– الأسبوع اللي فات رئيس الوزراء الأثيوبي آبي أحمد ظهر على التلفزيون لابس زي عسكري وأعلن عن مقتل رئيس أركان الجيش أثناء محاولة انقلاب فاشلة!
– رغم انقطاع الانترنت بعدها وغموض التفاصيل لفترة لكن الصحف العالمية والأثيوبية بدأت تنشر اللي حصل، في البوست ده هنتكلم عن الوضع في إثيوبيا حالياً وتطوراته وده يهمنا في إيه كمصريين.
*****

ايه اللي حصل؟

– كان في اجتماع في ولاية أمهرة بين رئيس الولاية وعدد من القيادات للبحث عن طرق مواجهة دعوات الإنفصال والتحريض العرقي خصوصاً بعد تأكيد معلومات عن تجنيد جنرال سابق في الجيش لبعض الشباب في ميليشيا انفصالية مسلحة.
– أثناء الاجتماع حصل هجوم كبير على مقر الولاية استمر لمدة 4 ساعات بالرشاشات والأسلحة الثقيلة. رئيس ولاية أمهرة ومستشاره اتقتلوا، والمدعي العام للولاية أصيب ومات بعدها بأيام.

– في نفس التوقيت لكن في العاصمة أديس أبابا، رئيس الأركان اتقتل في بيته بأديس أبابا هو وظابط آخر، على إيد الحارس الشخصي لرئيس الأركان، في الوقت اللي كان بيتم الاعداد فيه لبيان عن اللي حصل في ولاية أمهرة، وده أكد فكرة التخطيط للانقلاب.

– مقتل رئيس الأركان وحاكم أمهرة ضربة كبيرة لأبي أحمد، الأول كان قائم على ملف هيكلة الجيش، والتاني حليف مهم جه المنصب بتعيين من أحمد، وكمان بيواجه مشاكل أمنية في الإقليم بناء على مطالبات عرقية.
– خرج رئيس الوزراء آبي أحمد عالتلفزيون باللبس العسكري لأول مرة، وبكل هدوء قال إنه كان في مسؤولين تعرضو للقتل في عاصمة مدينة أمهرة، وإنه اللي قام بالعمل ده جهة مأجورة، بدون ما يوجه اللوم أو يشير لفكرة الدوافع العرقية، ودعا المواطنين للتصدي لقوى الشر اللي عاوزة تقسم إثيوبيا.

– الانترنت بعدها اتقطع في إثيوبيا، وأعلنت المتحدثة باسم رئيس الوزراء إن محاولة الانقلاب كان هدفها الإطاحة برئيس الحكومة المحلية في الولاية لكن قوات الجيش اتصدت لهم. وصدر بعدها بيان من مجلس الوزراء بيقول إنه الوضع مسيطر عليه أمنياً بنسبة 100% وإن محاولة الإنقلاب ده بتهدف لإفساد السلام الذي تحقق بشق الأنفس في المنطقة.

– بعد الاغتيالات ده تم القبض على معظم المشتركين في محاولة الانقلاب من ضمنهم الحارس اللي قتل رئيس الأركان، ومن يومين، الإثنين، أعلن التلفزيون الأثيوبي عن مقتل قائد ومخطط الانقلاب.
*****

مين اللي ورا محاولة الانقلاب؟
– مخطط الانقلاب وقائده هو الجنرال أسامينيو تسيغي، وده كان أحد الرتب الكبيرة في الجيش، ورئيس جهاز الأمن في إقليم أمهرة سابقاً، وخرج من السجن في العفو الشامل اللي أقره آبي أحمد لكل المعتقلين السياسيين بعد توليه رئاسة الوزراء.
– اللواء ده قضى 9 سنين في السجن بتهمة التخطيط لانقلاب برضو، ولما خرج شكل مليشيا عسكرية، ومن أسبوع عمل بث مباشر على فيس بوك، وحرض الشعب على حمل السلاح وكان بيوجه النداء بشكل خاص للأمهرة.
*****

ايه اللي بيواجهه آبي أحمد؟
1- آبي بيواجه تراكم نزاعات قبلية وعرقية من سنين نتيجة ممارسات إقصائية كانت بتعملها عرقية “التيجري” لما كانت هي أغلبية الائتلاف الحاكم رغم إنها أقلية، بعض النزاعات العرقية حالياً بيدعو للانفصال أو الحكم الذاتي. النزاعات دي في الشهور الأخيرة اتسببت في نزوح وهجرة من 2 لـ 3 مليون أثيوبي من مناطقهم.
2- النزاع بين عرقية أورومو، اللي بينتمي ليها رئيس الوزراء كأول رئيس وزراء من العرقية دي يحكم، ودي أكبر عرقية في البلاد، والأمهرة تاني أكبر عرقية في البلاد ويتنتمى لها ربع السكان، ولغتهم هي الرسمية لإثيوبيا، وعرقية “التيجري” اللي بتقاوم قرارات أبي أحمد هي والعرقية الصومالية الأثيوبية.
4- أزمات اقتصادية مزمنة تخص نسب الفقر والبطالة.
5- بالإضافة لده، في مشاكل جوة الجيش الأثيوبي، ودى مش أولها محاولة انقلاب. من حوالي سنة نجا آبي أحمد من هجوم بالقنابل كان بيستهدفه، وراح ضحيته شخصين و100 جريح.
– وفي شهر أكتوبر اللي فات، اقتحم مئات الجنود مكتب آبي أحمد وحاولو قتله أثناء المطالبة بزيادة رواتبهم، لكنه بذكاء وثبات شديد احتوى الموقف لحد ما قدر يسيطر أمنياً عليهم ونجى من محاولة الاغتيال اللي كان ممكن يتعرضلها.
– ومن الواضح طبعاً إن عملية إعادة هيكلة الجيش والمخابرات اللي قام بيها آبي أحمد ضد الجنرالات الفاسدين خلقت حساسيات جوة الجيش خصوصاً مع المنتمين للتيجري وتحديداً الطائفيين والعنصريين منهم.
*****

ازاي بيواجه المشاكل دي؟

١- وقت ما تولى أحمد المنصب في أبريل 2018، كان فيه احتجاجات ضخمة في الشوارع بتطالب بإصلاحات سياسية والافراج عن المعتقلين، وده اللي عمله فعلا طول السنة اللي فاتت.

٢- رفع الحظر عن الأحزاب السياسية، ورفع 3 جماعات معارضة من قوائم الإرهاب، وحاكم مسؤولين عن انتهاكات لحقوق الإنسان.

٣- كمان عمل وزارة للسلام، عشان تشرف على تعزيز التوافق الوطني. وبالتوازي وافق البرلمان على مشروع قانون لإنشاء اللجنة الوطنية للمصالحة.

٤- استخدم المفاوضات والإجراءات المؤسسية والديمقراطية، عشان يصنع تغيير حقيقي من داخل المنظومة بشكل هاديء وتدريجي، وحكينا سابقا قصة صعود آبي أحمد بانتخابات داخلية داخل التحالف الحاكم كبديل توافقي تحت ضغط المظاهرات الشعبية اللي أجبرت رئيس الوزراء اللي قبله يستقيل.

٥ – ذكاء آبي أحمد مدفعوش لتغذية النبرة الانفصالية، أو اللعب على الخلافات العرقية عشان يفضل في السلطة مثلا. لإن ده مش مشروعه السياسي. وهو عارف كويس إن المشاريع اللي بتقوم على الإقصاء والتخوين عمرها قصير ومابتنجحش. وإن إثيوبيا اللي قامت فيها حروب ونزاعات طائفية وعرقية مسلحة، محتاجة أكتر للتواصل والتوافق والديمقراطية.

٦- آبي اللي كان وهو صغير عضو ميليشيا مسلحة، وبعدها أدرك إن التغيير بالسلاح خطر ولا يؤدي لشيء، دخل الجيش الوطني، ودرس الهندسة، واشتغل في العمل السياسي، وتولى ملفات حكومية فاكتسب صفة “رجل دولة”. وللسبب ده هو شخص ذكي فاهم أهمية الحوار، وأهمية مشاركة جميع الأطراف في إدارة بلدهم. حتى لو كانوا معارضين ليه أو وصلوا لمرحلة تكوين ميليشيات مسلحة.

٧- غير دوره الخارجي في القارة الإفريقية، واللي بيتسم بالحكمة. زي إنهاء الحرب اللي فضلت قايمة 20 سنة مع إريتريا. وتوسطه بين المجلس العسكري الحاكم في السودان وتحالف قوى التغيير بعد فض اعتصام القيادة العامة اللي اتكلمنا عنه سباقا، وطريقته في التفاوض حول ملف سد النهضة مع مصر بدون تصعيد.
******

ليه مهم نهتم بالوضع السياسي في إثيوبيا؟

– بالنسبة لينا في مصر طبيعي نهتم بأي تطورات بتحصل في دول مجاورة لها ظروف مشابهة، وفي حالة إثيوبيا تحديداً جانب إضافي إننا مشتركين معاها بملف سد النهضة، اللي مش واضح حتى الآن المسار النهائي لقضيته، والمفاوضات أحيانا تتطور بشكل ايجابي وأحيانا يحصل فيها جمود وجولات تفشل تماما.

– وفي الإطار ده ضروري نسأل: ليه وزارة الخارجية المصرية مطلعتش بيان تدين فيه محاولة الانقلاب، زي ما عملت ساعة محاولة الاغتيال من سنة، واكتفت بالتعزية في الضحايا؟

– شخصية وتجربة آبي أحمد، والتغيير اللي بيعمله في بلده وصورة الرئيس اللي كان متمرد وبعدين بقى عسكري نظامي، ورجل دولة بيدير عملية إصلاح ومحاولة عمل سلام اجتماعي في بلده بآليات القانون والديمقراطية والسياسية هي أكيد تجربة، لو نجحت واكتملت هتبقى ملهمة لكل الشعوب الأفريقية.
– لو تطور الدول للأفضل ممكن يحصل عبر الثورات الشعبية، أو عبر الانتخابات لو مجالها مفتوح، أو عبر إصلاح من داخل النظام تحت ضغط شعبي، فالنمط المتكرر هو إن “الانقلاب العسكري” حاجة بتقفل المسارات دي كلها، وأفريقيا تحديدا عانت كتير جدا من انقلابات وحروب أهلية بتخلي الاتحاد الأفريقي يتعامل بحساسية شديدة نحوها. لذلك مهم نفرح ونتابع أي تصدي لانقلاب عسكري، كان هيساهم في رجوع أي شعب سنين لورا.

– تجربة آبي أحمد هي رسالة أمل لكل ساعي وبيحلم بالتغيير، إن الإصلاح ممكن نشتغل عليه، ولو بأقل الامكانيات المتاحة، لحد ما نوصل لنظام ديمقراطي وعادل. وإن ده شيء محتاج عمل دؤوب ونفس طويل.
*****




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *