فاكرين فيلم عايز حقي لما هاني رمزي كان عاوز يبيع كل ممتلكات الدولة ويوزع العائد على المواطنين؟ ده ليه علاقة بالموضوع اللي هنتكلم عنه النهاردة.
يوم 16 يوليو وافق البرلمان على قانون إنشاء الصندوق السيادي المصري “صندوق مصر “. وأعلن البرلمان أنه الهدف من إنشاء الصندوق دا هو إدارة أصول الدولة غير المستغلة.
*****
أولا يعني إية صندوق سيادي؟
– الصندوق السيادي أو صندوق الثروة السيادية هو ببساطة كيان قانوني بيتم إنشاؤه عشان يدير أصول كبيرة تملكها الدولة بغرض استثمارها للمستقبل .. المفروض أنه الدافع الأساسي لإنشاء الصناديق دي بيكون انه الدولة عندها فوائض مالية فبتحاول تحافظ عليها وتزودها للأجيال القادمة، ودا يفسر أنه أغلب الصناديق السيادية فى العالم هي فى دول غنية. ايرادات النفط والغاز بتمثل حوالي 65 % من إجمالي أموال الصناديق السيادية في العالم.
– غالبا بتكون استثماراتها في أمور منخفضة المخاطرة، زي الاستثمار في أدوات الدين والسندات الحكومية، أو أسهم شركات ناجحة في البورصة أو عقارات وغيرها.
– حجم الصناديق السيادية فى العالم كبير جدا، يتجاوز 7 تريليون دولار في بعض التقديرات. أكبر الصناديق السيادية دي هي صندوق معاشات التقاعد النرويجي واللي بلغ حجمة حوالي تريليون دولار، وعربيا صندوق أبوظبي بإجمالي أصول 683 مليار دولار وهو التالت في العالم، وصندوق النقد السعودي في المركز الخامس بأصول 494 مليار دولار.
– وزير المالية قال اننا لو أدرنا اصول الدولة بشكل كويس عبر الصندوق ده ممكن يخلينا نبطل نعتمد على الاقتراض.. وده كلام إيجابي نظريا لكن عمليا الدخول لسوق الصناديق السيادية في العالم بيتطلب أنك تكون صندوق كبير مش مجرد أنه يكون اقصي رأس مال ليك هو 11 مليار دولار .
*****
طيب السؤال اللى ممكن ييجي على بال أي حد بيقرا الكلام دا هو إحنا إية دخلنا بالقصص دي؟ دي ناس واضح أنها معاها فلوس ضخمة زيادة وبتستثمرها؟ احنا عندنا عجز موازنة كبير، وعلينا 541 مليار جنية السنادي فوائد ديون بس، ليه نعمل صندوق سيادي؟
– من الواضح أنه صغر حجم الصندوق نفسه مش بيدعم فكرة أنه موجود عشان الاستثمار، لأنه رأس المال المسموح بيه ليه هو 200 مليار جنيه، يعني حوالي 11 مليار دولار، ودا رأس المال الكلي اللي مش موجود دلوقتي أصلاً، لكن رأس المال المصدر، يعني اللي المفروض الصندوق يبدأ بيه استثماراته هو 5 مليار جنيه، وهياخد منهم مليار واحد بس من الموازنة فى البداية عشان يعد خطة استثمارية لمدة 3 سنوات . والأرقام دي مقارنة بالعالم أو حتى باحتياجات مصر صغيرة جدا.
– طيب لو مش هنستثمر بجد هنكون عاملينه ليه يعني؟
في المادة الخامسة للقانون بيتيح رئيس الجمهورية أنه ينقل ملكية أي من أصول الدولة المستغلة أو غير المستغلة للصندوق ده، ده ممكن يكون أحد تفسيراته أنه بعد نقل مقرات الحكومة للعاصمة الادارية الجديدة فالبتالي الصندوق هيكون ليه حق استغلال وادارة الأصول والمباني والأراضي اللى بتمتلكها الحكومة فى القاهرة خاصة ان اللواء أحمد زكي عابدين رئيس شركة العاصمة الادارية قال انه هتنشأ شركة لاستغلال مقار الوزارات القديمة للانفاق على الجديدة.
– القانون بينص كمان ان من حقه ياخد “أصول مستغلة” بعد التنسيق مع الوزير المختص، وده ينطبق عليه كل صلاحيات الصندوق اللي منها انه يبيع أو يؤجر ايجار ينتهي بالتملك أو يشارك بأي من الأصول المملوكة للدولة، وده ممكن ينطبق على كل الشركات التابعة لقطاع الأعمال أو على الأراضي والعقارات الحكومية وغيرها.
– ومهم ناخد بالنا ان القانون يسمح بالشراكة بين الصندوق وبين صناديق سيادية أخرى، وأهمها طبعا بمنطقتنا صناديق الإمارات والسعودية، ووارد الصناديق الضخمة دي تكون مهتمة فعلا تشتري أو تستثمر أصول مصر.
*****
مين هيراقب على الصندوق ده؟
– دي أهم نقطة في القصة كلها، الحقيقة لو عندنا ثقة في الشراكة السياسية والشعبية في الادارة واتخاذ القرار، وثقة في المراقبة عليه، جايز كانت الفكرة متبقاش مرفوضة كمبدأ، وأكيد تحسين ادارة أصول الدولة هدف ايجابي.
– حسب المادة 11 الدور الرقابي الوحيد هيكون رقابة حسابية من اتنين “مراقب حسابات” أحدهما من الجهاز المركزي للمحاسبات والتاني من الرقابة الادارية، ودول هيرفعوا تقريرهم للجنة العمومية (يرأسها رئيس الوزراء، وبعضوية وزيرين وممثل عن البنك المركزي، ويختار رئيس الوزراء 7 آخرين) ودي ترفع التقرير لرئيس الجمهورية فقط لا غير.
– من أغرب اللي حصل انه أثناء صياغة القانون كان مقترح أنه البرلمان يقوم بدورة الرقابي عليه، لكن المادة دي اتحذفت من القانون، ورئيس البرلمان علي عبدالعال برر ده بأن الصندوق هو عمل تنفيذي ومجلس النواب لا يتدخل فى الأعمال التنفيذية!! وده شيء عجيب جداً لأنه المفروض جزء من مهمة البرلمان نفسه هو الرقابة على الأجهزة التنفيذية للدولة! لكن ده مش غريب أبداً على أداء عبدالعال والبرلمان وخضوعه الكامل للسلطة اللي جابته.
– لو الحكومة فعلا عايزة تستثمر فى سوق أسهم وسندات دولية زي ما قانون الصندوق بيسمح، عشان توفر عملة صعبة، هل فيه دراسة لمخاطر ده؟ آلية محاسبة لكفاءة اللي هيدير؟
من شهرين بس الصندوق النرويجي اللي هوا أكبر صندوق بالعالم وأكثرهم كفاءة وتحقيقا للربح خسر 21 مليار دولار معظمها كانت من استثماراته في قطاع التكنولوجيا بسبب انخفاض أسهم شركات كبيرة زي فيسبوك، ده في النهاية عندهم محتمل لأن حجم الصندوق ومكاسبه الضخمة ومعايير ادارته بتخلي حاجة زي كده مخاطرة مقبولة، لكن هل عندنا الكفاءات اللى تقدر تدير عملية زي دي بدون ما تكبد الدولة المصرية خسائر؟ دا سؤال ليكوا انتوا تجاوبوا عليه .
*****
طب ايه الخطورة أو الضرر من الموضوع ده؟
– زي ما قلنا تعريف “الأصول” مفتوح جداً بدون اي استثنائات، يعني دي تشمل كل ما هو غير خاص، يعني حتى شواطئ البحار، كل الاراضي اللي بتمتلكها الدولة ( أكثر من 87% من أراضي مصر)، قناة السويس، الاثار، مصانع القطاع العام. هل معقول منخافش من الحق المطلق بدون حساب ولا رقابة على كل الأصول ده اللي ملكيتها للشعب مش للحكومة؟ خصوصاً انه فيها مباني تاريخية تابعة لبعض الوزارات اللي هتتنقل مقراتها، مين هيحدد تاريخيتها ومين هيقيمها وبأي معيار لعدم وجود فساد في التقييم أو عملية البيع طالما مفيش رقابة أو شراكة؟
– وجود كلام عن مشاريع مجهولة زي مشروع نيوم مثلا اللي محتاج قطعة أرض كبيرة من سيناء، مع وجود تقارير قبل كده عن شركة اماراتية توفر خدمات سياحية في هضبة الاهرام، بيطرحوا سؤال تاني حوالين مين اللي هيستفيد من عمليات البيع المرتبقة دي تحديدا؟ وهل البيع للأطراف دول مرهون بدعم سياسي إقليمي ودولي؟ كل ده أسئلة بتطرح نفسها بقوة خصوصا لما نستعيد مهرجانات الخصخصة الفاسدة، وملف بيع تيران وصنافير.
*****
السؤال الأهم هو نتيجة بيع بعض أصول الدولة ده هتروح فين؟
يعني هل هيتم إنفاق الفلوس اللي تحقق فائض من أي عملية بيع لسد عجز الموازنة؟ ولا لتطوير البنية التحتية من مستشفيات ومدارس وطرق وصرف صحي؟ ولا لاستثمارات انتاجية جديدة في الصناعة والزراعة؟
بكل أسف الاجابة المتوقعة من منهج السلطة من 2013 إنه الأولوية اما لتسديد الديون سواء بشكل مباشر او في شكل سد عجز الموازنة، أو اما لشراء أسلحة جديدة، أو لاستثمارات عقارية زي طرق ومدن جديدة أغلبها اسكان فاخر أغلى من قدرة أي مواطن زي العلمين والعاصمة الادارية . منطق السمسرة والاستثمار في المدن والسواحل مناسب تماماً لعقلية التجار ورجالة البزنس اللي عينهم عالمكسب، انما الدولة اللي ليها التزامات اجتماعية تجاه المواطنين وتحسين معيشتهم مفروض تكون طريقة ادارتها للموارد ده مختلفة، وكل ده أسباب تخلينا متخوفين من المستقبل بعد إقرار الصندوق السيادي ده.
*****