باستثناء نبيل خلف الوحيد اللي أخد حكم 3 سنوات فقط، قدام القانون دي مكافآت وحوافز قانونية عادي!
*****

ليه ده غلط؟
– بالمنطق جدا مش مفهوم إزاي يتصرف في المتوسط 23 مليون جنيه مكافئة للمسؤول وتبقى بدون قصد جنائي وبحسن نية؟! إيه نوع النية الحسنة اللي تخلي إهدار مال عام يوصل للرقم ده؟!

– صحيح مكانش عندنا حد أقصى للأجور قبل الثورة، لكن فيه قوانين بتنظم المكافئات والحوافز والمرتبات مكانش من ضمنها بالتأكيد إنه موظف حتى لو بدرجة وزير يقدر يصرف لنفسه فلوس بالشكل ده في صيغة مكافئة! إزاي ممكن يتم التسامح في مبلغ زي ده في حين إنه قضايا كتير جداً بتعملها الرقابة الإدارية لموظفين على مبالغ أقل بكتير.
*****

هل قضية العادلي الحالة الوحيدة؟

– الوضع متكرر بقضايا شبيهة .. من فترة قريبة اتكلمنا عن إحالة أحد القيادات للتحقيق في وزارة النقل عشان كان بيصرف لنفسه مكافأة 52 ألف جنيه شهريا، وبرضو كتبنا سابقا عن قصة حوافز إدارة الشركة المصرية لتجارة الأدوية، اللي اتنين من قياداتها خدوا 187 ألف جنيه و 152 ألف جنيه في شكل حوافز وأرباح، في الوقت اللي الشركة كانت خسرانة فيه 600 مليون جنيه.

– أهم عامل في مكافحة أي فساد هو وجود الإرادة السياسية لده، وعندنا في مصر مثال قريب لغياب الإرادة لما النائب العام طلب من البرلمان رفع الحصانة عن النائب أشرف العربي – وهو نائب معين بالمناسبة – للتحقيق معاه، الطلب اترفض. والتحقيقات كانت بسبب اتهامات ليه ولبعض قيادات مصلحة الضرايب أثناء رئاسته ليها بالحصول على 5 مليون و257 ألف جنيه بدون وجه حق، واتصرفت في صورة مكافئات حضور في لجان وهمية متشكلتش بقرار إداري ولا ليها محاضر جلسات أو تقارير أعمال!

– فيه جهات كتير أخدت استثناء من تنفيذ قانون الحد الأقصى للأجور وده شيء بيفرغ القانون من جدواه، وغير كده مفيش آلية في القانون تقول إزاي نتأكد من إجمالي الدخل، وإيه التصرف مع اللي بياخدوا مكافئات من جهات تانية منتدبين ليها من وظائفهم في الأصلية، ومع البدلات وغيرها. والأهم بقى مش بيحدد عقوبة للي يتجاوز الحد الأقصى، ولا حتى بيوصفه بالفساد، وده خلل رهيب!
*****

– غير التفاصيل القانونية سؤال الإرادة بيطرح نفسه مرة تانية، امتى السلطة بتتجاوز وبتغض النظر عن انتهاكات قانونية وإجرائية وامتى بتتشدد فيها وتستخدمها كأدوات للتأديب والردع؟

– هنلاقي إنه في قضية حبيب العادلي اتحكم عليه بالسجن 7 سنين، والحكم متنفذش، ده كمان رغم انه كان عليه حراسة في بيته تحت الاقامة الجبرية فجأة قالوا انه (هرب)!، وفضل هربان كإن محدش يقدر يلاقيه أبدا فعلا، وحتى الطعن قدمه من خلال المحامي ومحضرش غير في أول جلسة للنقض.
– الموضوع ده اتكرر مع أحمد نظيف كمان عمل نفس القصة لما اتحكم عليه في 2015 بالسجن خمس سنين في قضية كسب غير مشروع، لكن متسجنش وسلم نفسه يوم نظر الطعن، وخد حكم بالبراءة ف الآخر، ونفس الموقف بالظبط اتكرر برضه مع وزير الإسكان السابق محمد إبراهيم سليمان!

– وعندنا قايمة طويلة تشمل أحمد موسى اللي كان عليه حكم حبس ومتقبضش عليه، لأ وكمان سافر مع الرئيس السيسي في طيارة الرئاسة لألمانيا وراح ورجع ومحدش كلمه أو وقفه، وعماد الدين أديب قبل كده كان عليه حكم بالسجن في قضايا مالية وسافر برة مصر ورجع وقت وفاة والدته وحضر الجنازة قيادات أمنية ومحدش اتعرضله.

– على الجانب التاني هنلاقي شباب معارض بيتحبس بسبب كتابته لرأيه على الفيسبوك أو إنضمامه لحزب قانوني علني وبيتحبس احتياطي بالشهور بدون قضية ولا تحقيق، وكمان بقى اللي بيخرج من السجن بيجبر على المراقبة وبيتم التعسف معاهم، زي علاء عبدالفتاح اللي خلص حكم حبس 5 سنوات وبعدها بينفذ حكم قضائي بالمراقبة ومجبر عالبيات في القسم من 6 بليل ل 6 الصبح يوميا بينما أحكام مراقبة على جنائيين ممكن تسمح انه يمضي في القسم وخلاص أو يروح يومين في الأسبوع. لكن هنا بنشوف إمتى السلطة بتتعسف وتتمسك بأقل إجراء قانوني وغير قانوني، وإمتى تتجاهل أحكام قضائية بحالها حسب علاقة السلطة بالشخص ده.
– طول ما عندنا ممارسات تمييز بين المواطنين حسب الانتماء والأفكار السياسية (مع السلطة أو ضدها )، أو الطبقية (موظف كبير أو رجل أعمال كبير ولا موظف صغير أو مواطن بسيط) سواء برضه باستخدام القانون أو تجاهله فكل الحالات دي بتقول إنه مفيش مكافحة جذرية للفساد بالطريقة دي رغم حالات ايجابية بالطبع للقبض على فاسدين ومرتشين.
– العدالة والمساواة في الوضع القانوني، مع حرية الاعلام والصحافة، وقانون حرية تداول المعلومات وحق المواطن في الرقابة والمشاركة ومعرفة فلوسه وموارده بتتصرف إزاي، دي كلها مبادئ وقيم هنفضل نتكلم عنها وندعي الكل لتطبيقها لأنها مش رفاهية وكل البلاد الي عالجت الفساد عالجته بالطريق ده.
*****




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *